الإعلان المفاجئ عن ثلاثة استجوابات جديدة، الذي بثته وسائل الاعلام بالأمس، والصادر عن التكتل الوطني والتكتل الشعبي والتكتل الشيعي، هذا الإعلان يدل على ان خللا كبيرا في منظومة العمل البرلماني لم نتوصل الى أسبابه بعد!!
النائب الزلزلة، الذي وقف مع مجموعته ضد الاستجوابات ودعا الى التهدئة للإنجاز واتهم المستجوبين دائما بالتأزيم، يعلن اليوم تأييد 27 نائبا لاستجوابه في هذه المرحلة المبكرة منه!
عرّاب التكتل الشعبي النائب أحمد السعدون فاجأ الجميع بإعلانه استجواب رئيس الحكومة على خلفية بيع «زين» السعودية ووجود تنفيع بالملايين في هذه الصفقة التي لم تتم الا منذ ساعات قليلة، بل ان اجراءاتها لم تتم بعد، ولكن سمعنا ان قراراً قد تم اعتماده لبيعها!
التكتل الوطني أعاد بالأمس اسطوانة استجواب الرياضة المقدم لوزير الإسكان، وهي اسطوانة نسمعها منذ سنتين تقريبا، أي منذ بداية هذا الفصل التشريعي، وكأنها اشاعة تقوى وتضعف حسب طبيعة العلاقة بين أعضاء التكتل والوزير المستجوب!!
أنا لست ضد الاستجوابات، بل أؤيدها بقوة ان كان هناك ما يبررها، لكنني أكون ضدها بقوة ان كانت الأسباب ظنية ولم ترق ــ عند المستجوب على الأقل ــ الى مرحلة القطعية أو التأكيد!! لأنه لو كل نائب سمع عن تهمة أو شبهة على وزير سارع وقدم استجوابا لاستمرت البلاد في دوامات دائمة وليل مظلم لا نهاية له!!
اذاً هناك خلل ما في الممارسة سواء من الحكومة أو من المجلس، واذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا نبحث في أسباب هذا الخلل ونحاول ان نعالجه حتى نضع حدا لهذا الصداع الذي يشكو منه الجميع؟
فان اكتشفنا ان العلة في سمو رئيس الوزراء وقدراته وامكاناته وطريقة ادارته بادرنا الى المطالبة بتغييره!! وان كانت العلة في اللائحة الداخلية التي تجعل أسهل شيء يقوم به النائب هو تقديم استجواب لوزير يشل من خلاله البلاد ويجعلها تقف على رجل واحدة، عالجنا هذه اللائحة، وان كانت العلة في اداء النائب وتكسبه السياسي على حساب المصلحة العامة، أوجدنا طريقة يفهم بها الناس حقيقة هذه المتاجرة باسم الدفاع عن حقوق المواطن وحقوق الوطن!
بدلا من ان ننتقد أو نؤيد كل استجواب على حدة.. «خلونا» نناقش أسباب هذا الخلل ونضع يدنا على الجرح ليسهل علاجه. ما يحدث اليوم هو ان كل واحد فينا يبني موقفه من الاستجواب وفقا لقرب تيار النائب المستجوب منه أو وفقا لعلاقته بالوزير المستجوب!! وهنا تضيع الطاسة، ويستمر مسلسل الخلل في العلاقة بين السلطتين.
لكن السؤال: ماذا لو كان الخلل من وسائل الاعلام التي تتناول مواضيع الاستجوابات بالتلميع «اذا ما حبتك عيني»، أو بالتشويه «اذا كنت مو من الربع»؟!
هنا يكون المواطن حائرا.. والوطن ضائعا.. وما زال الخلل مستمرا!!