مشكلتنا اننا لا نتحرك لحل مشاكلنا إلا اذا «انقرصنا» وبدأت النار تحرق اطرافنا!!
هذا ما يحدث فعلاً على مستوى الدول والأفراد سواء بسواء.
الحكام ما ينتبهون الى تفاقم مشاكلهم الا لما يثور الناس ويواجهون الدبابات بصدورهم العارية!! عندها فقط تظهر القرارات الحكيمة، والوظائف الشاغرة، والشقق الخالية، وتبدأ حملة مكافحة الفساد، وضمانات الانتخابات النزيهة، وتقليص صلاحيات وزير الداخلية!! ومع الاسف ان هذه الخطوات لا تأتي الا بعد ان يصير الفاس بالراس ويبدأ الناس يرفعون سقف مطالبهم الى «الشعب يريد اسقاط النظام»!! هذه حال عدد غير قليل من الدول العربية مع الاسف.
عندنا في الكويت الامر يختلف بعض الشيء، فالشعب لم ولن يرفع لافتة «اسقاط النظام» لدواعي الاستقرار وضرورياته، لكن خذ مثلا قضية البدون!!
تركنا هالمشكلة تتفاقم حتى صعب حلها!! وبعد الغزو قلنا تقلص العدد، وخرج الناس ورجعوا الى ديارهم، وكان الوقت افضل ما يكون للحل، ولكن شكلنا لجنة ركزت على تغيير اسم «البدون»، وتركت المشكلة تتفاقم الى ان رجعت الى وضع ما قبل الغزو ان لم تكن اكثر تعقيداً!!
اليوم الفرصة مواتية لحل المشكلة.. صحيح اصحاب القضية لم يرحبوا بوجود صالح الفضالة على رأس هذا الجهاز، وزاد تشاؤمهم عندما طرحت اسماء معاونيه، لكن ما يصح الا الصحيح، وها هو ابو يوسف يثبت عكس ما توقعنا منه، ويخطو خطوة جادة قد تكون مدخلاً لحل جذري، لكن الحكومات عودتنا انها تعطل الحلول وتعقدها، لذلك اصبح استحقاقا اليوم، وليس غداً، ان يبدأ تنفيذ الحقوق المدنية المعلن عنها، فهذه ستحل %80 من المشكلة، كما ان هذا الحل الجزئي مقبول عند الجميع ما دام الامر لم يتطرق الى الجنسية، وهو ما يخاف منه الطرف المعارض. إن منح الحقوق المدنية يعني ان «البدون» له معظم الحقوق باستثناء الحق السياسي (وأنا متأكد انه عايفه من الحين)، وحق السكن وهذا مقدور عليه إن سمحت له ان يكسب عيشا بعرق جبينه، لكن الخوف ان «ينط» بعض الملكيين، الذين هم اكثر من الملك، ليعلنوا الويل والثبور وعظائم الامور ان طبقت الحكومة هذه القرارات الانسانية، او يتدخل هؤلاء لتقليص حقيقة هذه الحقوق حتى تصبح ماصخة وعدمها ووجودها سواء!!
اصرار الحكومة على ان تصدر هذه الحقوق بقرارات ادارية يجعل الخوف من التلاعب فيها امرا واردا، خصوصاً ان من سيتولى الاشراف على تنفيذها هم من كان سبب منعها عنهم طوال السنوات العشرين الماضية، وسيكون القيد الأمني الذي افتراه هؤلاء على معظم البدون سببا وعذراً لحرمانهم من هذه الحقوق، وبالتالي سيكون عندنا «بدون» لهم حقوق مدنية وهم قلة قليلة و«بدون» من دون صج بحق وحقيق وهم الاغلبية ونرجع الى مربع «ـــ1» فلا طبنا ولا غدا شرنا.