لماذا هذا الفرح الذي عم كل مصر بسقوط نظام مبارك؟ ولماذا كل هذه المسيرات التي عمت عدداً من عواصم العالم، فرحاً برحيل مبارك؟ كيف تحول المواطن المصري المعروف بهدوئه وطيبته وحبه للخير والفرفشة إلى هذا العنيد الصامد الصابر في ميدان التحرير لمدة 18 يوماً من دون أن يكل أو يمل؟
الإجابة على هذه الأسئلة هي الرسالة التي يجب أن تصل إلى كل حكام العرب والعالم، الصالح منهم والطالح! العادل فيهم والظالم! «يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير» .
بعض المواطنين في الكويت، ولوفائهم لنظام مبارك وتذكرهم لمواقفه الإيجابية معهم، كانوا يتمنون حفظ كرامته واستمراره بعد تعهداته بالإصلاح! حتى الحكومة الكويتية لم تخف تعاطفها مع ذلك النظام من باب الوفاء له، حتى منعت المسيرات والتظاهرات المناوئة لمبارك ونظامه، لكن ما يصح إلا الصحيح، والصحيح أن نظامه كان ظالماً مع شعبه فما ينفعه عدله مع غيره! والنظام كان شراً على مصر فما يفيده خيره لغيرها! لذلك نقدر لنظام مبارك مواقفه معنا، لكن مصر للمصريين وهم أصحاب الكلمة الأخيرة في بلادهم.
من غرائب الأمور في حادثة السقوط الكبير للنظام المصري هو الانقلاب في الموقف الأميركي بهذه السرعة وتخليه عن أهم وأكبر حلفائه، وكشف ظهره لأعدائه، وصدق من قال لا مبادئ دائمة في السياسة بل مصالح دائمة!
من غرائب هذا الحدث تصريح ميركل، حاكمة ألمانيا، في أول تعليق لها على رحيل مبارك: يجب على الحكومة القادمة أن تراعي التزامها باتفاقية السلام مع إسرائيل! يعني ايدها على قلبها من أجل إسرائيل! ما تنلام إذا كانت ألمانيا تعاقب بالسجن كل من لا يؤمن بأن هتلر حرق اليهود! خوش حرية اعتقاد!
ومن الغرائب، التي صاحبت هذا السقوط، تصريحات لبعض مفكرينا ونصائحهم للحكم الجديد بألا يهتم خارج حدود مصر وأن يحافظ على اتفاقية السلام، وكأنه يريد من مصر أن تنزع نفسها من عباءة العالم العربي والإسلامي وفي هذا إضعاف للأمة، لأن مصر ركن أساسي في المنظومة العربية الإسلامية.
* * *
«لفتة كريمة»
شكراً سمو الأمير على توجيهاتك الأبوية السامية لإطلاق سراح د. عبيد الوسمي، شكراً سمو رئيس مجلس الوزراء على إلغائك لقضاياك ومطالباتك تجاه خصومك السياسيين، مطلوب الآن أن نبدأ صفحة جديدة من العمل والتعاون في أجواء خالية من التأزيم.
مطلوب الآن أن نشاهد مبدأ التعاون بين السلطتين واقعاً ملموساً لا حبراً على ورق.
مطلوب أن نوقف التصريحات التي تثير غبار التأزيم والتوتر من دون أن نغفل عن محاسبة المقصرين، وألا يكون تعاوننا تهاوناً عن رقابة المفسدين الذين لا تخلو منهم وزارة.