يخبرني القاضي العراقي الفاضل منير حداد الذي حكم على صدام بالإعدام أن بعض الكويتيين اعترضوا على حكمه بالإعدام «لربما مناكفة لإيران» وهو أمر لم يفهمه القاضي الجليل، لا اعتراض لدي على وقوف بعض المصريين ضد الرئيس مبارك (لماذا لا يجرى استفتاء حر على الخيارات المطروحة؟) ولكن ماذا عن الكويتيين الذين ساهم في تحرير أرضهم وسهل لهم عمليات التملك والزيارة والاستثمار؟! إظهار قليل من الوفاء أمر لا يضير.
يقف هيكل (أطلق مبارك سراحه فور تسلمه الحكم) وعمرو موسى (عيّنه مبارك وزيرا للخارجية ثم أمينا للجامعة العربية) ومصطفى بكري (الوحيد من الصحف الخاصة الذي يصطحبه مبارك معه في زياراته للخارج) وعزمي بشارة وعبدالباري عطوان (أكبر المتاجرين بقضيتهما ويحملان جثمانها أينما ذهبا) والمسفر، ضد الرئيس مبارك مطالبين برحيله، السؤال المحق: هل وقف أو نعق هؤلاء الغربان مع أي قضية عادلة قط؟! ثم كيف لعمرو موسى وهو من يتسلم راتبه من دول الخليج ان يتواجد في ميدان التحرير كل يوم للتحريض والتأجيج، ولماذا لا تتم إقالته من قِبل من عيّنه وتعيين أمين عام عاقل ورزين بدلا منه؟!
يظهر عماد أديب وعمرو موسى والبكري وغيرهم من شخصيات عامة على الفضائيات وهم يتحدثون ولحاهم طويلة فهل يعني هذا انهم لم يجدوا دقيقة للحلاقة والنظافة أم انهم يحضّرون أنفسهم بشكل مسبق لحقبة الإخوان المسلمين؟!
سؤال آخر: هل سيقتدي الإخوان بحزب الرفاه التركي أم بالترابي وحزب الجبهة القومية الإسلامية التي أبقت الحرب الأهلية مشتعلة لعشرين عاما ثم تسببت في انفصال الجنوب السوداني، ولماذا لا نسمع خارطة طريق الإخوان السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمرحلة ما بعد الرئيس مبارك بدلا من الغموض ومبدأ «انتخبونا وبعدين نتحاسب» الذي استخدمه قبلهم النازيون والشيوعيون؟!
يعتقد بعض الجهلاء العرب ومنهم قادة دول الصمود والتصدي سابقا ووزيرا خارجية مصر السابقان اسماعيل فهمي ومحمد ابراهيم كامل، ان اسرائيل كانت مستعدة لإرجاع سيناء وتقبيل الأيدي والأرجل مقابل اتفاقية كامب ديفيد، والحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك الفهم العقيم، فكما يروي وزير الدفاع الإسرائيلي عيزرا وايزمان، كان الوفد الإسرائيلي ينوي الرحيل من كامب ديفيد دون اتفاقية سلام حيث كان موقفهم ان سيناء أرض توراتية مليئة بالنفط والغاز والخير (مساحتها 4 أضعاف مساحة اسرائيل) وقد حصلوا عليها في حرب خسرها العرب، ومن يخسر حربا يدفع الثمن، كما انهم عاشوا آنذاك 30 عاما دون سلام ولا مانع لديهم أن يعيشوا 300 عام أخرى دون سلام على ألا يفرطوا في سيناء.
ما أرغمهم آنذاك على التضحية بسيناء هو الرئيس كارتر وزيارة السادات للقدس، وفيما بعد حرمهم الرئيس مبارك من طابا بعد مباحثات مطولة استمرت لسنوات، كما منعهم بحكمته ورزانته من استعادة سيناء من خلال حرب جديدة، لذا فالسيناريو الأمثل لإسرائيل هو قيام نظام في مصر يضم «كوكتيل» من المؤدلجين (اخوان وناصريين ويساريين) يعطي اسرائيل الذريعة لشن حرب لاستعادة سيناء التي لن ترجع قط لمصر، والثالثة ثابتة.
آخر محطة:
(1) قررت إسرائيل بالأمس التوقف عن المضي في مشروع انسحابها من شبعا بذريعة تغير الحكومة اللبنانية فهل من مذكر؟!
(2) هل سنشهد بعد الصوملة واللبننة والعرقنة والفلسطنة مشاريع مصرنة وسودنة ويمننة… والبقية قادمة على الطريق؟!
(3) يقول الشاعر حافظ إبراهيم على لسان مصر العظيمة وبصوت أم كلثوم:
أنا إن قدّر الإله مماتي
لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي
ما رماني رام وراح سليما
من قديم عناية الله جندي
أنا تاج العلاء في مفرق الشرق
ودراته فرائد عقدي
والله لو دفع العرب كل أموالهم ودمائهم لإنقاذ مصر لقليل عليها فزمن السبي العربي سيبدأ من اليوم الأول لسقوط مصر ولن تنفع أحدا أمواله فالمستقبل مظلم..!
(4) مصر ببساطة تنحر بيد السذج من شبابها تحت سمع وبصر من يفترض أن يكونوا الحكماء من أشقائها..!