واقع الكويت قيادة حكيمة وشعب مخلص يستحق كل خير، ومكرمة تعزز وتثبت وضعنا الفريد كبلد الرحمة والتآخي والرفاه، ما يفرض علينا أن نشعر بالنعمة الوافرة التي نعيشها ونصبح بالتبعية أسعد الشعوب وأقلها غضبا وتأزما.
منذ قيام الثورة الفرنسية وبعدها البلشفية والإيرانية وعمليات الغضب ترتبط بالفقر والعوز والبطالة وغياب الديموقراطية والحرية وتفشي القمع والظلم، لذا لا مبرر على الإطلاق لمن أطلق التصريحات الساخنة وغير العاقلة التي تحاول مقارنة أوضاع لا تحتمل المقارنة.. وعيب!
قضية قتل المواطن محمد الميموني جريمة شنعاء لا يختلف عليها اثنان وتلك الجريمة الشنعاء إن كانت القاعدة لدى الأنظمة الاستبدادية إلا انها الاستثناء الفريد والوحيد لدينا، حيث لم يشهد تاريخنا قضايا قتل تحت التعذيب من قبل رجال أمننا المؤتمنين على الحفاظ على أرواح المواطنين والمقيمين لا إزهاقها، لذا يجب عدم التهاون أو التراخي في محاسبة من ارتكب تلك الجريمة غير المسبوقة مهما تزايد العدد أو ارتفعت الرتب، في الوقت ذاته، علينا ألا نعمم الخطأ أو نزايد على إخلاص الأغلبية المطلقة من رجال أمننا أو نحاول خدش الصورة الزاهية لرجال الداخلية الساهرين على راحتنا، فلا يجزع من رجال الأمن إلا المجرمون والمتجاوزون على القانون.
ومن المتابعة وتضارب الأقوال المتلاحقة نجد أن هناك احتمالين، الأول: ان الضحية لم يكن تاجر خمور وانما ضحية لعراك حدث له مع أحد رجال الأمن، كما ذكرت احدى الصحف، وان بعض رجال الأمن أرادوا تأديبه على تلك الفعلة عبر قتله! والثاني: ان يكون الضحية كما أتى في بيان الداخلية تاجر خمور والمفروض في تلك الحالة ان تسجل بحقه قضية ويتم التعامل معه في المخافر لا ان يعذب في الجواخير، ما لم يكن الهدف الحقيقي من التعذيب هو الحصول منه على الخمور لا للمصادرة بل للاستخدام الشخصي بدلالة ان القضية لم تسجل رسميا، وفي الحالتين كلما أميط اللثام عن حقائق جديدة زادت بشاعة القضية.
الأحداث الأخيرة في وزارة الداخلية ومنها مقتل شهيد الواجب عبدالرحمن العنزي وتعذيب محمد الميموني تعطي دلالات أكيدة على الحاجة الماسة في الوزارة لعمليات تطهير وتدريب وضبط وربط وتحسين صورة، ولدينا يقين ان وكيل الوزارة الجديد اللواء غازي العمر وما اشتهر عنه من كفاءة وقدرة كفيل مع وجود القرار السياسي بتصحيح تلك الأوضاع الخاطئة كي لا تذهب دماء الضحايا سدى.
آخر محطة:
للحقيقة فقط، هناك فارق كبير بين تاجر المخدرات الذي يتسبب في موت المئات من الشباب والمطارد في جميع دول العالم الأخرى، حيث يحكم عليه عادة بالإعدام، وتاجر الخمور الممنوعة فقط في 4 دول مما مجموعه 200 دولة تباع فيها الخمور ـ كما هو معروف ـ في المطاعم والفنادق والأسواق دون محاسبة البائعين وعليه لم تكن تهمة الميموني ـ لو صدقت ـ تستحق ذلك النوع من التعامل الشرس وغير الإنساني.