سامي النصف

فلتكن النهاية لا البداية

أول دروس الديموقراطية والمفاهيم الدستورية الراقية هو القبول بتباين الآراء وطرح كل طرف لحججه تحت قاعة البرلمان ثم الاذعان لنتائج التصويت وتهنئة الخاسر للفائز كي لا يبقى شيء في النفوس ومنعا لتحول اللعبة الديموقراطية الى حرب استنزاف دائمة شبيهة بحروب داحس والغبراء التاريخية.

وبودنا أن يبادر سمو رئيس مجلس الوزراء أو معالي رئيس مجلس الأمة فور انتهاء جلسة اليوم لدعوة جميع الوزراء والنواب الى غداء عمل تتصافى خلاله النفوس وتناقش ضمنه خطة عمل الحكومة للمرحلة القادمة، ومن يقاطع أو يمتنع عن الحضور يكون قد أظهر عدم الإيمان بالديموقراطية والأعراف الدستورية السليمة وكشف عن نواياه السيئة تجاه الكويت ومستقبلها.

وكدرس للمستقبل، لا يعلم أحد المصالح والمكاسب التي تحققت للوطن وللمواطنين منذ اليوم الأول للاختلاف على ما لا يجوز الاختلاف عليه كالامتثال لتوجيهات سمو الأمير الأبوية، وتعليمات رجال الأمن وفتاوى رجال الدين ونصائح الحكماء من شيوخ القبائل ومعها أحقية السلطة القضائية في طلب رفع الحصانة البرلمانية عن أحد الأعضاء.

فما نتج عن عمليات العند والغضب والتأجيج هو رفع الحصانة عن النائب المعني في نهاية الأمر، والاصطدام المؤسف في الصليبخات بين المواطنين ورجال الأمن والذي انتهى بإحالة دكتور جامعي الى القضاء نتيجة تلفظه بأقوال لا تقال، وانقسام وانشطار مجتمع الأسرة الواحدة الذي لم يستطع حتى الطاغية صدام أن يقسمه، ما نرجوه أن يكون فيما حدث نهاية لحقبة التأزيم لا بداية جديدة لها، فالكويت وشعبها يستحقون منا جميعا الأكثر.

آخر محطة:

نشرت جريدة «الجريدة» في عددها الصادر أمس دراسة قيمة تستحق أن تُقرأ للمستشار القانوني المعروف شفيق إمام، طرح فيها أسئلة مهمة عن مدى تحول المادة 123 من الدستور لعباءة تنقيح فعلي للدستور، وعن جواز تحول المسؤولية «الفردية» للوزراء الى مسؤولية «تضامنية»، مبديا خشيته من أن تؤدي الاستجوابات المتتالية الموجهة الى سمو رئيس مجلس الوزراء بديلا عن الوزراء المعنيين، الى «تنقيح فعلي» للدستور عبر تعديل المسؤولية الفردية للوزراء أمام مجلس الامة، الى مسؤولية تضامنية يطرح فيها عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، وهو أمر يهدد استقرار الحكم حسب قوله كون نجاح عدم التعاون وإعفاء سمو الأمير لرئيس مجلس الوزراء، يعني اعتبار بقية الوزراء معتزلين لمناصبهم الوزارية معه، بينما لا يعتبر الوزراء مستقيلين أو معتزلين مناصبهم حال طرح الثقة بالوزير المعني، دراسة تستحق أن يستوعب مضمونها كل من يرفع شعار الحفاظ على الدستور.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *