زار الصحافي في جريدة «الرياض» مازن السديري الكويت وكتب انطباعاته الشخصية عنها، ومما ذكره انها من أفضل وأجمل البلدان التي زارها، وقد أعجب ـ كما كتب ـ بالنهضة العمرانية التي لا تقل عن مثيلاتها بالخليج، والخدمات التعليمية والصحية والاسكانية والحريات الممنوحة للناس وتشريعات الحفاظ على كرامة المرأة، وقد كنا وبحق بحاجة لشهادة طرف محايد لتذكيرنا بخطأ الاعتقاد أننا نعيش في خرابة مهضومة حقوق الناس بها.
ان أهم سؤال يجب ان يطرح هذه الأيام هو: ماذا نريد حقا لهذا البلد ومستقبل أبنائه؟ أي هل نريد «صومال» أو «رواندا» أو أي وطن ممزق ومدمر آخر؟ أم نريد وطنا جميلا متفائلا يسعد الناس به حاضرا ومستقبلا؟ أهمية هذا السؤال تنبع من اننا اذا ما حددنا الهدف الذي نريد سهل بعد ذلك ايجاد الوسائل المناسبة للوصول إليه.
فللكويت الهادئة الآمنة الجميلة وسائل ومسالك، وللكويت المشتتة المتأزمة المتمزقة المحترقة وسائل ومسالك كذلك، فطريق اعمار البلد وديمومته وسط الأخطار المحيطة به يتطلب من الجميع الدعوة للهدوء وعدم تصعيد الخلاف الى حدود لم تعتدها الكويت منذ نشأتها الأولى، والحفاظ على هيبة السلطة واحترام رجال الأمن مسؤولية الجميع فلم تضع الهيبة ويفقد الاحترام في بلد من البلدان الا وتلاهما الخراب والدمار واسألوا اخوتنا الأحبة في العراق ولبنان.
ولا نحتاج في هذا السياق للتذكير بما عشناه جميعا دون استثناء إبان الغزو الصدامي الغاشم الذي لم يمض عليه ـ للعلم ـ إلا سنوات قليلة، لقد سَلِمنا آنذاك و«لن تسلم الجرة في كل مرة»، ان الاختلاف والاحتراب والتخندق الداخلي أشد خطرا علينا بمرات عديدة من غزو صدام الذي وحّدنا وانتهى في أشهر قليلة، بينما تظهر التجارب الحية والمعيشة ان خلاف الاخوة أشد ضراوة من غزو الخارج ويستمر الصراع بينهم عادة لعقود بل لقرون فانتبهوا لأنفسكم يا اخوة الوطن من كل الشرائح والفئات.
ان الشعب الكويتي لا يختلف في مكوناته العرقية والدينية والطائفية والاجتماعية، بل حتى في مكونات جيناته وكروموزوماته عن شعوب دولنا الخليجية الشقيقة، فلماذا استفرادنا دونهم بالاشكالات الأمنية والسياسية التي تمهد ـ متى ما تركناها تكبر وتستفحل ـ لتحويلنا الى ملعب آخر من ملاعب الصراعات الأهلية. لقد كشف موقع ويكيليكس عن تقرير خطير أرسلته السفارة الأميركية في الكويت قبل عام فقط نشرته الزميلة «الوطن» يذكر أن الكويت مكان مهدد للغاية أمنيا، ألا يدعونا ذلك التقرير المهم الى تناسي الخلاف ورص الصفوف وتوحيد الكلمة قبل «وقوع الفاس بالراس» والندم حين لا ينفع الندم؟! الاجابة واضحة ولا تحتاج الا الى تفعيل التواد والتواصل بيننا، فالكويت وطننا جميعا.
آخر محطة:
(1) توقف الندوات والندوات المضادة انقذ الكويت من التمزق الطائفي إبان فتنة ياسر الحبيب فما الذي خسرناه حقا من ذلك الايقاف؟ لا شيء على الاطلاق وان كنا قد كسبنا وحدة الوطن.
(2) الشكر للنواب الأفاضل من قادة تجمع «إلا الدستور» على ايقافهم الندوات والمرجو ممن يزايد عليهم من المرشحين ان يتوقفوا كذلك، فقد تستطيع خداع بعض الناس بعض الوقت ولكنك لا تستطيع خداع الجميع طوال الوقت، وكلنا نعلم «البير وغطاه» يا.. مرشحين!