يلقي القادة والساسة في كل البلدان خطبهم التي تتضمن أوامر وإرشادات وقرارات شفاهةً ولا يرفض أحد تنفيذها كفتاوى بعض جهابذتنا كونها لم تصدر كقرارات من دواوينهم الملكية أو الأميرية أو الجمهورية، إن حجة الديوان الأميري التي طرحها البعض هي حجة عليه لا له، فلو ان تصريح رئيس مجلس الأمة افتقد الدقة لصححه الديوان الأميري على الفور، لذا فإن صمت الديوان دلالة على دقة النقل ومن ثم يصبح ما صدر أمرا نافذا من «أبو السلطات».
أصبحت مقاعد مجلس الأمة الخضراء وغنائمها الضخمة من جمع رواتب وظيفية ورواتب تقاعدية وحصانة برلمانية ومكاسبها الأخرى مطمحا ومطمعا تتساقط أمامه القيم الأخلاقية والحصافة الإنسانية والشهادات الأكاديمية والحفاظ على الوحدة الوطنية فكل الأمور مقبولة بما في ذلك الشتائم اللفظية لادعاء البطولات الفارغة ودغدغة المشاعر لدى البسطاء للوصول في النهاية للكراسي الخضراء.
وقد سمعت ما طرحه بالعلن بعض الأكاديميين في ندوة «إلا الدستور» الأخيرة وصعقت وخجلت بحقٍ مما قيل، فهل يعقل ان يسمي من يفترض ان يكون أكاديميا محترما مخالفيه في الرأي بـ «الكلاب من أهل الكويت»، وهو للعلم تكرار لما قال به مرشح سابق ونائب لاحق في إحدى ندواته الانتخابية من وصف حضوره بـ «الأسود» وأبناء بعض المناطق الأخرى بـ «الكلاب» أجلّكم الله؟! وهل يجوز لمن يفترض ان يكون مختصا بالقانون أن يحرض العامة على مخالفة القانون حصننا جميعا بدلا من الحرص على التقيد به لمنع المساءلة القضائية؟! أمر يحدث فقط في الكويت دون البلدان..!
وتمتلئ السجون بأصحاب الأفعال الشائنة والخاطئة ولا يحسب من قام بها على عائلاتهم أو قبائلهم أو طوائفهم، فالجريمة فردية ومسؤول عنها من يرتكبها، هذا الأمر المنطقي والبديهي يحاول بعض المحرضين والمؤججين إخفاءه عبر الادعاء الزائف أن محاسبة من يدعو للفوضى والعصيان والفلتان بالبلد ويخطئ بحق الآخرين هي محاسبة لقبيلته الكريمة، فأين دعاوى الحفاظ على الدستور من مثل هذه الأقاويل المسيئة؟ وأين الحفاظ على الدستور من الطعن في النيابة العامة ومرفق القضاء الشامخ؟!
آخر محطة:
(1) بنظرة سريعة على أحد محاور الاستجواب القادم نعجب من لوم الحكومة التي حضرت الجلسات الـ 3 المختصة بمناقشة رفع الحصانة عن احد النواب الأفاضل وعدم لوم زملائهم الآخرين ممن تسبب تخلفهم لأسباب يرونها صائبة في عدم اكتمال النصاب، اي اذا كان غياب تلك الجلسات جريمة ـ وهو غير ذلك ـ فلماذا يحاسب من حضر ولا يحاسب من غاب من زملائهم؟!
(2) سؤال يطرح كل يوم: من يقف خلف الأزمات المتلاحقة التي تسببت في عزلنا وتخلفنا وتدمير مؤسساتنا وهجرة أموالنا؟! الجواب اثنان ـ كما يرى متابعون ومراقبون ـ أولهما أطراف تدعي الوطنية والمعارضة، الا انها تخدم أجندات خارجية مدفوعة الأثمان تهدف الى تحويلنا لساحة صراع أخرى تضرب بها الرقاب وينعدم بها الأمن وتهجر خلالها الناس على الهوية، والثاني: أتباع طيبون يتم دغدغة مشاعرهم وتحريضهم وطلب «فزعتهم» عبر دعاوى حق يراد بها باطل.
(3) يريد البعض في سبيل مخططه التدميري ان يقمع الناس باسم الدستور والديموقراطية وان يفرض عليهم السكوت عند رؤية منكره وألا يتم تخوينه وطنيا، وللحديث بقية.