قبل أن يخلد إلى النوم، قرر «مواطن مرهق» أن يتوكل على الله ويبكر في الذهاب إلى مكتب المسئول في الصباح الباكر ليعرض عليه مشكلته… علّه يجد حلاً حين بلغ الإرهاق والتعب والدوران في حلقات مفرغة منه مبلغاً كبيراً بلا فائدة… في الغد، ربما يفتح طريق الحل على يد المسئول الذي، أتمنى ألا يقصر معي، ويساعدني في حل مشكلتي.
كانت الساعة تشير إلى الثامنة صباحاً عندما وقف المواطن المرهق أمام موظفة الاستقبال سائلاً عن الطريق إلى مكتب المسئول، فسألته: «يبه عندك موعد؟»، طبعاً ليس لديه موعد مسبق، ولكنه يمر بمشكلة تتطلب توقيعاً من مسئول وهو لا يعرف عن ذلك المسئول إلا ما كان يكرره في الصحافة بأن قلبه مفتوح للجميع قبل بابه، لكن الموظفة عطفت عليه وأرادت مساعدته في الاتصال بمدير مكتب المسئول الذي يبدو أنه طلب منها أن (تصرفه)، لكنها تلطفت في الحديث راجيةً منه أن يستقبله في مكتبه ويستمع إليه، فوافق على مضض.
في مكتب المدير، وقف المواطن المرهق يشرح له مشكلته وأنه ربما يجد الحل لديهم، وعلى رغم أن ذلك المدير كان متعاوناً كثيراً مع الموظف لدرجة أنه كان يكرر عبارة: «تامر حجي… تامر» وهو يلعب بأصابعه على أحد مواقع الإنترنت التي تظهر جداول ونتائج المباريات، ولم ينظر إلى المواطن المرهق إلا من طرف عينه، لكنه أبلغه بأن يكتب رسالة ويتركها لأن المسئول لم يصل بعد، وربما وصل بعد الساعة التاسعة… وربما لن يحضر اليوم لارتباطه بمشاغل كثيرة خارج المكتب… وهو سيقوم بإيصالها له حال وصوله وسيتم الاتصال به.
فرح المواطن المرهق بما سمع، فهي خطوة جيدة بالنسبة له ملأى بالتفاؤل… الرسالة كانت جاهزة، وما كان يتوجب عليه إلا تسليمها للمدير وانتظار الفرج… مرت ثلاثة أيام… أسبوع… أسبوعان… لا حس ولا خبر…عاد الكرة مرة أخرى وتوجه إلى مكتب المدير… فطلب منه أن يراجع مكتب علان… ذهب إلى مكتب علان… طلب الأخير منه أن يراجع مكتب فلان… ذهب إلى مكتب فلان، وكان فلان أكثر تعاوناً لأنه طلب من المواطن المرهق أن يذهب إلى مكتب فلان، وإن لم يجده فليذهب إلى مكتب فلان الفلاني، وإذا لم يجده ليرجع مرة أخرى إلى مكتب علان.. وبين فلان وعلان، سيكون هناك بارقة أمل.
لا بأس، فالمواطن المرهق، لن يرهقه كثيراً أن يعود إلى علان ويراجع معه معاملته، فالكل متعاون، من علان إلى فلان الفلاني، وأبوابهم جميعهم مفتوحة، وهل هناك أغلى وأثمن من المواطن! على أية حال، عاد المواطن المرهق إلى مكتب علان وسأله عن معاملته فقال له: «أي معاملة يبه… ما هي مشكلتك… لم يصلنا شيء؟» …إذاً، يحتاج الأمر إلى واسطة كبيرة، أو شخص سليط اللسان، والمواطن المرهق لا يملك لساناً سليطاً ولا واسطة إلا الله سبحانه وتعالى وأنعم بها واسطة… لكن، لا بأس، غداً سيتجه إلى إحدى الصحف وسينشر مشكلته… ذهب إلى الأولى فرفضت نشر الموضوع، والثانية كذلك، والثالثة نشرته ليقرأ بعد كم يوم رداً على شكواه: «مشكلة المواطن مرهق حلت من زمان، ويتوجب على الصحافة أن تتحرى الدقة»