محمد الوشيحي

تسفك دمي 
في الاشهر الحرم

دخيل ربك، دع كل ما بين أصابعك وموابعك، على رأي عبد الفتاح القصري، وتعال اجلس إلى جانبي، وأشعل لنا سيجارة من صنع أحفاد هتلر، نعدل بها الكيف المائل، ونستحضر الفن الإماراتي، وشموخ الشعر الإماراتي، الأفضل خليجياً بلا مصارع ولا مقارع.

ألم تستمع، لا أبا لك، إلى رائعة الشاعر حميد بن سعيد النيادي «مجرم الحب»، التي غناها الصوت الإماراتي القح عيضة المنهالي؟… كنت في لبنان عندما تلقيت «سي دي» هدية من إحدى الكائنات الثديية المترفة، مصحوباً بتحدٍّ شرس»أنتم يا الكويتيين ما ترومون تييبون شراة هاي الأغنية» أي لا تستطيعون الإتيان بمثل مستوى هذه الأغنية، مع توصية بأن أستمع – تحديداً – إلى أغنية «مجرم الحب»… فأدرت «مسجّلة» السيارة، وتوجهت إلى حيث ينتظرني صديقي الذي دعاني إلى الغداء على قمة جبل، ولم أشعر بنفسي إلا ورأسي يتمايل طرباً مع الأغنية المكتملة الروعة، شعراً ولحناً وغناءً، فأعدت سماعها، مراراً ومدراراً، وأخذت الطريق «رايح جاي»، أو رائحاً جائياً، كما في الفصحى، ولولا الحياء ما نزلت من السيارة… خذوا كلماتها دخيل ربكم، واقرؤوها بلهجتها الأصلية التي تفهمونها، وسأتكفل أنا بشرح بعض مفرداتها لغير الخليجيين:

للحرب مجرم وحتى الحب له مجرم

يا مجرم الحب أنا وش ذنبي وجرمي

خلّيت نار الجفا في داخلي تضرم

وارماني* الوقت وانته بالجفا ترمي

رمي الجمارة * بكفّ الناسك المُحْرِم

ترمي وتسفك دمي في الأشهر الحُرْمِ

ماقساك ماغلاك وانت المجرم المغرم

وتقول للنار هيا شبّي وضرمي *

وأنا وفيّ(ن) على العهد الذي مُضرَم

واقول للنفس صوني العهد واحترمي

غرايسٍ يانعة في القلب ما تصرم

ما تشبه التين والرمّان والكرْمِ

والحب فتّاك في العشاق من يعرم

يا كمّ بكّى شجاعٍ فارسٍ قرْم *

وأجزم وأقسم على أن أزهار الشعر لا تنمو في أرض شعبها مفتت، وحكومتها فاشلة، و»كدْشها تُقدّم على أصايلها»، ولا يحلق الخيال في سماء دولة ترى كل مجموعة نفسَها أوْلى من غيرها، وأنها الأكثر «كويتية» من غيرها، فهذه النائبة «حضرية» من «القواعد من النساء» كما يقول رجال الدين، يشاركها الرأي ذكور هم أيضاً من فصيلة «القواعد من النساء»، يسمّون أنفسهم «أهل الكويت»، على اعتبار أن الشريحتين الأخريين من أهل السعودية أو العراق أو إيران، ووالله لا أعرف «حضريّاً» واحداً من ذوي القيمة والشموخ يقول ذلك. ويرد عليهم مجموعة من أبناء «القبائل» يرون أنهم هم «أهل الكويت» والدليل دماء أجدادهم التي أريقت دفاعاً عنها، ووالله لم أسمع عاقلاً قبليّاً له وزنه يقول مثل هذا الكلام.

يا سيدي، أو يا أيها الكائن الفارع الطول الناعم العود الثقيل الرمش، صدقت، نحن «ما نروم» نأتي بمثل هذا الفن، ولا حتى دون ذلك، ففي المأتم يعلو النحيب وتختفي ضحكات الأطفال… سنتحداكم بعد انتهاء المأتم…

ارماني: رماني الجمارة: الجمرات ضرمي: من إضرام النار

القرم: ذو النخوة

سامي النصف

طالب حامل سيفه

في البدء، الترحيب الحار بزيارة الرئيس الأميركي جورج بوش الذي له ولعائلته الكريمة في أعناق الكويتيين أكثر من دين، فقد ساهم والده الرئيس جورج بوش الأب وطاقمه في تحرير الكويت بأقل الخسائر، كما ساهم هو وطاقمه في إسقاط الخطر الداهم علينا وعلى المنطقة المتمثل في وجود الطاغية صدام حسين وامتداده بولديه، وحزبه الفاشي، فحللت اهلا ورحلت سهلا من بلدك الثاني الكويت الذي لا ينسى الجميل ابدا.

لو ظهرت صورة الطالب الذي يرفع سيفه ـ لا قلمه او كتابه ـ في الحرم الجامعي في أي بلد آخر لانقلبت الدنيا رأسا على عقب، ولبدأت دراسات وحوارات حول ظاهرة العنف المتزايد لدى النشء الجديد، في ايام الجهل والأمية لم يكن العراك يزيد على ضربة كف او دفعة «عجرة» او رمي حجرة.. فمن اين اتت ثقافة استخدام السيوف والخناجر؟!

هل يتذكر احد صياح ومزايدات بعض نوابنا الأفاضل وتهديدهم وزيرة التربية بإغلاق المدارس بسبب إنفلونزا الخنازير ووقوفنا آنذاك ضد ذلك المقترح المجنون الذي لو تم لكنا اضحوكة الأمم حيث لم يعطل بلد آخر مدارسه بسبب ذلك الفيروس «الفشنك»، ذلك المقترح غير المسؤول كان يعني ضياع سنة دراسية كاملة من أعمار طلبة الكويت وخسائر بمئات الملايين دون مردود حيث سيرجع من استقدمناهم من مدرسين لبلدانهم وهذا حقهم مع تسلم رواتبهم كاملة دون عمل، أليس مستغربا ألا نرى اعتذارا ولا اعترافا بالخطأ ولا حتى حمرة خجل على خدود من طالبوا بذلك المقترح المدمر؟!

قرأت قبل أيام دراسة لدكتور في كلية الحقوق حول إشكالية عدم وجود مدير للجامعة في الوقت الحالي، وهو امر اشرنا لسلبيته في مقالات سابقة، وفحوى دراسة الدكتور قام بتوضيحها دكتور حقوقي آخر، وليس هنا مجال الحديث عنها، ما استغربته في الدراسة المنشورة ان احدى توصياتها هي أن يصدر مجلس الوزراء قرارا بتعطيل العمل في جامعة الكويت (من تاني) بسبب عدم وجود المدير ومن ثم يضيع بالتبعية مستقبل آلاف الطلبة بسبب قضية إدارية لا شأن لهم بها، حسب تلك الفتوى القانونية ـ اي تعطيل عمل الإدارة او الوزارة حال انقضاء ولاية المسؤول ـ يعني ان ينام البلد في الشارع، على حد قول الشاهد عادل إمام، نظرا لوجود العشرات من المديرين ووكلاء الوزارات منتهية ولايتهم في الوقت الحاضر، وفي هذا السياق نذكّر الفاضلة وزيرة التربية بأن مدير عام «التطبيقي» الكفء والخلوق د.يعقوب الرفاعي تنتهي ولايته في اقل من شهرين، والواجب انسانيا ان يخبر منذ الآن بالتجديد له من عدمه كي يرتب اوضاعه، واشكالية مدير الجامعة لا تحتاج الى تكرار.

آخر محطة:

(1) لا نجد في أرقى الدول والجامعات المتقدمة هذا الاهتمام بانتخابات اتحاد الطلبة ولا هذه الحدة، كما لا يفخر الحزب الجمهوري او الديموقراطي الاميركي بأنه تدخل في الانتخابات الطلابية وتسبب في فوز اللائحة التي تمثله، كما لا يدخل هناك الطلبة المنضوون تحت هذا التوجه او ذاك الحرم الجامعي حاملين سيوفهم او راكبين احصنتهم، ومسدساتهم بأيديهم لمحاربة القوائم الأخرى، اتركوا طلبتنا يتفرغون لدراستهم ويتنافسون لحصد قصب التفوق بها بدلا من الفرح الكاذب بفوز هذه القائمة او تلك.

(2) ومادمنا في هموم الشباب، يتابع الشاب الانجليزي او الاسباني مرة في الاسبوع ولمدة ساعة ونصف الساعة مباراة الفريق الذي يشجعه ثم ينصرف لتطوير نفسه جل وقته، سؤالنا: ما الفائدة التي يجنيها الشباب الكويتيون من قضاء اغلب اوقاتهم في متابعة مباريات دوريات الدول الاوروبية او الاميركية؟! وما هو الكم المعرفي الذي سيجنونه بعد عقد او عقدين من الزمن من تلك المتابعة؟! وكيف سيساعدهم ذلك على مواجهة الحياة بعد زوال دولة الرفاه المرتقب؟! شبابنا يزداد متابعة للمباريات وخصورهم تزداد اتساعا من قلة الحركة.

حسن العيسى

باقون في مناجم الحكومة والمجلس

مسطرة واحدة يجب أن تقاس بها مساحة الحريات، وميزان بكفتين متوازنتين يفترض أن توزن به خفة الحرية وثقلها. هذا منطق العقل والعدل، وغير هذا فليس لدينا غير الرياء وازدواجية المواقف الانتهازية والانتقائية في إعمال حكم القانون.

لا يجوز أن نفرق بين حق السيدة فجر السعيد في انتقاد عدد من نواب المجلس مهما كان محتوى مسلسل النقد هزيلاً وساذجاً، وبين حق هؤلاء النواب أنفسهم في ممارسة حق التجمع بعد حكم المحكمة الدستورية عام 2006 ورفضهم وصاية السلطة عليهم، وبالمسطرة ذاتها وبالميزان ذاته لا يصح إقامة الجدران العازلة بين الحريات السياسية والحريات الشخصية، فنواب التزمُّت ومعهم حكومة "وين رايحين احنا وياكم" صادروا أبسط حرياتنا الشخصية وأحالوا الحياة الاجتماعية في الدولة إلى جحيم لا يطاق، فهم تدخلوا بسواعدهم وبعصي السلطة في كل صغيرة وكبيرة في حياة الأفراد، في إقامة مهرجان الفرح، في قبر الفنون وتحقيرها، وكأنها "رجس من عمل الشيطان"، حشروا أنوفهم في ما يجب ويمتنع لبسه على الفتيات، تنصتوا وترصدوا تماماً كما تفعل أجهزة أمن الدولة على البشر، وصوروا الجزر الكويتية على أنها مثل "فوكت" في تايلاند، وضعوا مراصدهم على الكتاب والفكر، وكانت أجهزة الرقابة الحكومية أداتهم وعذرهم.

من حق فجر السعيد أن تنتقد، وإحالتها بجرائم أمن الدولة مسرحية مضحكة, وستنقلب إلى "تراجيديا" على الحكومة إذا حكمت المحكمة ببراءتها أو حفظت النيابة التحقيق في القضية، وعيب كبير أن تتجمع قوات الشرطة أمام دواوين بعض النواب والمواطنين لترويعهم بقانون قُضِي بعدم دستوريته، وكارثة حلت علينا حين أصبحنا مثل عمال منجم تشيلي، مقبورين في الظلام بدون أي بصيص نور. عمال المنجم بتشيلي مكثوا قرابة الشهرين في عتمة المنجم ووحشته، ونحن حُكِم علينا أن نبقى من المهد إلى اللحد في مناجم الحكومة والمجلس.

احمد الصراف

الشرف الرفيع (2/2)

اكمل اليوم الحديث عن مقاطع من كتاب وضعه الشيخ عائض القرني عن المرأة المسلمة، حيث يقول: إن المسلمة متفضلة، فعلى من تتفضل من جيرانها في مجتمعها، إن كانوا جميعا بنفس غناها أو أكثر بكثير؟ وما الذي بإمكان المعدمة فعله، إن لم يكن لديها ما تتفضل به، أو يكون هناك من يتفضل عليها، وهو حال غالبية نساء مجتمعاتنا؟ وهل فكر الشيخ في مقارنة أحوال هؤلاء بأحوال الغربية بدلا من التركيز والمقارنة على السعودية مثلا؟ وهل حقيقة جميع السعوديات مرفهات قانعات متفضلات؟ وماذا عن ضحايا حروب الصومال ومعارك مسلمي غرب السودان وجنوبه وباكستان وجحيمها وأفغانستان ومآسيها، وهل بينهن تنافس على تفضل بعضهن على بعض لنيل أكبر الثواب مثلا؟
ثم تساءلت زوجته عن حقيقة ما ذكره عن سخافة عقل المرأة الغربية ورخص ثمنها، وتذكرت عدد المرات التي تدخلت فيها أساطيل بحرية وجيوش لإنقاذ امرأة غربية وإجلائها من مناطق الخطر والكوارث والاهتمام بها وبصحتها العقلية والجسدية! فإذا كان هذا هو حالهن وهن بمثل هذا الرخص، فما الذي كانت ستفعله لهن حكوماتهن لو كن «ثمينات وسمينات» مثلنا؟ وكيف نجحت من تتصف بكل سخافة العقل التي يصفها بها في الوصول الى كل تلك المناصب السياسية والاقتصادية العالية والتي عجز الرجال عن بلوغها كميركل وقبلها تاتشر والعشرات من المبدعات، كل في مجالها، ولماذا نُجلّهن ونحترمهن عندما يقمن بزيارة بلداننا إن كن بكل تلك الوضاعة وسخف الرأي والمقام؟ أما أنها جاهلة، مقارنة بالمسلمة، انه وصف غريب حقا فهل نسينا متى «سمح» للمرأة في بلادنا بالتعلم، وكيف أن نظام طالبان الذي هو نتاج شيوخ دين من أمثال القرني وغيره يحرم تعليم الفتاة بأي شكل من الأشكال وقام بتفجير كافة مدارس البنات في المناطق التي يسيطر عليها سواء في أفغانستان أو باكستان، فكيف تكون الطبيبة والعالمة والمخترعة الغربية جاهلة وتكون المسلمة عكس ذلك، ونحن أدرى بأوضاع نسائنا، وعلى من يريد السيد القرني الضحك؟
أما قوله ان الغربيات بلا شرف فلا تعليق، لأن الأمر يمس عشرات آلاف الزيجات المختلطة التي تعتبر خير شاهد على سطحية هذه الأحكام الشوفينية التي لا ترى القذى والقذارة إلا في أعين الغير، كما أن الأمر يحتاج الى تقديم دليل، فالبينة على من ادعى، فالمصادر الأمنية في الدول الأوروبية والغربية عموما تنشر سنويا أرقاما إحصائية قريبة للواقع عن عدد حالات الاغتصاب وزنى المحارم ومختلف الجرائم الجنسية الأخرى التي تقع فيها، إضافة للأمور الخطيرة الأخرى، ولهذا لا نتردد في وصف مجتمعاتهم بالانحلال وبأنهم بلا شرف ولا خلق، ولكن هل نمتلك الشجاعة على نشر مثل هذه الأرقام عما يقع في دولنا من جرائم جنسية، وبالذات زنى المحارم والاغتصاب؟ وهل غياب مثل هذه الأرقام يجعل من مجتمعاتنا أطهر وأنظف خلقيا؟ وكيف يكون للمرأة شرف وهي تباع لمن يكبرها سنا بخمسين عاما مقابل تيسين وبقرة؟
وأخيرا إذا كانت نساء الغرب بلا شرف ولا ديانة فكيف وصلن لكل ذلك التطور الصناعي والتقدم الفكري، في الوقت الذي ينتشر فيه الجهل والأمية بين نساء أكثر دولنا غنى وثراء، وكيف تصنع نساؤهم كل شيء وتشتري نساؤنا كل شيء؟ وهل الرغبة العارمة عند أكثر من %80 من نساء بلداننا للهجرة للغرب مرده الى رغبتهن في نشر الشرف بين النساء الغربيات مثلا، بعد أن فاض الشرف الرفيع عندنا وملأ خياشيمنا، أم لأمور أبعد ما تكون عن ذلك؟

أحمد الصراف
[email protected]

مبارك الدويلة

أزمة الثقافة

لفتت نظري يوم الجمعة الماضية صورة وخبر في الصفحة الأخيرة لجريدة القبس عن اعتصام عشرين شخصا يحملون ملصقا واحدا مكررا باسم «الحملة الشعبية للدفاع عن الكتاب»، وذلك في ارض المعارض بمناسبة افتتاح معرض الكتاب العربي. وقد قام المعتصمون الذين يبدو من صورهم ان بينهم عددا من العمال والموظفين البسطاء وثلاثة اشخاص يلبسون الدشاديش وثلاث نساء وطفلا، قام هؤلاء بتوزيع منشور يندد بمنع الرقابة لعشرين كتابا، معتبرين ذلك «تعسفا رقابيا» وطالبوا «بإلغاء الرقابة المسبقة على الكتب».
اللافت للنظر ليس عدد المعتصمين والمدافعين عن حرية التعبير – فهذا العدد نهديه للزملاء الكتاب الذين علقوا على حضور اعتصام المعلمين – بل اسماء التجمعات والاندية والروابط والقوائم الطلابية التي وقعت على البيان ونذكر من ابرزها «تجمع العمل الديموقراطي»!!، و«تجمع صوت الكويت»!!، و«الحملة الشعبية للدفاع عن الكتاب»، و«رابطة الشباب الوطني الديموقراطي»، و«مركز الحوار للثقافة»، و«ملتقى بيت خمسة للثقافة»، و«ملتقى نجلاء النقي»، و«نادي أوراق»، ولعل أهمها وآخرها «ورشة السهروردي الفلسفية»!! اسماء غريبة عجيبة لا اعرف متى ظهرت او متى انشئت؟ ومن أسسها وأين مقارها وعناوينها؟ وما هي اهدافها؟ وهل لها لوائح ودساتير؟ وغيرها من الاسئلة الكثيرة التي لابد من الاجابة عنها حتى نعرف جدية من اصدروا هذا البيان ومصداقيتهم في الاعتراض على منع عشرين كتابا من كتب الزندقة والالحاد من العرض في معرض الكتاب. وأنا حقيقة لا ألوم هذه العناوين النكرة والألقاب المجهولة من الروابط والاندية المذكورة، لكن ألوم من تبنى هذه الحملة ضد الرقابة وهو يعلم ان وزارة الاعلام اصدرت بيانا اوضحت فيه عدد الكتب الممنوعة، وان من منع له كتاب فقد اجيزت له عشرات الكتب، فالقضية ليست مرتبطة بفكر الكاتب بقدر ما هي مرتبطة بمحتوى الكتاب والذي اوضح بيان الاعلام ان بعض هذه الكتب منع لطعنه بالذات الالهية، وبالرسول (ص) والبعض الآخر لتهديده لعلاقة الكويت بجيرانها وزعزعة هذه العلاقة!!
مشكلة الثقافة عندنا ان المنتمين لها غير مثقفين!! فهم يؤيدون ويعترضون فقط كي يقال عنهم انهم مثقفون!! ويرفعون شعارات براقة مثل حرية الرأي وحرية التعبير ولا يدركون حدودهما!! ها هي فرنسا- قبلة المثقفين وقدوتهم – اصدرت قرارات وقوانين قيدت حتى الحريات الشخصية بحجة تعارضها مع ثوابتها ومبادئها!! وبعض ابناء العرب ومثقفيهم يعتصمون في أرض المعارض لان كتبا تطعن في دينهم تم منعها من التداول داخل المعرض!! انها فعلا أزمة ثقافة!

لفتة كريمة
أنا وتياري السياسي أكثر المتضررين من قناة «سكوب»، بل ان الاخ ابو بندر يخصص %80 من برنامجه للحديث عن بيت الزكاة وتنفيعه لفقراء الحركة الدستورية، لكن مع هذا لن نقبل احالة القناة والقائمين عليها الى النيابة بتهمة «قلب نظام الحكم»، حيل قوية!! خففوها شوي يمكن نلقى لنا عذرا… بس قلب نظام الحكم مرة واحدة يذكرنا بحادث المنشية والزميل صلاح منتصر!!

مبارك فهد الدويلة

سعيد محمد سعيد

يوميات مواطن مرهق: عداوات!

 

في لحظة لم يقوَ على مواجهتها بينه وبين نفسه، رضخ المواطن المرهق إلى القبول بحقيقة مرة للغاية لطالما حاول تفنيدها، وهي أنه كلما مرت بالبلاد مرحلة حرجة، يظهر زمرة من الأبطال، وفق تصنيفات مختلفة لهم في مقالاتهم ومنتدياتهم ومجالسهم وكهوفهم المظلمة، ينبرون ليجعلوا المجتمع ساحة قتال واحتراب تسبقه مجموعة من الشعارات والمقولات النفاقية الكاذبة.

بعضهم يدّعي حب الوطن وهو كاذب، والبعض الآخر يدّعي النضال وهو كاذب، وبين هذا وذاك، لا تجد للعقلاء مكاناً ولا لمن يطالبون بحقوقهم المشروعة سلمياً وقانونياً أثراً، والأصعب من ذلك، أن كل كلمة طيبة أو مبادرة صادقة، تصطدم بمصدّاتٍ قوية وجاهزة تظهر فجأة وتنتشر بقوة لتشكك في تلك الكلمة وتلك المبادرة تحت عناوين أولها (التقية) وليس آخرها (التكذيب والتفسيق والتسقيط والإهانات).

ولم يجد المواطن المرهق من القبول بأن هناك فئة وربما فئات، يعيشون بيننا لنشر العداوات والترصد لكل شاردة وواردة لتلوينها وفق اللون الذي يرتضونه، وليس لديهم شعار إلا (حب الوطن ومصلحة الوطن) وهو… وهم، يعلمون أن الحجم الأكبر من ذلك الشعار (كذب محض)، لكن، لطالما كان – أي الشعار – طريقاً للمتاجرة وتحقيق المكاسب الفئوية، فلا بأس، فالجيوب مفتوحة ومتعطشة، أما مصلحة الوطن العليا، فهي آخر ما يفكر فيه أولئك، ولو تتوقف عنهم الأعطيات و(دهن السير)، لانقلبوا على أعقابهم.

المواطن المرهق وغيره الكثير من المواطنين الشرفاء، يدركون أن قوم (العداوات) ومن يقف وراءهم ويشجعهم، إنما هم فيروسات تنشر الأمراض التي تفتك بالمجتمع… وخصوصاً أن هناك مطالب دستورية مشروعة من حق كل أبناء الشعب البحريني أن يعبروا عنها… وهناك حراك سياسي نشط استعداداً للانتخابات… هناك ملفات أمنية وسياسية تحتاج إلى حلول… لكن هناك دولة… دولة لها هيبة وكيان ونظام وقوانين، وهناك حقوق وواجبات، ومجتمع يجب أن يسوده الأمن والاستقرار والذي إن فقدناه، فقدنا ركناً من بين أثمن وأعز ما نملك، ثم هناك شعب يستحق أن يعيش في أفضل مستوىً معيشي، بعيداً عن الأفكار الملوثة التي أصبحت تنتشر كالنار في الهشيم، ولا ندري متى ستتوقف

سامي النصف

التخاطب بالصياح والبحث عن الحقيقة

ضمن المجتمع الديموقراطي المثالي الذي نطمح إليه أنه لا ضرر من التباين في الآراء بل هو أمر واجب حتى لا يسود الرأي الواحد في المجتمع، ما ليس مقبولا هو ان يتحول التباين إلى صراخ يصم الآذان ويمنع العقل من التفكير السليم، أو في المقابل البعد عن الحقيقة كوسيلة لكسب القضايا وتأجيج المشاعر وهو انتصار لو تم، فالهزيمة أفضل منه.

تتكرر بين حين وآخر دعاوى ان مجلس 38 طالب بالانضمام للعراق، ويستشهد البعض بكتاب المرحوم خالد العدساني «نصف عام من العمل النيابي»، وقد قلنا في السابق ان هذا القول ينافي الحقيقة حيث لم يأت في مذكرات العدساني كما ان فيه صك تبرئة لصدام في غزوه للكويت، إضافة إلى انه يحرث الأرض لمطالب ضم قادمة مادمنا نقر بتلك الدعاوى المضللة، نشر الزميل والباحث باسم اللوغاني في عدد «الجريدة» الصادر أمس رسائل المقيم البريطاني في الكويت لوزير خارجيته والتي تنفي مطالبة المجلس التشريعي بالانضمام للعراق، لذا نرجو ان نتوقف عن جدع انفنا للإضرار بزوجنا فذلك غباء مطلق.

صرح عدة نواب أفاضل بأن هناك فرعيات جرت قبل ايام في انتخابات مكتب الأمانة العامة لأحد التجمعات السياسية، ويعلم هؤلاء النواب المختصون ان «الفرعيات» أو «التشاوريات» الممنوعة هي الانتخابات التي تجري قبل الانتخابات العامة وتقوم على معطى «فئوي» أو «طائفي»، وواضح ان الانتخابات أو التزكية المشار إليها في تصريحاتهم لم تجر كتصفيات لانتخابات مجلس الأمة ولم تقم على معطى طائفي أو فئوي بدلالة ان من تم اختيارهم يمثلون كل شرائح الطيف الكويتي من قبائل وحضر وسنة وشيعة، مرة أخرى القانون لا يمنع التصفيات السياسية المعمول بها في جميع الديموقراطيات الأخرى بل يمنع الفرعيات التي تقوم على المعطى الطائفي او الفئوي التي تضرب الوحدة الوطنية والتي لا يسمح بمثلها في دول العالم الأخرى.

وأمر مستغرب ان يكتب من يدعي المظلومية، مقالا مليئاً بالظلم يتهم فيه عشرات الشخصيات الكويتية المجتمعة في احدى الديوانيات بدعم محمد جويهل، وانهم من وقف خلف الحملة على تأبين عماد مغنية، هل هناك دليل واحد لا اكثر على تلك الاتهامات التي لم يقل بها احد من قبل؟! وهل يمكن بعد ذلك تصديق الدعاوى التي يطلقها صاحبها عندما يتهم الآخرين بتهم زائفة أخرى تقودهم للشكوى عليه في المحاكم دفاعا عن أنفسهم؟!

زميل عزيز يملك المعرفة والحكمة كتب بالأمس ان هناك من يسيء لعائلات الزلزلة وعاشور وجوهر، لذا نعلن اننا اول الشاهرين أقلامهم للدفاع عن تلك العائلة الكويتية الكريمة اذا ما ثبتت التهمة وان هناك من جرح أو قدح بها، وفي المقابل نرجو ان يقف الزميل معنا تجاه من باتوا يستقصدون الناس على هوياتهم وأسمائهم لا على أفعالهم، لما في ذلك من ظلم وضرب للوحدة الوطنية وخلق شقاق في المجتمع الكويتي.

سعدنا بما قاله احد النواب بحق الآباء المؤسسين للجنة الشعبية لجمع التبرعات وبثنائه المستحق عليهم كونهم كانوا السباقين لرفع اسم الكويت بالتبرعات التي كانت تجمعها اللجنة، لا نعترض على الرقابة المحاسبية على عملها وان كنا نود ان نذكر بفارق أساسي بينها وبين الجمعيات الخيرية الأخرى التي ينحصر عملها في جمع الأموال من الآخرين، أموال اللجنة الشعبية في الأغلب اذا لم نقل 90% هي من أموال القائمين عليها والذين كانت أسماؤهم تتصدر لائحة المتبرعين لذا فرقابتهم هي منهم على أموال هي في الأغلب من تبرعاتهم.

آخر محطة:

ذكرنا في مقال سابق ان عام 2010 هو عام شؤم على الليبراليين وأصحاب الفكر التنويري بعد رحيل العابدي والبغدادي وابوزيد والقصيبي وقلنا مازال في العام بقية، هذه الأيام فقدنا الزميل الليبرالي محمد مساعد الصالح ثم فقدنا بعده الميت الحي طارق حجي المفكر المصري الذي أثنى عليه الزميل أحمد الصراف فوصله ووصل زملاء واصدقاء آخرين منه سباب وشتائم أخرى غير مبررة، رحم الله (المفكر السابق) طارق حجي، وما زال في العام بقية!

محمد الوشيحي

نحن الكفار… ولا فخر

طبعاً الناس تعرف أنني اشتريت هذا العمود الصحافي وخصصته لسلالة "وشيح الكبير"، ودفعت ثمنه "بالتقصاد" على رأي عمي المرحوم منصور صاحب أطيب قلب في الكائنات الحية، الذي لا تخلو أي جملة في حديثه من "البدليات" والأخطاء المطبعية… ولأنني اشتريت العمود هذا فسأنقل الحوار الذي دار بيني وبين ابنتي "الحاجة عزة" واسمها في البطاقة المدنية "غلا".
تستعرض الحاجة عزة – بفرح – معلوماتها أمامي بعد أن صاغتها على شكل سؤال طفولي: "صح أميركا كفار؟"، فصعقتها: "لا. العربان هم الكفار. نحن الكفار السفلة"، وأجهزتُ عليها قبل أن يرتد إليها حنكها الذي هوى إلى الأسفل: "وأكثرنا كفراً ونفاقاً هم الذين يدّعون التديّن، ويتحدثون زوراً باسم الإسلام، لكنهم يهاجمون المصلحين من أبناء جلدتهم"، ثم استدركتُ: "آسف، هؤلاء المزورون ليسوا كفاراً بل منافقون في الدرك الأسفل من النار".
وأجزم أنها ندمت على الاستعراض أمامي بعد أن اندفق سيل حنقي أمامها فأغرقها… شوفي يا بنتي، هناك تجار ليبرالية، يقابلهم تجار دين، يتداولون الوطن بينهم كالسلعة، الفريق الأول صاغوا ليبراليتهم  على شكل عقود لمشاريع ومناقصات، وراحوا يدورون بها بين المسؤولين! يطالبون بالحريات بشرط ألا تمس مصالحهم، كذّابون أفّاقون مطأطئون، وهؤلاء كفار وملاعين خيّر، لكنهم مكشوفون مكروهون، يسيرون عراة في الشوارع… أما الفريق الثاني فهم الأخطر، إذ يمتلكون "القنبلة البيولوجية"، وهي قنبلة لا تهدم المباني بل تتجه إلى داخل الإنسان مباشرة، وتعتمد على الجراثيم والبكتيريا التي تسبب تلوث الدم وأمراض التنفس وانتشار الأوبئة، وهم أعفن من "محطة مشرف" وأنتن.
هؤلاء، أقصد تجار الدين، بعضهم أوهم الناس أن ما يجب فعله الآن هو فتح محاضر التحقيق في جريمة قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما، ومعاينة مسرح الجريمة التي حدثت قبل نحو أربعة عشر قرناً. لذلك تباغض الناس وتكارهوا… وبعضهم حمل بضاعته بعد أن غلّفها بورق السولوفان وقدمها هدية إلى السلطة، متجاهلاً هموم البسطاء، ولو أنكِ ناقشتِهم وسألتِهم عن أهم القضايا لأجابوك بصوت واحد: "البنطلونات الضيقة التي ترتديها الفلبينيات هي سبب نكسة الأمة ووكستها. جزاك الله خيراً. وكل من يقول دعوا الفلبينيات ببنطلوناتهن وتعالوا نتحدث عن المظالم والبلاوي والسرقات في البلد إنما هو كافر تغريبي يصد الناس عن دينهم"، فانصرف الناس عن الجوهر وراحوا يطاردون الفلبينيات و"يقايسون" بنطلوناتهن… أما البعض الثالث من تجار الدين فقد أصبحوا "عبيد السلطة"، وراحوا يشككون في دين من ينتقد السلطة، على اعتبار أن رجال السلطة هم ولاة الأمر، وأن ديننا – بعد تزويره وتحريفه – يأمرنا لا بعدم معارضة السلطة فحسب، بل والسكوت والخنوع إذا ضربتنا السلطة على ظهورنا وأخذت أموالنا.
نحن الكفار يا بنتي لا الأميركان الذين يتلفت رئيسهم ألفاً وسبعمئة وثمانين مرة قبل أن يتخذ قراراً خوفاً  من ردة فعل شعبه. وليتكِ تقرئين ما يكتبه كتّابهم وصحفهم عن رئيسهم، وليتكِ تشاهدين ما تبثه فضائياتهم من سخرية وبهدلة للرئيس، من دون أن تُغلق صحيفة أو يحال أحد إلى النيابة، كي تعرفي أنهم ليسوا كفاراً، وإنما الكفار هم من يقلبون السالفة من تهمة في حق المسؤول مدعمة بوثائق إلى جرجرة النائب أو الكاتب الذي هاجمه إلى المحاكم.
الكفار يا بنتي هم أصحاب تلك الديوانية في الدائرة الرابعة، التي زارها نائب إمّعة، عُرفَ عنه تقبيل الأقدام، فأفسح له رواد الديوانية المكان وأجلسوه في الصدر، وراح يتحدث بثقة: هل تريدون مني أن "أبابي" وأصدّع رؤوسكم مثل مسلّم البراك والسعدون، أم تريدون مني إنجاز مصالحكم ومعاملاتكم مثل النقل والدورات الخارجية؟ ولماذا يستشيط البعض غضباً عندما أستفيد تجارياً (لاحظ، قبول الرشوة اسمه "استفادة")، وهل التجارة والمناقصات حلال على "الصقر والخرافي والغانم" وحرام عليّ؟
نحن الكفار يا بنتي ولا فخر.  

احمد الصراف

العلاقة بين الفقر والتديّن

بيّن استطلاع أجراه معهد غالوب الأميركي للأبحاث أنه كلما زاد فقر الدولة وتخلّفها كان للعامل الديني دور أكبر في حياة السكان. فبنغلاديش الأفقر عالميا هي الأكثر تدينا، فـ %99 من شعبها يعطي الدين أهمية قصوى، والعكس في السويد، والدول الاسكندنافية عموما، فهي أقل اهتماماً بالنواحي الدينية، وهي في الوقت نفسه أغنى دول العالم، حيث يهتم %17 فقط من شعبها بالقضايا الدينية. وربط الاستطلاع بين تزايد أهمية الدين في حياة الأشخاص، وتزايد معدلات الفقر في بلادهم، وكمثال النيجر واليمن واندونيسيا ومالاوي وسريلانكا والصومال وجيبوتي وموريتانيا وبوروندي. وكشف الاستطلاع الذي أجري في 114 دولة على مستوى العالم، وتم نشره على الموقع الإلكتروني للمعهد، أن هناك علاقة عكسية بين ارتفاع نسبة دخل الفرد سنوياً، وأهمية الدين في حياته، موضحاً أنه إذا كان دخل الفرد يتراوح بين صفر و2000 دولار سنوياً، فإن أهمية الدين تصل إلى %95، ثم تقل إلى %92 إذا كانت نسبة الدخل بين2000 و5000 دولار سنوياً، ثم تتناقص إلى %82 إذا كان مستوى الدخل بين 5001 و12500 دولار سنويا، لتصل إلى أقل نسبة لها وهي %47 حينما يزيد الدخل السنوي للأفراد على 25 ألف دولار سنوياً. وجاء في التقرير أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي حققت المفارقة في هذه العلاقة، إذ على الرغم من كونها إحدى أغنى دول العالم، إلا أن %65 من شعبها يرون أن الدين مهم في حياتهم اليومية، على عكس الدول الغنية المتقدمة الأخرى.
وذكر الاستطلاع أن الدول الثرية بكل شيء، والتي بها أقل معدلات الاهتمام بالدين في الحياة اليومية هي: أوستينا، والسويد، والدانمرك، واليابان، والصين، والمملكة المتحدة، وفيتنام، وفرنسا، وروسيا، وبيلاروس، إذ سجلت الأخيرة نسبة %34 من شعبها يهتم بالمسائل الدينية في حياته اليومية، فيما سجلت أوستينا %16.
وشمل الاستطلاع أيضاً عدداً من الدول العربية والأفريقية والإسلامية التي تفاوتت نسب أهمية الدين في الحياة اليومية لشعوبها، إلا أنها بقيت نسبا مرتفعة، وكانت المفاجأة (لمن قام بالاستفتاء) أن تأتي مصر، رائدة التنوير في العقود الماضية، على رأس قائمة الدول الأفريقية والعربية من ناحية اهتمام شعبها بالقضايا الدينية، حيث بلغت النسبة %97، تليها السعودية وتركيا والجزائر والكويت، وكانت هذه الدول متقدمة (أو متأخرة!) على البحرين والإمارات وقطر وعمان والمغرب. كما كانت المفاجأة الثالثة تجاوز النسبة في سوريا الـ %80. وقد نُشر التقرير كاملا في جريدة «المصري اليوم»!
ونعتقد أن هناك ملاحظات جادة على الاستبيان، فبالرغم من صغر عدد من شارك فيه، بسبب تعدد الدول المشاركة، إلا أن المعهد ربما اعتمد على مجموعة من الحقائق المعروفة الأخرى في الوصول إلى ما توصل إليه. ففيتنام، البوذية تاريخيا، لا ينتشر فيها الاهتمام بالدين مثل غيرها، إلا أنها أكثر فقرا من دول مجاورة لها مثل تايلند، الشديدة التدين. كما نجد أن تخلف الدول النفطية، بالرغم من غناها، وتعمّق المشاعر الدينية في أميركا بالرغم من ثرائها، ربما يعودان لوجود جهات تستفيد من أوضاعها الدينية وتحقق منها أرباحا مالية من خلال جمعياتها أو مؤسساتها الدينية. وفي السياق نفسه لوحظ أن «مظاهر» التدين في رمضان الماضي في الكويت فاقت أية سنة قبلها بكثير، ولكن صاحبتها «مظاهر» تخلف مساوية لها! ففي الوقت الذي زاد عدد من أحيوا العشر الأواخر من رمضان في مسجد الدولة من 50 ألفا إلى 75 ألفا إلى 90 ألفا، ليبلغ 160 ألف مصلّ في ليلة 27 رمضان، وطالعتنا الصحف في الفترة نفسها تقريبا أن كويتيا ضُبط وفي ملفه أسماء 63 ابنا «مزورا»! وأنه تم الكشف عن تعيين 63 طبيبا بشهادات مزورة! وأن 29 ألف كويتي ممنوعون من السفر، أي 3 من بين كل مائة كويتي! وأن 15 ألف قضية أمام المحاكم، غالبية أطرافها مواطنون! وأن النيابة العامة تطالب المواطنين بـ 60 مليون دينار! فإذا كانت هذه حال الكويت الصغيرة والمرفهة والمدللة، فما هي حال باكستان ومصر ونيجيريا؟

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

يوميات مواطن مرهق:غربة الولد

 

أكثر ما كان يؤثر في قلب المواطن المرهق، هو الوضع الذي يعيشه ابنه الشاب… الذي تخرج منذ سنوات وهو لا يزال يلهث باحثاً عن عمل مناسب يلبي طموحه، ولا يدري هو شخصياً، كم عدد الواسطات التي أدخلها وأراق ماء وجهه وهو ينتقل من مكاتب أصحابها إلى مجالسهم بحثاً عن وظيفة مناسبة لابنه، حتى أنه ضحك في لحظة مع نفسه وهو يقول :»بل بل بل حتى بعض الواسطات… تحتاج واسطات»!.

ولأن الأرزاق بيد الله سبحانه وتعالى، ولأن المواطن المرهق يدرك أنه لا واسطة تفوق (التوفيق) من رب العالمين، أخذ يشد من عزم ابنه ويشجعه على ألا ييئس، فقد تعب عليه وعلمه وصرف عليه الكثير مع ضيق الحال من أجل أن يصبح ابنه (مواطناً) صالحاً يخدم بلده، وهل هناك هدف أسمى وأقدس من خدمة الوطن؟ لذلك، كان عليه أن يستمر في تشجيع ابنه بل وتشجيع غيره من الجامعيين العاطلين، وغيرهم من الشباب، لأن لا ييئسوا مهما كانت الظروف، ويبذلوا أقصى جهد ويواجهوا المصاعب لحين الحصول على العمل الذي يضمن لهم اللقمة الحلال… حتى لو تطلب الأمر التدرج من وظيفة إلى أخرى فلا عيب ولا ضير في ذلك… ولكل مجتهد نصيب، والحكومة لن تقصر أبداً في إيجاد فرص عمل لأبنائها… أليس كذلك؟.

حسناً، الولد العزيز قد حصل على وظيفة بالفعل، وعلى رغم طول ساعات العمل ومشاقه، إلا أنه صبر من أجل أن يكتسب الخبرة ويثبت نفسه، لكن المواطن المرهق تلقى خبراً كالصاعقة بالنسبة له حينما فاتحه ابنه بالقول :»والدي… قررت السفر إلى إحدى الدول الخليجية فقد حصلت على عرض عمل براتب كبير وبامتيازات رائعة تماماً كما يحصل عليها غير البحرينيين الذين يعملون في بلادنا… هناك، سأتقاضى راتباً كبيراً وسيمنحونني سكناً فاخراً وسيارة فارهة، وبعد أن أتزوج وأنجب، ستتولى الشركة التي سأعمل بها تغطية مصاريف العلاج وتعليم العيال… هذه فرصة يا والدي… فرصة لا تعوض، والشيء الوحيد الذي سأفتقده هو أنت يا والدي وكذلك والدتي واخوتي…سأفتقد أيضاً ديرتي التي لا يمكن تعويضها أبداً وأهلها الطيبين… سأتحمل الغربة يا أبي، لكن، لن يتم ذلك إلا بعد موافقتك».

مع المرارة التي شعر بها المواطن المرهق، لكنها دعا إلى ولده بالتوفيق في سفره وحياته العملية، مع أنه كان يحلم منذ سنين بأن يكبر هذا الولد ويخدم بلده ويعيش بين أهله، ولم يتبادر إلى ذهنه يوماً أن ولده سيترك بلاده ليعمل في الغربة… إلا أنه كان يمني النفس بأن الولد سيعود يوماً ليخدم بلاده. وخصوصاً أن البلد في حاجة إلى أبنائها المتعلمين المؤهلين، متمنياً ألا يتعب الناس في تعليم أبنائهم ثم يضطروا للهجرة فبلادهم أولى بهم.