احمد الصراف

نحن والعلمانية والبابا

كتب الزميل أمير طاهري البريطاني والإيراني الأصل مقالاً في «الشرق الأوسط» (9/24) عن العلمانية في رد على اتهامات البابا بنديكت السادس عشر غير المباشرة للعلمانية. وكانت اتهامات البابا موضوع نقاش سياسي في بريطانيا، التي زارها أخيراً، حيث دعا في إحدى خطبه إلى العودة للقيم الدينية، مهاجماً العلمانية باعتبارها المسؤولة عن مشكلات الغرب الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية، وغني عن القول هنا أن الكثير من منتقدي البابا لم يستطيعوا مقاومة تذكيره بأن الفضائح الجنسية داخل الكنيسة الكاثوليكية لقرون، والتي هزت أرجل الكرسي الرسولي من أسسه، لا علاقة للعلمانية بها!
ولاعتقادنا بأن مقال السيد طاهري يعتبر من أدق ما كتب في العلمانية، فقد ارتأينا تلخيصه لكي تعم فائدته أكبر عدد من القراء. يقول طاهري إن البابا بتحميله العلمانية وزر مشكلات المجتمعات الغربية قد ارتكب خمسة أخطاء واضحة. فخطأه الأول أنه سمح لأن يضلل في هجاء كلمة «علمانية» باللغة الإنكليزية، فمقطعها الأخير يشير الى نحو خاطئ إلى أنها أيديولوجية كالاشتراكية والشيوعية وغيرها، علماً أنها ليست كذلك، ولا تعرض وجهة نظر كلية للوجود البشري، ولا تتبنى موقفاً من قضايا سياسية واقتصادية وأخلاقية معينة.
ويكمن الخطأ الثاني في اعتبار العلمانية إلحاداً! علماً أن لا علاقة لها بالإلحاد، فالإلحاد أيديولوجية قائمة على رفض أي تفسير ديني للوجود. بيد أن العلمانية تتبنى موقفاً محايداً إزاء جميع التفسيرات الدينية القديمة والحالية والمستقبلية. وقد يكون لدى الملحدين مقارهم ومؤسساتهم وأنبياؤهم، ولكن العلمانية ليس لها أي تنظيم ولا أنبياء، ولا تروج لأي عقيدة.
والخطأ الثالث هو أن العلمانية تنكر الحاجة إلى قواعد أخلاقية! ونجد هنا أيضاً أن لا أسس تدعم هذا الادعاء، فهناك مئات المؤيدين الكبار للعلمانية في التاريخ، والذين لم يعرف عنهم غير الاستقامة الأخلاقية لدرجة المثالية.
والخطأ الرابع، حسب قوله، يكمن في أن العلمانية تريد أن تبعد الدين عن السياسة. وهذه التهمة، حسب رأي الكاتب طاهري، غير صحيحة أيضاً، فالعلمانيون يعلمون أن لا أحد في إمكانه القضاء على المعتقدات الدينية لأي فرد، أو طمسها. ومعتقدات الفرد الدينية تؤثر عادة في خياراته السياسية وتمليها عليه، وإجبار الناس على اتخاذ خيارات سياسية ضد معتقداتهم الدينية يعد إحدى صور الاستبداد، والعلمانية أبعد ما تكون عن ذلك، لكننا نعتقد من جهة أخرى أن العلمانية تسعى إلى فصل الدين عن الدولة أو الحكم، لكي تحمي الجهتين بحيث لا تطغى جهة على أخرى.
والخطأ الخامس، وقد يكون الأكثر خطورة، الادعاء بأن العلمانية والدين متعارضان. وبمعنى آخر، إذا كنت علمانياً، فإنك لا تستطيع أن تحمل معتقدات دينية. ولكننا نلتقي في حياتنا اليومية بالكثيرين من المؤمنين بالعلمانية من أصحاب المعتقدات الدينية الراسخة.
وفي الختام يطرح الكاتب تساؤلاً جدياً يقول: حسناً، إذا لم تكن العلمانية أياً مما سبق، فما هي إذن؟ ولماذا يجب أن نفكر فيها؟ والإجابة أن العلمانية، على الرغم من المقطع الأخير المضلل بها، ليست أيديولوجية، لكنها وسيلة لتنظيم الفضاء العام. ووفقاً لهذه الوسيلة، وبما أن الفضاء العام يخص الجميع، فلا يمكن تنظيمه على أساس المعتقدات الدينية للبعض، أو حتى للأغلبية، ففي العلمانية هناك مساحة لكل من الدين والعقل. ولا تمنع العلمانية أحداً من رؤية اللامرئي الديني بالطريقة التي يحبها، بل وتقدم فضاء وحماية لجميع طرق رؤية اللامرئي. وغالباً ما يعرف الناس العلمانية على أنها الفصل بين الكنيسة والدولة، أما وقد جرى تحجيم جميع الكنائس في الغرب العلماني والمتقدم، فإن هذا التعريف قد لا يكون كافياً.
والتعريف الأفضل هو الملكية المشتركة للفضاء العام، ويعني ذلك اتخاذ قرارات سياسية وفقاً للضرورات السياسية لا الدينية، وبما يخدم مصالح الأغلبية، مع المحافظة على حقوق الأقليات. فزيارة البابا، وهي الأولى منذ 800 عام، لقلعة البروتستانتية في العالم، ما كانت لتتم لولا علمانية بريطانيا، وهي نفسها التي قتلت الكثير من الكاثوليك، وحرقت بيوتهم، ولم تكن تسمح لهم، حتى وقت قريب، ببناء الكنائس الكاثوليكية فيها، أو حتى ترميم القديم منها، كما أن العلمانية التي ينتقدها البابا بنديكت غيرت كل ذلك، وهي التي مكنته من انتقادها علناً، وغيرها من سمات الحياة البريطانية بحرية كاملة، في الوقت نفسه الذي يدعو فيه البابا إلى تقييد بعض الحريات التي يتمتع بها الآخرون باسم العقيدة الدينية! كما أن البابا يستمتع بصورة كاملة بحرية الاعتقاد والممارسة والنشر، وذلك تحت ظل وبفضل العلمانية.
فهل العلمانية بعد كل هذا بمثل هذا السوء الذي يعتقده بعض السذج؟

أحمد الصراف

احمد الصراف

كبوة الحجي القاتلة

«إن التعصب الديني والقومي والوطني والعرقي الأيديولوجي كلها ظواهر ضد التقدم وضد الإنسانية»!! طارق حجي.
يقال إن لكل جواد كبوة، ولكن كبوة بعض الجياد تكون خطرة إلى درجة تتطلب اطلاق رصاصة الرحمة عليها، وطارق حجي، صديقنا حتى ما قبل أيام، سقط سقطة قاتلة من خلال ما صدر عنه من اهانات اقل ما توصف بأنها افتقدت الذوق والأدب، مع نرجسية وعنصرية مفرطة ومقرفة جدا وغير متوقعة ممن يدعي الاستاذية والفهم، في حق من يكبرونه سنا ودرجة علمية ومقاما وثقافة!
بدأت القصة في أغسطس الماضي عندما نشر حجي مقالا عن الإسلام والمسلمين في «الحوار المتمدن»، ولم يعجب موضوعه البعض، إضافة لما خلقه من صدمة لتعارضه مع سابق مواقف الرجل وآرائه، وقام هؤلاء بنقد المقال وموقف كاتبه المستجد، ومنهم السيدة وفاء سلطان. انتهت بعدها الزوبعة كما بدأت ونسيتها، إلى أن أرسلت في 10/5 رسالة الى حجي والى 370 صديقا آخر على قائمة بريدي الإلكتروني أعلمهم فيها بموعد بث برنامج وفاء سلطان الجديد. ولم أكن حقيقة أعلم أنني وضعت اصبعي على جرح غائر لم يلتئم بعد، فرد بما يعني أسفه لأن يرى «مثقفا كبيرا» (!!) مثلي يروج لبرنامج وفاء سلطان التي لا تستحق الاحترام، اضافة الى كلام قاس وغير لائق بأي مستوى. كما رفض وصفها بالمبدعة أو حتى كاتبة، وأنه يعجب من أن مثقفا كبيرا (أنا أيضا!!) يعجب بامرأة نصف متعلمة (علما بأن وفاء سلطان طبيبة ومتخصصة في علم النفس)، وأنها «تافهة» وأجيرة وسطحية وبلا أي عمق فكري أو معرفي! وقد ساءني كثيرا ما صدر عنه من ألفاظ تأباها اقل العقول احتراما لنفسها، بالرغم من كل ما أسبغه علي من ألقاب التعظيم والتفخيم، فرددت عليه بأربع كلمات هي: شكرا لتحيتك ورقي لغتك! فرد علي بغضب شديد وبلهجة أكثر من قاسية، وايضا تفتقد أدنى درجات الاحترام للأخوة والصداقة التي كانت تجمعنا، حتى قبل تلك الرسالة، ووصفني بالخليجي الذي لا ينتظر من هو في «استاذيته» شهادة منه.
وبعد هذه الإهانة الشخصية لي ولمجتمعي ووطني، قمت بتوزيع رسالته لقائمة بريدي نفسها لكي أبين للجميع المستوى الخلقي لهذا الشخص. رد الفعل كان غريبا فقد فوجئت أن هناك ستة أصدقاء على الأقل، بعضهم يفوقونه علما وأدبا ومكانة، سبق أن تعرضوا للبذاءة نفسها منه في مناسبات عدة. كما قرر البعض ممن «كانوا» يحترمون الرجل، من منطلق شكهم في فحوى رسائله، الكتابة للاستفسار منه. وهنا نالت حمم ألفاظه وشتائمه جميعهم، ومواطني الخليج بالذات، ولم يترك لأحد عرضا ولا شرفا إلا وداس عليه، ولم ينس في الوقت نفسه أن يرفع نفسه حسبا ونسبا وعلما وعملا، وأن الآخرين «الخليجيين» الجهلة والأعراب من بدو الصحراء لا يستحقون حتى شرف ارسال الرسائل له! وللعلم كان بين هؤلاء الاستاذ الجامعي الذي يزيده عمرا وعلما، وأكاديمية في جامعة الكويت، واستاذة كبيرة ومهندس معروف وطيار شهير ورئيس شركة كبرى وغيرهم من الشباب المثقف، ونصوص هذه الرسائل متوافرة لمن يود الاطلاع على لغة الشارع والبلطجة التي تضمنتها، والتي لا نود ايذاء مشاعر القراء بها!
والغريب انه بعد ارسال سيل رسائله القبيحة تلك في 7 أكتوبر، رفض بعدها الرد على أي مكالمة أو رسالة الكترونية، لم يتمكن اي من اصدقائه أو معارفه داخل الكويت وخارجها من الاتصال به، ولم يرد على ما أرسلته اليه على عنوان بريده القديم، الذي ادعى أحدهم أنه مخترق، أو حتى على عنوانيه الجديدين!

***
• ملاحظة: بينت اتصالاتنا ومراجعاتنا مع جامعة اكسفورد عدم وجود صلة لطارق حجي بها كطالب أو استاذ! كما لا يوجد في تلك الجامعة قسم للدكتوراه، كما ذكر! وإن أثبت العكس فنحن مدينون له باعتذار علني.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

يوميات مواطن مرهق: توتر عام

 

كان المواطن المرهق يعتقد، وربما كان مخطئاً، أن كل المشاكل التي تعاني منها البلد ليست مستعصية على الحل، ولكنه اليوم يجد نفسه ضمن قافلة طويلة من المواطنين الذين وصلوا الى مرحلة اليأس وفقدان الأمل في أن ترى الكثير من القضايا والملفات العالقة (نور الحل) بسبب الانتقال من توتر الى توتر آخر، ومن مرحلة صعبة الى مرحلة أصعب، لكنه يصر على أن في يد الدولة مفتاح الحل لكل المشاكل، ويجزم أيضاً، أن التواصل بين علماء الدين والوجهاء وقادة الرأي مع الدولة وكبار مسئوليها، سيأتي بثمار يانعة، على شرط أن يثق كلا الطرفين في الآخر.

المواطن المرهق حاله حال الكثير من المواطنين، يتمنون أن تنتهي كل المشاكل والمنغصات، ويعيش الناس في طمأنينة وتفاهم، وتتطور الممارسة الديمقراطية من الشعارات الى التطبيق الحقيقي، ويتحقق التواصل المأمول بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات المؤثرة بدلاً من التخاطب عبر البيانات والصحف والإجراءات المفاجئة حيناً، والمباغتة حيناً آخر، ذلك أن هذا الجو المتوتر لا ينبئ أبداً عن مسار في طريق معالجة المشاكل من خلال الحوار.

أكثر ما كان يثير قلق المواطن المرهق أن البلد اليوم تعيش توتراً تلو الآخر، ويشعر أيضاً بأن هذه التتابعات المضنية لن تحقق ما يصبو اليه الناس ولا الدولة… حتى على مستوى الحملات الانتخابية، كان يراقب المشاهد المقلقة من مصادمات وملاسنات شديدة تارة، ومن اتهامات وتسقيطات تارة أخرى، ومن إجراءات كان يتوجب أن تخضع للتدقيق والتمحيص وقراءة ما بعد الخطوة، فالكل مسئول، والدولة على رأس المسئولية، في تجنيب البلاد والعباد أي شكل من أشكال التوتر والقلق والشحن، لأن الخسارة ستكون فادحة دون شك، ولا يمكن التعويل على تواصل بين أجهزة الدولة وبين العلماء وقادة الرأي وحملة الدور المؤثر في المجتمع من خلال البيانات والتصريحات الصحافية، ولعل المواطن المرهق محق حين يتساءل: «ما الذي يمنع من الجلوس على طاولة حوار للتباحث حول أوضاع البلد بكل إخلاص ومسئولية؟ ولماذا تتسع الهوة والتباعد يوماً بعد يوم؟».

من الصعب جداً التنبؤ بموعد الوصول إلى بر الأمان، فالبلد اليوم تمر بمرحلة عصيبة للغاية، ولا أحد يرغب أبداً في استمرار حالة التوتر والقلق، فالبلد بيت الجميع، والمخلصون من أبناء البلد وعلى رأسهم العلماء من الطائفتين الكريمتين، لديهم كامل الاستعداد للتحاور مع المسئولين ووضع النقاط على الحروف والعمل المشترك لما فيه المصلحة العليا للوطن وللمواطنين، لكن ما الذي يمنع، ولماذا كلما شعر المواطن المرهق بأن هناك إشراقة أمل، يعود هو وغيره من المواطنين ليعيشوا حالة من التشاؤم وخيبة الأمل؟ والسؤال الأهم: «متى ستوضع المشاكل على بساط البحث والتحاور؟».

احمد الصراف

ميلري المبشر والداعية البنا

وقعت الكويت في عام 1941 تعهدا لبريطانيا مدته سنة تؤكد فيه عزمها على حفظ السلام في الخليج الفارسي (العربي) ومكافحة تجارة الرقيق، وهو التعهد الذي سبق ان اشرنا إليه في مقال سابق. وفي 1859 تولى الحاكم الرابع، صباح بن جابر، الحكم. وعلى الرغم من قصر فترة حكمه فان التجارة اتسعت في عهده وكثرت الاموال. وبعد وفاته تولى ابنه الشيخ عبدالله الحكم عام 1866، وفي عهده سكت النقود المعدنية في الكويت لاول مرة، ولكن البلاد تعرضت والمناطق المجاورة لها في عام 1867 الى مجاعة رهيبة ادت الى نزوح اعداد كبيرة لمدينة الكويت بحثا عن الماء والطعام، وكان الناس يأكلون اي شيء ويشربون دم الحيوانات النافقة، وانتشرت الامراض والاوبئة وسميت السنة بالهيلق، ولقي الكثيرون حتفهم، واستمرت المجاعة ثلاث سنوات عجاف.
خلال الفترة نفسها، ولد باتريك ميسون في ابردين، اسكتلندا، ودرس الطب في جامعتها وتخرج عام 1866 وسافر الى فرموزا (تايوان) للعمل طبيبا في الجمارك الصينية، وبدأ بأول ابحاثه في دراسة طب المناطق الاستوائية، وبقي يعمل في الصين حتى عام 1889، وركز جهوده على دراسة دورة حياة دودة الــ Filaria التي تتسبب في الاصابة بمرض «الفيل» او تضخم القدمين. وبعد سهر وصبر ومراقبة مستمرة لسنوات اكتشف ان الدودة تظهر في الليل وتختفي في النهار، وان البعوضة، التي كان يجري تجاربه عليها من خلال مرض احد العاملين لديه الذي كان مصابا بالفيلاريا، حيث كان يقوم بنقل البعوضة للمريض ويجعلها تمتص دمه، ومن ثم يقوم بتشريحها واستخراج الدم منها وفحصه، وتبين له ان الدم المستخرج اصبح في حالة نشاط جديدة، وان الدودة دورها ثانوي في نقل المرض وانتشاره، وان الخطر يكمن في دور البعوضة، ومن هنا نشأت نظريته في الربط بين الاصابة بمرض الملاريا والبعوضة وبكونها العامل الذي يساهم في انتشاره ونقله، وكان هذا من اعظم الاكتشافات الطبية في حينه، فالملاريا كانت تفتك سنويا بالملايين، ولا يزال الآلاف يموتون بسببه.
وتحت اشراف السير بارتيك المباشر بدأ الدكتور السير رونالد روس Sir_Ronald_Ross بالبحث المضني ليثبت في عام 1898، وبعد ابحاث مضنية، صحة نظرية السير باتريك، وقد اهله ذلك للفوز بجائزة نوبل في الطب عام 1902.
في 1914بدأت مجموعة من الاطباء المبشرين الاميركيين بالعمل في بناء اول مستشفى في الكويت تابع للارسالية الاميركية. واثناءها كان الاطباء ميلري وبينت وهاريسون يزاولون عملهم في بيت احد الاهالي، بانتظار انتهاء بناء المستشفى الذي استغرق 5 سنوات، وبقي الوحيد في المنطقة حتى عام 1949عندما افتتحت الحكومة المستشفى الاميري. وكان للمستشفى الاميركي دور كبير في معالجة الامراض المزمنة والمستوطنة، وقدم الكثير من الخدمات الطبية للاهالي في فترة انتشار الاوبئة، وكانت المنطقة في امس الحاجة للخدمات الطبية لاولئك الرواد الاوائل(*).
وفي عام 1970 تناست الكويت كل اطباء العالم الافذاذ، ونكرت دورهم ودور كل من قدم للكويت خدمات جليلة، سواء عن طريق مستشفى الارسالية الاميركية او من عمل في الكويت من اطباء عرب وغيرهم لسنوات طويلة، واختارت حسن البنا، مؤسس «حركة الاخوان المسلمين»، المصري الجنسية، الذي لا فضل له على الكويت او غيرها، لتطلق اسمه على احد شوارع الرميثية الرئيسية.
ولا ننسى ان الحكومة تجاهلت، حتى الآن، اطلاق اسم الكاتب والاستاذ الاكاديمي الكبير الراحل احمد البغدادي، الذي تعلم الآلاف على يديه، على اي صرح او طريق، ولو كان من المنتمين لاي من التيارات الخربة لكان حال تكريمه غير ذلك.

***
(*) من كتاب «من نافذة الامريكاني»، للباحثة والمؤلفة والمترجمة زبيدة اشكناني، منشورات قرطاس.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

عفواً.. أختي إقبال

قرأت مقالتك الموجهة لي عبر صفحات القبس فسعدت برقي الاسلوب النقدي الذي اتبعته.. وقد افتقدت هذا الاسلوب من خصومي وزملائي منذ فترة، فشكرا كبيراً لك واعذريني على التعليق على بعض ما جاء في هذه المقالة التي اتضح لي منها انك لم تكوني متابعة جيدة لاداء النائب مبارك الدويلة في الثمانينات والتسعينات.
تقولين انني لم أُناد. في تلك الفترة بحرية الكلمة بأي مناسبة!! وفي هذا ظلم للواقع والتاريخ، فقد كنت اصغر الاعضاء سنّاً في اول مجلس لي عام 1985 ولم يمض. شهران على عضويتي حتى تقدمت باستجواب الى وزير العدل آنذاك مع عدد من الزملاء، وهو الاستجواب الذي شهد له القاصي والداني وارسى مفاهيم في الحرية والديموقراطية الى يومنا هذا، ناهيك عن عشرات الاقتراحات والخطب التي تطالب بحرية الكلمة ودعم قوانينها.
تقولين انني لم أُحرك ساكنا في قضية «البدون» منذ عام 1992!! وهذا دليل ع‍لى جهلك التام بأدائي في ذلك الوقت، فيكفيني فخراً انني الوحيد واول من تقدم في ذلك المجلس باقتراحات لحل مشكلة «البدون»، واقتراحي ذاك ما زال محفوظا في المضبطة، وأؤكد لك ان حل هذه المشكلة لن يخرج عن توجهات ذاك الاقتراح الذي قسمت فيه البدون الى ثلاث شرائح.
تقولين انني لم أُساهم في حل ازمة السكن!! وفاتك انني كنت عضوا في اللجنة الاسكانية لمدة ثماني سنوات، وانا صاحب اقتراح مطالبة شركة نفط الكويت بالتنازل عن بعض اراضيها ذات الامتياز النفطي، وانا من تمكن من الحصول على موافقة تلك الشركة بالتنازل عن مساحة 90 كلم² في كبد للاسكان، لكن مع الاسف سلمت للزراعة ووزعت حظائر للخيل، وانا اول من طالب باستعمال الحفر الجانبي لابار النفط في حال اكتشاف اي منها في المناطق السكنية، وانا مع من تقدم بالمطالبة بأن لا تقل قسيمة البيت الحكومي عن 400م²، وانا وانا وانا….
اختي الفاضلة اقبال الاحمد.. انا اعرف انني ضيف ثقيل عليك في القبس، وقد صرحت. انت. بذلك في اول مقال ترحيبي بي، وبيّنت. حسرتك على فقدان الصحافة المحلية لاحد رموز القلم العلمانيين الذي اسميت.ه «القلم التنويري»، بينما يحل عليكم بدلا منه مبارك الدويلة، ولم ارد عليك في حينها لأنها مشاعر نحترمها ولا نحجر عليها، وكنت أتمنى اعتباري زميلاً يثري صفحاتك وينوّع فيها الطرح لفائدة القارئ.

***
لفتة كريمة
قال رسول الله (ص): «يحشر المرء مع من أحب».

مبارك فهد الدويلة

حسن العيسى

الطريق إلى اليمن

تتراجع الكويت يوماً بعد يوم إلى زمن الثارات القبلية والنزعات الطائفية والاستقطابات المناطقية، ولم يكن الاعتداء على مقر تلفزيون سكوب من قبل مجموعة من الغاضبين من أسرة مالك الصباح على برنامج غمز ولمز فيهم سوى مظهر بسيط وشاهد على تردي الدولة، وانتقالها من حكم القانون إلى حكم الثارات وممارسة الأفراد أن ينتصفوا لأنفسهم بأنفسهم بمعزل عن مؤسسات دولة القانون. هنا ننتقل من حالة الاطمئنان والأمن تحت مظلة الحياد القانوني إلى جحيم الفوضوية، ونرتهن في النهاية إلى ظلام الفتوة وفرد العضلات.

كان الاعتداء على قناة سكوب مجرد مشهد بسيط من مشاهد كثيرة سبقته، من التعدي على مخافر الشرطة ورجال الأمن إلى التعدي على الأطباء أو أي مؤسسة خاصة أو عامة، لم يرق للمعتدين موقف تلك المؤسسات، ولم يكلف الفاعلون أنفسهم اللجوء إلى مؤسسة القضاء كي ينتصفوا لحقوقهم.

أمامنا وليس بعيداً عنا المشهد اليمني والمشهد الصومالي قبله، وأمامنا كذلك صورة جماعة حزب الله في لبنان حين دخلت مطار بيروت عنوة وفرشت البساط الأحمر لجميل السيد رغم أنف "الدولة" اللبنانية المتلاشية، ولن ننتظر طويلاً حتى نصل إلى المرحلة اليمنية أو اللبنانية ما لم تبادر السلطة الحاكمة إلى إبراز هويتها كقوة حياد تحتكر العنف بعقلانية حكم القانون والعدل في أعماله، ولا نريد أن نضع أنفسنا بين خيار الارتهان لإرهاب الأفراد أو خيار إرهاب السلطة، فكلا الأمرين شر ليس أي منهما أهون من الآخر، وهذا لن يكون بغير تطبيق حكم القانون بحزم وشفافية.

إعمال القانون هنا يجب أن يتم بنزاهة بإزاحة الانتقائية في التطبيق، وإعمال النص القانوني من أبسط المخالفات المرورية حتى أكبر جرائم الفساد.

دائماً نتذكر في خيالنا صورة تمثال العدالة كامرأة معصبة العينين تحمل ميزاناً بيد وسيفاً باليد الأخرى، توازن الأمور بميزان العدل وتحسمها بسيف الحق، فأين هي هذه المرأة في الكويت اليوم؟ وهل فقدت ميزانها وأضحى سيفها مثلوماً؟

إعادة الاعتبار إلى دولة القانون مسألة مستحقة اليوم ولا تحتمل أي تراخ، ولا تقبل المجاملات ولا التوسطات في دولة أدمنت على حكم الواسطة والمحسوبية وفتحت الأبواب على مصاريعها لأهل النفوذ كي يكون لهم قانونهم المجهول وللضعفاء القانون المعروف… فهل ننتهي اليوم من هذا الكرب أم سنقفز إلى أرض اليمن التعيس…؟

احمد الصراف

العلمانية والعقل والحل

يقول فكتور هوغو THOSE who make you believe in absurdities can make you commit atrocities
أولئك الذين بإمكانهم دفعك للاعتقاد بسخائف الأمور بإمكانهم أيضاً دفعك لارتكاب الفظائع.
* * *
كان رجل يسير على جسر عال عندما شاهد شخصاً يتسلق حاجز الجسر بقصد الانتحار، فصاح به أن يتوقف عن فعلته. وعندما أصبح بقربه سأله، لماذا يود قتل نفسه، فنظر إليه هذا بحزن وسأله عما يدفعه للإنصات إليه بعد أن فقد الأمل في كل شيء. فسأله الرجل إن كان مؤمناً أم ملحداً فرد هذا قائلاً: إنه مؤمن، فسأله إن كان مسيحياً، أم بوذياً أم يهودياً، فرد الآخر بأنه مسيحي. فرد صاحبنا بفرح ظاهر، قائلاً: وأنا كذلك. ثم سأله إن كان بروتستانتياً أم كاثوليكياً، فقال إنه بروتستانتي، فصاح هذا بحبور أكبر، وأنا كذلك. واقترب منه خطوة أخرى، وسأله إن كان بروتستانتياً معمدانياً أم بروتستانتياً من الكنيسة الابسكولونية، فرد بأنه من المعمدانية، فصاح صاحبنا ببهجة، وقال وأنا كذلك. ثم سأله إن كان من الكنيسة المعمدانية التابعة للرب أم من الكنيسة المعمدانية الإلهية فقال إنه من المعمدانية التابعة للرب، فصاح والدموع تترقرق في عينيه وهو يقول: وأنا كذلك. وسأله بصوت تخنقه العبرات إن كان من المعمدانية الإصلاحية الأصلية أم المعمدانية الإصلاحية المعدلة، فقال إنه من المعدلة، فنظر له الرجل باستغراب عجيب لهذه الصدفة واقترب منه كثيراً حتى أصبح بمحاذاة قدمه، وقال: وأنا كذلك. وسأله إن كان ينتمي للكنيسة المعدلة في عام 1789 أو المعدلة في عام 1915، فرد قائلاً إنه ينتمي للمعدلة سنة 1915، فقام الرجل بدفعه إلى النهر ليلقى حتفه، وهو يقول: اذهب إلى الجحيم أيها الكافر!
تبين هذه النكتة التي توزع على الإنترنت أن البعض، وربما الأغلبية، على استعداد لأخذ أكثر المواقف تطرفاً لأسباب أكثر من واهية، فالبحث عن أوجه الخلاف الديني أو العقائدي مع الآخرين وبناء المواقف عليها عملية ليست صعبة، ولو بحثنا في أسباب الأزمة الطائفية التي مرت بها الكويت أخيراً لوجدنا أن كل من شارك فيها برأي أو موقف من هذا الطرف لا بد أنه بنى رأيه أو موقفه على معطيات تاريخية راسخة في ذهنه. والحال نفسه ينطبق على الطرف الآخر الذي فعل الشيء ذاته من منطلقات أو تأويلات وتفسيرات محددة موجودة في ذهنه كما في ذهن غيره، فمن على حق هنا؟
وفي جميع الأحوال نرى أن فرص الاتفاق بين الطرفين أكثر من فرص الاختلاف، ولكن العاطفة الجاهلة، والأطراف المستفيدة من وجود الخلاف وما أكثرها، تدفع دائماً بنقاط الاختلاف إلى السطح، بحيث لا يمكن قبول أو رؤية غيرها، وهنا يغيب العقل وتسيطر العاطفة «الجاهلة» على النفوس والتصرفات، ويظهر الحمق في أروع أشكاله!
وبالتالي لا يصبح أمام المجتمعات المماثلة لنا غير اتباع العلمانية سبيلاً، وهي التي حاول بعض المعممين ومن مسدلي الغتر على رؤوسهم تصويرها بكونها معادية للدين، والعكس أكثر صحة، فليس هناك من حماية للأديان والمعتقدات من تسلط الدولة والجهلة كالعلمانية، فهنري الثامن، ملك إنكلترا، هجر الكاثوليكية، عندما رفض الكرسي البابوي طلبه بالموافقة على تطليق زوجته، وأجبر شعبه على اتباع البروتستانتية التي عين نفسه، وذريته من بعده على رأس كنيستها، نقول ذلك بصرف النظر عن أي المذهبين، أو الدينين، أقرب للصحة. والأمثلة على تسلط الدولة على الدين والدين على الدولة أكثر من أن تحصى وتعد، وبالتالي فالعلمانية، التي يرهبها رجال الدين لأنها تكشف تسلطهم وتحكمهم في رجال السياسة، هي التي كانت السبب في تقدم جميع المجتمعات الغربية إنسانياً وعلمياً وسياسياً وثقافياً، وبغير اتباعها لا يمكن للنفوس أن تهدأ، ولا أن يطمئن أي طرف لسلامته إن بقي على معتقده أو يهدأ باله من الاعتداء عليه وتكفيره فقط، لأنه فسر بعض الأمور «الخلافية»، وهي خلافية أصلاً، بطريقة مختلفة!

أحمد الصراف
[email protected]

علي محمود خاجه

هذا لعبهم


في اعتقادي أن بوصلة الرياضة التائهة في زمن اللاقانون تكاد فصول حكايتها تنتهي قريبا، وفي غير الصورة التي تتمناها «مجموعة الأبناء»، فبعد أن استنفدت المجموعة جميع الحيل المعيقة لقانون الرياضة، وبعد أن حاول بعض الجهابذة التابعين لها أن يسخفوا قضية القانون ويصوروها قضية «طمباخية»، اتجهت نحو كل أمر يخص طبقة التجّار. أنا سعيد جدا بما يحدث بشأن الغرفة وما تبعه من أحداث عطفا على التصعيد حول اللجنة الشعبية لجمع التبرعات الموجودة منذ نصف قرن، فهو أمر مفرح بلا شك أن يصل الأمر بالمتضرر أو تحديدا «مجموعة الأبناء» المتضررين وأتباعهم ممن يقتاتون على وجودهم، إلى مرحلة متأخرة جدا من تردي الحال كالتي يعيشونها اليوم، ليس بغضا بهم بل بما يمارسونه من أعمال. وفي اعتقادي أن بوصلة الرياضة التائهة في زمن اللاقانون تكاد فصول حكايتها تنتهي قريبا، وفي غير الصورة التي تتمناها «مجموعة الأبناء»، فبعد أن استنفدت المجموعة جميع الحيل المعيقة لقانون الرياضة، وبعد أن حاول بعض الجهابذة التابعين لها أن يسخفوا قضية القانون ويصوروها قضية «طمباخية»، ولم يفلحوا في ذلك أيضا، اتجهت «مجموعة الأبناء» من خلال أدواتهم وتوابعهم نحو كل أمر يخص طبقة التجّار، معوّلين على أن من يتحرك داخل المجلس نحو تطبيق القوانين الرياضية هم من ذوي الخلفية الاقتصادية، وأن أي خطوة سلبية باتجاه طبقة التجار ستؤدي إلى خوف النواب المتمسكين بسيادة القانون من المضي قدما في «قانون الرياضة»، وقد أكدنا مرارا أننا لن نتراجع عن «الدولة» و»القانون» حتى إن وصل الأمر إلى إشهار مجموعة الغانم ومجموعة الملا إفلاسهما. لقد وصل الأبناء المتضررون إلى مرحلة من «التخبيص» السياسي أدت بهم إلى كشف جميع أوراقهم قبل أن يصل رئيس الوزراء إلى المنصة، فها هم يستعينون بمحترفيهم أو اللاعبين غير التقليديين ممن اعتدنا على رؤيتهم في الأيام السابقة، وها هو أحد لاعبي مجموعة الأبناء الجدد يرفع ورقة غرفة التجارة بعد 11 عاما من وجوده في المجلس، فيقلد مفتاحه الانتخابي منصبا بدرجة وكيل وزارة!! والآخر (يا حسافة على الآخر) يقرها (الورقة) في ساعة واحدة كأسرع قانون يخرج من لجنة في تاريخ المجلس، وها هو إعلام «مجموعة الأبناء» يبث سمومه (أشكره) فيدعي أن الغرفة والتجار يحاربون الشيعة وأبناء القبائل في تأجيج مقيت للفتنة، وأمام ناظري الحكومة كالعادة. فسبب سعادتي أن يحدث كل هذا التخبط ونحن لم نقدم الاستجواب لتطبيق قانون الرياضة بعد!! فنصل السكين وصل إلى عظام المخربين، وباتوا يجهلون ما يصنعون، بل إنهم أسدوا لنا خدمة جليلة في كشف لاعبيهم الجدد، كي لا نعوّل على هؤلاء اللاعبين في المستقبل القريب، فشكرا لكم ولأتباعكم على ما قدمتموه لنا، ونبشركم بأننا ماضون قدما نحو «الدولة» و»القانون» كما عهدتمونا. خارج نطاق التغطية: لا يوجد أبلغ من كلمة انتحار جماعي كتعبير عن قرار المشاركة في خليجي 20 باليمن في نوفمبر المقبل، فاليمن غير مستقر بل إن أعماله الإرهابية الأخيرة في نفس المنطقة التي تقام بها البطولة مؤشر خطر وإنذار شديد لنا بأن نقوم بكل ما يمكن من أجل وقاية شباب الكويت من خطر يتربص بهم إن شاركوا، وأعتقد أن أرواحهم وسلامتهم لا تعادلهما أي بطولة أو مشاركة، فليصدر قرار من العقلاء في البلد برفض المشاركة وعدم إلقاء إخواننا في التهلكة.

سامي النصف

البر الأصفر والبحر الأبيض

توصي دراسات الامم المتحدة بأن تنتج الدول 85% من حاجياتها الغذائية كي لا تؤثر فيها تقلبات الاسواق وتداعيات الحروب ومنع الدول الاخرى لتصدير منتجاتها الزراعية (كمنع روسيا هذه الايام لتصدير القمح)، وما يقال عن تعمد بعض الدول رمي فائض منتجاتها الزراعية في البحر كي لا ينخفض سعرها في الاسواق.

وما حدث قبل ايام أثبت وجود إشكال حقيقي فيما يخص الامن الغذائي من خضار ولحوم واسماك ودواجن وألبان، وقد تحدثنا بهذا الخصوص مع بعض المزارعين، وكانت ملاحظاتهم ان الدولة لا تكتفي بعدم مراقبة من حصلوا على اراضي المزارع والجواخير في بلد متشدد في منح الاراضي العامة ـ للمصانع والمخازن وانشاء محطات الكهرباء والاسواق.. الخ ـ للتأكد من انهم يقومون بما منحوا الارض لاجله، اي توفير الامن الغذائي، بل تدفع الاجراءات المتبعة المزارع المنتج الى التحول للزراعة الترفيهية وتحويل مزرعته الى شاليه وحمام سباحة للاهل والاصدقاء بعيدا عن الزراعة ومشاكلها.

ومما قالوه انه يفرض عليهم طرح منتجاتهم في سوق واحدة يحركها الآسيويون ممن ينصرفون احيانا عن الشراء حتى يصبح صندوق الطماط أو الخيار بعشر فلوس امام سمع وبصر الحكومة، ويتساءلون كيف يستمر المزارع في عمله المنتج اذا كان هذا ما سينتهي إليه منتجه؟ ويقوم هؤلاء الوسطاء الآسيويون بتخزين المنتج في الثلاجات ثم رفع سعره الى عدة دنانير للجمعيات وللمستهلك، هذا اضافة الى سياسة الاغراق التي تتبعها بعض الدول لضرب المنتج الكويتي واخراجه من السوق، ويتساءل المزارعون: لماذا لا يسمح لهم بالبيع المباشر للجمعيات والاسواق كوسيلة لمنع الاحتكار وتشجيع المنافسة؟!

ويضيفون: لماذا لا يتم شراء المنتج من باب المزرعة لخفض الكلفة وللتفريق بين المزارع المنتجة والمزارع الزائفة التي تشتري منتجات مستوردة وتفرغها في كراتين محلية طمعا في حصد الدعم؟ ولماذا يتأخر تعويض المزارعين عند حدوث الصقيع لعام او عامين مما يشكل ضررا فادحا بهم ودفعهم للزراعة الترفيهية؟ ويفرض الامن الغذائي على الدولة انشاء مزارع خاصة بالتصدير للكويت في الدول الاخرى التي يسمح مناخها بمحاصيل لا تتوافر في بلدنا كالارز والقمح وغيرهما!

التشدد على المزارع يجب ان يمتد للجواخير التي يفترض ان تزودنا باللحوم المحلية توازيا مع دعم وتشجيع شركة المواشي الكويتية التي تعاني من حرب لا هوادة فيها رغم انها الشركة الرائدة في الخليج والتي يراد الإضرار بها كحال الإضرار بمؤسسات الدولة الاخرى التي دمرت بالكامل او شارفت على الدمار.

وهناك ضرورة ماسة للحفاظ على الثروة البحرية عبر منع الصيد الجائر للاسماك وتشديد العقوبات على مدمري الشعاب المرجانية والمحار والشرايب (سرطعون البحر)، حيث ان الحياة البحرية هي دورة كاملة واي قضاء على جزء منها هو قضاء عليها، كما يجب اعادة الحياة الى الصحراء الكويتية التي اصبحت فريدة من نوعها من حيث الاصفرار التام فلا زرع صحراويا ولا طيور ولا مخلوقات برية مثل الضب والجربوع والثعلب والذئب والطيور المختلفة والزهور البرية والفقع كحال الدول المجاورة، اننا بحاجة لمنع صيد البحر والتخييم في الصحراء الكويتية لعدة سنوات حتى يرجع للبر والبحر رونقهما الذي قتلناه، لا لحاجة ضرورية بل للعب واللهو.

آخر محطة:

الحل الامثل للقطاعين الانتاجي والترفيهي في الكويت هو خلق شركات زراعية منتجة كبرى تعطى لها الاراضي الشاسعة في الوفرة والعبدلي كي توفر المنتجات الزراعية واللحوم والالبان للاستهلاك المحلي والتصدير كالحال في السعودية، اما على الجانب الترفيهي فيجب إنشاء القرى السياحية على الشواطئ وبالقرب من المزارع كالحال في مصر، حيث تنعدم او تقل الملكيات الفردية التي تبقي الاراضي الشاسعة مغلقة اغلب العام امام العامة ودون حتى استخدام من قبل مدعي ملكيتها.

احمد الصراف

فرد أذكى من حكومة

بمبادرة من بل غيتس ووارن بافيت، اللذين يتصدران قائمة الأغنى في اميركا، وبدعوة من ديفيد روكفلر، اجتمع 40 مليارديرا اميركيا وتعهدوا بالتبرع بنصف ثرواتهم للأعمال الخيرية، وخاصة في ميادين محاربة الفقر والجوع والمرض في الدول الأكثر حاجة في العالم، بعد ان تبين لهم أن تبرعات العقود الماضية لم يكن يخصص منها سوى الفتات لأصحاب الحاجة، لأنها كانت تصرف على انشاء الجامعات والمعاهد والاكتشافات الطبية والعلمية والجغرافية وغيرها.
ويقول الملياردير بافيت انه اقتنع بوجهة نظر سيدة قالت له ان على كل ثري الجلوس مع نفسه ووضع ورقة وقلم وحساب ما يحتاجه الآن من مال، وما يجب أن يتركه لأبنائه من بعده، وخصم المبلغ من اجمالي ثروته والتصرف به بالطريقة الأكثر فائدة للبشرية. واضاف ان من الطبيعي أن يشعر أي انسان بالسعادة عند تحقيق ثروة ما، ولكنه الآن يشعر بسعادة اكبر وهو يصرف هذا المال في سبيل الأغراض النبيلة. ويقول انه سافر الى الهند واجتمع بأكبر أثريائها في محاولة لحثهم على التبرع بسخاء أكبر لمحاربة الفقر والانضمام لمشروعهم الخيري الذي يهدف لجمع 600 مليار دولار للصرف على محاربة الفقر والجهل والمرض، وأن صديقه الملياردير الآخر غيتس سافر الى لندن، واجتمع هناك بأثرياء بريطانيا للهدف نفسه، كما ينويان، وربما تحقق ذلك عند نشر هذا المقال، الذهاب معا الى الصين للاجتماع بمليونيراتها لاقناعهم بالغرض ذاته. ويضيف بافيت انه أجرى شخصيا 70 مكالمة هاتفية مع كبار أثرياء اميركا طالبا منهم الوقوف معه، وأن كثيرين منهم غيروا وصاياهم لمصلحة المشروع الخيري العالمي. ويقول بافيت انه لو تبرع كل ملياردير بـ %50 من ثروته للأعمال الخيرية لتجمعت لدينا المليارات، ولكن لو تبرع كل مليونير في العالم بـ %50 من ثرواته لتجمعت لدينا للغرض نفسه تريليونات الدولارات!!
وقال بل غيتس انه لن يترك كامل ثروته لأطفاله الثلاثة، وانه غير مهتم باستخدام ملياراته لخلق «سلالة بل غيت»، بل ينوي التخلي عن الثروة لأعمال خيرية، فليس من الحكمة اعطاء كل هذا المال لأطفالي، فهذا لن يكون عملا جيدا لا لهم ولا للمجتمع، وسيتسبب في افسادهم!! علما بأن غيتس تبرع حتى الآن بـ 18 مليار دولار من ثروته لتلقيح عشرات ملايين الأطفال في الدول الفقيرة، وعمله هذا منع حوالي 5 ملايين حالة وفاة، في الوقت نفسه الذي لقح فيه أثرياؤنا الملايين ممن طاب لهم! كما خرب فيه غيرهم من «علماء الأمة» عقول ملايين آخرين من العرب والمسلمين بالفكر الهدام والضال، وتسببوا في حروب دموية عبثية في الخليج وأفغانستان والشيشان والجزائر واليمن والعراق.. الخ.
وفي الكويت تحاول الحكومة جاهدة، ومنذ نصف قرن، ارضاء كل شرائح الأمة من سياسيين ونواب وجماهير بإغداق الأموال السهلة عليهم واسقاط قروضهم ودفع جزء أو كل فواتير استهلاك الكهرباء والماء عنهم وشراء مديونيات تجارهم، أما المستقبل وأبناؤه فليذهبوا جميعا الى الجحيم، والسؤال: كيف يكون فرد واحد مثل بل غيتس، بنصف تعليمه، أكثر حكمة وذكاء من «حكومة رشيدة» بكل قضها وقضيضها من الخبراء والمستشارين؟

أحمد الصراف
[email protected]