أصر المواطن المرهق أمام حشد من الناس على موقفه المبدئي في أنه مؤيد للمشاركة في الحياة السياسية، وأنه لا يعادي الدولة ولا يعادي المعارضة ولا يعادي الموالاة ولا يعادي العوائل أو الأفراد… وأنه يرى أن المشروع الإصلاحي لجلالة العاهل هو المنطلق نحو أفق أوسع مستقبلاً بمشاركة صادقة في دفعه من قبل الدولة والموالاة والمعارضة ومن قبل الجميع.
لكنه… أصر أيضاً على أن هناك قائمة من المشاكل والملفات التي تؤرق المجتمع توجب وضع الحلول لها على طاولة التحاور، وفي الوقت الذي أصر فيه على رفض العنف والتخريب والتحريض، أصر أيضاً على أن للناس حقوقاً ومطالب مشروعة، ومن حقهم أن يوصلوا صوتهم بها إلى حكومتهم وعدم الاكتراث لاتهامات العمالة للخارج، وافتراءات المفترين الذين استساغوا نغمة التشكيك في الولاء، ومد مظلة الحملات الصحافية والإلكترونية والخطابية كل يوم… كل يوم… كل يوم على المنوال ذاته، المشكك في انتماء الناس ومواقفهم.
كان المواطن المرهق يشدد على أنه (بحريني) يحب وطنه وقيادته، ويعرف جيداً أن هناك قائمة من المشكلات الاجتماعية والسياسية والأمنية لن تجد لها طريق الحل الناجع إلا من خلال الحوار الهادئ واحترام دور كل الأطراف، بدءاً بالمسئولين في الدولة والعلماء، انتهاءً عند دور كل منظمات المجتمع المدني والناشطين والمهتمين، ويأمل في أن يكون للمجلس النيابي والمجالس البلدية في دورتها الجديدة المقبلة دوراً يتجاوز أي إخفاق أو أداء سلبي، وأن يكون التعاون بين السلطة التشريعية والتنفيذية قائماً على تقديم المصلحة العليا للوطن والمواطنين وليس على أي شيء آخر، مما خف وزنه وثقل ثمنه من مصالح فئوية وخاصة أرهقت الناس وجعلتهم يشعرون بخيبة أمل كبيرة جراء استمرار ملفات المعاناة.
باغته أحدهم ليقول له: «تقول ذلك لأنك وفاقي… مشارك… أما المقاطعون فلهم رأي آخر!» فرد عليه القول: «نعم أنا وفاقي وأقولها علناً… احترم المشاركين الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات… سواء قيل عنهم إنهم شاركوا بقرارهم الذاتي أو بالدفع الترهيبي أو بالتحشيد القسري أو ما شاكلها من أوصاف أصبحت تطلق بشكل يومي في قراطيس مختلفة… وكذلك أحترم رأي المقاطعين الذين لهم موقفهم ورأيهم ونظرتهم، ذلك أن المجتمع المتعدد يجب أن يستوعب كل الآراء».
وكان سعيداً جداً بقوله إن كونه وفاقياً أو مؤيداً للوفاق فإن ذلك (لا يعتبر تهمة تجلب العار كما يظن البعض ويعتقد)، بل ويشعر بالفخر لأن «الوفاق» أثبتت وطنيتها وحرصها على مصلحة الوطن وقيادته وشعبه بهذه المشاركة التي تقدم تأكيداً على أسلوب (المعارضة العاملة داخل النظام) بكل قوة وجدارة… واستطاعت أن تسقط آثار كل الحملات التي استهدفتها طيلة سنوات مضت للنيل من شعبيتها وللتشكيك في انتمائها ودورها الوطني الكبير، ولا تزال تستهدفها بعد فوزها ولكن بكلام جديد هذه المرة يناسب مرحلة ما بعد الفوز… ولم يغفل المواطن المرهق أن يوجه التهنئة للوفاقيين والمستقلين وللمنبريين وللأصالة ولمن فاز ولمن لم يفز… ولكل من شارك وقاطع الانتخابات، لأن الجميع أعطوا صورة حقيقية لحالة التعدد في مجتمع صغير ينتظر الكثير من العمل لرسم مستقبل البلد.