قام الزميل مبارك الدويلة، أحد قياديي جمعية الإصلاح، فرع حزب الاخوان المحلي، التابع للتنظيم العالمي للاخوان المسلمين، بتهنئة القائمة الائتلافية والاتحاد الإسلامي الطلابي على نجاحهم في انتخابات اتحاد طلبة الجامعة والتطبيقي! وبرر فشل منافسيهم بافتقارهم إلى الأهداف، وأن لا شيء لديهم غير اتهام الائتلافية بتبعيتها لحزب الاخوان! وحيث إن في الأمر مغالطة واضحة، فإننا سنبين هنا سبب استمرار نجاح القوائم التابعة للأحزاب المتأسلمة وتكرار فشل غيرها. فقبل شهر من إجراء الانتخابات الأخيرة زارني طالبان جامعيان من نشطاء «الوسط الديموقراطي»، طالبين دعماً لتغطية مصاريف مطبوعات حملة القائمة الانتخابية. تبرعت لهما بمبلغ صغير نسبياً، وكنت أعتقد أنهما سيطلبان المزيد، وكنت على استعداد لذلك، لكنهما شكراني، وكأنهما لم يتوقعا كل ذلك مني، وقالا بأنني قد «فكيت» كربة القائمة، لأن عليهم ديوناً مستحقة للمطبعة! وحسب علمي فلا جهة منظمة أو تمتلك المال الكافي تقف وراء الروابط الطلابية غير المتأسلمة، في الوقت الذي يوجد فيه أكثر من 150 مبرة وجمعية ولجنة خيرة متخمة بأموال طائلة تقف وراء التنظيمات الطلابية المتأسلمة داعمة خططها وأفكارها السياسية الدينية.
وقد ورد في القبس (2010/9/26) خبر تكرر ما يماثله عشرات المرات في السنوات العشر أو العشرين الأخيرة، عن مدى ما وصلت إليه الأمور من تسيب في الجمعيات والمبرات الخيرية، مما دفع وزارة الشؤون إلى التحرك بخجل لوقفها عند حدها، أو شيء من هذا القبيل، فبعد وقوع آلاف المخالفات في هذه الجمعيات، قامت الوزارة بإغلاق ملف مبرة واحدة وسحب ترخيصها، ولا أعتقد أن الوزارة قامت بذلك إلا بعد أن تراكم الشفط منها لجيب من كان يديرها. كما ورد في صحيفة «الجريدة» قبل يومين أن وزارة الشؤون نزعت العباءة الدينية عن الجمعيات الخيرية بعد اكتشافها عمليات تلاعب واضح في سجلات جمعيتي الإصلاح والتراث على مدى سبع سنوات! وبيّن التقرير النهائي الصادر عن فرق التفتيش التابعة للجنة المتابعة الميدانية لأنشطة العمل «الخيري» خلال شهر رمضان الفائت (فقط) ثبوت مخالفة جميع الجمعيات الخيرية الدينية للقوانين المتفق عليها، فضلاً عن ارتكابها جرائم خطيرة في آليات جمع التبرعات. وبين تقرير «الجريدة»، الذي انتهى إلى توصية صارمة من وزارة الشؤون بإحالة الجمعيات المخالفة إلى النيابة، أن الأمر يتطلب تحرّكاً من وزير الشؤون لتفعيل القانون وتنفيذ ما ورد في التقرير من توصيات للحفاظ على وجه العمل الخيري في الكويت. وذكر التقرير أن فريق العمل حرر مخالفات جسيمة اقترفتها جمعيات إحياء التراث الإسلامي والإصلاح الاجتماعي وعبدالله النوري والثقلين والعون المباشر والنجاة الخيرية (يعني جميع جمعيات الكويت الكبيرة تقريباً)، موضحاً أن هذه المخالفات تمثّلت في قيام هذه الجمعيات باستخدام سندات قبض غير مرخصة تمت طباعتها باسم الجمعيات، بهدف جمع التبرعات النقدية خلال شهر رمضان من دون الحصول على موافقة وزارة الشؤون، لاسيما إعادة جمع التبرعات النقدية عبر حاضنات الأموال والحصّالات، مما يشكل عودة إلى المخالفات التي أزالتها الوزارة قبل 8 سنوات. وأوضح التقرير أن جمعيات إحياء التراث الإسلامي والإصلاح الاجتماعي والثقلين هي من الجمعيات التي اعتادت ارتكاب المخالفات على مدى السنوات السبع الماضية، رغم محاولات الوزارة منعها من ارتكاب المخالفات أو تكرارها، لكن من دون جدوى. ونبّه التقرير إلى أن ثمة انخفاضاً للمخالفات من حيث الكم، وزيادة من حيث النوع، وهذا يعني مخالفات أقل ومبالغ أكبر بكثير! إضافة إلى اكتشاف مخالفات جديدة لم تعهدها الوزارة من قبل الجمعيات الرئيسية واللجان التابعة لها، وكذلك المبرات الخيرية. وأفاد التقرير بأنه بناء على كل هذه المخالفات اقترحت إدارة الجمعيات الخيرية والمبرات إحالة المخالفة الجسيمة للجهات القضائية، وتوجيه كتاب رسمي إلى الجهات المخالفة لإفادتها بقيمة الأموال المحصلة عن طريق الإيصالات النقدية، التي جمعت باستخدام الوسائل الممنوعة، من خلال كشف تفصيلي يتضمن أعداد وأرقام سندات القبض المستخدمة، مع ذكر اسم المطبعة التجارية التي تمت بواسطتها طباعة هذه السندات محلياً أو خارجياً.
والآن، هل عرف الزميل الدويلة، العضو القيادي في واحدة من أكبر الجمعيات الخيرية المدانة من قبل أجهزة حكومية محايدة بتهمة التلاعب بالسجلات والايصالات والتلاعب بالحسابات، لماذا تنجح القوائم الطلابية التابعة لحزبه سنة بعد أخرى وتفشل غيرها؟ وهل يتبرع وهو القيادي في حزب الاخوان بإفادتنا عن سبب استمرار «المخالفات وكسر القوانين» في جمعية إسلامية كبيرة بحجم الإصلاح الاجتماعي؟ وهل يعرف لماذا بح صوتي على مدى 15 عاماً، وأنا أطالب كل منبر وزاوية وكلمة بضرورة وضع حسابات الجمعيات الخيرية تحت المراقبة؟ أكتب ذلك وأنا على ثقة في أن آلاف الدنانير تتسرب يومياً لتمويل الكثير من العمليات الخطيرة، والتي لا يعرف أحد كيف ومن أين تحصل على أموالها، ولا أعتقد أن ما سرق من أموال سيتم استرداده، ولن يحاسب أحد، وستتم «التغطية» على الموضوع، كالعادة، وسنسمع بعد سنوات قلائل أن أحد الذين وردت أسماؤهم في كشوف الاتهام قد أصبح نائباً في البرلمان يتخصص في الدفاع عن الأخلاق، وأن آخر أصبح رجل أعمال كبيراً، وثالثاً أصبح مقاولاً يعمل 200 مهندس في مواقعه المختلفة!
أحمد الصراف