سعيد محمد سعيد

يوميات مواطن مرهق: معكم يا علماء

 

بينما كان المواطن المرهق جالساً مع مجموعة من أصدقائه في مجلسهم المعتاد الذي يتبادلون فيه الهموم، استشاط أحدهم ليهاجمه بالقول: «قرأت ما كتبته يوم الخميس الماضي في يومياتك عن ضرورة احترام دور العلماء الأفاضل والتواصل معهم من قبل المسئولين في الدولة، وأن هذا الدور لا يجب أن يبقى مهمشاً… وقلت أيضاً أن المخلصين من أبناء البلد وعلى رأسهم العلماء من الطائفتين الكريمتين، لديهم كامل الاستعداد للتحاور مع المسئولين ووضع النقاط على الحروف والعمل المشترك لما فيه المصلحة العليا للوطن وللمواطنين… أليس كذلك؟».

«بلى كذلك»… أجاب المواطن المرهق ليفاجئه صاحبه بالقول: «ولماذا لم تتطرق إلى العلاقة بين العلماء أنفسهم؟ لماذا لم تكن صريحاً لتقول إن هناك من يريد توسيع الهوة والخلاف بين العلماء أنفسهم؟ وهل يعجبك الشعار الذي يرفعه البعض وهو (معكم معكم يا علماء)، وهناك الكثير منهم من يخالف هذا الشعار؟».

هدِّئ من روعك يا أخي… هكذا أجاب المواطن المرهق صاحبه ليؤكد مجدداً على أن علماء البلد المخلصين يحملون مسئوليتهم تجاه وطنهم وتجاه الناس، أما من يرفع شعاراً ويفعل خلافه فهذه مشكلته، وكذلك بالنسبة لمن ينشط في تسقيط العلماء الأفاضل ولمزهم والإساءة إليهم… إنما هم مجموعة من الناس الذين يفتقدون للوازع الديني والأخلاقي – وإن فعلوا ذلك من باب التعبير عن الرأي ونفي (التقديس) حسب زعمهم – لكنني أجدك متفقاً معي في أن حالة التوتر التي تمر بها البلاد لا يجب أن تستمر، وتتفق معي أيضاً في أن العلماء الأفاضل لم يتأخروا في تقديم المبادرات التي تسهم في الخروج من الاحتقان والحفاظ على أمن الوطن واستقراره ونسيجه الوطني، بل وحثوا الناس على المشاركة في الانتخابات من باب المسئولية الشرعية والوطنية رغم المنغصات… فهذه كلها وغيرها كثير من المواقف التي تؤكد على أن البحرين التي عرفت على مر العصور بالتسامح والمحبة، تحتضن علماء يقومون بمسئوليتهم الكاملة الشرعية والوطنية لخدمة بلادهم، حتى وإن أوصدت الأبواب أمامهم، فلابد من حمل هذه الأمانة.

وبينما كان الصحب يتابعون ما يدور بين المواطن المرهق وصاحبه من حوار، بادر أحدهم بالقول: «لا توجد مشكلة تعاني منها البلد غير قابلة للحل… من قبل الدولة أولاً ومن ثم بالاستعانة بدور العلماء الأفاضل وقادة الرأي والناشطين في مختلف المجالات، وتصبح الأمور في غاية التعقيد والتشعب، حينما ينبري أكثر من طرف ليعمل على تسقيط العلماء والتشكيك في مواقفهم وضرب مبادراتهم ورؤاهم عرض الحائط… كلنا نحب البلد، ونلتفّ حول قيادتها الشرعية، ونقدر دول العلماء الأفاضل الذين حينما يقولون قولاً، إنما هم يشخّصون الواقع ويبحثون عن المصلحة العليا، ويقدمون استعدادهم للعمل مع المسئولين لوضع حلول لكل الملفات المثيرة للتوتر».

هاهي البلد تستعد لمرحلة جديدة بعد أن شارك من شارك في الانتخابات، وقاطع من قاطع، فلكل طرف حرية اختياره وقراره، لكن ستبقى الكثير من الهواجس قائمة، وستبقى الآمال معلقة على جهود جميع المخلصين للخروج من عنق الزجاجة، وفتح صفحة جديدة تنهي الكثير من المعاناة والألم والقلق والتوتر… لكن يتوجب على الجميع أن يحترم العلماء الأفاضل لأنهم صادقون في مساعيهم لخدمة الوطن

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *