كان المواطن المرهق يعتقد، وربما كان مخطئاً، أن كل المشاكل التي تعاني منها البلد ليست مستعصية على الحل، ولكنه اليوم يجد نفسه ضمن قافلة طويلة من المواطنين الذين وصلوا الى مرحلة اليأس وفقدان الأمل في أن ترى الكثير من القضايا والملفات العالقة (نور الحل) بسبب الانتقال من توتر الى توتر آخر، ومن مرحلة صعبة الى مرحلة أصعب، لكنه يصر على أن في يد الدولة مفتاح الحل لكل المشاكل، ويجزم أيضاً، أن التواصل بين علماء الدين والوجهاء وقادة الرأي مع الدولة وكبار مسئوليها، سيأتي بثمار يانعة، على شرط أن يثق كلا الطرفين في الآخر.
المواطن المرهق حاله حال الكثير من المواطنين، يتمنون أن تنتهي كل المشاكل والمنغصات، ويعيش الناس في طمأنينة وتفاهم، وتتطور الممارسة الديمقراطية من الشعارات الى التطبيق الحقيقي، ويتحقق التواصل المأمول بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات المؤثرة بدلاً من التخاطب عبر البيانات والصحف والإجراءات المفاجئة حيناً، والمباغتة حيناً آخر، ذلك أن هذا الجو المتوتر لا ينبئ أبداً عن مسار في طريق معالجة المشاكل من خلال الحوار.
أكثر ما كان يثير قلق المواطن المرهق أن البلد اليوم تعيش توتراً تلو الآخر، ويشعر أيضاً بأن هذه التتابعات المضنية لن تحقق ما يصبو اليه الناس ولا الدولة… حتى على مستوى الحملات الانتخابية، كان يراقب المشاهد المقلقة من مصادمات وملاسنات شديدة تارة، ومن اتهامات وتسقيطات تارة أخرى، ومن إجراءات كان يتوجب أن تخضع للتدقيق والتمحيص وقراءة ما بعد الخطوة، فالكل مسئول، والدولة على رأس المسئولية، في تجنيب البلاد والعباد أي شكل من أشكال التوتر والقلق والشحن، لأن الخسارة ستكون فادحة دون شك، ولا يمكن التعويل على تواصل بين أجهزة الدولة وبين العلماء وقادة الرأي وحملة الدور المؤثر في المجتمع من خلال البيانات والتصريحات الصحافية، ولعل المواطن المرهق محق حين يتساءل: «ما الذي يمنع من الجلوس على طاولة حوار للتباحث حول أوضاع البلد بكل إخلاص ومسئولية؟ ولماذا تتسع الهوة والتباعد يوماً بعد يوم؟».
من الصعب جداً التنبؤ بموعد الوصول إلى بر الأمان، فالبلد اليوم تمر بمرحلة عصيبة للغاية، ولا أحد يرغب أبداً في استمرار حالة التوتر والقلق، فالبلد بيت الجميع، والمخلصون من أبناء البلد وعلى رأسهم العلماء من الطائفتين الكريمتين، لديهم كامل الاستعداد للتحاور مع المسئولين ووضع النقاط على الحروف والعمل المشترك لما فيه المصلحة العليا للوطن وللمواطنين، لكن ما الذي يمنع، ولماذا كلما شعر المواطن المرهق بأن هناك إشراقة أمل، يعود هو وغيره من المواطنين ليعيشوا حالة من التشاؤم وخيبة الأمل؟ والسؤال الأهم: «متى ستوضع المشاكل على بساط البحث والتحاور؟».