احمد الصراف

كبوة الحجي القاتلة

«إن التعصب الديني والقومي والوطني والعرقي الأيديولوجي كلها ظواهر ضد التقدم وضد الإنسانية»!! طارق حجي.
يقال إن لكل جواد كبوة، ولكن كبوة بعض الجياد تكون خطرة إلى درجة تتطلب اطلاق رصاصة الرحمة عليها، وطارق حجي، صديقنا حتى ما قبل أيام، سقط سقطة قاتلة من خلال ما صدر عنه من اهانات اقل ما توصف بأنها افتقدت الذوق والأدب، مع نرجسية وعنصرية مفرطة ومقرفة جدا وغير متوقعة ممن يدعي الاستاذية والفهم، في حق من يكبرونه سنا ودرجة علمية ومقاما وثقافة!
بدأت القصة في أغسطس الماضي عندما نشر حجي مقالا عن الإسلام والمسلمين في «الحوار المتمدن»، ولم يعجب موضوعه البعض، إضافة لما خلقه من صدمة لتعارضه مع سابق مواقف الرجل وآرائه، وقام هؤلاء بنقد المقال وموقف كاتبه المستجد، ومنهم السيدة وفاء سلطان. انتهت بعدها الزوبعة كما بدأت ونسيتها، إلى أن أرسلت في 10/5 رسالة الى حجي والى 370 صديقا آخر على قائمة بريدي الإلكتروني أعلمهم فيها بموعد بث برنامج وفاء سلطان الجديد. ولم أكن حقيقة أعلم أنني وضعت اصبعي على جرح غائر لم يلتئم بعد، فرد بما يعني أسفه لأن يرى «مثقفا كبيرا» (!!) مثلي يروج لبرنامج وفاء سلطان التي لا تستحق الاحترام، اضافة الى كلام قاس وغير لائق بأي مستوى. كما رفض وصفها بالمبدعة أو حتى كاتبة، وأنه يعجب من أن مثقفا كبيرا (أنا أيضا!!) يعجب بامرأة نصف متعلمة (علما بأن وفاء سلطان طبيبة ومتخصصة في علم النفس)، وأنها «تافهة» وأجيرة وسطحية وبلا أي عمق فكري أو معرفي! وقد ساءني كثيرا ما صدر عنه من ألفاظ تأباها اقل العقول احتراما لنفسها، بالرغم من كل ما أسبغه علي من ألقاب التعظيم والتفخيم، فرددت عليه بأربع كلمات هي: شكرا لتحيتك ورقي لغتك! فرد علي بغضب شديد وبلهجة أكثر من قاسية، وايضا تفتقد أدنى درجات الاحترام للأخوة والصداقة التي كانت تجمعنا، حتى قبل تلك الرسالة، ووصفني بالخليجي الذي لا ينتظر من هو في «استاذيته» شهادة منه.
وبعد هذه الإهانة الشخصية لي ولمجتمعي ووطني، قمت بتوزيع رسالته لقائمة بريدي نفسها لكي أبين للجميع المستوى الخلقي لهذا الشخص. رد الفعل كان غريبا فقد فوجئت أن هناك ستة أصدقاء على الأقل، بعضهم يفوقونه علما وأدبا ومكانة، سبق أن تعرضوا للبذاءة نفسها منه في مناسبات عدة. كما قرر البعض ممن «كانوا» يحترمون الرجل، من منطلق شكهم في فحوى رسائله، الكتابة للاستفسار منه. وهنا نالت حمم ألفاظه وشتائمه جميعهم، ومواطني الخليج بالذات، ولم يترك لأحد عرضا ولا شرفا إلا وداس عليه، ولم ينس في الوقت نفسه أن يرفع نفسه حسبا ونسبا وعلما وعملا، وأن الآخرين «الخليجيين» الجهلة والأعراب من بدو الصحراء لا يستحقون حتى شرف ارسال الرسائل له! وللعلم كان بين هؤلاء الاستاذ الجامعي الذي يزيده عمرا وعلما، وأكاديمية في جامعة الكويت، واستاذة كبيرة ومهندس معروف وطيار شهير ورئيس شركة كبرى وغيرهم من الشباب المثقف، ونصوص هذه الرسائل متوافرة لمن يود الاطلاع على لغة الشارع والبلطجة التي تضمنتها، والتي لا نود ايذاء مشاعر القراء بها!
والغريب انه بعد ارسال سيل رسائله القبيحة تلك في 7 أكتوبر، رفض بعدها الرد على أي مكالمة أو رسالة الكترونية، لم يتمكن اي من اصدقائه أو معارفه داخل الكويت وخارجها من الاتصال به، ولم يرد على ما أرسلته اليه على عنوان بريده القديم، الذي ادعى أحدهم أنه مخترق، أو حتى على عنوانيه الجديدين!

***
• ملاحظة: بينت اتصالاتنا ومراجعاتنا مع جامعة اكسفورد عدم وجود صلة لطارق حجي بها كطالب أو استاذ! كما لا يوجد في تلك الجامعة قسم للدكتوراه، كما ذكر! وإن أثبت العكس فنحن مدينون له باعتذار علني.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

يوميات مواطن مرهق: توتر عام

 

كان المواطن المرهق يعتقد، وربما كان مخطئاً، أن كل المشاكل التي تعاني منها البلد ليست مستعصية على الحل، ولكنه اليوم يجد نفسه ضمن قافلة طويلة من المواطنين الذين وصلوا الى مرحلة اليأس وفقدان الأمل في أن ترى الكثير من القضايا والملفات العالقة (نور الحل) بسبب الانتقال من توتر الى توتر آخر، ومن مرحلة صعبة الى مرحلة أصعب، لكنه يصر على أن في يد الدولة مفتاح الحل لكل المشاكل، ويجزم أيضاً، أن التواصل بين علماء الدين والوجهاء وقادة الرأي مع الدولة وكبار مسئوليها، سيأتي بثمار يانعة، على شرط أن يثق كلا الطرفين في الآخر.

المواطن المرهق حاله حال الكثير من المواطنين، يتمنون أن تنتهي كل المشاكل والمنغصات، ويعيش الناس في طمأنينة وتفاهم، وتتطور الممارسة الديمقراطية من الشعارات الى التطبيق الحقيقي، ويتحقق التواصل المأمول بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات المؤثرة بدلاً من التخاطب عبر البيانات والصحف والإجراءات المفاجئة حيناً، والمباغتة حيناً آخر، ذلك أن هذا الجو المتوتر لا ينبئ أبداً عن مسار في طريق معالجة المشاكل من خلال الحوار.

أكثر ما كان يثير قلق المواطن المرهق أن البلد اليوم تعيش توتراً تلو الآخر، ويشعر أيضاً بأن هذه التتابعات المضنية لن تحقق ما يصبو اليه الناس ولا الدولة… حتى على مستوى الحملات الانتخابية، كان يراقب المشاهد المقلقة من مصادمات وملاسنات شديدة تارة، ومن اتهامات وتسقيطات تارة أخرى، ومن إجراءات كان يتوجب أن تخضع للتدقيق والتمحيص وقراءة ما بعد الخطوة، فالكل مسئول، والدولة على رأس المسئولية، في تجنيب البلاد والعباد أي شكل من أشكال التوتر والقلق والشحن، لأن الخسارة ستكون فادحة دون شك، ولا يمكن التعويل على تواصل بين أجهزة الدولة وبين العلماء وقادة الرأي وحملة الدور المؤثر في المجتمع من خلال البيانات والتصريحات الصحافية، ولعل المواطن المرهق محق حين يتساءل: «ما الذي يمنع من الجلوس على طاولة حوار للتباحث حول أوضاع البلد بكل إخلاص ومسئولية؟ ولماذا تتسع الهوة والتباعد يوماً بعد يوم؟».

من الصعب جداً التنبؤ بموعد الوصول إلى بر الأمان، فالبلد اليوم تمر بمرحلة عصيبة للغاية، ولا أحد يرغب أبداً في استمرار حالة التوتر والقلق، فالبلد بيت الجميع، والمخلصون من أبناء البلد وعلى رأسهم العلماء من الطائفتين الكريمتين، لديهم كامل الاستعداد للتحاور مع المسئولين ووضع النقاط على الحروف والعمل المشترك لما فيه المصلحة العليا للوطن وللمواطنين، لكن ما الذي يمنع، ولماذا كلما شعر المواطن المرهق بأن هناك إشراقة أمل، يعود هو وغيره من المواطنين ليعيشوا حالة من التشاؤم وخيبة الأمل؟ والسؤال الأهم: «متى ستوضع المشاكل على بساط البحث والتحاور؟».