احمد الصراف

محطة الشيخ

يمتلك أحد أفراد الأسرة الحاكمة في الكويت قناة تلفزيونية جديدة، وربما رغبة في خلق شهرة للقناة بأي ثمن، حتى على حساب الذوق العام والتربية السليمة، فقد قام اثنان من مقدميها الشباب باستضافة ج. ش، المعالج الروحي والمتخصص في فك السحر، وصاحب الطرق السرية في التخاطب مع الجان، ليقوم بمعالجة أمراض المشاهدين المتعلقة بالتلبس والجن والأرواح، وعلى البث المباشر، ولم يتردد الضيف المعالج، الحليق الشارب واللحية، من إعطاء رقم هاتفه النقال للمشاهدين، والطلب منهم الاتصال به وزيارته ليقوم بفك السحر عنهم، وانه سيأخذ مالا منهم في المقابل، ولكن من كانت ظروفه صعبة فسيتسامح معه!
بدأت الحلقة، والتي شاهدت جزءا منها على اليوتيوب على الرابط التالي:
www.youtube.com/watch?v=u_Vw5Q_0FNE  والتي نقلت للعالم أجمع مدى ما تتسم به عقول بعضنا من تفاهة وقلة فهم، بسؤال لسيدة تشكو من أنها ترى أيدياً بشرية حولها، فاختصر صاحبنا الجواب، مقاطعا المتصلة، طالبا منها الاتصال به ليعالجها! وعندما سأل أحد مقدمي البرنامج عن كيفية تحضير الجن وكيف نعرفه؟ أجاب الخبير المعالج، وبطريقة ركيكة وجمل غير مترابطة، غير ذات معنى واضح، ومضحكة أيضا، بالتالي: «سين من الناس ذهب لساحر، وهذا الساحر مضمون %100، ولديه تعامل مع رئيس عصابة من الجن، وهذا الجني غير شريف وقذر ونذل ولئيم ومجرم وطلب مساعدته، ولكن هذا لا يقوم بالمساعدة من غير قيام المجرم البشري، أي الساحر، بأداء شيء للجني كمعصية مثلا، وبعدها يقبل الجني بأداء المطلوب إن فعلت فيه المعصية!! ويذهب الجني إلى عالم الجن، ويطلب أن يحضروا له يتيما، لماذا يتيم؟ لأن لا أحد يسأل عنه إن اختفى أو يدعي عليه، لأن الجن عندهم دعاوٍ ومحاكم وكل شيء مثل دوائر الشرطة وكل شيء.. مثلنا، وبالتالي فإما يخطفون يتيما أو يصبحون مثل بعض الذين قمت بعلاجهم اخيرا، وهم 3 بنات قامت زوجة أخيهن بإدخال الجن فيهن، فعالجتهن، فقلت للجني عبدالله، القادم من الصبية، وعمره 30 سنة، ومحمد البصام: أنتو من أين أتيتوا؟ فقالوا …..»! وهكذا يستمر كلامه وسط ذهول مقدمي البرنامج الأكثر سذاجة منه، وربما منا، من غير تسلسل ولا ترابط ولا معنى، إضافة الى كم آخر من الكلام الفارغ الخالي من أي منطق، وافتقاره حتى للسرد الطفولي الواضح، ويبدو أن الهدف يكمن في تخريب العقول وكسب المال بأسهل الطرق. والمشكلة أننا نفتقر الى نصوص قانونية واضحة يمكن بها تجريم هذه الأعمال، ولا يبدو أن أعضاء مجلس الأمة، ولجنة الظواهر السلبية بالذات، في وارد التفكير بتشريع ما يمنع مثل هذا التخريب العقلي، لأنهم ببساطة من المستفيدين في نهاية الأمر من انتشار مثل هذا الهراء وهذا الخراب الفكري والعقلي. ولا نملك بالتالي غير أن نتمنى على الشيخ صاحب القناة وضع حد لمثل هذا الابتذال الخلقي والتخريب العقلي، الذي ربما لا يكون عالما به، رحمة بأعصاب الناس وبعقول العامة، فكيفينا ما نحن فيه من تخلف وبعد عن العالم وكأننا لا نزال نعيش في القرون الوسطى.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

بين ياسر وراضي


معلش، المقالة هذه تتنقل من شارع إلى شارع، وكي تصل إلى شارع البساتين ستمر مُكرهة بشارع المجاري. والحديث عن دناءة المعمم الهارب، أو المُهَرَّب، ياسر الحبيب، وافتراءاته وطعنه في شرف أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهم، ومن قبلهم الرسول صلى الله عليه وسلم، يشبه السير في شارع مملوء بالقاذورات، أجلكم الله، فأغلقوا أنوفكم كلما مر ذكره.

هذا الدنيء استقى أفكاره من المجاري فلوّث العمامة التي يرتديها قبل أن يلوّث أي شيء آخر. وأتحدى أكبر مخرج أفلام خلاعة أن يتخيل ما يتخيله هذا الشاذ المقزز في خطبه ومحاضراته. سوّد الله وجهه.

يأتي هذا في وقت يتقدم فيه المعمم الشيعي الفاضل راضي الحبيب بكبرياء الواثق المتواضع نحو المسجد الكبير، ليشارك إخوانه السُّنة صلاتهم، لذا فالحديث عن راضي الحبيب كالتنقل ما بين بستان وروضة، فافتحوا أنوفكم وصدوركم لاستنشاق أزكى الروائح. ومن الظلم أن نضع الشيخ راضي في مقارنة مع الدنيء المنتن ياسر الحبيب، فالشوارع مختلفة.

خطوة الشيخ راضي الحبيب، أقصد مشاركته أهله السُّنة صلاة القيام في المسجد الكبير، تؤكد لنا أن الراحل العظيم السيد محمد حسين فضل الله لم يمت، وأن بذور أفكاره نبتت وتدلّت ثمارها… وكنا في لبنان لتصوير حلقات برنامجي المقبور «مانشيت»، المخرج والزميل سعود العصفور، رئيس فريق إعداد البرنامج، وأنا، عندما خطر ببالنا استضافة السيد فضل الله في الغد للحديث عن تشرذم المسلمين، فاتصل الزميل سعود العصفور بمنزل السيد، وتحدث مع سكرتيره، فطلب سكرتيره إمهاله دقائق ليبلغ السيدَ الأمرَ، وبالفعل، تلقينا اتصالاً من السكرتير خلال أقل من أربع دقائق يخبرنا فيه بموافقة السيد وترحيبه بنا صباح الغد.

الجميل في الموضوع، أن السكرتير سأل: «هل تعرفون عنوان بيت السيد؟»، فأجابه سعود: «لا»، فأخذ يصف له الطريق: «… وعندما تصل إلى الجامع الفلاني تسأل وسيجيبك المارّة». إذاً هكذا؟ لا حراسة ولا بوابات أمنية ولا مسلحون ولا ولا ولا… إنها كبرياء التواضع وعظمة البساطة يا سيدي.

ولسوء حظنا وقفت الظروف عائقاً بيننا وبين مهمتنا، فاتصلنا نعتذر وطلبنا تأجيل اللقاء… رحمك الله يا سيد يحبه الجميع، ويحرص على إسقاء بذوره العقلاء، ومنهم الشيخ راضي الحبيب.

على أن الشيخ راضي الحبيب لم يزعج الناس بفاكساته الصفراء المسمومة، ولم يحرّض الجهّال على شق الصفوف ويعلن دعمه لهم في الانتخابات، بل تعامل مع وطنه كما تتعامل الأم مع وحيدها الذي رُزِقَتْهُ بعد طول انتظار، وكما يتعامل النحّات مع تحفته الثمينة، ينظفها بفرشاته صباح كل يوم، ويغطيها قبل النوم خوفاً عليها من ذرات الغبار.

***

وكما أن أهل الدين مختلفون، كذلك يختلف أهلُ السياسة بعضُهم عن بعض، فمنهم من قاتلت لتعيين زوجها بدرجة وكيل وزارة، ونجحت، ومنهم من يطلب من ابن عمه عدم قبول المنصب الذي حصل عليه عن طريق الانتخاب لا التعيين الحكومي.

مسلم البراك وأحمد البراك… لم تأتيا بجديد، لذا لم نندهش من موقف بطولي كهذا، فإذا أنتما لم تفعلا ذلك فمن يفعله. معلش، الهامات ليست متساوية، والنفوس كذلك.

سامي النصف

الأحلاف ومفخرة إخراج الأمريكان

يذكر الزميل العزيز فؤاد الهاشم في أحد مقالاته أنه زار ذات مرة اليمن الجنوبي بعد استقلاله، فسأل مستقبليه عمن بنى مطارهم فأجابوه «الإنجليز»، وسألهم ثانية عمن بنى الطريق الذي يربط المطار بالمدينة فأجابوه «الإنجليز»، وسألهم ثالثة عمن بنى الفندق فأجابوه «الإنجليز»، فسألهم رابعة: وأنتم ماذا فعلتم؟ فأجابوه بزهو وفخر شديد: «نحن من أخرج الإنجليز».. كفو!

والتقيت ذات مرة بصحبة راحلنا الكبير د.أحمد الربعي بمسؤول عماني كبير كان مناضلا معه في حرب ظفار، وكان مما قاله الربعي ووافقه عليه ذلك المسؤول العماني، فرحه وسروره لفشل ثورتهم في ظفار مما جعل سلطنة عمان تضحى بصورتها الزاهية الحالية في وقت دمرت فيه الثورية والماركسية اليمن الجنوبي، ومما قاله الربعي انه اختلف ذات مرة مع بائع سمك في سوق عدن على السعر، وذكر له أن الأسعار كانت أرخص أيام الإنجليز، فأجابه البائع «أرجع لنا عهد الإنجليز وخد ما تريد من السمك.. ببلاش».

مع انتهاء الحرب الكونية الثانية ورعب الولايات المتحدة من امتداد الخطر الشيوعي، عرضت أميركا على دول غرب أوروبا الجائعة والمدمرة مشروع حلف عسكري (الأطلسي) وتنمية اقتصادية (مارشال)، وتقدمت بمثل ذلك لدول شرق آسيا فقبلت تلك الدول بذلك المشروع الأميركي الذي حفظ مواردها بمنع الحروب فيما بينها، إضافة إلى تسريب التقنية الأميركية المتقدمة لها في الصناعة والزراعة وفتح الأسواق الأميركية لمنتجاتها مما أدى الى تطورها الزراعي والصناعي والتقني والثراء الشديد الذي أصاب بلدانها.

عرضت الولايات المتحدة آنذاك مشروعا مماثلا هو حلف بغداد العسكري الذي يضم دول المنطقة العربية وتركيا وباكستان وإيران، إضافة إلى مشروع أيزنهاور الاقتصادي الذي يتضمن حلا دائما للمشكلة الفلسطينية عبر عودة البعض وتعويض البعض الآخر، وقد قبل بحلف بغداد محترفو ودهاة الساسة العرب أمثال نوري السعيد وكميل شمعون، ورفضه ضباط مجلس قيادة الثورة في مصر ممن لا يفقهون في أمور السياسة شيئا، مما نتج عنه حرب السويس وعشرات الحروب التي تلتها وحرمان المنطقة من التقنية الغربية وفتح أسواق أميركا لمنتجاتنا.. وعفية ثنائي هيكل وأحمد سعيد.

هذه الأيام تتكرر الغلطة الكارثية برفض حلف بغداد، ويفخر بعض الغوغاء العرب بخروج القوات الاميركية من العراق، ولم يقل لنا أحد من سيعوض الدور الأميركي في العراق وهل سترسل بعض الدول قوات للاحلال محل ما سمي بقوات الاحتلال لمنع الاقتتال الأهلي على أرض السواد؟ أم ستقوم تلك الدول بإرسال الذخائر والمتفجرات والمحرضين للعراق لتفجيره ثم إلقاء اللائمة كالعادة على الآخرين.

آخر محطة:

استضافتنا قبل مدة الإعلامية البارزة منتهى الرمحي ضمن برنامجها الشائق «بانوراما» على فضائية «العربية» للحديث حول إمكانية تحالف عربي مع بعض القوى الدولية أو المحيطة ردا على تحالفات الأعداء، وكان مما قلته أن أحدا لم يعد راغبا في التحالف معنا خاصة ونحن نحج والناس عائدة، فالدول الغربية لم تعد بحاجة لنا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وانحسار المد الشيوعي، أما الدول الإقليمية فبعضها طامع فينا وهو الخطر علينا فلماذا يقبلون بخلق أحلاف معنا؟

حسن العيسى

دعم ثروة العنوسة

لماذا أقلقت حالة العنوسة النائب فيصل الدويسان حتى يتقدم باقتراح الدعم المالي بمبلغ 15000 دولار للمتقدمين من الرجال لخوض غمار مخاطر الزواج من ثانية، التي يجب أن تكون بمواصفات "عانس" وتجاوزت الأربعين عاماً أو أرملة أو مطلقة؟ وسؤالي إلى النائب ما إذا كان اقتراحه "الإنساني" يختلف عن مشاريع دعم مربي الماشية والغنم أو من في أحكامهم؟ فالمسألة هنا لا تختلف في جوهرها، فتدخل الدولة يصبح ضرورة في عرف النائب لدعم الثروة الحيوانية أو موارد الثروة النسائية.
لا أدري لماذا توحي كلمة عانس أو عنوسة بدرجة ما من التحقير والاستهزاء الاجتماعيين للنساء اللواتي لم يحالفهن الحظ في الزواج… يقيناً إن الحط والتحقير هنا قاصران على النساء بحكم عاداتنا وتقاليدنا السامية، فكلمة "عانس" اجتماعياً لا تمتد إلى الرجال، فالرجل غير المتزوج نسميه "عازباً"، وهو في كثير من الأحيان موضوع حسد وغيرة من المتزوجين الذين أضاعوا حقوق الفرفشة، أو قلل الزواج مساحة حدود حرياتهم في اللهو غير البريء، أو خفض على الأقل استعمال اختياراتهم لانتقاء الأفضل (أو ربما الأجمل) من أسواق النساء وفقاً لنظرية داروين في البقاء للأفضل.
أياً كانت مرامي النائب في مساعيه إلى حل أزمة عانسات الدولة، فإن اقتراح الخمسة آلاف دينار لا يبدو الحل السليم لفاقدات الحظ، فهذا المبلغ إن كان يكفي للمهر فلن يعالج كبرياء الزوجة رقم واحد حين يتزوج الرجل من الثانية، ولن يسد المبلغ أي جزء من أعباء طلبات البيت الآخر ما لم تكن الزوجة رقم 2 ثرية ولا تمانع في المساهمة المالية! أياً كان الرأي في اقتراح النائب فيصل الدويسان لحل معضلة عوانس اليوم، فإنه من المؤكد سيفتح الباب لتجار "الزيجات" مثلما فتح قانون الكفالات أبواب الخير لتجار الإقامات، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، يظهر يقيناً أن مشروع النائب هو تشريع لسوق الجواري بوجه إنساني معاصر، و"هجي ديرة يبيلها هجي اقتراحات بقوانين".
ملاحظة: ورد خطأ أمس الأول اسم المؤرخ غانم يوسف شاهين الغانم في عنوان المقال، أما عدد كتبه التراثية فهو تسعة لا خمسة، يتحدث معظمها عن ذكريات الكاتب في الكويت القديمة.

مبارك الدويلة

هل الاجتماع رسمي أم ودّي؟

طلب مني بعض الاخوة أن ابدي رأيا في اجتماع لجنة الظواهر السلبية في مجلس الأمة بسمو رئيس مجلس الوزراء في ديوانه أو مكتبه.. وأقول: ان كان الاجتماع الذي عقد خارج أسوار مجلس الأمة هو اجتماع رسمي للجنة برلمانية، وجهت فيه الدعوات لحضوره وأخذ رقما مسلسلا وحدد له جدول اعمال واتخذت فيه قرارات، فهذا اجتماع باطل ولا اذكر له سابقة!!
أما اذا كان اجتماعا وديا، أي لم توجه فيه دعوات للحضور، بل هولقاء تشاوري وحوار أخوي لابداء الآراء وتبادلها في قضايا معينة، فهذا أمر آخر، لا حرج فيه، إذ لا يمكن أن نحجر على اعضاء مجلس الامة ما يتحدثون فيه أثناء زيارتهم للمسؤولين في مكاتبهم أو دواوينهم، كما لا يمكن ان نمنعهم من زيارة مكتب مسؤول أو ديوان شيخ لمجرد حديثهم عن قضايا عامة تهم الناس. واطلعت على ما نشرته احدى الصحف من تعليقات عدد من اعضاء مجلس الأمة، منتقدين اجتماع اللجنة مع سمو الرئيس، فلاحظت الانتقائية في اختيار الاعضاء، حيث ان معظمهم ممن عارض بالأصل تشكيل اللجنة عندما فاز بها من لا يعجبه.
وبالمناسبة، اذكر عندما شكل مجلس الأمة 1992 لجنة لتقصي الحقائق في احداث الغزو العراقي الغاشم، وبدأنا في اللجنة باستدعاء المسؤولين آنذاك، واجهتنا معضلة في كيفية استدعاء سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله، عليه رحمة الله، وكان وليا للعهد ورئيساً للحكومة في ذلك الوقت، وبعد نقاش مستفيض مع الخبراء الدستوريين وعدد من السياسيين اتفقنا على دعوة سموه للحضور والاجتماع به في مكتب سموه في مجلس الأمة، المهم لم نخرج من اسوار المجلس، وكانت جلسة مثيرة نشرت احداثها في حينها.

***
• اليوم الاحد ليلة 27 رمضان، وهي مؤشر قرب رحيل شهر الصوم!‍‍ بعضنا يرى في رحيله رحيلا للخير وموسم الحصاد وجني الارباح وقطف الثمرات، والبعض الآخر يرى فيه ضيفا ثقيلا حرمه من الاستمتاع بالكثير من المحرمات (هذا ان كان فعلا صابرا وملتزما)، لكن هناك بعضاً آخر يحل عليه شهر الخير ويرحل ولا يدري عنه، جاء أم راح!
أسأل الله ان يتقبل منا ومنكم صالح الاعمال، والا يحرمنا واياكم في هذا الشهر الفضيل أجر قراءة القرآن وصيام أيامه وقيام لياليه، وأن يوفقنا لموافقة ليلة القدر فيما تبقى منه.. امين.

***
• لفتة كريمة
نشرت صحيفة الوطن تصريحاً للشيخ راضي الحبيب، قال فيه: «ان الطعن بعرض أزواج الأنبياء هدم لأصل العصمة، وهو من اصول اعتقاد الامامية، وأن من يفتري على السيدة عائشة أم المؤمنين يخالف مذهب أهل البيت ويخرج عن منهجيتهم».

مبارك فهد الدويلة

سعيد محمد سعيد

البحث عن «الأسرة الآمنة»

 

للوهلة الأولى، قد يعتقد بعض القراء أن هناك تهويلاً وتضخيماً حينما نتحدث عن افتقار الكثير من الناس، من مواطنين ومقيمين، للأسرة الآمنة… ذلك في الحقيقة أخطر ما يمكن أن يهدد استقرار الإنسان في أي مكان في العالم، وأشد ما غفل عنه الكثير من المسئولين والباحثين الاجتماعيين والمرشدين والمهتمين بالحقل الاجتماعي في البحرين، ذلك النمط من الاغتراب والجفاء والهوة بين أفراد الأسرة الواحدة.

الخطر كبير، والحل ليس مستعصياً، فالخطوة الأولى أن يبدأ كل واحد منا بنفسه، ليعيد النظر بدقة وموضوعية وحرص ليرى الصورة واضحة… هل أسرته آمنة أم لا؟ وما الذي ينقصها… أو بالأخرى، ما الذي يهدد أمنها وطمأنينتها؟ هل هي أسباب في يده أم خارج عن إرادته؟ هل تعجز أجهزة الدولة عن المساهمة في حل بعض المشكلات أم أن الخدمات الاجتماعية الحكومية هي الأخرى منعدمة؟ لكن الأهم وقبل كل شيء، أن يدرك الكثير من أولياء الأمور، المتعلمين منهم وذوي التعليم المتوسط والأميين، أنه على رغم الافتقار إلى الدراسات الميدانية، لكن الكثير من الأسر في البحرين تعيش ظروفاً اجتماعية سيئة، ليست على المستوى المادي فحسب، بل على مستوى التواد والترابط والتراحم… وليس أفضل من اتخاذ قرار بإعادة النظر في مستوى تعاملنا الأسري في هذه الأيام المباركة من الشهر الفضيل.

والإعلام البحريني، أهمل كثيراً هذا الجانب، لكنني ولله الحمد، وجدت وأنا أبحث عن مواضيع تخدم الموضوع، أن «الوسط» كانت قد بادرت منذ العام 2005 بتناول الموضوع بين الفينة والأخرى، وكان للزميلة زينب التاجر موضوع رائع تناولت فيه تحت عنوان :»البحث عن الأسرة الآمنة» العديد من النقاط التي نحتاج أن نكررها ونركز عليها حتى تصل إلى جميع الفئات في المجتمع، وليتبادلها الناس فيما بينهم لتصل حتى إلى أولئك الذين يعيشون في حالة من الجهل والفقر وضيق ذات اليد لتمتد يد المساعدة إليهم… ولا تقولوا لي إنها (الدولة وهذه مسئوليتها) فهذا صحيح، لكن مع ذلك، فإن الكثير من أصحاب الأيادي البيضاء ساهموا ولايزالون في الدفع في هذا الاتجاه.

وفي الواقع، يشعر الإنسان بالأسى والحسرة حينما يقرأ بعض الأخبار والأحكام الصادرة عن المحاكم، أن يجد في مراكز الشرطة والمراكز الاجتماعية كماً هائلاً من القضايا التي ربما لن يصدقها البعض إن قلنا إنها وقعت في المجتمع البحريني حتى أن البعض منها يصل إلى حد التقاتل بين الأب وابنه وبين الأخوة أو الأقارب…

البحث عن الأسرة الآمنة مفتاحه في يد كل واحد منا… فأول خطوة هي التصدي للشيطان الرجيم الذي يسعى لتدمير البيوت، والخطوة الأولى هي الاعتراف بأننا مخطئون في حق أسرنا، وأننا، في مقدرونا، أن نرجع البسمة الجميلة إلى وجوه أفراد أسرنا صغاراً وكباراً.

عيدكم مبارك مقدماً… وسيكون حديثنا الخميس المقبل، حديث (عيد الأسرة البحرينية)

احمد الصراف

مسجد النقطة صفر

سبق أن تطرقنا لموضوع قلة اهتمام مثقفي الرأي وأصحابه في مجتمعاتنا، بما يجري في العالم من أحداث، وهذا يعود إما لتواضع معارفنا، أو عدم اكتراثنا بما يجري حولنا أو بسبب الكم الكبير من المشاكل التي تحيط بنا والتي تشغلنا عن الاهتمام بغيرها، ولكن الصورة عكس ذلك لدى الغير، خاصة في الدول الغربية، حيث يبدي البعض هناك اهتماما متزايدا بقضايانا وكوارثنا. والغريب أننا عندما نحاول الدفاع عن موقف أو وجهة نظر طرف آخر، وبالذات أميركا وإيران وإسرائيل، نتعرض لمختلف تهم الخيانة والعمالة لأطراف خارجية!
تطرق كيث أولبرمان، المعلق الأميركي المعروف، في قناة nbc يوم 8/16 لقضية المسجد المزمع بناؤه على أرض مركز التجارة الدولي في مدينة نيويورك، وهو المركز الذي هدمه الفكر العربي الإسلامي المتطرف، في 11 سبتمبر 2001 على رأس أكثر من 3000 بريء. وقال المعلق، على لسان القس الألماني(Martin Niemller)، إنه لم يحرك ساكنا عندما أنهى النازيون في وطنه زعماء اتحادات العمال، وسكت عندما قضوا على الشيوعيين، فهو لم يكن شيوعيا، وعندما بدأوا بتصفية اليهود لم يكترث، وعندما جاءوا له لم يكن هناك أحد ليقف معه! ومن هذا المنطلق فإنه، أي كيث أولبرمان، يشعر بأن عليه اليوم أن يقف ويتكلم في موضوع المسجد، من دون مقارنة طبعا بين وضع اليهود حينها ووضع مسلمي أميركا اليوم، وليقول إن هذه القضية أخذت أبعادا خطرة وشابتها مبالغة وشحن لمشاعر الرأي العام ضد فكرة بناء المسجد على أرض مركز التجارة الدولي، لما يمثله من تحد واحتقار لذكرى أرواح آلاف الأبرياء الذين قضوا في ذلك الموقع، وأن المسجد سيستخدم لتدريب الإرهابيين! ولكن الحقيقة أنه لا يوجد مسجد في مركز التجارة «كرواند زيو» ولا مركز للإرهاب، فما هو مخطط لبنائه يقع في 45 بارك بليس، وهو مركز مكون من 13 طابقا يحتوي على ملاعب ومدارس ومكتبة وفي طوابقه الأخيرة مكان للعبادة، ويبعد أربعة أو خمسة «بلوكات» عن موقع مركز التجارة ولا يشاهد منه، ويجب ألا يثير وجوده حفيظة أحد. وقال إن في منهاتن مساجد يعود تاريخها لما قبل تاريخ بناء برجي التجارة، وأن أميركا، منذ تأسست، وهي تحارب من أجل حق الجميع في ممارسة الاعتقاد، وأن هؤلاء المعترضين انفسهم سبق ان اعترضوا قبل 50 عاما على انتخاب رئيس كاثوليكي للبلاد، وأن رفض بناء المسجد سيعني في النهاية أن من اعتدوا علينا في الحادي عشر من سبتمبر قد حققوا أهدافهم.
وفي جانب آخر ألقى عمدة نيويورك، الملياردير اليهودي مايكل بلومبرغ، في 8/29 خطبة مؤثرة، وبحضور رجال دين يهود ومسيحيين، أعرب فيها عن تأييده الواضح لفكرة بناء مركز إسلامي في المدينة. وقال إن ذلك امتحان لمثل الشعب الأميركي ولمبدأ فصل الدولة عن الكنيسة وحق المواطنين في التصرف بممتلكاتهم بالطريقة التي تناسبهم. وبما أن أرض المسجد المزعوم، والأصح المركز الإسلامي، ملكية خاصة، فإن الحكومة لا تستطيع إنكار حق الملاك في التصرف بأرضهم. ولو قام معارضو بناء المركز برفع الأمر للقضاء فإن المحكمة، في الغالب، سترفض دعواهم لمخالفتها دستور الولايات المتحدة.
وقال إننا قد لا نتفق مع جيراننا في المبنى نفسه ولكننا نتقبل اختلافاتنا ويتحمل بعضنا بعضا، وهذه الروحية والانفتاح والقبول للآخر هي التي حاول المعتدون على برجي التجارة تحطيمها والقضاء عليها. فأميركا تأسست على مبدأ أن الحكومة يجب ألا تختار بين العقائد الدينية أو أن تميز إحداها ضد الأخرى، وسنكون غير صادقين مع أنفسنا وأخلاقياتنا ومبادئنا إن رفضنا بناء المسجد في منهاتن. كما أن رضوخنا لمطالب المعارضين سيسعد كثيرا متطرفي الطرف الآخر. وقال إنه في يوم 9/11 اندفع الآلاف لداخل حطام وركام المبنيين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه دون أن يسألوا من الذين قاموا بإنقاذهم، وأي رب يعبدون ولأي ديانة ينتمون، وأن 400 من أولئك الرجال لم يعودوا في ذلك اليوم لأهاليهم! وقال إن الخلافات والمواضيع المثيرة للجدل تأتي وتذهب، ولكن قيمنا وتقاليدنا يجب أن تبقى.

أحمد الصراف

سامي النصف

خطاب واجب التنفيذ

بعد تهنئة صاحب السمو الأمير ـ حفظه الله ـ أبناءه المواطنين والمقيمين بدخول العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، توجه سموه في خطابه السنوي مباشرة لقضية الوحدة الوطنية التي أرساها الآباء والأجداد ويفرط فيها هذه الأيام بقصد أو دونه بعض الأبناء، ومما جاء في الخطاب المهم «ضرورة الوقوف بحزم في وجه كل من يحاول الإساءة للوطن العزيز بإثارة النعرات الطائفية أو القبلية أو الفئوية وبث روح الفرقة والتعصب والتحزب وشق وحدة الصف».

وواضح ان هناك من يستخدم بعض وسائل الإعلام لتفكيك وحدتنا الوطنية، آملا ان ينتهي الوضع بما آل إليه الحال في بعض الدول التي ابتليت بالتناحر الأهلي وهو أكثر ضررا وخطرا من الغزو الخارجي، لذا أتى في خطاب سموه «ضرورة الارتقاء بإعلامنا المقروء والمسموع والمرئي وممارسة دوره المنشود في تكوين الرأي العام المستنير الذي يعزز الولاء للوطن وينشر المحبة بين الناس».

وتظل الكويت بلدا صغيرا وسط منطقة شديدة السخونة مما يحوجنا لأن نعمل جميعا لتحسين صورتنا لدى الآخرين، لذا طلب سموه من وسائل الإعلام «ان تنشر المحبة بين الناس وتسهم في تقوية أواصر الإخاء والصداقة والتعاون بين الكويت والدول الشقيقة وتجنب كل ما يعكر صفو العلاقات مع هذه الدول أو الإساءة اليها».

وجريا على عادة الكويت في تقديم الدعم للدول الصديقة والشقيقة، وكتنويه بأعمال الخير التي قام بها المواطنون والمقيمون أتى في الخطاب «أن الكويت سارعت كعادتها في مواجهة الكارثة الإنسانية فقدمت جميع المساعدات الممكنة لجمهورية باكستان الإسلامية وقامت بفتح باب التبرعات حيث تسابق المواطنون والمقيمون في تقديم العون والمساعدة».

وكان جميلا أن يستذكر سموه من سبقه وعمل معه من حكام وقادة، لذا أتى في الخطاب «نستذكر في هذه الأيام الطيبة المباركة بالإجلال والتقدير والعرفان أميرنا الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح وأميرنا الوالد الشيخ سعد العبدالله الصباح طيب الله ثراهما وأسكنهما فسيح جناته، سائلين المولى العلي القدير ان يرحم شهداءنا الأبرار وموتانا جميعا ويعلي منازلهم في جنات النعيم، انه سميع مجيب».

ان خطاب والد الجميع يحتاج الى ان يتحول الى منهاج وبرنامج عمل نلتزم به جميعا، فلم يأت الضرر ويحل الشرر وتدمر البلدان الآمنة الا من اعمال ضرب الوحدة الوطنية التي تفرق بين الشقيق وشقيقه، والاستخدام غير المسؤول لوسائل الإعلام.. فالحذر الحذر.

احمد الصراف

ما يكل وماج فلادارس

سبق ان كتبت أن عملي في البنك في ستينات القرن الماضي كان نقطة فاصلة في حياتي، ولهذا اضطر أحيانا للرجوع لتلك الفترة للنهل منها، وأستميح القراء عذرا إن كان في هذا التكرار ما يزعجهم ولا أريد هنا أن أبدو كصاحبنا المؤرخ الذي كان دائم الإشارة لجدته قبل الدخول في أي حديث أو قصة تاريخية!
***
كان «مايكل فلادارس» مديرا لي في بداية عملي في البنك، وكان شخصا لطيف المعشر دمث الخلق، ويختلف إلى حد كبير عن الصورة النمطية للموظف الهندي، حيث كان عالي الصوت دائما وصاخبا في عمله، وكان ذا اطلاع واسع بما كان مسؤولا عنه وبالحياة عامة، وكان لديه دائما كم من الروايات التي كان يسعد بسردها عن تجاربه ورحلاته حول العالم. وكانت زوجته «ماج» تعمل في وظيفة مرموقة في السفارة الأميركية وقتها، وقد ساعدتها وظيفتها في مرحلة لاحقة في الحصول على الجنسية الأميركية والهجرة وأسرتها لأميركا، حيث انقطعت أخبارهم عنا منذ ذلك الحين، وربما يكون فلادارس الآن في منتصف الثمانينات من عمره، إن كان لا يزال على قيد الحياة.
اسم فلادارس برتغالي، وربما اكتسبته أسرته من أيام استعمار البرتغال لمناطق واسعة من جنوب الهند مثل «جوا». كان يبدي اهتماما خاصا بتدريبي وتمضية وقت وجهد في شرح عمليات البنك المعقدة لي. وفي يوم استضافني في بيته لتناول العشاء، ولا أزال أتذكر تحذيره لأبنائه من الإفراط في تناول الزبدة، وهي النصيحة التي أعمل بها حتى اليوم، وقد شكرته كثيرا على تكريمي بمشاركة عائلته عشاءهم.
كان فلادارس يحب الحياة والحديث عن أسفاره، وكان يبدأ قصصه خلال فترات الاستراحة، أو بعد إغلاق أبواب البنك للعملاء، بسؤالي عما إذا سبق ان زرت المدينة التي ينوي الحديث عنها في ذلك اليوم، وكنت وقتها لم أزر غير العراق وإيران ولبنان، وبالتالي كان جوابي دائما بالنفي، وهنا كان ينطلق في الحديث عن رحلته إلى النمسا أو سان فرنسيسكو أو دزني لاند أو لندن ومغامراته وذكرياته في كل منها! وفي يوم ما، وهو مستطرد في سرده، قاطعته متسائلا عن عمره ففوجئ بسؤالي وقال بتردد: 45 عاما! فقلت له بكل هدوء انني أصغر منه بربع قرن، وعندما أصبح في عمره سأكون قد زرت أضعاف ما قام بزيارته من مدن ومعالم! ففغر فاه، لا أدري مستغربا أو مستنكرا، ولم يقل شيئا ولم يكمل روايته، ولا أعرف ما الذي كان يفكر فيه وقتها، ولكن علاقتنا أصبحت بعدها أكثر ندية وفسرت سكوته بأنه ربما صدم من ذلك الفارق بين عمرينا، أو ربما شعر بأنني على حق، أو أنه اعتبرني فظا، وصريحا أكثر من اللازم.
تذكرت تلك القصة وأنا أقرأ عن أن احدى علامات التقدم في العمر هي عندما نشعر بأننا نعرف الكثير عن الحياة، وفي هذه اللحظة بالذات يتوقف الآخرون، من أصدقاء وأبناء بسؤالنا عن أي شيء، لأنهم أصبحوا هم كذلك يعرفون الشيء الكثير عن الحياة!
الخلاصة أن الكبر يصبح أمرا متعبا، وأحيانا، مثيرا للشفقة إن لم نحتط له بجميل الذكريات وعديد الصداقات والمحافظة على الصحة والإكثار من الآهات، فلا حياة من غير فضول وبهجة وحب ودهشة!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

الدكتور رفعة

الحاخام اليهودي الذي دعا على الزعماء العرب بالطاعون، وتحدثت عنه في مقالتي الماضية فقلت: «يبدو أن جذوره عربية»، تبيّن فعلاً أن جذوره عربية، على ذمة رسالة من أحد القراء، وأنه عراقي بصراوي، تنقل ما بين مصر والعراق قبل أن يستقر في فلسطين المحتلة. الله يغربله.

الجينات العربية في الغالب تعلق بثوب صاحبها، وحتى لو ذهب إلى أستراليا أو تشيلي لَبَقِيَتْ الجرثومة العربية متشبثة بدماغه. وقريبنا الحاخام البصراوي رغم أنه يعيش في إسرائيل، الدولة المتطورة طبياً، لم يدعُ على أعدائه بتليّف خلايا الدماغ مثلاً، أو بأي مرض اكتُشف حديثاً، بل دعا بالطاعون، لأنه مرض مذكور في تراثه الديني.

ما علينا… سابقاً كانت قبائل جزيرة العرب تتعمد اختيار أسماء مرعبة لأبنائها خوفاً من الحسد، فتجد «حديحيد وجعيشان وقريشيع وفجيحي وهضيبان وطنيقر وسحيلي وقنيبر…»، والأخير هو أحد أجدادي الأفاضل، ولو أنك أعدت النظر وركّزت قليلاً لاكتشفت أن «ياء التصغير» تنتشر في غالبية الأسماء، من باب التدليع والتغنيج، فـ»قريشيع» هو اسم الدلع لـ»قرشع» أو «قرشيع»، و»طنيقر» اسم الدلع لـ»طنقر». ولا أدري كيف كانت زوجاتهم يدلعنهم في لحظات التجلّي، وبالذات الأخ حديحيد… يا حدحودتي؟ كارثة.

على أن المصريين وبقية العرب ليسوا عنا ببعيد، فجولة واحدة على أسماء لاعبي منتخب الجزائر الذين شاركوا في كأس العالم ستجعلك تشعر بالشفقة تجاه «قريشيع» وأشقائه. وفي مصر كان معنا أثناء الدراسة مجند يحمل شهادة الدبلوم، رُزق بولد فأسماه «النص»، ليش؟ سألته، فاجاب: «أمّال عايزني أسميه تامر أو رامي أو أي اسم ناعم؟ أنا عايزه يطلع راجل خشن، والبداية من اسمه»! لكن رحمة ربك دفعت الهيئة المسؤولة عن شهادات الميلاد إلى رفض الاسم وأجبرت الأب على تغييره.

ويقول الوالد رحمه الله: كنت في منتصف عمري (توفي عام 2005 بعد أن بلغ نحو مئة عام)، عندما أُبلغت بمرض خالي «زنيفر» رحمه الله، الذي يقطن في الجهراء، فأتيت لنقله بسيارتي إلى المستشفى، إذ لم يكن في عائلتنا من يمتلك سيارة سواي… وفي المستشفى، قلّب الطبيب أوراق خالي، وارتدى نظارته الطبية مذهولاً وتمعّن في الأوراق، ثم خلع نظارته وأخذ يحدّق بنا، ثم ارتدى نظارته وراح يتمعّن في الأوراق ويحدّق بنا فاغراً فاه، ثم خلع نظارته وسألني بلهجته المصرية: «المريض اسمه ايه؟ زنْيَفَر؟»، فصححت له: «زنيفر»، فهمهمَ: «ليه بس، هيّه الأسامي بقت بفلوس؟» (الترجمة المصرية من عندي أنا، إذ نقل الوالد الرواية بلهجته)، فبرّر الوالد خجلاً: «أجدادنا كانوا يعتقدون واهمين أن الأسماء الصعبة تبعد الجن، ومنهم توارثت الأجيال هذه الأسماء»، فسأله الطبيب: «وانت اسمك ايه؟»، يقول فأجبته: «عايض»، فهز الطبيب رأسه غاضباً: «أستغفر الله العظيم، ايه ده، زَنْيَفر وعايض، وامبارح كان عندي واحد اسمه بعيجان وواحد اسمه شلْيَويح، ووو، دي أسماء كوارث مش بني آدمين، وكله كوم وشحيبر كوم لوحده»، وراح الطبيب مستنكراً يعدد الأسماء الغريبة التي واجهها في الكويت. يقول الوالد فسألته بصوت كسير: «وأنت ما اسمك؟»، يقول فأجابني بزهو: «رفعت»، فصرخت في وجهه: «آبو لحيتك، توقعت أن اسمك (إبراهيم باشا)، أو أي اسم آخر فخم، فإذا أنت (رفعة)! على الأقل أسماؤنا أسماء رجال أما أنت فاسمك على اسم جدتي، يا رخمة».