محمد الوشيحي

صحافيو الكوافير

الله يرحم تلك الأزمنة السحيقة، قبل أربع سنوات أو خمس، عندما كنا نقصف معالي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك، براً وبحراً وجواً، ونركز على منشآته العسكرية ونتحاشى المدنية، فيتصل بنا مدير مكتبه الفريق صالح الحميضي، وأنعم به من رجل، ليردّ ويشرح ويوضّح، ونلتقي "أبا صباح" مصادفةً في مناسبة احتفالية، فإذا هو شيخ، وإذا هو كبير، وإذا هو يتبسم بثقة ويدردش عن الموضوع ويبيّن وجهة نظره، ويمضي كلّ إلى غايته، والقلوب صحاح.

الله يذكر بالخير تلك الأزمنة السحيقة، عندما كنا نحمّل كل مشاكلنا على بعير الشيخ أحمد الفهد فيحتملها، ونضع أقلامنا في النار قبل كتابة مقال يهجوه، ونستنجد بالشياطين، ونلتهم "تمرة الحرب" ونشرب فنجانها، وننثر الحروف الأبجدية على السجادة أمامنا لننتقي منها أشرسها ونختار أعنفها، فيظهر المقال على صفحة الجريدة شاهراً سيفه، يستعرض على حصانه أمام الجند، محمّلاً بكل مفردات التحدي، فنلتقي أحمد الفهد مساءً في مناسبة اجتماعية، عرس مثلاً، فيبتسم متحدّياً وهو يخفي موقع طعناتنا: "الوعد يوم الاستجواب، هاهاها، ما تقدرون على الوزير". وتنتهي القصة بلا نيابة ولا محكمة ولا هم يحزنون.

الله يمسيها بالخير تلك الأزمنة، عندما كان أحدنا لا يتقدم لخطبة امرأة إلا واشترط أبوها "رأس" قيادي من قادة "حدس"، فتنطلق خيلنا – نحن أعداء التدين السياسي – فنقتل منهم من نقتل، ونأسر من نأسر، فيكرّون علينا – عادة أثناء نومنا – ويخطفون من يخطفون ويلوذون بالفرار، وفي الصباح يسننون افتراءاتهم علينا، لكنها افتراءات داخل حدود الحوش، لا هم نزعوا عنا وطنيتنا ولا نحن نزعنا عنهم وطنيتهم، ولا هم تحدثوا عن أعراقنا ولا نحن تحدثنا عن أعراقهم، ولا هم دخلوا غرف نومنا ولا نحن اقتربنا من صالات بيوتهم الداخلية. كانت حرباً بالأسلحة التقليدية. ثم نتبادل معهم الزيارات والورد المغشوش.

الله يسقي تلك الأزمنة ديمة، عندما كان خصومنا بنقاء أمين سر جمعية الصحافيين الزميل فيصل القناعي… آخ، اشتقت لخصومتك الراقية أبا غازي، خصوصاً بعد أن نشرت صحافة مصر خبراً مضحكاً ذكّرني بجمعية الصحافيين "راقصات وسباكون وسائقو ميكروباص وتاكسي وبائعو كبده من ضمن كشوف النقابة".

قرأت ذلك وتخيّلت أننا فتحنا كشوفات جمعية الصحافيين، عليّ النعمة لنجدن فيها من الكراكيب و"القواطي" وممالك النمل والزيت الناشف ما يشيب له ريش الغراب وهو في ريعان شبابه.

على أن شيئاً لا يهمني بقدر ما يهمني عدد "الكوافيرات" الزميلات. "وهيهات يا بو الزلوف عيني يا موليّا، محلى الوما بالوما ومحلى العزوبيّا".

سامي النصف

هل قتل هيكل ناصر والسادات معاً؟ (2 ـ 2)

من يعتقد أننا أتينا باطلا بإلقاء الشكوك حول تورط الأستاذ هيكل في وفاة الرئيسين ناصر والسادات كونهما من مقربيه، أو اننا نسدد دين موقفه الشائن من الكويت إبان محنتها، فعليه أن يقرأ لقاء الأستاذ إبراهيم الويشي ضمن كتابه «خريف هيكل» الصادر عام 83 مع الحاج حافظ حلمي الشلقامي عمدة قرية هيكــل «باسوس» حيث يذكر العمدة أن زوجة والــد الأستاذ محمد وتدعــى صالحــة قد توفيت هي وأبناؤها أحمد ومجاهــد وحامد ونعيمة خلال شهر واحد بظرف غامض (حادث تسمم؟) ويضيف الكاتب أنه تصور في الحال أن هناك شبهة جنائية وراء وفاة أربعة إخوة للأستاذ حتى بقي الابن «الوحيد» لأبيه كحال بقائه الصحافي «الأوحد» في مصر فيما بعد، وتساءلت في نفسي ـ والقول للأستاذ إبراهيم ـ إن كان يمكن التحقيق في قضية مضى على وقوعها كل هذه الأعوام؟

ويذكر د.فؤاد زكريا في كتابه «كم عمر الغضب» انه من الاستحالة ان يكون ارشيف هيكل من صنع رجل واحد او حتى منظومة اجهزة العالم الثالث، اما الكاتب الشهير محمد جلال كشك فيتهم بشكل مباشر هيكل بالعمالــة ويدينه من فمه فهيكل يدعي ان المخابرات الغربية هي التي انشأت دار اخبار اليوم عام 46 على يد الاخوين امين ولا يذكر هيكل انه كان ثالثهم حيث عمل معهم حتى عام 52، كما يدعي هيكل انه من قال لعبدالناصر ان الانجليز لن يتدخلوا فيما لو قام بانقلابه، وقد اثبتت الوثائق اللاحقة ان الرئيس الاميركي ورئيس مخابراتــه وممثلهما في مصر قد قاموا بالفعل بالضغط على الانجليز لوقف تدخلهم وقد كانت لديهم في مصر قوات تكفي لإجهاض ذلك الانقلاب، كما اعترف هيكل قبل مدة قصيرة بأن القيادة السوفييتية اتهمته بالعمالة للغرب ورفضت حضوره اجتماعات القيادتين المصرية والسوفييتية مما اضطره للعودة في اليوم التالي للقاهرة.

وما لم يقله الاستاذ كشك هو ان هيكل كان في العشرينيات من عمره يذهب الى كوريا في عام 1950 ابان حربها فيرسل الى صحيفته بمصر ان الهجوم الاميركي المفاجئ لاختراق القوات الصينية والكورية الشمالية سيتم في 13/9/1950 في منطقة انتشون فتأتي الاحداث مطابقة تماما لما قال فمن أين حصل على تلك المعلومات الهامة التي ابرزته وجعلته يحصل على جائزة الملك فاروق الصحافية، ثم يزور في العام نفسه ايران التي تغلي فيمهد له عمل لقاءات مع شاه ايران وشقيقه اشرف والجنرال محمد مصدق والمرجع الكبير ابوالقاسم الكاشاني ليضع ذلك في كتابه الذي اصدره عام 51 وأسماه «ايران فوق فوهــة بركان» ولــم يعــد طبعــه قــط لتبني هيكــل فيــه وجهــة النظر الغربية بالكامل ضد المطالب الوطنية التي كــان يمثلهــا مصدق والتي مهدت للانقلاب عليه.

لقد نظّر الاستاذ هيكل لكل الهزائم والنكبات التي اصابت الامة العربية وأهدت الارض والموارد الى الاعداء بأرخص الأثمان أو حتى دون ثمن، كما تسبب تحويله الهزائم الى انتصارات زائفة في قيام انقلابات وانظمة عسكرية قمعية مدمرة في الوطن العربي، كما نتج عن مقالاته وخطبه التي يلقيها الرئيس عبدالناصر الإساءة للعلاقات العربية ـ العربية كما أسهمت مقالاته التي كان ينشرها كل جمعة بالاهرام وتذيعها «صوت العرب» في إفشال مشروع الوحدة الثلاثية عام 63 بين مصر وسورية والعراق ومرة اخرى الوحدة الرباعية عام 71 بين مصر وسورية وليبيا والسودان في عهد السادات، وقد حصد هيكل المليارات التي تجري بين يديه هذه الايام نتيجة لأعماله تلك حيث انه المالك الاكبر لأسهم أكبر شركتين ماليتين في الشرق الأوسط يديرهما أبناؤه وشقيق زوجته إضافة الى 5 ملايين دولار سنويا ـ كما ذكرت مجلة المصور ـ يحصدها من احدى الفضائيات لقاء القيام بدور الحكواتي!

آخر محطة:

رغم الاختلاف مع ما يقوله ويكتبه الاستاذ هيكل، الا اننا نرفض بشدة منع كتبه من دخول معرض الكتاب في الكويت والحال كذلك مع كتب المثقفين المصريين.

 

حسن العيسى

الله يذكرك بالخير يا شيخ سعود

"شوفوا لكم كلام غير هذا"، فالكتب الممنوعة حسب مصدر وزارة الإعلام هي في خانة "إما… أو" في بلاغة وزارة الإعلام!! فهي "إما تحتوي على مساس بالذات الإلهية أو الرسول صلى الله عليه وسلم أو الأنبياء أو الصحابة، وإما تكون متضمنة ما يثير الفتن الطائفية، أو فيها مساس أو افتراءات على الكويت…" حسب ما نشر في جريدة الوطن! رد الولي الفقيه في وزارة الإعلام يثير الضحك… ونحن في حاجة إلى الكثير من جرعات الفرح والضحك في دولة "بني تزمت وبني ملل"، وبعد أن سلمت الدولة مفاتيحها لأعداء العقل والبهجة. تصريح الولي ليس فيه جديد، ففي كل سنة تصدر أحكام الإعدام على الفكر في معرض "الهباب" الكويتي يعيد علينا الولاة القضاة أسباب الأحكام ذاتها التي تنحصر في "إما… أو"… وسؤالنا لعباقرة الرقابة المشكلة من العضو اسبينوزا في وزارة الأوقاف، والعضو "فولتير" في المجلس الوطني… والعضو "حسين بن عاقول" من فريح بني صامت… هم وحدهم لا غيرهم… من يقرر "إما… أو" وما يثير الفتن الطائفية أو يعد مساساً بالذات الإلهية… إلخ؟ هم من أهل الهم والغم يقررون المسموح وغير المسموح والحلال والحرام والممكن وغير الممكن، وطبعا لأن "هم" ولأن وزارة "هم" وحكومة "هم" يعملون ألف حساب لنواب التخلف… ورقابتهم اللاحقة ومشاريع الاستجوابات الفارغة، فلماذا كل هذا الصداع…؟ فالباب الذي يأتي منه الريح سده واستريح… والرياح التي تحرك الخلايا المتحجرة في عقول شعب "يارب لا تغير علينا" أغلقوا نوافذها وارتاحوا…

حين كان الشيخ سعود الناصر وزيراً للإعلام في الأيام الخوالي الجميلة، انتقدنا مع الزملاء الكتاب قرارات المنع والحظر في معرض الكتاب… ولم يمض يومان أو ثلاثة إلا ورن جرس هاتفي النقال لأسمع من "أبو فواز" ذاته وزير الإعلام قراره الشجاع بإلغاء كل قرارات الحظر على الكتب الممنوعة… لم يقل الشيخ سعود الناصر إن هناك لجنة تختص بالرقابة "وأنا مالي شغل فيها"، ولم يترك المجال لمصدر مسؤول في الوزارة ليصفعنا بتصريح "إما… أو"… تصرف الشيخ سعود كمواطن مسؤول يؤمن بحرية الإنسان وحقوق العقل الحر… ولم يكترث للنتائج.. وأعلنت الحرب عليه من نواب الحلال والحرام، وضغن عليه البعض في مجلس الوزراء… ومضت فترة وترك الوزارة… وخسرته الدولة.

احمد الصراف

سعود الناصر والحرمي

تعني كلمة accountability مسؤولية محاسبة الجهة أو الفرد أثناء أو بعد قيامه بأداء عمل أو مشروع ما، حتى بعد مرور وقت على الانتهاء منه. فمكتب تدقيق الحسابات مثلا مسؤول عن ميزانية الشركات التي يقوم بتدقيق دفاترها، ويبقى «عرضة للمحاسبة»، ان تبين مستقبلا أنه لم يقم بواجبه كاملا! وفي لغتنا وأوطاننا العربية لا نشكو فقط من عدم وجود ترجمة دقيقة لهذه الكلمة المهمة بل وأيضا لا نعرف تطبيقها، ان عرفنا معناها، فــ«عفا الله عما سلف» أكثر اتباعا! ولو حاولنا سرد حالات الفشل المالي والاداري التي وقعت في السنوات العشر الأخيرة، والتي لم يخضع المسؤولون عنها لأي «محاسبة» لتطلب الأمر تخصيص مساحات شاسعة من صفحات الجريدة.
في 9/22 نشرت «الآن» الالكترونية مقالا للمحلل النفطي كامل الحرمي تطرق فيه الى الخبر الذي نشر على الصفحة الأولى من «الجريدة» (9/19)، على لسان مسؤول نفطي عال من أن شركة نفط الكويت أكدت أن الطاقة الانتاجية لحقول الشمال ستصل الى 850 الف برميل في اليوم بنهاية شهر ديسمبر القادم، ومع الوصول الى هذا الانتاج في الحقول الشمالية يكون قد انتفى الغرض من مشروع تطوير حقول تلك المنطقة والمسمى بــ«مشروع الكويت»! وأضاف أن هذا خبر سار جدا، خاصة أنه تم بامكانيات شركة نفط الكويت وبمساعدة شركات خدمات نفطية مثل شلمبورغ وهاليبورتون، وبالتالي لم تعد هناك حاجة لشركات نفطية عالمية! وقال انه يتمنى تأكيد هذه البشارة رسميا من الحكومة وان تحتفل الكويت بها!
وهنا يتساءل السيد الحرمي عن مسؤولية 6 وزراء نفطيين سابقين و3 رؤساء تنفيذيين في مؤسسة البترول الكويتية و3 من رؤساء شركة نفط الكويت ورؤساء شركة التنمية النفطية، التي تأسست خصيصا لتنفيذ مشروع الكويت، وكبار المسؤولين في شركة نفط الكويت – قطاع الاستكشافات النفطية، لعدم مصداقيتهم وسعيهم لخلق أزمة سياسية وعداء مستديم بين الحكومة ومجلس الأمة منذ عام 1991 حتى الآن؟ وكيف أن الأمر تسبب في تشويه سمعة مجلس الأمة في الداخل والخارج، وخلق مشاكل مع الشركات النفطية العالمية التي تأهلت وقدمت أكثر من مليوني دولار فقط لدخول غرفة المعلومات! كما تساءل عن الندوات التي أقيمت محليا وخارجيا لتسويق المشروع، وعن تضييع وقت اللجان المختلفة بمجلس الأمة، وكل ما قيل عن أهمية وضرورة الاستعانة بالشركات النفطية العالمية، ومسؤولية كل هؤلاء عن هدر المال العام والوقت الثمين، وشهادة الوزراء والرؤساء التنفيذيين أمام مجلس الأمة وأعضاء المجلس الأعلى للبترول واعضاء مجلس ادارة مؤسسة البترول والدواوين، وكيف كان الجميع يؤكد الحاجة الماسة للمشروع وضرورة الاستعانة بخبرات عالمية للتعامل مع حقول الشمال النفطية الصعبة، وان خبراتنا النفطية فقط في الحقول والمكامن السهلة، فماذا سيكون رد هؤلاء جميعا الآن، ان ثبتت صحة الخبر؟ وقال انه وغيره كانوا مع مشروع الاستعانة بالشركات العالمية وصرف مليارات الدولارات على تطوير حقول الشمال، والآن تأتي الشركة نفسها وتقول على لسان كبار مسؤوليها انتفاء الغرض من المشروع، وانها استطاعت ان تحقق الهدف نفسه دون ضجة اعلامية ولا تكاليف خرافية!
ويتساءل السيد الحرمي قائلا: هل كانت خدعة من القطاع النفطي ومن العاملين أم جهلا مطلقا أم ضجة اعلامية من أجل المصالح والتربح السريع والحصول على الوكالات التجارية؟ ويقول ان الجواب يبقى عند القطاع النفطي، ولكن ليس هناك شيء مؤكد!
وكمواطن لا يهمني ما كتبه السيد الحرمي أكثر مما يهم أي مواطن آخر حريص على مصلحة وطنه، ولكني أخشى أن تساؤلاته ستبقى من دون توضيح من اي جهة، فلن ترتفع درجة «المحاسبة» لدينا على ما هي عليه الآن، بالرغم من أن المال العام كاد يخسر سبعة مليارات دولار لتطوير حقول نفطية لا تحتاج الى تطوير كبير، ولكني هنا معني بصورة خاصة برد الشيخ سعود الناصر الصباح على هذه التساؤلات، فقد كان وزيرا للنفط في مرحلة حاسمة من تاريخ «مشروع الكويت»، واهتم به وروج له وأيده بقوة، ومن منطق احترامي وتقديري له اتمنى أن اسمع رأيه هنا، لنرتفع بمستوى المحاسبة لدينا، ولكي تبقى صورته في ذهني وذهن الكثيرين جميلة، لتميز مكانته بين بقية أفراد الأسرة.

أحمد الصراف

سامي النصف

هل قتل هيكل ناصر والسادات معاً؟ (1ـ2)

 روى مؤخرا الاستاذ هيكل ما جرى إبان قمة عام 70 في القاهرة، ومما ذكره انه كان في جناح الرئيس عبدالناصر مع عرفات والسادات عندما قام نائب الرئيس وأخرج الطباخ النوبي وعمل بنفسه قهوة مسمومة لعبدالناصر توفي على اثرها بعد ثلاثة ايام وهي رواية يقولها للمرة الأولى الاستاذ هيكل الذي يحتفل هذه الأيام بعيد ميلاده الـ 87 وكالعادة جميع شهود تلك القضية من الأموات الذين لا يتكلمون!

بعكس معارضي رواية الاستاذ، أنا أول المصدقين بما قاله من موت الرئيس المستهدف عبدالناصر بالسم، حيث توفي بشكل مفاجئ وهو في الثانية والخمسين من عمره وكان يخضع للفحوصات الطبية بشكل منتظم. ان المنطق يشير الى ان الفاعل المرجح هو هيكل لا السادات ومن ثم فما نشهده هو صحوة ضمير متأخرة وان حاول عبر الطريقة المخابراتية المعروفة بـ Dis-information اي قول جزء من الحقيقة ثم تحريفها عن مقاصدها لإلصاق تلك الجريمة بالرئيس السادات تصفية لحسابه معه وقد قارب الاستاذ التسعين من عمره ولم تخمد براكين حقده التي تثور بين وقت وآخر وقد كتبت قبل أشهر قليلة مقالا أسميته «أحقد من هيكل».

فهل يعقل أن يقوم نائب الرئيس بعمل قهوة في وجود شخص اقل منه رتبة ونعني السيد هيكل دون ان يفرض البروتوكول والذوق السليم تطوعه بعملها بدلا منه؟ وللمعلومة لم يكن لنائب الرئيس السادات آنذاك اي خلافات ومشاكل مع عبدالناصر تدفعه لارتكاب الجريمة بعكس هيكل الذي كانت علاقته وباعترافه تمر بأسوأ ظروفها مع الرئيس ناصر الذي قرر اخيرا التخلص منه عبر ترفيعه الى رتبة وزير تمهيدا لإخراجه من الحياة السياسية المصرية في اول تعديل وزاري، لذا فهم هيكل القصد ورفض بشدة ذلك التعيين واعتكف في عزبته.

وأوعز هيكل آنذاك لتوفيق الحكيم ان يكتب رسالة لعبدالناصر كي يثنيه عن قرار التوزير مما جعله يحال للتحقيق وتزداد العلاقة سوءا بين ناصر وهيكل، وبعد تعيين هيكل وزيرا في صيف عام 70 قبضت المخابرات على سكرتيرته الخاصة نوال المحلاوي وزوجها وصديقه لطفي الخولي وزوجته وتوفيق الحكيم في قضية تظهر شك عبدالناصر في صديقه ووزير اعلامه، حيث تم زرع اجهزة تنصت في بيته ومكتبه وحتى بيت صديقه الذي تحدثوا فيه وقد ظهر للعلن في ذلك الصيف ان عبدالناصر قد رفع غطاء الحماية عن العاملين في جريدة الاهرام ولم يمض شهر ونيف على تفجر الخلاف بعد عملية التخلص الى الأعلى حتى توفي أو قتل الرئيس حسب رواية هيكل الاخيرة في ظروف غامضة يشكك فيها حتى اهل بيته ومنهم ابنتاه هدى التي نرجو ان تقرأ هذا المقال حتى تعرف ان هناك لربما «يهوذا» أو «بروتوس» آخر.

وقد تكرر هذا الأمر مع الرئيس السادات الذي شعر في عام 81 بان هناك قوى متنفذة دولية تحاول التخلص منه بنفس طريقة تخلصها من شاه إيران آنذاك وذلك عبر شن حملة اعلامية عالمية عليه وتحريض الجماعات الاسلامية ضده لذا قام الرئيس السادات فور عودته من واشنطن بحملة اعتقالات في 3 سبتمبر 81 شملت الاستاذ هيكل ومرة اخرى لا يمهل القدر من يسيء للأستاذ ففي اقل من شهر يقتل الرئيس السادات في ظروف غامضة مازالت تثير كثيرا من التساؤلات خاصة لدى ارملته جيهان السادات،. لقد بقي الرئيس ناصر آمنا في موقعه لمدة 16 عاما حتى أغضب هيكل فقتل كما بقي الرئيس السادات آمنا لمدة 11 عاما حتى أغضب هيكل فقتل، ألا تشير تلك الحوادث الغامضة الشكوك في هيكل، أكثر منها في السادات المراد قتله حيا وميتا.

وفي الغد الحديث عن الحادث الغامض في حياة الأستاذ هيكل، والذي تسبب في وفاة زوجة أبيه صالحة وأبنائها (إخوته غير الأشقاء) أحمد ومجاهد وحامد ونعيمة في شهر واحد حتى أصبح هو الابن الوحيد لوالده، فهل كانت وفاتهم بالسم، وهل هناك شبهة جنائية كما تساءل الأستاذ إبراهيم الويشي عام 83؟!

آخر محطة:

لماذا لا تطالب عائلة عبدالناصر ومثلها عائلة عرفات بتشريح الجثمان من قبل اطباء شرعيين للتحقق من اسباب الوفاة الحقيقية وحسم الجدل حول هذا الموضوع فالسموم تبقى في الشعر والاظافر والعظام ولا تزول مع مرور السنين؟

احمد الصراف

لماذا تعمر النساء؟

كان والداي جالسين أمام التلفزيون في مساء ذلك اليوم، ولسبب ما قررت مراقبة سلوك والدتي في تلك الليلة وتدوين كل حركة تقوم بها قبل خلودها للنوم، لأفاجئها بما كتبت في يوم ما.
ما ان نهضت من مكانها بجانب أبي حتى سمعتها تقول ان الوقت قد تأخر عليها وهي تعبة وتريد الخلود للنوم! في طريقها ذهبت إلى المطبخ، وهناك قامت بتحضير عدد من السندويشات لليوم التالي لنأخذها معنا إلى المدرسة. كما قامت بغسل حلة البوبكورن، وأزالت قطعة من اللحم المجلد من الثلاجة لكي تكون جاهزة للطبخ في اليوم التالي، وأضافت بعض النخالة في حاويات خاصة، وجهزت إبريق القهوة لصباح اليوم التالي، ونقلت الملابس الرطبة من الغسالة إلى النشافة وقامت بتشغيلها، وكوت قميص المدرسة الخاص بأخي، وسكبت بعض الماء على مزروعات المطبخ، وانتقلت للصالة والتقطت الألعاب المتناثرة على الأرض ووضعتها في صناديقها الخاصة، ونقلت دليل الهاتف لمكانه، وهنا وضعت يدا على فمها وتثاءبت ووضعت الأخرى على خاصرتها وكأنها تشكو من الإجهاد ومشت بخطوات بطيئة لغرفة النوم، ولكنها توقفت في طريقها أمام المكتب ودونت بعض الملاحظات لمعلمة المدرسة ووضعت بعض النقود على الورقة لتغطية مصاريف رحلة الغد المدرسية لأختي الصغيرة، وأزالت كتابا كان مخفيا خلف المقعد، ووقعت بطاقة معايدة لصديقة لها وجهزتها لبريد اليوم التالي، ولم تنس تحضير قائمة المشتريات من السوبرماركت، ثم ذهبت للحمام وهناك استخدمت ثلاثة أنواع من مستحضرات التنظيف لوجهها وعنقها، ومسحت مناطق حول عينيها بكريمات مقاومة التجاعيد وانتهت في دقائق من فرش أسنانها واستخدام الخيط لإزالة أية آثار بين الأسنان، ثم مررت المبرد سريعا على أظافرها وغسلت يديها، وهنا سمعت أبي وهو يقول بأنه خالها قد أوت للنوم، فقالت انها ستأوي حالا، وطلبت منه قبل أن ينام ألا ينسى وضع ماء في وعاء القطة. وهنا تذكرت أمي أنها لم تطفئ إضاءة الفناء الخارجي، ولم تتأكد من أن باب البيت قد اقفل بإحكام، وفي طريقها للقيام بذلك عرجت على غرف نومنا وتأكدت أننا جميعا بخير، وأطفأت الإضاءة والراديو والتلفزيون في غرفنا، وشاهدتها من تحت الغطاء وهي تلتقط جواربنا وملابسنا الداخلية المستعملة المرمية على الأرض وتضعها في سلة الحمام، وعندما أصبحت في غرفتها قامت بوضع المنبه على ساعة محددة، ورتبت رف الأحذية والتقطت بعض الملابس التي رماها أبي على الأريكة وطوتها ووضعتها في خزانة ملابسه، وما ان استلقت أخيرا على الفراش حتى سمعت خطوات أبي وهو يكلم نفسه: أنا ذاهب للنوم! وهذا ما فعله بالضبط من دون أن يحرك إصبعا أو يقوم بشيء، بل اتجه لجانبه من الفراش ورمى بنفسه عليه وأدار ظهره لأمي وسرعان ما ارتفع شخيره للسماء!
تسللت لغرفتي وأنا أقول لنفسي: هل هناك أمر غير عادي هنا؟ وهل يجب أن نتساءل عن سبب تمتع النساء بعمر أطول من الرجال؟ وجواب ذلك يكمن في ما رأيته ودونته في هذه الليلة، لأن النساء وجدن لقطع الرحلات الطويلة، وهن بالتالي على غير استعداد للموت مبكرا، لأن لديهن دائما الكثير للقيام به في اليوم التالي!
***
(من الإنترنت بتصرف كبير)

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

لو كانت السعودية امرأة لراقصتها

اليوم يوم السعودية الوطني. اليوم عيد ميلاد الفاتنة. حماها الله من أعدائها ومن دراويشها المهووسين الذين يتصوّرونها ويصوّرونها "دولة لا قضية فيها إلا قضية الاختلاط".

فنقرأ في موقع للمتدروشين المهووسين بالجنس "صاحب محل ملابس داخلية نسائية في منطقة الجوف يعرض بضاعته على الواجهة… الله يسترنا بستره"، ومرفق مع الخبر صورة لبعض الملابس النسائية الخارجية لا الداخلية، وتحت الصورة والخبر خذ التعليقات المهووسة: "أخزاه الله هذا المنحرف / الله يستر على حريمنا / عندما يتم الاستهتار بأعراضنا إلى هذه الدرجة فلا تستبعدون قيام القيامة / أين الهيئة والشرفاء على أعراض هذه الأمة من هذا المنحل المنحرف التغريبي؟…"، هؤلاء هم بقايا المهووسين، الذين يجب أن نتعامل معهم كما نتعامل مع بقايا الطعام.

وجاء الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وفتح الباب للنساء الراغبات في المساهمة في بناء البلد، وأسس "جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا" وهي جامعة مختلطة، ولم تتساقط جدران الرياض ولم تتهاوَ بيوت جدة ولا احترقت مزارع الأحساء… ولم يتوقف الملك عند هذا، وهو الذي يعلم أن البناء يحتاج أولاً إلى إزالة الركام، وأن التغيير لا يتم هكذا بطرقعة أصبع، لذا أصدر أوامره بقصر الإفتاء على المختصين، فخرست بعض الألسن التي أساءت إلى الإسلام أكثر من القس الأميركي الحقير الذي أراد حرق القرآن. وقد قرأ بعضنا آخر استهبالات المفتين الزعاطيط الباحثين عن الشهرة: "السؤال، ما حكم قتل الذباب بالصاعق الكهربائي الذي انتشر في المساجد؟ الجواب، حرام ويُفضّل قتله بالفليت" أي والله! والمفتي مدرس في المدرسة الابتدائية، وخطيب احتياطي في مدينة شقراء كما يعرّف نفسه. وقرأنا أيضاً: "السؤال، ما حكم ارتداء المرأة (الكت) والتنورة القصيرة بين النساء؟ الجواب، الكت الذي هو قميص بأكمام قصيرة، وكذلك التنورة القصيرة، يُحرم ارتداؤهما على المرأة حتى وهي بين النساء".

ومن يقرأ فتاوى هؤلاء الزعاطيط، يظن أن السعوديين ما إن تطأ أقدامهم أرض دولة حتى يتسابقوا على فاترينات المحلات النسائية، وهات يا لحس وتقبيل الزجاج ليطفئوا شهوتهم وشبقهم… ما هذا العته الذي سيطر على عقول الدراويش.

خلاص، اكتشف الناس ألاعيب الزعاطيط هؤلاء فوبّخوهم وسخروا منهم، وها هي المملكة ترتدي ثياب الليبرالية العاقلة، لتخرج لنا السعودية كما يتمنى محبّوها، سعودية المشايخ الفضلاء الذين يرفعون الدين وينزّهونه عن عبث العابثين… سعودية الأدباء وعمالقة الاقتصاد وعباقرة الفن والطب والهندسة والعلوم، سعودية عبدالرحمن الراشد وتركي الحمد ويوسف المحيميد وعبده خال وزميلي اللذيذ في هذه الجريدة خلف الحربي، الذي يشعرك أن المبدع المصري المرحوم محمد عفيفي لم يمت، وآخرين… سعودية الصعلوك الرائع الكاتب الشاعر محمد الرطيّان، الذي يؤكد ما قلته سابقاً "يجب ألا يكتب في الصحف إلا شاعر، فإن لم يكن فعاشق للشعر، فإن لم يكن فمتذوق له، وذلك أضعف الإبداع"، وأنا هنا أستعين ببلاغة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو رسولي كما هو رسول المتدروشين الذين يريدون احتكاره والتحدث باسمه لشتم خصومهم ولعنهم.

السعودية اليوم… بلد تفرّغ لزراعة حديقة منزله لا للعبث بحدائق الآخرين وبساتينهم، كما يفعل بعض الجيران. ولو كانت السعودية امرأة لكانت فاتنة، ولتزاحمنا على مراقصتها في عيد ميلادها.

سعادة السفير الدكتور عبدالعزيز الفايز… كل عام والسعودية بروعة ورقيّ، وعقبال إلغاء منصبك، لنتوحد كخليجيين في سياستنا الخارجية والمالية والعسكرية… قل: "آمين".

حسن العيسى

خرابكم منكم وفيكم

التخلف والتعصب الديني والمذهبي والقبلي كلها أمور لم تنزل من السماء، ولم تفرض علينا، والخراب منا وفينا، فعندنا حكومة أخذت قيلولة من حكم العقل منذ زمن بعيد، وعندنا مجلس يعيش أيام حرب البسوس وداحس والغبراء! ومادام الفكر ممنوعاً فالعقل والتفكير الحر لا يوجدان، ومادامت هناك جماعة متسلطة تملي علينا ماذا نقرأ وما لا تجوز قراءته، فلا أمل ولا حلم بأن تتغير حالتنا العقلية، وسنظل على "طمام المرحوم". موضوع تعيد الصحافة نشره كل سنة في مثل هذا الوقت عن الكتب والكتاب الممنوعين من معرض الطبخ ونواقض الوضوء وتفسير الأحلام.

هذه المرة "زادت الجيلة" من المحرمات، فاتخذ الروائي السعودي عبده خال، صاحب رواية "ترمي بشرر"، موقفاً مشرفاً بمقاطعة معرض الكتاب الكويتي القادم، ويتمنى أن يحذو بقية الكتاب حذوه، ونشرت جريدة الراي: "إن اللافت للنظر هذه السنة (نقلاً عن دور النشر) هو "أهمية أسماء الذين تم رفض مؤلفاتهم، ومن بينهم جلال أمين وجمال بدوي وجمال الغيطاني…" وغيرهم من كبار الكتاب العرب.

ماذا بعد؟ وماذا بقي من "فكر" غير ممنوع وغير محرم؟ ألا يكفي أن دور النشر في دولنا العربية نشرت وترجمت في حدود ألف عام أقل مما نشرته دولة واحدة مثل إسبانيا في سنة واحدة…؟! ويتساءلون لماذا نحن متخلفون؟ ولماذا نراوح مكاننا ونغرق شيئاً فشيئاً في مستنقعات العصبية الطائفية والقبلية، ونقبل خاضعين للمستبدين بأنظمة الحكم والمتسلطين على حرية العقل.

أخبرني الزميل صلاح الهاشم أنه سيرفع دعوى على وزارة الإعلام، يسألها عن مبررات المنع، وأسبابه، ولماذا تعاملنا هذه الوزارة كأطفال، وتمارس الدولة علينا سلطتها "الأبوية" وكأننا قصر؟ ويسأل صلاح لماذا تصمت جمعيات النفع العام عن مأساة الحجر على العقول؟ وأين هي رابطة الأدباء وكذلك جمعية الصحافيين…؟ ويقول صلاح إنه لا يكترث بنتيجة هذه الدعوى بالخسارة أو الربح، فالمهم المبادرة بالفعل الايجابي ولا نكتفي بسلبية النقد لمعارض الكتاب في صفحات الجرائد، وسنلقي بالغد حجراً في مياهنا الراكدة… "فعمك أصمخ" في النهاية، ونحن ننفخ بقربة مقطوعة… ويسجل صلاح رقم فاكسه، وهو 22407959، لمن يريد الانضمام إليه في الدعوى ضد الوزارة… وسأنضم معه… فقد تعبنا من ولاية الحكومة الرسمية، وسئمنا من ولاية محتسبة الدين والرجعية.

لا تسألوا اليوم لماذا تفرخ الأرض أمثال ياسر حبيب ونواب "فوق الخيل" الذين حكموا الحكومة بإرهاب السياسة لا بحكم القانون والدستور… فحين تغيب حرية العقل تغيب معها الإنسانية… وسلامات يا دولة المركز المالي والثقافي في المنطقة… وقولوا لنا نكتة "بايخة" غيرها!

احمد الصراف

مبادرة القبس.. وهدية عيدي

قامت القبس – من منطلق إحساسها الكبير بالمسؤولية الاجتماعية – بحملة إعلانية على صفحاتها ضد التدخين، وقد دفعتني مبادرتها للبحث أكثر في موضوع التدخين، فهالني ما وجدته، سواء من ناحية المضار الصحية او التكلفة المالية على الاقتصاد. والحقيقة ان من الصعب تفهم موقف الحكومة من هذه الآفة التي تأكل في أرواح الكثيرين منا من دون أن يفكر مسؤول في فعل شيء إزاء التقليل من خطرها، ولا نقول القضاء عليها، وقد يكون لشركات السجائر دخل في تقاعس الحكومة، ولكن السبب الاول يعود لتخلفنا وجهلنا بخطورة التدخين، فما الذي يمنع الحكومة بكل أجهزتها من تفعيل قانون منع التدخين في الأماكن العامة؟ وكيف تسبقنا دبي وسوريا والأردن في مكافحته ونحن لا نزال ننتظر دورنا؟ ولماذا لا يمنع عندنا حتى في مكاتب كل الشركات والمقاهي والمطاعم والنوادي الرياضية وغيرها؟ فهذه «الأوامر» لا تحتاج لا لمجلس ولا لأمة لوضعها موضع التنفيذ، مع العمل على زيادة الرسوم الجمركية على استيراد كل أنواع التبغ!
تتضمن شهادات الوفاة في كثير من دول العالم فقرة تتعلق بسبب الوفاة، فلو كان المتوفى مدخنا شرها، فما السبب الذي سيذكره ذووه: الموت انتحارا، قتلا، اهمالا ام نتيجة الحمق؟! اقول ذلك بمناسبة ما اكتشفته عن مدى مضار هذه العادة السخيفة، التي كنت عبداً لها في وقت من الأوقات، فعدد الوفيات الناتجة عن التدخين أمر لا يصدق، فطبقا للإحصائيات الأميركية، التي ربما تنطبق على الكثير من دول العالم، فإن رقم الوفيات الناتجة عن التدخين تزيد عن عدد وفيات الايدز والانتحار وتناول الكحول وحوادث السيارات والقتل مجتمعة في السنة الواحدة، ومع هذا لا احد يود ان يفعل شيئا في الكويت لمحاربة التدخين. كما تتكلف أميركا -وحدها- 92 مليار دولار نتيجة أمراض التدخين، وعلى الرغم من أنها وبريطانيا تعتبران من أكبر منتجي السجائر في العالم، لكنهما أصبحتا في الفترة الاخيرة على قائمة الدول التي يقل فيها عدد المدخنين شهرا بعد آخر، ولكن التدخين في جانب آخر في ازدياد مستمر، خاصة في الدول الفقيرة والمتخلفة، كأوطاننا. فشركات التبغ تنتج سنويا 5 تريليونات سيجارة تكفي لتوزيع 750 سيجارة لكل نفس على كوكب الأرض، أي بمعدل سيجارتين يوميا. ويبلغ عدد المدخنين في الصين 300 مليون، وهذا يزيد على عدد سكان الولايات المتحدة.
كما يدمن 195 مليونا في الهند على التبغ، ويموت منهم مليون مدخن سنويا.
وعلى الرغم من تعدد طرق التدخين من سيجار وبايب وأرجيلة، لكن السيجارة اكثرها انتشارا، وهي تصنع بإضافة آلاف المواد المُحسّ.نة والملونة والنكهات المنشطة لها، التي ينتج عن استنشاقها رد فعل كيميائي يغشى الاعصاب ويتسبب في ارتفاع دقات القلب وتنشيط الذاكرة وزيادة الوعي، وكل هذه تشعر المدخن بالمتعة، وحيث ان غالبية المدخنين يبدأون التدخين في سن مبكرة فإن هذا الشعور بالمتعة المؤقتة يصبح إدمانا في الكبر يصعب التخلص منه بسهولة!
البحث طويل ويغطي عشرات آلاف الصفحات، وقد شاركني فيه محمد، أصغر أبنائنا، وكانت النتيجة انه قرر اهدائي في عيد ميلادي الــ66، الذي تصادف قبل أيام، هدية تمثلت في قراره التوقف عن التدخين، بعد عشر سنوات إدمان! وكان ذلك اجمل هدية تلقيتها في حياتي، والفضل يعود في جزء كبير لحملة القبس!

***
ملاحظة: ولم يثلج خبرٌ صدرَ جمعيات مكافحة السرطان والإدمان على النيكوتين مثل ذلك الذي تعلق بوفاة اثنين من أشهر من ظهروا في إعلانات سجائر «المارلبورو» بصورة «الكاوبوي»، حيث مات ديفيد ماكليرن بسرطان الرئة، وتبعه واين ماكلارن للسبب نفسه وعمره 51 عاما. ويقال على سبيل التفكه، ان حصانيهما نفقا بعدهما بفترة نتيجة التدخين السلبي Passive smoking.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

طبعي… طبع ابن البحرين!

 

نحتاج دائماً وأبداً إلى فسحة من الترفيه نطيح بها ما تراكم في القلوب والنفوس من مقالات وكتابات وأخبار وتقارير ولقاءات فضائية لا طائل من ورائها إلا ضغط النفس حول ما يجري في بلادنا الغالية، ولربما أصبحت فسحة الترفيه تلك موجعة وأكثر إيلاماً من سواها…

بالنسبة إلى القراء الذين تساءلوا عن موقفي تجاه ما يجري في البلد، فإنني من الناس الذين يعترفون بقدر أنفسهم ولا أجد في نفسي شخصاً ينتظر الناس منه إعلان موقف، ومع ذلك، فقد أشرت في كتابات كثيرة إلى أن كل مواطن بحريني يؤيد الخطوات التي يوجه لها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى لحفظ الأمن والاستقرار، وكل مواطن حريص على مصلحة البلد لابد وأن يفرق بين المطالبة المشروعة بالحقوق وأساليبها، وبين معاول الهدم من خطابات تحريض وفتنة وتحريق وتخريب واعتداءات وتهديدات وتشكيك في الانتماء وافتراءات على المواطنين.

ومع تأييد كل الخطوات التي من شأنها تجنيب بلادنا الغالية من كل مكروه، ندعو أيضاً إلى عدم أخذ السقيم بالصحيح أو السماح بدعوات العقاب الجماعي أو اعتبار كل بحريني يعيش في قرية، متهماً مشكوكاً في ولائه لبلاده وقيادته، لكن مع ذلك، ولأن طبعي طبع ابن البحريين فإن كل ما يقال في هذا الشأن، مشكوك فيه من أبواب عدة منها التقية والنفاق وإظهار خلاف ما نبطن… شيء عجيب والله.

***

في مقال يوم الخميس 16 سبتمبر/ أيلول وتحت عنوان: «تحريض المنتديات الطائفية… هوس البطولات الوهمية»، أثنيت، كما أثنى غيري، على خطوة هيئة شئون الإعلام بإغلاق، واستمرار إغلاق المواقع الإلكترونية التي تنشر مواضيع تمس الوحدة الوطنية وتعمل على التفرقة بين أبناء الشعب الواحد، وتساءلتُ عما إذا كان الدور سيأتي على منتديات أخرى لاتزال تصب الزيت على النار، حتى المغلق منها، لأجد واحداً منها، وفي قمة الجهل والتخلف والهمجية ونوايا الشر بالوطن وأهله، ينشر موضوعاً بعنوان: «اصنع قنبلة بنفسك»، فينبري بعض خفافيش الظلام ليهاجموا عضواً دعا إلى التصدي لمثل هذه الأفكار النارية بدلاً من أن يهاجموا كاتب الموضوع المجهول، وكما فعلتُ شخصياً مع منتديات أخرى، خاطبتُ إدارة ذلك المنتدى حول مدى وجود (عقل) في رؤوسهم لكي يقبلوا بنشر مثل ذلك الموضوع الغبي، ولم أتلقَّ رداً، لكن الموضوع ألغي بالفعل ولله الحمد، ولأن طبعي طبع بحريني، فإن كل من يهاجم مثل تلك الأفكار والموضوعات المدسوسة يصبح مندساً أو جاسوساً أو مضاداً لحركة النضال! أما سلامة الوطن بالنسبة لأولئك الخفافيش فهي لا تعنيهم، ولكنها تعني كل بحريني مخلص.

***

في البحرين، وكذلك في المملكة العربية السعودية ودولة الكويت، صدرت بيانات من علماء ومثقفين من الطائفة الشيعية ترفض الإساءة إلى أم المؤمنين عائشة (رض)، وتلك المواقف، أخضعت أيضاً لدى شريحة من ذوي الطباع الطائفية العدوانية تحت عنوان (التقية)… بمعنى أن أي موقف أو بيان ما هو إلا كذب محض، ولأن طبعي طبع ابن البحرين، فإن القوم لن ينفكوا من تشويه كل موقف كريم يدافع عن نبي الأمة (ص) وعن أمهات المؤمنين وعن أهل البيت عليهم السلام… لكن كل ذلك لا يهم، إنما الأعمال بالنيات.

***

يخطئ من يعتقد أن الدولة تترصد للمعارضين أو الناشطين الذين ينتقدون أداء الدولة ويفتحون ملفات مهمة تدخل ضمن الحرص على «المصلحة العليا للوطن» بموضوعية واحترام للنظام وللقوانين، ولذلك، لم يرق للبعض أن يشارك أمين عام جمعية «وعد» إبراهيم شريف في حوار بإحدى القنوات الفضائية، ثم يسيء للدولة حسب زعمهم، ويعود إلى بلاده بكل حرية بعد تلك الإساءات، متناسين أن الدولة قبلت على مدى سنين طويلة أطروحات مختلفة الحدة من قبل المتصدين للعمل السياسي ولم ولن ترفض المعتدل منها في الطرح، وهنا، ليس في مقدور أولئك التفريق بين الانتقاد البناء المقبول، وبين التحريض على العنف والتخريب والحرق والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة والنيل من استقرار البلد وهو مرفوض… ولأن طبعي طبع ابن البحرين، فلا يمكن أن أقبل دعوات الفتنة ومعاول هدم المجتمع، وفي الوقت ذاته، لا يمكن أن أقبل بخنق كل صوت بحريني يتحدث بكل موضوعية وصراحة ونية صادقة لخدمة الوطن وخصوصاً أن لب المشروع الإصلاحي لجلالة العاهل، فتح المجال للمعارضة الوطنية المخلصة لأن تعمل في مسار تصونه الدولة بكل حرية وأمان.