من يعتقد أننا أتينا باطلا بإلقاء الشكوك حول تورط الأستاذ هيكل في وفاة الرئيسين ناصر والسادات كونهما من مقربيه، أو اننا نسدد دين موقفه الشائن من الكويت إبان محنتها، فعليه أن يقرأ لقاء الأستاذ إبراهيم الويشي ضمن كتابه «خريف هيكل» الصادر عام 83 مع الحاج حافظ حلمي الشلقامي عمدة قرية هيكــل «باسوس» حيث يذكر العمدة أن زوجة والــد الأستاذ محمد وتدعــى صالحــة قد توفيت هي وأبناؤها أحمد ومجاهــد وحامد ونعيمة خلال شهر واحد بظرف غامض (حادث تسمم؟) ويضيف الكاتب أنه تصور في الحال أن هناك شبهة جنائية وراء وفاة أربعة إخوة للأستاذ حتى بقي الابن «الوحيد» لأبيه كحال بقائه الصحافي «الأوحد» في مصر فيما بعد، وتساءلت في نفسي ـ والقول للأستاذ إبراهيم ـ إن كان يمكن التحقيق في قضية مضى على وقوعها كل هذه الأعوام؟
ويذكر د.فؤاد زكريا في كتابه «كم عمر الغضب» انه من الاستحالة ان يكون ارشيف هيكل من صنع رجل واحد او حتى منظومة اجهزة العالم الثالث، اما الكاتب الشهير محمد جلال كشك فيتهم بشكل مباشر هيكل بالعمالــة ويدينه من فمه فهيكل يدعي ان المخابرات الغربية هي التي انشأت دار اخبار اليوم عام 46 على يد الاخوين امين ولا يذكر هيكل انه كان ثالثهم حيث عمل معهم حتى عام 52، كما يدعي هيكل انه من قال لعبدالناصر ان الانجليز لن يتدخلوا فيما لو قام بانقلابه، وقد اثبتت الوثائق اللاحقة ان الرئيس الاميركي ورئيس مخابراتــه وممثلهما في مصر قد قاموا بالفعل بالضغط على الانجليز لوقف تدخلهم وقد كانت لديهم في مصر قوات تكفي لإجهاض ذلك الانقلاب، كما اعترف هيكل قبل مدة قصيرة بأن القيادة السوفييتية اتهمته بالعمالة للغرب ورفضت حضوره اجتماعات القيادتين المصرية والسوفييتية مما اضطره للعودة في اليوم التالي للقاهرة.
وما لم يقله الاستاذ كشك هو ان هيكل كان في العشرينيات من عمره يذهب الى كوريا في عام 1950 ابان حربها فيرسل الى صحيفته بمصر ان الهجوم الاميركي المفاجئ لاختراق القوات الصينية والكورية الشمالية سيتم في 13/9/1950 في منطقة انتشون فتأتي الاحداث مطابقة تماما لما قال فمن أين حصل على تلك المعلومات الهامة التي ابرزته وجعلته يحصل على جائزة الملك فاروق الصحافية، ثم يزور في العام نفسه ايران التي تغلي فيمهد له عمل لقاءات مع شاه ايران وشقيقه اشرف والجنرال محمد مصدق والمرجع الكبير ابوالقاسم الكاشاني ليضع ذلك في كتابه الذي اصدره عام 51 وأسماه «ايران فوق فوهــة بركان» ولــم يعــد طبعــه قــط لتبني هيكــل فيــه وجهــة النظر الغربية بالكامل ضد المطالب الوطنية التي كــان يمثلهــا مصدق والتي مهدت للانقلاب عليه.
لقد نظّر الاستاذ هيكل لكل الهزائم والنكبات التي اصابت الامة العربية وأهدت الارض والموارد الى الاعداء بأرخص الأثمان أو حتى دون ثمن، كما تسبب تحويله الهزائم الى انتصارات زائفة في قيام انقلابات وانظمة عسكرية قمعية مدمرة في الوطن العربي، كما نتج عن مقالاته وخطبه التي يلقيها الرئيس عبدالناصر الإساءة للعلاقات العربية ـ العربية كما أسهمت مقالاته التي كان ينشرها كل جمعة بالاهرام وتذيعها «صوت العرب» في إفشال مشروع الوحدة الثلاثية عام 63 بين مصر وسورية والعراق ومرة اخرى الوحدة الرباعية عام 71 بين مصر وسورية وليبيا والسودان في عهد السادات، وقد حصد هيكل المليارات التي تجري بين يديه هذه الايام نتيجة لأعماله تلك حيث انه المالك الاكبر لأسهم أكبر شركتين ماليتين في الشرق الأوسط يديرهما أبناؤه وشقيق زوجته إضافة الى 5 ملايين دولار سنويا ـ كما ذكرت مجلة المصور ـ يحصدها من احدى الفضائيات لقاء القيام بدور الحكواتي!
آخر محطة:
رغم الاختلاف مع ما يقوله ويكتبه الاستاذ هيكل، الا اننا نرفض بشدة منع كتبه من دخول معرض الكتاب في الكويت والحال كذلك مع كتب المثقفين المصريين.