حسن العيسى

حول اللباس المحتشم

فرض اللباس "المحتشم" من الإدارة الجامعية على الطالبات ليس إلا ممارسة سادية تهدف إلى تدجين الجسد الأنثوي وتوطئة لسجن العقل الإنساني للفتيات بغرض تمهيدهن كي يقرن في منازلهن برسم خدمة مشاريع قوانين حقوق المرأة التي تطبخ على نار التخلف في مطابخ مجلس الأمة بمباركة "الشيف" الحكومي.

يحسب كثير من الواهمين أن "قضية" لباس طالبات الجامعة لا يجوز أن تكون من أولويات الدولة ولا معنى لأن يقف النائب صالح الملا في ندوة الوسط الديمقراطي معترضاً على فرض الزي المحتشم…! هذا التسخيف لقضية حرية اللباس في الواقع هو صورة مبطنة لتسخيف قضية الحرية كلها، فاليوم اللباس المحتشم، وغداً الحجاب، وبعده النقاب، ثم الختام وحسن الخاتمة كما يتجلى في الوجه القبيح للإنسانية في قندهار طالبان حين تمارس عمليات الرجم في ملاعب كرة القدم في فترات ما بين الشوطين، أو كما حاول إظهارها الفيلم الإيراني "يوم رجم ثريا" الذي كتب عنه الزميل علي البغلي.

قضية الحرية واحدة ولا يمكن تجزئتها إلى قضايا أخرى مثل حرية التعبير وحرية العقيدة وغيرها من الحريات الشخصية إلى أن ننتهي بالحريات السياسية، فالفكر الليبرالي الإنساني يرفض التنازل عن الحريات الشخصية مقابل حقوق الأغلبية في ممارسة حق الانتخاب مع بقية الحريات السياسية، والسلطة لا تتمثل في مجرد صورة واحدة هي سلطة الحكم والإدارة السياسية، بل تصور نفسها بوجوه كثيرة، منها ما يسمى حق الأغلبية في البرلمان أو سلطة العادات والتقاليد أو سلطة الفكر الديني، فكلها أشكال متعددة وألفاظ مختلفة لجوهر واحد اسمه سلطة القمع واستلاب الإنسان من وجوده.

الطريق للحريات طويل وشاق في زمن هيمنة الفكر العشائري والطائفي بدول العروبة وفي زمن شعارات من شاكلة أنا الوحيد الذي امتلك الحقيقة الكاملة ونحن دون غيرنا الفرقة الناجية، فالنضال الحقيقي يكون بمواجهة سلطتين للقمع الأولى سياسية والثانية جماهيرية شعبوية مستلب وعيها الحضاري من قبل الأولى، وسبيلنا لتلك المواجهة هي الكلمة الحرة.

احمد الصراف

«الأحمدية» والمقاولات

تعتبر الشركة «الأحمدية» للمقاولات، التي يديرها منذ نصف قرن تقريباً السيد طوني نجار، من أفضل وأكبر شركات المقاولات في الكويت، وتمتاز بكونها من القلة القليلة التي تقوم بتنفيذ ما تلتزم به من أعمال بنفسها ولا تبيع عقودها للغير، كما تفعل غالبية الشركات الأخرى تحت سمع وبصر، لا بل وموافقة ومباركة الدولة والحكومة ووزارة الأشغال أو الاسكان وغيرها، كما تمتاز «الأحمدية» كذلك بمعرفتها الجيدة بما يعنيه ويتطلبه العمل في المشاريع الحكومية من خبرة «خاصة»! وهذا ما دعاها لتجنب المشاركة بها قدر الامكان، وربما من هذا المنطلق سعت القبس (6/20) للقاء السيد نجار، العضو المنتدب للشركة، والتحدث معه عن شجون شركات المقاولات ومشاكلها، حيث بين ان من أكبر أخطاء تلزيم العقود الحكومية الاعتماد على نظام «أقل الأسعار» فلجنة المناقصات المركزية (وهذا رأينا الشخصي) وبتأثير مباشر من المرحوم علي الجسار، عندما كان نائبا ورئيسا للجنة المناقصات المركزية، كانت، ولا تزال، تصر دائما على ترسية المناقصات على أساس أقل الأسعار، على الرغم من عقم هذه الطريقة وتضرر المال العام منها كثيراً، كما بين السيد نجار ان من المشاكل الكبيرة التي تواجهها شركات المقاولات الاسس التي وضعتها لجنة المناقصات للتأهيل والتصنيف لكونها غير مناسبة اليوم لحجم المشاريع المطروحة، كما ان هذه الاسس قديمة ويسهل التلاعب عليها، وأذكر انني عندما كنت أعمل في مجال المقاولات، التي تركتها بعد فترة لعدم قناعتي بالطرق الملتوية التي يتطلب اتباعها، ليس فقط للفوز بأي عقد، بل وتنفيذه، حيث كان مراقبو وزارة الاشغال يتجنبون العمل معنا كمراقبين، لاننا «بخلاء وما بنطعمي»، وقال لنا أحد المراقبين صراحة انه دفع مبلغا لزميل له ليحل محله في مراقبة عقودنا لاننا لم نوافق على اعطائه سلفة نقدية!
وعلى الرغم من الانطباع العام بان شركات المقاولات فاسدة ومخربة ذمم، فان من الظلم تعميم الامر على الجميع، كما ان الجهة الحكومية تتحمل حصتها من اشاعة الفساد بسبب انظمتها الرقابية السيئة والاخطاء والمثالب الجسيمة التي يتضمنها الكثير من العقود وشروط ومخططات المشاريع الكبرى، وما ينتج عنها من أوامر تغيرية تكون دائما محل خلاف بين المقاول والطرف الحكومي.
إن لجنة المناقصات المركزية بحاجة ماسة الى إعادة النظر في قواعد عملها وقوانينها لتتماشى مع المرحلة التنموية الكبيرة القادمة. كما أن الحكومة يجب أن تكون جادة في طرح مشاريعها ولا تقوم بسحبها وطرحها عدة مرات والتلاعب في كشوف الشركات المؤهلة، كما حدث في عشرات المشاريع الحيوية طوال سنوات، ومستشفى جابر وجسر الصبية مثالان حيّان!
نقول ذلك علىالرغم من شعورنا بأن من الصعب منع وقوع أخطاء فادحة وتأخير وتلاعب كبير في المشاريع الكبيرة المطروحة حاليا، ضمن خطة التنمية الطموحة، فالبنية «الفنية» الحكومية غير متوفرة وبالتالي يصعب تجنب فشل الكثير من المشاريع وتأخر تنفيذها وزيادة كلفتها المادية في نهاية الأمر. وسنعود في بداية الصيف القادم الى هذا الموضوع لنستعرض معا ما تم تنفيذه من خطة التنمية، إن تم تنفيذ شيء!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

عشر دول إسلامية فاسدة

 

بكثير من الذهول والدهشة، تابعت حديث رجل الأعمال السعودي وأحد كبار المستثمرين العرب الشيخ صالح عبدالله كامل في حلقة يوم أمس الأول الجمعة من برنامج «نقطة تحول» الذي يقدمه الزميل سعود الدوسري على قناة (إم.بي.سي)، خصوصاً في الجزء المتعلق بعلاقته بزعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن.

لم يتفاجأ الشيخ صالح حينما سأله الدوسري عن علاقته بأسامة بن لادن، فقد أجاب بكل هدوء بأنه التقى به عدة مرات حينما كان مواطناً يعيش في السعودية، ولكن بعد أن تزعم تنظيماً إرهابياً فلم تعد تربطه به أي علاقة، واصفاً، أي الشيخ صالح، أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 بأنها أضرّت بالأمة الإسلامية وأعادتها إلى الوراء 100 عام، ولأنه، أي الشيخ صالح، يؤمن بالوسطية والاعتدال في الإسلام، فإنه يعلن بصراحة أن كل الأعمال الإرهابية المرفوضة التي يقوم بها تنظيم «القاعدة» ألحقت الضرر بالمسلمين وبالأمة الإسلامية.

ولم يخفِ أيضاً قوله واصفاً استثماراته في الدول العربية والإسلامية، وعلاقته برؤساء تلك الدول التي سهلت له الكثير من المشاريع، بأن أكبر (عشر) دول فاسدة في العالم هي دول إسلامية – دون أن يحددها – لكنه اكتفى بالإشارة الى أنها تعجّ بالفساد المالي والإداري، خصوصاً حينما وجه الدوسري له سؤالاً يتعلق برغبة بعض الرؤساء في مشاركته في مشروعاته، وأجاب صراحةً بأن هناك من الرؤساء من أبدى رغبته في الدخول كشريك معه.

حين تتحدث شخصية خليجية عربية من كبار الأثرياء في مكانة الشيخ صالح كامل عن الفساد في الدول العربية، فإن الكلام هنا ليس من قبيل الأكاذيب والافتراءات والإشاعات، وإذا كانت بعض الحكومات العربية والإسلامية التي قد دأبت على تكذيب تقارير منظمة الشفافية العالمية فيما يتعلق بالفساد الذي ينخر فيها، فليس من الصعب عليها تكذيب كلام شخصية في مستوى الشيخ صالح كامل الذي لمح إلى أن خسران الدول العربية (مليارات المليارات) في الأزمة العالمية الأخيرة كان نتيجة طبيعية للاستثمار غير المدروس في الخارج، والذي لم تحظَ الدول العربية والإسلامية بشيء منه في التنمية.

لقد تضمّن تقرير العام 2009 الذي وضعته «منظمة الشفافية العالمية» بشأن انتشار الفساد في دول العالم، بعد إجراء مسح حقوقي لـ 180 دولة انتقادات لبعض الدول العربية والإسلامية تمثلت في غياب الشفافية وعدم الاستقرار السياسي، وانتشار الرشوة والمحسوبية، ووجود خلل في المنظومة القانونية بها، وإذا كان الأثرياء الكبار من أمثال الشيخ كامل صالح يتحدث صراحةً عن الفساد المالي والإداري في بعض تلك الدول ويحذر منه، فلا عزاء للمنظمات والجمعيات والناشطين الذين يعملون ليل نهار لكشف الفساد أملاً في تحقيق بعض المكاسب على صعيد الحكم الرشيد… ويا ليل، ما أطولك

سامي النصف

أفضل موقع وأحسن جيران

في عهد الإنجاز الكويتي لم يشتك احد قط من الموقع أو من الجيران، بل اعتبر موقعنا قيمة مضافة ساعدت على بقاء وديمومة الكويت في وسط صحراء قاحلة هي الأسخن في العالم، حيث لا زرع ولا ضرع، الشكوى من الموقع والجيرة بدأت عندما تخلفنا عن الجيران وأصبحنا نبحث عن شماعة نلقي عليها تقاعسنا واخطاءنا.

وللتذكير، عند تقدمنا لم يتردد الجيران الأحبة في الاعتراف بذلك التقدم والاستفادة منه بقضايا التعليم والصحة والرياضة والصناعة والاقتصاد والفنون والآداب والإعلام وإنشاء الجامعات وغيرها، إلا انهم لم يتوقفوا عند ما تعلموه منا، بل جعلوه أرضية صالحة ليبنوا فوقها حضارة بهرت العالم، ولا يحتاج الأمر إلا أن نفعل ما فعلوه كي يتحول موقعنا الجغرافي من اعاقة كما ندعي الى اضافة كما ينبغي.

فلم نعد بحاجة هذه الايام للسفر آلاف الأميال لنطور ذاتنا وبلدنا حيث اصبحت جميع تلك الامور بفضل موقعنا المميز على بعد دقائق بالطائرة أو سويعات قليلة بالسيارة، وقد كنا نلوم بعض الاخوة العرب على نظرتهم الفوقية للإنجاز الخليجي الباهر وان في تلك النظرة الخاطئة عدم تعلم من التجربة الخليجية، وحان الأوان كي نلقي بنفس اللوم على أنفسنا بالكويت.

ان من يريد تطوير التعليم او الصحة يمكن له ان يزور هذا الجار الخليجي او ذاك، والحال كذلك في جميع نواحي الحياة الأخرى كالزراعة والصناعة والبتروكيميكال والأنظمة الإدارية المتقدمة والمرورية والجامعات والمستشفيات التخصصية والمراكز المالية والمنشآت العمرانية والمناطق الحرة وعلوم الطيران حيث توجد افضل واكبر 3 شركات طيران في العالم بالخليج (كما افتتح قبل ايام اكبر مطار في العالم بدولة الامارات) والفضائيات الإخبارية والصحافة الدولية.. إلخ.

ومن الخطوط العريضة الى ادق التفاصيل، حيث نجد ان الدول الخليجية اصبحت محط انظار العالم اجمع في انشطتها السباقة المختلفة من حفاظ على البيئة واستخدام أمثل للطاقة البديلة وترشيد للكهرباء والماء (بعض دولنا هي الأقل في العالم من حيث هدر الشبكات)، والشفافية الاقتصادية والحرص على التراث والعناية الفائقة والمميزة بالأماكن المقدسة، واما الجاران الآخران لنا ونعني العراق وإيران، فيمثلان اسواقا ضخمة يتجاوز عدد سكانها 100 مليون نسمة ويحسدنا كثيرون على جوارنا لهما.

آخر محطة:

(1) كتب د.باسيليس تسونيس نائب رئيس الاتحاد الأوروبي مقالا أسماه «اسألوا دبي كيف تُدار الديون» أثنى فيه بشدة على طريقة تعامل دبي مع ديونها وختم مقاله بنصيحة بليغة لدول الاتحاد الأوروبي قال فيها ان عليهم ان يتعلموا درسا من العمل الممنهج في الإمارات.

(2) مع الأيام الأولى لتدمير مبنى التجارة في نيويورك عام 2001 قرر حاكم الولاية رودي جولياني وخلفه الحكومة الفيدرالية، ان الرد الامثل على الارهاب يكمن في سرعة اعمار ذلك المبنى، وفي عام 2005 قررت دبي بناء اعلى برج في العالم، وقبل مدة قصيرة افتتح ذلك المبنى الفريد بارتفاع 124 دورا بينما مازال مبنى التجارة الجديد عند الطابق.. الصفر!

احمد الصراف

يوم غائم في البر الغربي

«.. صار المشوار من السيدة زينب الى شارع نوبار واحدا من اجمل المشاوير الى قلبها، حوارٍ ضيقة تشبه خطوط راحة اليد، واسبلة تقدم ماء معطرا بالورد، ومجاذيب يدورون بالمباخر حول مقام السيدة، مرضى ومقعدون يتوافدون من كل مكان يتشبثون بحديد مقامها المعشق، ترفع ادعية التوسل والاستغفار، من فوق مئذنة الشيخ الحنفي، ويرددون الاذكار في كل خميس، آه يا امي.. اريدك ان تكوني معينا، اعرفك بــ«مختار»، احكي لك عن كل تلك المشاعر التي تنمو في داخلي، عن تدافع ضربات قلبي حين اراه بانتظاري وتلك الرعدة التي تنفض جسدي حين تتلامس يدانا عفوا، وان تتعرفي على «ام عباس»، التي اصبحت لا تنام الا بعد ان تطمئن على وجودي، ولا تفطر الا بعد ان اصحو من النوم، كانت شربة الركيب ما زالت ساخنة، الحمام يهبط بوداعة على اكشاك باعة الكتب القديمة في وسط الميدان، وفي كل ثلاثاء ترتب الفلاحات كريات الزبدة والبيض في اهرامات متوهجة، وباعة العرقسوس يرنون الصاجات وهم يصيحون «مسكر يا خمير»!.. ».
هذه فقرة من الطبعة الثالثة من رواية «يوم غائم في البر الغربي»، التي كتبها في 678 صفحة الروائي المبدع محمد المرسي قنديل، والتي تجري احداثها في مصر في بداية القرن العشرين، وعهد البشوات والخديوي ومصطفى كامل ومحمد فريد وفورة التنقيب عن الآثار، ولصوصها والباحثين عنها وعشاقها وتاريخ مصر الفرعونية، مع قصة حب وشقاء وعذاب عائشة، التي تتجسد فيها حياة ومآسي ملايين الفلاحات منذ ايام توت عنخ آمون حتى اليوم.
رواية «يوم غائم» جديرة بالقراءة، فهي تشدك من صفحتها الاولى ولا تستطيع مقاومة الرغبة المختلطة في الانتهاء منها لتعرف احداثها، وان تبقى في الوقت نفسه بين يديك دون انتهاء ليطول تمتعك بقراءتها لاطول فترة.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

حامل العلمين… 
خالد الفضالة

الشاب خالد الفضالة، أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي (التيار الليبرالي في الكويت) صدر ضده، أمس الأربعاء، حكم أول درجة بالسجن ثلاثة أشهر وغرامة مالية، في القضية التي رفعها ضده سمو رئيس الوزراء، بعدما قال الفضالة في حملة «ارحل نستحق الأفضل» إن «تخريجات» مصاريف ديوان الرئيس تعتبر غسل أموال.

أذكر المعلومة هذه لمن يقرأ صحافتنا من خارج الكويت…

ومعلش، كنت قد وعدت صديقي، شهر يوليو، بعدم الحديث عن السياسة، إلا أنه سيعذرني وهو يعلم ما حدث للفضالة… والفضالة، لمن لا يعرفه عن قرب، ذو نَفَس طويل يبزّ نفَس المقرئ المرحوم عبدالباسط عبدالصمد إذا تجلّى على مقام النهاوند، وهو صبور كالسدرة(*)…

وبعدما تهاوى التيار الليبرالي في الكويت، وسقط «العَلَم» من أيدي فرسانه، وانقلب بعضهم فانضموا إلى الخصوم، وولى الغالبية الأدبار أمام سطوة ذوي القرار والدينار، التفّ هو ومجموعة معه عائدين، فحمل العلمين، الكويتي والليبرالي، وتقدم الجموع، فتعرض لطعنات في صدره من الخصوم، وأخرى في ظهره من بعض الليبراليين الرخوم، الذين اعتادوا ربط فانيلّاتهم على مؤخراتهم كما تفعل حسناوات أوروبا أثناء التسوق. خالد الفضالة، بحسب موقعه، كان بإمكانه أن يقف أمام المرآة ويعتني بتسريحة شعره، ويتعلم الجلوس على الركب أمام الكبار، فيجني الثمار. كان بإمكان «بو سند»، خالد الفضالة، أن يتبادل الغمزات والتنسيق مع بعض جمعيات النفع العام التي نعرفها ونعرف غمزاتها، ليكنز أموالاً يغار منها قارون، لكنّه سيكون شخصاً آخر غير خالد الفضالة. على أن أول من سيعارضه ويتبرأ منه لو فعل ذلك هو والده الوطني الشهم الدكتور سند الفضالة. فهذا الخالد من ذاك السند.

وأمس الأربعاء، بعد صدور الحكم بسجن الفضالة، تلقيت اتصالاً من زميل عربي: «ماذا لديكم أيضاً؟ ما حكاية (سجن ناشط سياسي كويتي) التي وصلتنا تواً؟»، فأجبته: «الكويت تعاني الزحمةَ، ويبدو أن الحكومة قررت تخفيف الضغط عن الشوارع، فباشرت رفع القضايا على معارضيها. والفضالة ليس ناشطاً عادياً كما هو حال المكدّسين على أرفف الجمعيات، الفضالة يا سيدي أحد أبرز السياسيين بحسب موقعه. والكويت ستستمر تدور في الساقية كما يدور الثور، ما لم تتغير الأوضاع. الكويت يا زميل تتأرجح على حبل غير مشدود، وتفرد ذراعيها كي لا تسقط من علٍ وترتطم بالأرض فيتهشم رأسها، والفضالة وبقية المعارضة يشدون الحبل ويحبسون أنفاسهم ويتضرعون إلى الله أن يحفظها». وأكملت: الفضالة، مذ كان طالباً في أميركا، بدأت صافرات إنذار الفاسدين تنطلق محذرة منه، وبعد عودته إلى الكويت صرخ بأعلى وطنيته «إلا الدستور»، فأزعجتهم الصرخة، وأنيس منصور يقول: «لا يصرخ الإنسان بصوت منخفض»، ثم ساهم في حملة «نبيها خمس» التاريخية، وقاتل لإقرار حقوق المرأة، ولم يكُ يوماً عنصرياً ولا طائفياً، ووو، فأدركوا أنه سيزعجهم، فقرروا أن «يخرّبوا عشّه قبل أن يكبر طيره».

ويا خالد الفضالة ماذا أصاب الكويت؟ وبمَ سنجيب إذا قرأ أمامنا أحفادنا: «بأي ذنب قُتلت»؟

ومنذ اللحظة سيبدأ التنافس على الفزعة لخالد الفضالة وللحريات، ضد نهج الحكومة القمعي، بين أنصار «التكتل الشعبي» وأنصار «التحالف الوطني». والغلبة طبعاً كالعادة ستكون لأنصار الشعبي الذين سيتحملون مؤونة السفر، ويصبرون على وعثائه. وليعذرنا الأصدقاء في التحالف، فالسموم واللواهيب تحرق الجلود وتجفف الحلوق.

***

(*) السدرة: شجرة صحراوية تصبر عن الماء فترات طويلة. 

حسن العيسى

من سيكون المتَّهم القادم؟!

تحت مظلة دولة المؤسسات الدستورية، يصبح من حق أيِّ فرد أن يلجأ إلى القضاء إذا أصابه سبٌّ أو قذفٌ وفق نصوص القانون، ولا مكان للاستثناء حين يكون المتضرر موظفاً عاماً.   
لكن إذا كان هذا الموظف العام شخصية قيادية أو رمزاً سياسياً فهناك حدود وقيود يُمليها واقع الحريات الدستورية في الدولة، أوّلها حق النقد وحق إبداء الرأي في منهج وسياسة تلك الشخصية القيادية في إدارة مؤسسات الدولة، فلو لم يكُن للشيخ ناصر  المحمد صفة سمو الشيخ ناصر محمد الأحمد رئيس مجلس الوزراء، لما كان هناك مكان ولا سبب لانتقاده، وهنا لا يُنتقَد "شخص" الشيخ ناصر، إنما يكون محل الانتقاد "ممارسة" سموه في إدارة شؤون الدولة، وبهذا تختلف دولة المؤسسات الدستورية عن دولة الاستبداد، ونفرق بين ممارسة السلطة العامة والتعسُّف في استعمال السلطة، حين يتم في الحالة الأخيرة إغراق أصحاب الرأي بسيل من الدعاوى تحت مبرر الضرر من جراء السبِّ أو القذف أو خرق قانون أمن الدولة أو المطبوعات أو النشر.
واهمٌ من تصوَّر أن قضية و"قضايا" الزميل محمد الجاسم انتهت، وأن "قضيتنا" تم كسبها بسبب الإفراج المؤقت عن الزميل.   
قضيتنا، كما نكرر، عنوانها حرية الضمير وحرية نقد رموز المؤسسات العامة، مهما كانت قسوة وشدّة كلمات ممارسة حق النقد.
عنوان القضية في الأمس محمد الجاسم، واليوم تحمل عنوان خالد الفضالة، وغداً سيكون عنوانها أي فرد كتب أو تحدث منتقداً شخصية قيادية أوكل إليها قيادة مؤسسات الدولة.
نعرف أن لدينا نصوصاً تعارض أبسط المعايير الدستورية، ونعرف أن لدينا تراثاً عريضاً يكاد يقدِّس مؤسسة الحكم، وأن الخليفة هو ظلُّ الله في الأرض كما قال أحد خلفاء بني العباس، وأن مفهوم "الهيبة" يعني الجلال والرهبة وعدم جواز المساس  بمن هم في مؤسسة الحكم… ونعرف أن لدينا مجلس نواب "لا يهش ولا ينش"، وأعجَز من أن يتصدى لتعديل التشريعات الجائرة المعارضة للدستور، ونعرف أن الحكومة تحيا في شهر عسل ممتد مع برلمان رجع الصدى، لكن في الوقت ذاته لدينا أمل كبير في "القِلّة" من النواب وأصحاب الرأي الذين تحركوا في الأمس مع الجاسم، أن يشدّوا عزمهم الآن، ليس من أجل خالد الفضالة ولا غيره من القادمين في دولة الرأي الواحد والفكر الواحد، إنما من أجل دولة الحريات ودولة الدستور.

احمد الصراف

إيران وتركيا.. مثال صارخ آخر!

تقوم العقائد بفعل ثلاثة أشياء بطريقة فعالة جدا: تقسيم الناس لشيع وطوائف، السيطرة عليهم، وإغراقهم في الوهم.

***
يعتبر الكثيرون ايران بلدا رائعا، ففيها تتفاوت درجات الحرارة من الشمال البارد الى الجنوب الحار لأكثر من 20 درجة، كما تكسو الغابات مناطق شاسعة منها، وتغطي الثلوج هامات جبالها، ولها شواطئ رملية رائعة، وبها كم هائل من الآثار تتوزع على مدن عدة رائعة الجمال، وأسواقها القديمة لا تضاهى بثرائها، وشعبها يميل للحياة الجميلة La Dolce Vita، كما تشتهر بتنوع منتجاتها الغذائية ومطبخها الشهير.
وعلى الرغم من امتلاك ايران لكل مقومات التقدم الصناعي والزراعي وأن تكون بلدا سياحيا من الدرجة الأولى، وهنا أعتقد شخصيا أنها وأميركا -والى حد أقل بكثير روسيا والعراق- الوحيدتان في العالم اللتان تمتلكان كل شيء تريد أي دولة امتلاكه من أرض وشعب وثروات ومياه ومعادن وعمق ويد عاملة! فإننا نلاحظ -بعد التمعن في وضعها- أنها، وعلى الرغم من شعبها الشديد المراس البالغ عدده 75 مليونا، ومساحتها الشاسعة التي تزيد على مليون و600 ألف كيلو متر، لا تشكل أهمية على المستوى الدولي بغير صوتها العالي وقدرتها على خلق الهلع والرعب لمن يعاديها. فهي لا تنتج -تقنيا وصناعيا وفنيا- شيئا يستحق الاشارة إليه، وتعتمد في معيشتها على الاستيراد من الخارج وما تبيعه من بترول، والحصار «الغربي» الذي بدأت آثاره بالظهور ستكون له تبعات اقتصادية وبشرية وزراعية بالغة القسوة عليها، وهنا نجد أن هم شعبها، كما هي حال غالبية شعوبنا، أصبح يتركز في نهب ما يمكن نهبه في ظل كل الفساد المستشري، والوقوف على أبواب السفارات للحصول على فيزا، أو الهرب من جحيم الملالي لأقرب دولة، ويا حبذا لو كانت أوروبية أو أميركية، وللأبد. أما حال نصفها من النساء فحدث ولا حرج، كل ذلك لأن من أمسك بمقدراتها، أو حكمها طوال عقود طويلة، انتقل بها من الحكم العسكري الفاسد الى السافاك ومن ثم للحرس الثوري، وكان هدفهم جميعا قمع وقتل وسجن كل من يعارض النظام، وتحويل البلاد إلى سجن كبير، مع هدف وحيد هو ابقاء القيادة، أيا كانت، في الحكم بانتظار قدوم المهدي!
والسؤال هو: ما الذي ينقص ايران لتصبح دولة مزدهرة؟ ولماذا يهرب منها مواطنوها ويعرضون أنفسهم للموت أو السجن في سعيهم للبحث عن عمل؟ أليست هي لقمة العيش؟ وكيف تفشل كل الأنظمة التي حكمت ايران منذ مائة عام أو أكثر -وبكل غنى الدولة- في أن تؤمن لهذا الشعب الحد الأدنى من الكرامة والعيش الكريم؟ وكيف فشلت ايران، بكل امكاناتها، في أن تكون دولة جاذبة لليد العاملة بدلا من أن تكون طاردة لها؟ أليس هو النظام الديني المتيبس الذي فعل الشيء ذاته في غالبية دولنا العربية الاسلامية المباركة؟!
ولو نظرنا الى تركيا، التي حولها مصطفى كمال أتاتورك الى دولة علمانية متقدمة، التي يقارب عدد سكانها سكان ايران يعيشون على نصف مساحة الأرض، وليس لديهم أي من موارد ايران العظيمة، لوجدنا أن تقدمها الصناعي والزراعي والتجاري مبهر على كل المستويات. كما تتمتع بحرية وديموقراطية تفوقان بأشواط كثيرة ما لدى ايران، ويكفي أن المواطن التركي معزز مكرم بما له من حقوق في الح.ل والترحال وقت ما شاء، ولا توجد عشرات محطات التلفزيون والاذاعة في خارجها تهاجم نظامها وتطالب باسقاطه!
ان مثال ايران وتركيا مثال آخر صارخ، اضافة الى مثال الهند وباكستان، على ما يمكن أن ينتج عن تبني العلمانية كنظام سياسي، مقارنة بالأنظمة الدينية التي لا تؤمن الا بالرأي الواحد، والحاكم الواحد المطلق الصلاحية.

أحمد الصراف