سعيد محمد سعيد

نزولاً إلى الشباب… صعوداً إلى الحكومة (3)

 

سيكون مهماً تذكير القراء الكرام بما طرحه رئيس تحرير «الوسط» منصور الجمري في عموده المعنون بـ «النزول الى الشباب واجب على الجمعيات المؤثرة» يوم الأحد 20 يونيو/ حزيران الماضي حين كتب ما نصه: «ضحايا العنف هم أولاً الشباب الذين ينخرطون فيه، والمجتمع ثانياً، قبل أن تتضرر أجهزة الدولة… والتاريخ يشير إلى أن العنف نتائجه مدمرة لأنه لا يمكن الحفاظ على الحياة أو تسيير الشأن العام من خلال العنف، كما أن العنف لا يفرق في الأهداف عندما يتحرك على الشارع، ويختلط الصديق بالعدو، ولا تعلم فيما إذا تحقق أي هدف مشروع، لأن الحركة من خلال العنف لها منطق مختلف تماماً عن الحركة من خلال العمل السلمي المدني» (انتهى الاقتباس).

ولا أفشي سراً حينما أقول إن لقاءات ونقاشات كثيرة جمعتني مع بعض الشباب والصغار سواءً في مواقع التحريق من خلف لثامهم، أو من خلال اتصالاتهم بالصحيفة أو عرض وجهة نظرهم في لقاءات منزلية، لكن الشيء المؤسف في الأمر برمته أن بعض الصغار والمراهقين الملثمين يحفظون بضع عبارات أكبر منهم بكثير من قبيل التمييز والتجنيس السياسي والدفاع عن المظلومين… ولربما وجد بعضهم فرصته في الحديث عن (الفساد والتقرير المثير والاعتداءات على الطائفة والقمع والتعذيب) وعناوين أخرى كبيرة حفظوها عن ظهر قلب، دون أن يدركوا مخاطر فعالهم تلك بتدمير مناطقهم السكنية والتسبب في خلافات مع الأهالي وهذا ما حدث في كثير من المناطق، بل هذا ما دفع بعضهم لأن يتركوا هذا الأسلوب الذي وجدوا فيها ضرراً يفوق نفعه بكثير وإن دغدغت مشاعرهم ومسامعهم إشادات البطولة والنضال والتصفيق الكاذب.

على أنه في المقابل، يحتاج الكثير من الشباب الذين لا مناصّ من وجودهم في الساحة السياسية، إلى من يستمع لهم، لكن لن يكون ذلك من قبل الحكومة مباشرة… فلا يجب أن نتوقع أن يجلس ممثلون مع الحكومة مع شباب ملثمين للتفاوض مثلاً؟ لكن ما طرحه رئيس التحرير منصور الجمري بالنسبة لإلقاء اللائمة على الشخصيات والجمعيات السياسة ذات الأثر الكبير في الشارع هو لوم مقبول، فهؤلاء الشباب الذين ينشطون في حرق إطارات وأعمال أخرى هم جيل المستقبل، وإذا لم تستطع أن تصل إليهم الجمعيات المؤثرة اليوم فقد لا تستطيع أن تصل إليهم غداً عندما يصبح مثل هذا النشاط أمراً اعتادوا عليه بشكل روتيني وبصورة تمثل خطراً أكبر، بل ولربما تركوا الدراسة وحرموا أنفسهم من أية فرصة تتوافر أمامهم من أجل الانخراط في مثل هذه النشاطات.

ومع تكرار الرفض التام لكل أعمال العنف والعنف المضاد، فإنه ليس في وسعنا حرمان الشباب من التعبير عن آرائهم والمشاركة في الأنشطة المطلبية السلمية، لكن هناك حاجة لأن تنشئ الحكومة جسوراً مع منظمات المجتمع المدني للتباحث ضمن «شراكة مجتمعية حقيقية»، حول كل القضايا التي تترك آثاراً سلبية مدمرة في المجتمع.

بين يدي، دراسة حديثة حول أسباب غياب مشاركة منظمات المجتمع المدني في صياغة أمن المجتمع البحريني، تشير نتائجها الأولية إلى أنه في السؤال عن كيفية ضمان مشاركة حقيقية لمؤسسات المجتمع المدني في الحفاظ على أمن المجتمع، وهل هي من خلال: تطوير آليات التعاون بين تلك المؤسسات مع وزارة الداخلية، الدفاع، الأمن الوطني، أو من خلال تقديم الدعم المالي السخي لتلك المؤسسات، أو من خلال استحداث أنظمة وإجراءات قانونية تحفظ حقوق تلك المؤسسات في المشاركة، أو من خلال تشكيل مؤسسة غير حكومية مستقلة تعنى بالمشاركة في التنمية، أو كل ما ذكر، اختارت نسبة 47.8 في المئة (كل ما ذكر)، فيما اختارت نسبة 26.1 في المئة تطوير آليات التعاون بين تلك المؤسسات مع وزارة الداخلية، الدفاع، الأمن الوطني، أما بالنسبة لتقديم الدعم المالي السخي لتلك المؤسسات فكانت نسبة من اختار هذه الكيفية 14.1 في المئة، واختار 12.0 في المئة استحداث أنظمة وإجراءات قانونية تحفظ حقوق تلك المؤسسات في المشاركة.

والسؤال هو: «هل في مقدور الحكومة والمجتمع المدني إنشاء جسور حقيقية بينهما تسهم في حفظ أمن المجتمع وتستوعب الشباب وتلبي احتياجاتهم وتطلعاتهم وتفتح المجال للحوار البناء في شأن كل الملفات المهمة؟»… يتبع

سامي النصف

أفكار باردة ليوم حار

جميل أن يقدم العضو الفاضل احمد السعدون سؤاله المتعلق بشبه تضارب المصالح بين اعضاء المجلس الأعلى للبترول وعقود القطاع النفطي وأجمل كذلك الرد السريع والصريح لمعالي وزير النفط كي يفتح الباب لمن يود التعليق والتعقيب ومن ذلك مقال الزميل علي البداح امس بجريدة «الجريدة» التي برأ خلالها كشاهد حدث بعض اعضاء المجلس من الاستفادة.

الخطأ ـ ان وجد في تلك القضية ـ لم يكن من قبل الاعضاء كونهم لم «يرشحوا» انفسهم للمجلس بل تم اختيارهم وكان الواجب معرفة وجود شركات ومكاتب لهم قبل ذلك الاختيار عن طريق مراكز المعلومات ومنحهم الحق في اختيار الانضمام بعد ترك تلك المصالح او الاعتذار.

ومما يدل بشكل قاطع على عدم استفادة السادة موسى معرفي وعبدالرحمن الهارون وعبدالرحمن المحيلان وخالد بودي من وجودهم بالمجلس انهم تقدموا بمحض اختيارهم بالاستقالة من المجلس الاعلى للبترول قبل عام بناء على مبادئ يؤمنون بها، ولو كانت هناك استفادة لما تقدموا بتلك الاستقالة الطوعية، وللمعلومة تقدم مكتب موسى معرفي بالعطاء الوحيد امام منافسين اجانب وقد فاز بعقد يتيم قيمته 70 الف دينار بالكاد تغطي ارباحه قيمة تكلفته وقد تقدم بعض اعضاء المجلس مختارين بطلب تحويلهم للنيابة العامة لإثبات براءتهم فسمعة الناس ليست لعبة.

السؤال المنطقي: ماذا عن الوزارات والمؤسسات والشركات الحكومية وحتى المساهمة العامة ومتى تتم محاسبة كثير من القيادات الإدارية في المواقع المختلفة ممن تمتلئ مواقع الانترنت بوثائق تظهر تجاوزاتهم «الملايينية» ومتى نسعد بمحاسبة حتى فراش بنغالي في احد المواقع الحكومية.. وكيف نتوقع قدوم المستثمرين الأجانب ونحن على هذه الحالة؟!

بالمقابل يشتكي لي احد المسؤولين الملتزمين بالانظمة والقوانين من عمليات تشويه السمعة المتعمدة التي يلجأ لها بعض النواب عن طريق نشر اسئلة مغرضة في الصحف حال رفضه كمسؤول عمليات التوسط لهذا الطرف او ذاك، ويستطرد المسؤول بالقول ان بعض تلك الاسئلة تحتاج الى اشهر وآلاف من ساعات العمل للرد عليها مما يكلف المال العام ملايين الدنانير ويطالب رواد الدواوين والناخبين بالتصدي لبعض محترفي مثل تلك الاسئلة التي لو قضوا ما تبقى من عمرهم في قراءة اجاباتها لما أنهوها.

آخر محطة: مازلنا ـ للتذكير ـ دولة صغرى تكمن مصلحتها العليا في تحسين علاقاتها بجميع الجيران من السعودية الى العراق فايران، لذا نرجو ابعاد ملف علاقاتنا الخارجية عن مواضيع الدغدغة والتكسب الانتخابي المعتادة.

محمد الوشيحي

قرّبوا مربط الحَجْباء مني


بعد انكشاف حكاية المجلس الأعلى للبترول واستفادة أعضائه من المناقصات البترولية بطريقة "مصلّعة"، وبعد صمت الحكومة ووزير نفطها، وطبعاً بعد صمت "النواب العقلاء"، اتضح لي بما لا يدع مجالاً لحكّ الجبهة أن آبار النفط سيجف ريقها، وستعود الكويت إلى عهد ما قبل النفط.


ويا سلام لو تم ذلك، بشرط أن يمتهن كلّ منا مهنة أجداده التي كانوا يمتهنونها قبل اكتشاف النفط، فالذي كان أجداده طباخين يمتهن الطبخ، والذي كان أجداده حلاقين يمتهن الحلاقة، والقلاليف يصبح ابنهم قلافاً (القلاليف هم صنّاع السفن)، والنجارون يمسك ابنهم المنشار، والحدادون يتعامل سليلهم مع الحديد، والتجار وسيّاس الخيل وبقية المهن يمتهن أحفادهم صنعتهم. وما جرى على الأجداد يجري على الأحفاد، بشرط ألا يهرب التجار إلى الخارج بعد أن يهرّبوا أموالهم… هذه هي اللعبة وهذه شروطها، واللي أوله شرط… الخ.


وطبعاً سأمتهن أنا مهنة أجدادي، فأتحوّل إلى قاطع طريق، فجدّي لأبي "حسين الوشيحي" كان يرأس مجموعة من أبناء القبائل تخصصت في قطع طرق القوافل. منحهُ أصحابه رتبة "عقيد". و"العقيد" هو اسم الدلع لرئيس عصابة. على أن الرتبة هذه لا يحصل عليها من هبّ ودب، بل تنظّمها شروط ولوائح داخلية، منها أن يكون العقيد ذا رأي سديد، ويكون حازماً حاسماً في قراراته، عادلاً في توزيع الغنائم، سريع البديهة، ملمّاً بالطرق والأعراق والقبائل والأفخاذ، شجاعاً غير متهور، واشتراطات أخرى كثيرة. وكم من فارس فشل في "العقادة"، وأولهم جدي لأمي، "بريمان"، واسمه الحقيقي "محمد الوشيحي"، وهو ابن عم "العقيد". لم يحصل حتى على رتبة "عريف" رغم اعتراف الجميع بأنه "الأشجع"، لماذا؟ لأنه متهور أرعن. بل إن "العقيد" طرد ابن عمه بريمان من "الخدمة" بعد أن تسبب في فضح كمينهم أكثر من مرة، وكاد يوردهم المهالك، فهام على وجهه في الصحاري يقطع الطريق بمفرده.


وذاع صيت "العقيد حسين" فطاردته الحكومتان السعودية والكويتية، فترك أطفاله في "الوفرة" (منطقة كويتية تقع على الحدود السعودية) وركب البحر ولجأ إلى البحرين، ومات. وذاع صيت ابن عمه "بريمان"، فطاردته حكومات مجلس التعاون الخليجي كلها، واليمن، والعراق، ولا أدري عن الاتحاد الأوروبي ودول الكونكاكاف، وأخشى أن اسم "بريمان" ما يزال متربعاً على رأس قائمة "المطلوبين" هناك. ومع ذا مات معمراً في مستشفى الأميري.


إذاً على بركة الله، سأقطع الطرق. ولأن "الأقربون أولى بالمعروف"، فسأبدأ بـ"ذي الجيرتين"، الدكتور غانم النجار، جاري في الصفحة، وجاري في مبنى "الجريدة"، وسأفرض أتاوة على كل مسمار في منجرته، وليراجع منظمات حقوق الإنسان إذا أراد. ثم أعرج على جاري الآخر، حسن العيسى، حفيد الأدباء والتجار، فأشفط منه ما تيسّر. أما جاري الثالث عبدالمحسن الجمعة فسأركله على معدته وأتركه، فلا خير وراءه ولا أمامه. وسأسرق مصاغ لمى العثمان، فإذا صرخت وولولت خنقتها. ولن أقترب من الشاعر "وضاح" بسبب تحالفٍ قديم عُقدَ بين أجدادي وأجداده. وسأستعين ببعض الزملاء الكتّاب في الصفحة الداخلية لغزو جريدة "القبس"، جريدة التجار. ابشروا بالخير، وابشروا بالعدل في توزيع الغنائم. وخذوا ما راق لكم واتركوا لي الكاتب علي البغلي، رئيس جمعية حقوق الإنسان، الذي أثرى ثراء مهولاً. ثم "نحرف خيلنا" بعد ذلك على جريدة "الوطن" وكتّابها، وابشروا بالخير، وخذوا ما راق لكم، فإذا وجدتم الكاتب أحمد الفهد فارموا عليه "كسرة خبزه" وامسحوا على رأسه، معلش عشان خاطري، فهو في حمايتي. وأنجزوا أموركم بسرعة قبل أن تتدخل الـ"سي آي إيه"، والـ"إف بي آي"، والـ"خا را طي"، وكل منظمات الاستخبارات العالمية نصرة لعميلها الكاتب الفضائي.


هانت. سنوات قليلة وسيعيدنا المجلس الأعلى للبترول إلى عصر ما قبل النفط، فقرّبوا مربط "الحَجْباء" مني.


حسن العيسى

ما بعد عسكرة الدشاديش


في يوم قادم لن يطلب النائب وليد الطبطبائي فرض اللباس الوطني على موظفي الدولة فقط، ولن يسكت بقية النواب المفصلين على مقاس الطبطبائي على شكل ملابس الشرطة النسائية، حتى لو لبسن "الوزرة" بسخرية السيد وزير الداخلية في ملاحظة قديمة له على السابحات على شواطئ سان تروبيز في جزيرة كبر. سيمتد وباء مصادرة الإنسان وأبسط حرياته الشخصية إلى كل صغيرة وكبيرة، بحجة أن هذا هو الدِّين وهذا هو الشرع الإلهي، وبحجة العادات والتقاليد، التي تُكتَب للمستقبل بحبر الماضي. سيحدث كل هذا وأكثر، وفي كل مرة يقضم بها هبرة من حرية الإنسان ويحشر في إدراكه التفسير الغيبي عوضاً عن التفسير العلمي لظاهر الكون نجد أن الواعين لا يكترثون بمثل تلك القضايا، لأنها حسب رأيهم "قضية هامشية"، وكأن الأمر مجرد نائب يعبِّر عن رأيه، فلم يكن عزل كافتيريا الطلاب عن الطالبات في كلية الطب مسألة كبيرة، وسكت عنها، ولم يكترث أحد حين هرول مدير الجامعة في ذلك اليوم متسلحاً بعسس الاتحاد الوطني ليشهد بأم عينه كيف تتم جريمة الاختلاط بالكافتيريا… أيضاً كانت هذه عند فقه القلة الليبرالية مجرد "مسألة جانبية"! أكثر من ذلك أنهم يخشون حتى من وصفهم بالليبراليين، فقد أَدخل الإرهاب الفكري للجماعات الدينية والمؤسساتي للدولة التي تحيا على الرافعة الدينية (بتعبير جورج قرم في المسألة الدينية بالقرن الواحد والعشرين) الرعبَ حتى من التصريح بالإيمان بفكر الحداثة وكلمة الليبرالية، وتوهمت القلة الليبرالية أنه لا نجاة لها من بحور التخلف الجماهيري بغير الطوق الحكومي، والاصطفاف وراء خطاب السلطة الحاكمة في معظم الأحيان، نسي هؤلاء سواء كانوا في الكويت أو في بقية "الأمة العربية الواحدة" أن السلطات الحاكمة هي التي استثمرت روح التزمت والتعصب الدينيَّين في القرن الماضي لمقارعة الشيوعية، وهي المسؤولة بقلة ثقافتها ومراهنتها على الغرب الحارس للمصالح البترولية حين رعت قبليات الدول الدينية وما يندرج تحتها من طائفية لها جذورها العميقة في دولنا, وشجعتها بغرض ضرب القوى القومية والتقدمية.


إلامَ انتهينا اليوم؟ تم قتل الفن بدم بارد في الدولة وكتب الطبخ والعفاريت تملأ مكتبات معارض الكتاب كل عام، وبرامج تفسير الأحلام تتزاحم في محطات الاستهلاك التجارية، وقبلها محطات تلفزيونات الحكومة، وبدلاً من المسرح الجاد ضجت أراضينا بمولات الشراء والفاست فود، وبدلاً من إحياء الفرحة والبهجة الغائبتين وتوطين الثقافة العلمية وتنمية العقلانية تم إحياء حفلات المزايدات الدينية من قِبَل تجار البركة في القطاع الخاص، وهؤلاء هم تجارنا ورثة السندباد بجلبابه القصير ولحيته الممتدة… فلم يعد الأمر قاصراً على حفلات حفظ القرآن التي يرعاها كبار المسؤولين في الدولة ومؤسسات الوكالات التجارية، بل صار لدينا هذا الخليط العجيب عندما ينادى للأذان بمكبرات الصوت في "مول" متضخم بحداثة شكلية تضج ردهاته بالبنطلونات الضيقة وببنات الحجاب وقد غطين وجوههن بطبقة سميكة من المكياج الغربي!


هذا التشويه وتلك القباحة في بلد أضاع مشيته، أضحيا من "المسائل" الجانبية عند التقدميين، هي سنة التخلف أو التقدم! لا فرق بين الاثنين… ولا يهم وصفها… قالوا بأن قضايا المال العام هي قضيتنا الأولى والأخيرة، ولا شيء بعدها ولا قبلها…! ووصل الأمر إلى أن يكتب عبداللطيف الدعيج مصرحاً بكفره بقضايا المال العام على حساب الحريات الفردية!


قضيتنا – إذا فهمنا واجبنا الوطني – هي النضال على جبهتين، لا لجبهة على حساب أخرى، فعلينا محاربة الفساد المعشش في ردهات الدولة بلا استثناء، وقضيتنا الموازية لها اسمها الحريات والحداثة، ولا تنازل عن واحدة مقابل الأخرى، ولا مراهنة على عربة السلطة اليوم حين نشعر بضعفنا كأقلية، ولا بد من عون حبال السلطة. ولننتهِ من حديث الأغلبية الصامتة كما يحلو للزميل إبراهيم المليفي أن يعنون مقالاته باسمها… فأي فائدة لهذه "الأغلبية" إذا كانت خرساء لا تنطق ولا تصدر صوتاً؟! لنكن أقلية تؤمن بالحرية بكل معاني حرية الكلمة كركن أصيل للحرية السياسية مع نضال لا يكل من أجل بقية الحريات الاجتماعية الغائبة عن الجسد الكويتي وهي قوام معنى الوجود الإنساني.


احمد الصراف

جلد الزانية ورجمها

تعترف الدول الاسلامية كافة بالشرعية الدينية لحد رجم الزاني والزانية، ولا خيار لها في ذلك! ولكن القوانين الوضعية لغالبيتها لا تقر طريقة العقاب هذه، وان باستحياء، ولكن بعضها تقرها في حدود، ولكن لا تطبقها والبعض الآخر تقرها وتطبقها علنا دون اهتمام بحقوق انسان أو عدالة أو رحمة، خاصة أن التطبيق يكون دائما علنيا، مع اقتصاره غالبا على النساء دون الرجال، وكأن المرأة يمكن أن تزني مع شبح لا يرى! وقد رأينا في السنوات العشرين الماضية، عدة تطبيقات بشعة لهذه العقوبة وضعت دولنا بجدارة في قمة الدول المتعسفة في معاملة شعوبها.
وورد في الأنباء (القبس 10/6) أن السلطات الايرانية «تأنسنت» اخيرا، وقررت بعد ازدياد ضغوط المنظمات الدولية عليها، وقف تنفيذ حكم محكمة يقضي برجم السيدة سكينة أشتياني (43 عاما) على اقترافها جريمة الزنى. وقال بيان صادر عن سفارتها في لندن انها تفكر في وسيلة أخرى لتنفيذ حكم الموت بحق المتهمة بالزنى، علما بأنها سبق أن جلدت 99 جلدة! ولا أدري كيف تقبل هذه الأنظمة بدفن امرأة في التراب حتى ما دون كتفيها بعد جلدها، ومن ثم تناوب جمهور من الرعاع على قذفها بالحجارة حتى الموت، دون أن يرف لأحد منهم جفن أو يتحرك ضمير؟ وكيف يمكن أن نفسر سكوت كافة المنظمات العربية الاسلامية المعنية بشؤون الانسان عن هذا الحكم القضائي الشاذ الذي يرسخ تفردنا بمثل هذا العقاب غير الطبيعي لامرأة أتت فعلا جنسيا مع رجل ليس بزوجها؟ والغريب أن غالبية هذه الاحكام في دولنا الباهرة تنفذ بحق النساء فقط، غير عابئين بالرجل الشريك، فكيف تزني امرأة دون رجل؟ وكيف يمكن لدولة أو دول تعيش في هذا العصر، أن يصدر قضاؤها مثل هذه الأحكام الوحشية، فماذا تركنا لسكان الغابات ورجال العصابات؟
وفي السياق نفسه، نبارك للشباب الايراني صدور الكتالوغ الرسمي الحكومي لقصات الشعر الرجالية الذي طال انتظاره، والذي سيجعل منه شخصا أكثر علما وفهما واحتراما لحكومته النيرة.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

نزولاً إلى الشباب… صعوداً إلى الحكومة (2)

 

لست من الذين يضخمون الأمور تجاه الوضع الأمني في البلد، فينظرون إلى ظاهرة حرق الإطارات وحاويات القمامة على أنها (خطر مزلزل يهدد كيان الأمة)! أو يشيرون بذلك إلى أن الأمن في البحرين غير مستقر ومضطرب إلى الدرجة التي يمكن من خلالها التأثير على مختلف جوانب الحياة بشكل سلبي! إلا أنه من الأهمية بمكان أن تتضافر الجهود للتصدي لحوادث العنف التي ينتج عنها مصابون أو قتلى من أي طرف وهي الأخطر، مع الاعتبار لضرورة النظر في الملفات والقضايا المهمة التي تثير الشارع ومعالجتها ضمن إطار مشترك بين الحكومة والأطراف ذات العلاقة، سواء كانت موالاة أم معارضة.

لكن تبقى تلك الظاهرة من الظواهر السلبية المضرة بأمن المجتمع مهما كان حجمها، وإن اعتاد الناس عليها وأصبحت ضمن قائمة «مشاكل الإجازة الأسبوعية»، ثم هي في الواقع، أي الممارسات المحصورة في التعبير عن المطالب من خلال النار والعنف والتخريب، ليست هي السبيل النضالي المسدد لنيل الحقوق ولربما استفادت منها أطراف تريد إلحاق الضرر بأي حركة مطلبية، أو أي مبادرة بين الدولة والمجتمع لتحقيق تقدم.

قضيتان هما (كرزكان والمعامير)، صدرت أحكام ضد المتهمين فيهما بقتل الشرطي ماجد أصغر علي وشيخ رياض أججتا الوضع بشكل واضح، وأياً كانت ردود الفعل تجاههما، فلا يمكن إغفال الدور الذي يلعبه فريق الدفاع في متابعة القضايا، وكذلك دور الوجهاء والشخصيات المؤثرة بالإضافة إلى ما يتاح لذوي المتهمين وكذلك ذوي الضحايا من حقوق يمكن الاتفاق بشأنها مع الدولة تصل إلى حد التماس العفو من جلالة الملك.

وفي الواقع، لا يمكن اختزال مواقف المواطنين تجاه هاتين القضيتين في مسار واحد، فهناك طرف يدافع عن المتهمين ويطالب بتبرئتهم واعتبار الأحكام ذات عوامل سياسية وهذا حقهم، وهناك أيضاً طرف آخر يرى ضرورة تطبيق القانون على المدانين في قضايا القتل وإنصاف الضحايا وذويهم وهذا حقهم أيضاً، لكن لطالما كانت قضيتنا هي الشباب وحراكهم السياسي، فلابد من التفريق بين الحق في المطالبة وفقاً لما كفله القانون، وبين العبث الفوضوي، فهناك استمرارية للأنشطة المطلبية السلمية القوية من خلال المسيرات والاعتصامات التي رفعت مطالب بإيقاف التجنيس العشوائي ووقف الانتهاكات والتعذيب والقمع والمطالبة بحفظ أملاك الدولة وغيرها، وهي على قانونيتها وسلميتها، أقوى تأثيراً وحضوراً من مجرد حرق إطارات وحاويات قمامة، ولا يمكن الاستعاضة بالدخان كوسيلة للمطالب بدلاً عن المواقف المبدئية القوية في الأنشطة المتاحة، وهذا ما بدا في مسيرة يوم الجمعة الماضي المطالبة بوقف التجنيس السياسي وانتهت دون اندلاع مواجهات.

وستبقى فئة الشباب فئة محورية في الحراك السياسي، وأجد ما طرحه رئيس التحرير منصور الجمري في عموده يوم الأحد 20 يونيو/ حزيران الماضي جديراً بالتأمل من جانب الحكومة والمجتمع المدني، حيث أشار إلى الحاجة مرات ومرات إلى أن نعيد إلى الساحة السياسية الحديث عن ضرورة ترشيد الساحة لتوجيه الطاقات نحو العمل السلمي، والابتعاد عن أعمال العنف، التي تبدأ بحرق إطار وتمر عبر زجاجات المولوتوف ولا تتوقف عند حد. علينا أن نصل برسالة واضحة إلى الجميع بأن العنف لا يمكن أن يكون مفيداً لأحد، وأن ما يتحقق بسبب العنف إنما أمده قصير، ولكن عواقبه كبيرة… هذا إضافة إلى آثار العنف على الناس، وعلى الذين يتعودون عليه، وعلى الضحايا الذين ليس لهم علاقة بالحدث السياسي… وللحديث صلة.

سامي النصف

قضايا الأربعاء وبعض ما كتبه الزملاء

قرت عين الدكتور الفاضل سند الفضالة بإطلاق سراح نجله خالد، ونرجو أن نصبح من الدول المتقدمة التي تتعلم مما يحدث لها، فلا تكرره كما يحدث عادة في دول العالم الثالث المتخلف، احكام الأمس بها رد حازم وصارم على من شكك في القضاء الكويتي النزيه، ولا نقول حكم ببراءته كون مرفق القضاء ليس متهما من الأساس.

عفن البورصة وقلة من شركاتها المساهمة الورقية الذي تطرق له وبحق وزير التجارة الاصلاحي أحمد الهارون، يجب ان تتبعه اجراءات حازمة تحد من ظاهرة إفلاس الشركات وتوريط المواطنين لزيادة ثروات قلة من الافراد، فهل يعقل ان يسجن من يسرق 100 دينار ويسكت عمن يسرق 100 مليون دينار من أموال الناس؟!

للمعلومة وبشكل فريد في الدنيا، كوارث بورصة 76 ومناخ 82 وعشرات النكبات والسرقات التي تلتها، لم يحاسب عليها أحد قط مما أوصل رسالة مفادها «انهب واسلب الشركات المساهمة العامة ولن يحاسبك أحد قط»، لذا فهيئة سوق المال لا تحتاج لرجل اقتصاد كحال بعض الاسواق الاخرى، بل لأن يرأسها قاض عادل صارم لا يخشى في الحق وتطبيق القانون لومة لائم.

آلمنا بشدة مصاب الزميل والصديق صالح الغنام في مرض زوجته المفاجئ، وأعجبنا ما كتبه حول الموضوع الزميل والصديق مفرج الدوسري في مقاله أمس بجريدة «الوطن»، ظاهرة إصابة الشباب وصغار السن بأمراض القلب والسرطان والسكر والضغط والجلطات التي تصيب عادة الطاعنين بالسن تحتاج الى ايضاح من وزارة الصحة، فدرهم وقاية خير من قنطار علاج.

طلب الزميل والصديق أحمد الصراف من وزير الصحة د.هلال الساير تقديم استقالته على معطى التعدي اللفظي الذي تعرض له، وأقول لأبي طارق ان هذا بالضبط ما يريده المتعدون ومحاربو راية الاصلاح التي رفعها د.هلال والتي وفر من خلالها مئات ملايين الدنانير على الخزينة العامة للدولة، استقالة الاصلاحيين ومنفذي القوانين لا تصلح شيئا، بل تقدم الكراسي على طبق من ذهب لمن يعبث بالمال العام ويفسد في الارض ويدمر مستقبل البلد.

مقالا الزميلــين مشاري العدواني ومبارك المعوشرجي في جريدتي «عالم اليوم» و«الرؤية» كشفا عمليات التنفيع القائمة على معطى توزيع الاراضي العامة لمن يدعي ملـــكية أربعة خيول كي يبيع الارض بعد ذلك بعشرات الالوف ويرجع الخيول لمن استعارها منهم، وهو استكمال لمسار التفريط في الاراضي العامة تحت مسمى مزارع ومناحل واسطبلات وجواخير.. إلخ، في وقت تبخل فيه نفس الدولة بالاراضي العامة لإنشاء المصانع والمخازن التي لا غنى لكويت المركز المالي عنها، كوميديا تنفيع سوداء نرجو أن تتوقف.

آخر محطة:

العزاء الحار لأسرة المرحوم جمعان الرشيدي بالمصاب الجلل الذي تعرضت له عائلته ومرافقوهم، للفقداء الرحمة والمغفرة، ولأهليهم وذويهم الصبر والسلوان، و(إنا لله وإنا إليه راجعون).

احمد الصراف

عندما تلتقي أنهر التخلف

كشف السيد محمد الرشيد، وزير التربية والتعليم السعودي السابق، عن تلقيه تهديدات بالقتل، عندما كان في منصبه، إن فكر في تغيير مناهج التربية الدينية، أو حتى تقليل ساعات تدريسها. والتهديد بقتل سياسي في السعودية يشبه التهديد بالاستجواب في الكويت عندما يتعلق الأمر بتعديل المناهج والاقتراب من المواد الدينية، على الأقل من منطلق أن وراء التهديد والاستجواب العقليات نفسها التي لم نجن من الاستماع إليها واتباعها غير الخراب العقلي والدمار الاجتماعي، فما الذي جنته أي دولة متشددة دينيا في مجال المعرفة والعلوم والتقدم الإنساني والاهتمام بالمعارف؟ لا شيء طبعا!
وفي الكويت، وعندما حاولت وزيرة التربية الحالية، ومن سبقها من وزراء تربية متنورين، على قلتهم، الاقتراب من تطوير.. نكرر، تطوير وليس تخريب، بعض المواد قامت عليها القيامة ووجهت لها مختلف التهم من غير المدركين لمصلحة وطنهم لضيق أفق تفكيرهم، وعدم قدرتهم على تلمس حقيقة المخاطر التي تحيط به. فكيف يمكن أن يصدق من هو بعيد عن الكويت، ويسمع بكل ثرائها وسابق إبداعاتها، أن أسئلة امتحانات نهاية السنة للصف التاسع تضمنت السؤال التالي: بم تنصح رجلا يذهب إلى القبور لدعاء أصحابها لرفع الضر وطلب المنفعة؟ فواضح أن من وضع هذا السؤال هو إما إنسان فارغ التفكير، أو أنه محرض على كراهية فئة معينة، إضافة لتسفيه فكر ومعتقد أكثر من ثلاثة مليارات من البشر من زوار المقابر، أو من المؤمنين بأن الأموات، من قديسين وأولياء، يدفعون الضر ويجلبون المنفعة! فدول العالم المتقدم، وحتى نصف المتعلم، تتعارك على تقديم أفضل الإبداعات وتتزاحم على الوصول إلى أحسن المكتشفات، وتتصارع لتقديم أفضل المنجزات في عالم الطب والكمبيوتر والصواريخ والهندسة الوراثية والخلايا البشرية المصنعة. أما نحن، فلا نزال منذ قرون ننشغل بمن هو على حق ومن على باطل، وحكم إهداء الزهور ورضاعة الكبير وزيارة القبور والتلهي بقشور الأمور وتوافهها، في سعينا لمزاحمة غيرنا على أبواب الجنة والطلب من رضوانها عدم إدخال من نبغض، ونعتقد أنه على ضلال!

أحمد الصراف

احمد الصراف

العمار والحجرف.. والعمل الخيري

لم يسبق ان التقيت السيد ناصر العمار، مدير ادارة الجمعيات والمبرات الخيرية، ولكن بإمكاني القول -من خلال تصريحاته وصوره في الصحف- إنه انسان لطيف وخلوق وحبوب وطيب، ولا شيء غير ذلك على المستوى الاداري، بعد ان تكررت منه التهديدات الفارغة للجمعيات الخيرية المخالفة سنة وراء اخرى من دون تنفيذ، اضافة الى عجزه التام عن معرفة حقيقة الاوضاع المالية لأي جمعية خيرية تقع تحت اشرافه.
ففي مؤتمره الصحفي الاخير (القبس 6/10)، الذي تكرر ما يماثله عشرات المرات، ذكر ان جهات «خيرية» غير مصرح لها بجمع التبرعات، سعت الى استعطاف المحسنين وجمع المال لأحد الشعوب المنكوبة، فضلا عن قيام مجموعة افراد باتباع الاسلوب ذاته، ونشر اعلانات طلب تبرع في وسائل الاعلام المختلفة! وهنا المقصود جماعة «سفينة الحرية» والنائب وليد الطبطبائي وشعب غزة! ولا ادري كيف يصف هذه الجهات بالخيرية اذا كان يعتقد انها غير شرعية اصلا؟ وهل بإمكان العمار الاقتراب من وليد الطبطبائي وإحالته الى النيابة؟
كما قال ان وزارة الشؤون «ممتعضة» من تصرفات هؤلاء، لمخالفتها آلية جمع التبرعات! وشمل الامتعاض اعلانات التبرع التي تعد كذلك مخالفة صريحة اخرى لقانون جمع التبرعات.
وختم السيد المدير تصريحه -كعادة مسؤولينا- بالقول انه «يهيب» بالاخوة المتبرعين، وكذلك وسائل الاعلام الخاصة، عدم السماح لأحد بنشر اعلانات عن جمع تبرعات واستجداء المحسنين من دون الحصول على موافقة وزارة الشؤون، تنفيذا لقرار مجلس الوزراء رقم 868 لعام 2001!
وهذا يعني ان القرار صدر قبل 10 سنوات ولم يطبق على مدى 3650 يوما على احد، فما حاجة السيد ناصر الى أن «يهيب» إنْ كان لديه قرار من مجلس الوزراء منذ 10 سنوات؟ ولماذا يهدد ويتوعد باتخاذ الاجراءات القانونية إن كان الجرم واضحا والجاني معروفا؟ وماذا فعلت في عشرات الحالات السابقة، بعد كل شهر من رمضان وعيد ومناسبة دينية؟
لقد مر على تصريح السيد العمار شهر من دون ان نسمع بإحالة احد الى النيابة بسبب مخالفتهم وجمعهم تبرعات نقدية، وكميات كبيرة من القطع الذهبية، لا يعرف احد مبالغها وكيف صرفت ولمن اعطيت، وهل وصل منها شيء الى مستحقيها؟
وفي السياق نفسه، اكد السيد بدر الحجرف، رئيس مجلس ادارة مبرة الاحسان الخيرية، (القبس 6/13) ان من يشكك في مؤسسات العمل الخيري او انها داعمة للارهاب فلا يملك اي دليل، وان اعمالها مراقبة من الشؤون! ونحن هنا نتفق معه على غياب الدليل، ولكننا لا نعتقد بوجود رقابة فعالة من الشؤون على المبرات والجمعيات الخيرية، وجمعيته هو بالذات! فالوزارة كانت ولا تزال جاهلة بما يقع تحت يديه من اموال او كيف يتصرف فيها، لان جهاز الوزارة الرقابي متعب ومسيس وقليل العدد، ويفتقد الخبرة المناسبة، وتستحيل عليه معرفة حقيقة الوضع المالي الدقيق لاكثر من 150 جمعية ولجنة خيرية ومبرة! وبالتالي يبقى الشك في طريقة عمل الجمعيات واردا، حتى تثبت جهة تحترم نفسها عكس ذلك!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

«الشباب المطفوق»

خالد الفضالة هذا الشاب الجميل بات هو قضية الصيف التي تزاحم كأس العالم، وخطتنا التنموية التي بدأت أولى ثمارها بتوقيع ميناء بوبيان مع شركة أطالت أمد إنشاء ملعب من عامين إلى ستة أعوام!! بغض النظر عن شخصية خالد المحبوبة وشهادة جميع المحيطين به المجروحة، وهذا الالتفاف الجميل لمؤازرته، والذي أجزم بأنه لم يكن ليتحقق لو كانت القضية تمس شخصية شابّة أخرى غير خالد، لكن ماذا نريد؟ وما الهدف مما نصنعه؟ وعلى ماذا نحتّج؟ لا نرفض أبدا أن يلجأ سمو الرئيس إلى القضاء، وإن كنا لا نتمنى ذلك لأنه يمثل رأس التنفيذ، فقد نقسو في نقدنا، ورده علينا يجب أن يكون بالعمل لمصلحتنا ومصلحته، لا أن يكون محراب القضاء ساحته وملعبه الوحيد… لا نشكك أبدا في قضائنا، ولكن هذا لا يعني ألا ننتقد أحكامه وهو حق أصيل لنا، وانتقاد الأحكام لا يعني بأي شكل من الأشكال عدم تطبيقها. عندما نجد أن خالد هو الشخص الوحيد في تاريخ الدولة الذي يحبس في حكم درجة أولى بتهمة سب وقذف فإننا نشعر بغصّة لذلك، عندما نجد قضية استخدم فيها أحد أبناء الأسرة كل محتويات قاموس الشتائم في حق النائب العام وتكون العقوبة غرامة 500 دينار، فإننا نشعر بنوع من الغبن، عندما نجد شخصية كالسيد طلال الفهد ترفض الالتزام بقوانين الدولة، ولم تزل كذلك، وتكون عقوبته الوحيدة تغيير مكان مكتبه غير الشرعي من العديلية للجابرية، فإننا نشعر بسيادة الجبروت على الدولة. عندما نرى أمام ناظرينا أن أكبر نهب لأموالنا لم يعاقب فيه سوى شخص واحد من أصل خمسة أو أكثر فإن ذلك بالتأكيد يهز مشاعرنا ويجعلنا نترنح في أماكننا. القضية ليست قضية خالد ووطنيته، وليست مسألة أنه آلى ألا يبيع وطنه، وليست قضية قانون مطبوعات، القضية يا سادتي برمتها لا تعدو كون أن يشعر كويتي واحد بأنه ظُلم في الوقت الذي يجد فيه أن من فعل ما هو أشنع وأبغض وأسوأ في حق وطن بكامله وليس أفرادا فحسب يسرح ويمرح. نحن لا نريد سوى هذا النص «شرف القضاء، ونزاهة القضاة وعدلهم، أساس الملك وضمان للحقوق والحريات»، فما أقسى أن يشعر من ترعرع حراً في كنف وطن عادل بالظلم!! خارج نطاق التغطية: منذ عام 2005 وتحديدا مع الصحوة الشبابية السياسية الجديدة في إقرار الحق السياسي للمرأة، مرورا بالحركة الأكثر نضجا في مسألة تقليص الدوائر، بدأت الأقلام والألسنة المتضررة تصف الشباب بأشنع الألفاظ، لعدم مواءمة ميول هؤلاء الشباب للمتضررين، فبدءا بـ»يهال» إلى «أدوات بيد الكبار» وغيرها من مصطلحات تطورت اليوم لتصبح «شباب طائش» «مطفوق»، أقول لهم بأنه مع الافتراض الخيالي بصحة ما تقولون، ولكن هذا الطيش الشبابي لم يتحرك إلا عندما وجد أن حكمتكم التي تدّعون لم تقدنا إلا إلى الخلف، فكفّوا ألسنتكم وتعلموا منّا كيف تُبنى الكويت.