ماذا يحدث في البلد؟! وزارة الخارجية الأميركية تُبدي قلقها من حبس سجين الرأي الأستاذ محمد الجاسم، وقال الناطق باسم الوزارة السيد كراولي: "قدرة مواطني أي دولة وصحافييها على بحث ومناقشة ونقد أفعال الحكومات بحرية وقوة لا تُهدِّد المصالح القومية… إنها تجعل الحكومات أفضل وأكثر عرضة للمحاسبة…"، كلام الخارجية الأميركية ونصيحتها لحكومتنا جميل، لكن من يسمع ومن يكترث عند "ربعنا"؟!
أما منظمات حقوق الإنسان الدولية فقد أخذت تتحدث بقوة عن قضية الجاسم، وقالت حسيبة الصحراوي نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط لمنظمة العفو الدولية: "…إن الملاحقة الدائمة لمحمد عبدالقادر الجاسم تجعل الادعاء بأن الكويت تحترم حرية التفكير والرأي نوعاً من السخرية…!".
تصريح حسيبة قوي ومؤلم للكويت، وحسبنا الله ونعم الوكيل، فلم نكُن بحاجة إلى هذا الصداع، وإن كانت تلك الانتقادات هذه المرة توجه إلى الدولة بسبب قضية رأي وممارسة عادية لحق التعبير… فماذا كان سيحدث لو أن السلطة عاملت مقالات الجاسم كأيِّ قضية عادية، يُساءَل صاحبها متى حملت كلماته سبّاً أو قذفاً في حق أيِّ فرد من غير الزج باسم الدولة وأمنها وترويع أصحاب الرأي بعظائم الأمور…؟ على ماذا يا سادة؟ وهل نحن بحاجة إلى كل ذلك؟ إضافة إلى هذا يبحث دفاع الأستاذ الجاسم مدى جواز "استمرار" حبسه بعد أن انتهت مدة الـ"21 يوما" للحبس، التي أمرت بها النيابة العامة، وبعد أن انتهى تحقيقها في التهم الموجهة إلى الجاسم، وستتم مقاضاة السيد وزير الداخلية لعدم مشروعية حبس الجاسم في سجون أمن الدولة، ولعدم استناد استمرارية الحبس إلى سند من تفسير صحيح لروح القانون، وهذا دفاع سيُثار أمام المحكمة، وسيصل إلى أسماع الناس ومنظمات حقوق الإنسان، وسيزيد الإحراج السياسي للدولة الكويتية في قضايا الحريات، ولا يمكن الحجر على وعي الناس بعدم النشر الإعلامي، فجلسة المحاكمة لم تكُن سرية، ولم يطلب الادعاء أو رئيس الجلسة سرّيتها، فماذا سيكون موقف الدولة بعد ذلك؟!
لديّ شعور بالغم واليأس مما يحدث، وتتملّكني مشاعر الحسرة على ما وصلت إليه الأمور، وتهيمن عليّ هواجس مقلقة لا بسبب قضية الأستاذ الجاسم فقط، وإنما لعدم اكتراث عدد كبير من نواب الأمة بما يحدث اليوم لحرية التعبير، ماذا أقول بعد كل ذلك؟ وماذا يحدث للديرة وأنا أسمع بين الحين والآخر عن "شيخ يقول أنا معزب وآخر يقول راح ألسب"؟!
ملاحظة: "اللسب" يعني الجلد بالعصا في لهجتنا الناعمة.
الشهر: يونيو 2010
أول المرحلة الرابعة
«يا وابور قولي رايح على فين، يا وابور قولي مسافر فين
عمال تجري قبلي وبحري تنزل وادي تطلع كوبري. حود مرة وبعدين دوغري، ما تقول يا وابور، رايح على فين؟ صوتك يدوي وأنت بتدوي، والبعد قريب ناره بتكوي والأرض بساط وانت بتطوي، ما تقول يا وابور رايح على فين.. على فين؟»
***
نشأت في بيت كان الاستماع للموسيقى فيه قبل أكثر من نصف قرن، أمرا عاديا، وكان لأغاني فيروز وموسيقى عبدالوهاب المكانة الأكبر، ولهذا ربما تذكرت، وأنا أفكر في موضوع هذه المقالة، كلمات الأغنية أعلاه لعبد الوهاب، التي طالما «دندنت» بها، وأنا اتصفح فيض رسائل الإنترنت التي انهمرت علي من حيث أدري ولا أدري، والتي جاوزت المائتي رسالة، تضمن بعضها الشكر وأخرى السخط، وغالبيتها الحنق والغضب وحتى الحزن وعدم الرضا ورفض الواقع، وتمني الأفضل لي ولمجتمعي، وكل ذلك ردا على رسالة مقتضبة أرسلتها لهؤلاء الأصدقاء وغيرهم من أسماء في قائمة بريدي ذكرت فيها نيتي الغياب المطول عن الوطن، وأن مرحلة رابعة وأخيرة من حياتي قد بدأت للتو.
التواضع مهم، ولا ينقصني شيء منه، والشعور بالاعتزاز وبمحبة الآخرين أمر جميل ولكن الاعتراف بالحقيقة أكثر أهمية، حيث لم أعتقد يوما أو أشعر بأن لي كل هذه المكانة في قلب وفكر كل هذه المجموعة المتنوعة من البشر من الكويت والعراق والأردن وفلسطين ومصر والسعودية والبحرين وأستراليا وكندا ودبي وقطر وأميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وليبيا والمغرب وتونس ولبنان طبعا، ومن دول أخرى لا تسعفني الذاكرة على حصرها، فمعذرة للجميع.
الحق أنني مقبل على مرحلة رابعة وحاسمة في حياتي، والأرجح أنها ستكون الأخيرة، وهذا ما أتمناه. وقد اعترض بعض «المحبين» على كلمة أخيرة شفقة من جهة ولأن، برأيهم، من الاستحالة على الإنسان معرفة المرحلة الأخيرة في حياته!! ولكن هذا ليس أمرا دقيقا بالمطلق، فمن ينوي الموت انتحارا بعد شهر مثلا يعرف تماما ماهية المرحلة الأخيرة من حياته، ولست بالطبع واحدا منهم.
تجربة التواصل «الحميمة» التي أظهرتها تلك الرسائل كشفت أمورا كثيرة، شخصية غالبا، لم أكن أعرف بوجودها، خاصة بين أولئك الذين لم يسبق لي أن تعرفت عليهم او التقيت بهم من قبل، وهذا ما أعطاني أو وفر لي بعدا إنسانيا كنت في حاجة له وأنا مقبل على هذه المرحلة الحاسمة.
أكتب كل ذلك ليس فقط لأحدد مسار طريقي للسنوات المقبلة، بل وأيضا كطريقة للتحدث مع النفس وإلزامها بما كتبت، بل وأيضا لما تشكله هذه الكتابات الوجدانية من مادة أدبية لما سيأتي من كتابات.
أحمد الصراف
«الوفاق» الشجاعة… «الوفاق» الواثقة
منذ انطلاق التجربة النيابية في العام 2002 حتى اليوم، لم تتعرض كتلة نيابية أو جمعية إسلامية للهجوم الكاسح الدائم المستديم، كما تعرضت وتتعرض له جمعية الوفاق الوطني الإسلامية! ولم يتعرض نواب أو سياسيون للشتائم والافتراءات والانتقاص والتشكيك في النوايا، كما تعرض ويتعرض له نواب الوفاق، ومع ضراوة تلك الهجمة المستمرة، إلا أن «الوفاق» تبدو شجاعة واثقة، لم تتعرقل في سيرها بسبب الألغام المزروعة تحت أقدامها.
ماذا فعلت الوفاق؟ ماذا قدم نواب الوفاق؟ لماذا يا وفاق؟ مأزق الوفاق… فضيحة الوفاق… طائفية الوفاق… وكم هائل من المقالات الصحافية والتصريحات المضادة والحملات في المواقع الإلكترونية لا تستهدف سوى الوفاق.
وشهادة لله، فإن «الوفاق» عملت في صمت وبمنهجية وطنية مميزة لم تهزها عشرات المقالات الهجومية، فالذين لم يتمكنوا من تأليب الموقف الرسمي ضد الوفاق بقائمة متعددة الاتهامات أملاً في موقف متشدد من الحكومة ضدها، تحولوا بعد ذلك إلى الإكثار من الكلام حول اهتزاز شعبيتها وتزايد السخط عليها من قبل جماهيرها بعد أن وجدوا أن جهودهم في (تسويد وجهها في عين الدولة ذهبت هباءً) وأن قاعدتها الجماهيرية تتسع ولا تضيق، وخصوصاً مع تنامي قوة العلاقات بينها وبين السلطة التنفيذية في متابعة قضايا وملفات مهمة.
أما الذين كانوا يتهمون «الوفاق» بأنها تجاري الدولة وتسايرها على حساب مصلحة الوطن والمواطنين، أو لأنها لا تتحرك بشكل جاد لحلحلة القضايا المهمة وتقضي جل وقتها للعمل على مصلحتها، والقول بأن «الملف الأمني» وما يتعرض له الناس من قمع وتعذيب وسجن وقتل وانتهاك الحقوق، فإنهم يسارعون لإضعاف واستصغار أي تحرك تقوم به الوفاق في هذا الاتجاه، حتى مع علمهم بأنها تعمل وتبذل ما في وسعها من جهد حتى في أقسى الظروف.
ولهذا، فإن «الوفاق» أثبتت وطنيتها البحرينية من جهة، وسعيها لاستقرار الوطن والمحافظة على مكتسباته حين نقل عدد من نواب الوفاق بكل ثقة وأمانة ملفات مهمة في لقائهم صباح يوم الثلثاء الماضي الأول من يونيو/ حزيران الجاري مع وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، ومنها (القضايا التي تتصل بشئون الأمن بشكل عام كردود الفعل من قبل رجال الأمن على أعمال العنف، وعلاقة الوزارة بمنع بعض البحرينيين من دخول الدول الأخرى، ومنع دخول بعض المواطنين للموانئ، بالإضافة إلى الاستفسار عن آخر المستجدات بشأن قضية البحارة وحرية مزاولة المهنة في مياه الخليج، وكذلك موضوع التوظيف بالوزارة)، والوفاق تدرك أهمية لقاءاتها مع كبار المسئولين، وهي خطوة ليست جديدة، فالوفاق كانت على تواصل مع الوزراء والمسئولين لطرح قضايا المواطنين، شئنا أم أبينا.
ولا أعتقد أن الوفاق في حاجة لمن (يشهد لها)، وفي الوقت ذاته، لن تكترث بمن يحاول (التقليل من شأنها ككيان سياسي واجتماعي وديني في المجتمع البحريني)، ويكفي أن تقرير أملاك الدولة على سبيل المثال، وفعالياتها المدروسة وحجم المشاركة الشعبية فيها، تثبت أن الوفاق لن تكون في حاجة إلى دعايات انتخابية، كما يظن البعض، لكن، يلزمها أن تكون أكثر دقة هذه المرة لاختيار مترشحين بدماء ووجوه ومنهجية تفكير وأداء جديدة… ولا أشك في أنها لا تعجز عن ذلك، وستنجح بامتياز
المسلّمات والاستجوابات والأخطاء السياسية
لنبدأ من المسلّمات، وهي عديدة، ومنها ان الغفلة وعدم الاحتراف يسودان مناحي كثيرة من الحياة الكويتية المعاصرة، ومن ذلك ظاهرة قلة المهنية في الحياة السياسية الكويتية، فما ان ترتكب الحكومة خطأ ما حتى تقوم المعارضة لا بتقويمه كما يحدث لدى الدول الأخرى بل تصححه بخطأ أكبر، فإن قامت الحكومة بصرف دينار في غير محله طالبتها المعارضة بصرف 100 دينار في غير محلها كذلك.
ومن المسلّمات ان المعارضة الحكيمة العاقلة هي جزء لا يمكن الاستغناء عنه ضمن أي حياة ديموقراطية سليمة، لذا لا توجد مصلحة لأحد في أن تضعف المعارضة الى حد تعجز فيه عن القيام بدورها، كذلك فمن المسلّمات غير المستغربة ان توجد للحكومات في المجتمعات الديموقراطية أغلبية برلمانية، وإلا فكيف تتم محاسبتها إذا لم يسمح لها بتمرير مشاريعها؟!
ومن الحقائق المدونة في الحياة السياسية الكويتية ان الخبير الدستوري «الوحيد» في المجلس التأسيسي الذي كان يمثل المعارضة ويعكس آراء القوى الوطنية، ونعني د.خليل عثمان، هو من طالب بألا يتعرض سمو رئيس الوزراء للاستجواب حرصا على استقرار الحياة السياسية الكويتية، لذا جعله لا يتقلد حقيبة وزارية أو يتم طرح الثقة فيه كما يحدث في جميع الديموقراطيات الأخرى، ومن ثم فإن الإيمان بروح الدستور وأعرافه يقتضي الالتزام بذلك المفهوم.
وعودة للمسلّمات وما نعرفه من ان تكرار صيحة الذئب يفرغها من معناها في نهاية الأمر، وهو ما تناسته بعض القوى السياسية المعارضة عندما كررت إساءة استخدام آلية الاستجواب والتخويف بها حتى لم تعد تخيف أحدا، ومثلها تكرار صيحة الخوف على الدستور من الحل غير الدستوري حتى توقف الناس عن التجاوب معها.
ان الاستجواب الحالي هو مجرد رفع عتب، فعمليات التلوث البيئي قضية تشتكي منها كل الأمم حتى ان الأمم المتقدمة باتت تقسم مناطقها السكنية الى خضراء وصفراء وحمراء.. إلخ تبعا لمقدار التلوث البيئي مع العمل على تحسين ظروفه وتخفيف ضرره دون القيام بعمليات تثمين وإخلاء وتسخين سياسي، ان حل مشكلة تلوث أم الهيمان عملية مهمة وحيوية ومستحقة لإخواننا هناك ضمن طلب الممكن، ولو أخذنا بنظرية الاستملاك لوجب تثمين الكويت الصحراوية والبترولية من العبدلي حتى النويصيب ونقل شعبنا للعيش في دول المروج الخضراء والقمم البيضاء.
آخر محطة: من المسلّمات والحقائق ألا نقيد أنفسنا بوعود لا نستطيع الإيفاء بها، وألا نعي حقيقة «ان يهزم فريقنا بنتيجة 1 – 0 خير من يهزم بمزيد من الأهداف التي نسجلها في مرمانا».
لماذائيات باهتة
اختلافي الفكري مع النائب وليد الطبطبائي لا يحتاج إلى صورة أشعّة يرفعها الطبيب أمام الإضاءة. اختلافنا سيشاهده المارة وعابرو السبيل معَلّقاً على البلكونات والنوافذ. لكنني لا أملك إلا أن "أوقّع" على بياض قلبه وصدْق توافق أفعاله مع أقواله، فوجهه مكشوف في زمن الأقنعة، و"لاؤه" في قمة اللعلعة. وهو لم يغشنا كما يفعل بعض بائعي البرتقال من النواب، الذين يضعون لحاهم أعلى الصندوق وفي أسفله مصالحهم التجارية، كي لا يرى الناس إلا لحاهم. وهو لم يربط لجنة حقوق الإنسان البرلمانية التي يرأسها بكراع الحكومة كما يفعل الآخرون.
وأمس، ضحكت حتى أشفقت على نفسي بعدما تذكرت أنه بعد إعلان نتائج الانتخابات الماضية طلب مني الزميل سعود العصفور مرافقته إلى الطبطبائي لتهنئته بالنجاح، وهناك، وعلى مقاعد رُصّت على الرصيف، استأذننا الطبطبائي لحظات، ثم عاد وفي يده أوراق مدّها إلينا قائلاً: "هؤلاء الكتّاب أحد أسباب نجاحي"، فقرأنا عناوين الأوراق، فإذا هي مقالات لكتّاب ناصبوه العداء، وتعمّدوا وضع المسامير أمام إطارات سيارته كل صباح، فضحكنا ضحكاً نصفه يكفي.
الأسماء تتكرر اليوم أيضاً، وتهاجمه رغم قدسية المشهد، وتتهمه بالبحث عن الأضواء، وكأن الطبطبائي مراهق مغمور لا يعرفه إلا أمه، أو كأنه ذهب إلى غزة ليتمشى على بلاجاتها مساءً وفي يده آيسكريم الفراولة بالفستق، وفي النهار يتمدد بالشورت على شاطئها كي "يتحمّص" جلده الأبيض أثناء تمتّعه بقراءة الروايات الرومانسية.
للبطل وليد مساعد الطبطبائي، ولصحبه الأبطال، نقول: "كنتم أشجع منا وأكثر إنسانية". ويا "أبا مساعد" ثق بالله لو أنك ما انضممت إلى قافلة الحرية لهاجموك. واقرأ معي موضوعاً من أجمل الموضوعات كتبه أحد أعضاء منتدى الشبكة الوطنية الكويتية (أكبر منتدى إلكتروني في الكويت) تحت عنوان "لماذائيات" (لا أدري لمَ لمْ يسمِّه "لماذات"؟ ولا من أين جاء بالهمزة؟ على أي حال هو من جلب الهمزة وهو المسؤول عن مصاريفها)، يسخر فيه الكاتب من تبريرات بعض معارضي استجواب الطاحوس لرئيس الوزراء… تفضل:
http://www.nationalkuwait.com/vb/showthread.php?t=121599
ولا أدري ماذا سيقول هؤلاء الآن، بعد أن أعلن النائب صالح الملا نيّته استجواب رئيس الوزراء أيضاً إذا لم يطبّق القوانين الرياضية… كان الله في عونهم عند بحثهم عن "لماذائيات" جديدة، بعد أن صرفوا على استجواب الطاحوس رصيدهم من "اللماذائيات" واستدانوا. لكننا سنتفحص لماذائياتهم الجديدة، فقد يغشوننا ويبيعوننا لماذائيات مستعملة أعادوا طلاءها وغلفوها بكراتين جديدة. معلش، فنحن في الزمن المغشوش.
* * *
عسى ألا تنسينا عودة أبطال قافلة الحرية واستجوابا الطاحوس والملا موضوع الزميل محمد عبدالقادر الجاسم، الذي نتمنى أن نفرح بخروجه قريباً كما فرحنا بعودة أبطالنا من غزة.
تحية لكم
شرّف الثمانية عشر كويتياً وكويتية من أبطال أسطول الحرية الكويت وأهل الكويت، وقالوا للعرب وللناس إن الكويتيين ليسوا شعباً متغطرساً متعالياً ينظر إلى العرب والفلسطينيين بتكبر واستعلاء، وإنما لدينا قلة مريضة تريد تحميل كل الشعب الفلسطيني ومأساته وزر حماقات قام بها قلة من الفلسطينيين أثناء الاحتلال الصدامي للدولة، ودفع معظم الأبرياء الفلسطينيين الذين كانوا في الدولة الكويتية قبل الاحتلال الثمن الغالي لمواقف تلك القلة.
أثبت الأبطال الـ18 ومعهم نواب الأمة، أن الكويتيين لا يحملون الضغائن في صدورهم، وأنهم يتسامون فوق جروح الماضي متى رأوا الجور والظلم التاريخيين على العرب الفلسطينيين، وأن حصار التجويع الظالم لأهالي غزة لا يمكن تعليقه على مشجب "حماس"، وإنما هو عقوبة إسرائيلية لأهل غزة لأنهم انتخبوا الحماسيين بعد أن يئسوا من فساد أجهزة منظمة التحرير، وأن الجوع والفقر وقلة الثقافة الإنسانية في النهاية هي مصانع ومعامل تنتج لنا المتطرفين، وأن الأخيرين يحملون أوهاما كالأساطير اليونانية في عودة كل الحق الفلسطيني، وغذت تلك الاوهام القوى اليمنية في الدولة الإسرائيلية وأعطتها صكوك الغفران لكل الجرائم التي ترتكبها الدولة العبرية بحق الفلسطينيين.
بحماقة العدوان على أسطول الحرية التركي زاد رصيد الجمهورية الإيرانية و"حماس" من التعاطف عند الشعوب العربية والإسلامية، ومثل هذا الرأي قاله الأستاذ عبدالرحمن الراشد في الشرق الأوسط قبل يومين، وهذا لن يضير الدولة الإسرائيلية بل العكس هو الصحيح، فإسرائيل اليوم تصور نفسها بعد نهاية الحرب الباردة أنها واجهة الحضارة والتقدم الإنسانيين في المنطقة، وأنها الحامية لهذه القيم امام "همجية" المتطرفين، وهي تعلم أن العالم الحر لن يذكر مآسي الفقراء والضعفاء من دير ياسين إلى سفينة مرمرة وإنما يذكر تماما جرائم 11 سبتمبر، وقبلها أحداث ميونيخ والتفجيرات الانتحارية وخطف الطائرات… وعلى هذا تحيا وتستمر إسرائيل ويحيا معها التطرف والجنون لدينا، فهما ليسا نقيضين بل حليفان.
شعب البحرين… وما أدراك!
لو قدر لنا أن نتجول في بلاد الله الواسعة، لن نجد شعباً أصيلاً كريماً طيب المعدن كشعب البحرين، فمهما تواتر الزمن وتعاقبت الأجيال وحلت النوازل، لا يمكن لأبناء هذه البلاد الطيبة أن ينزعوا من عروقهم صفاء النفس وطيب المخبر وحب الخير، ومهما اختلفت المواقف وتعددت الخلافات، يبقى هذا الشعب الكريم – في غالبه – محافظاً على إنسانيته الرائعة التي تستمد عطاءها من الدين الإسلامي الحنيف.
حينما علم الناس بنبأ إصابة (الأستاذ) حسن مشيمع بسرطان الغدد اللمفاوية، وحتى أولئك الذين يختلفون معه، فإن الصورة الصادقة التي تكشف طيبة معدن
هذا الشعب برزت بشكل واضح في السؤال عن صحته والاطمئنان عليه والدعاء له بالشفاء العاجل… في مثل هذه الظروف الإنسانية البحتة، لا تمنع المواقف المسبقة الناس في هذا المجتمع من أن يقدموا الكلمة الطيبة والنفسية الجميلة والخلق الراقي على أي شيء آخر، فتصبح الخلافات الفكرية والاجتماعية والسياسية في جانب، وتحل محلها حقيقة العلاقة التي تربط أبناء هذه الأسرة مهما بلغت منهم الخلافات مبلغاً.
قلة هم أولئك (النفر) ذوي النفوس المليئة بالشر من تدفعهم أضغانهم للتشفي في حال مرض أو موت إنسان يختلفون معه، ولكنها قطعاً ليست الفطرة السوية التي فطر الله سبحانه وتعالى الناس عليها، ونحن ولله الحمد في البحرين، نختلف مع بعضنا البعض وتصل الأمور أحياناً إلى حد القطيعة ولربما إلى حد (التشنج المتعصب في التعامل)، ولكن في المواقف الإنسانية، تسقط كل تلك (الاعتبارات)، ويتقدمها اعتبار واحد فقط ألا هو: الخلق الإسلامي والتكافل الاجتماعي والروح البحرينية الكريمة الطيبة، وكثيراً ما قيل أن من ميزات أهل البحرين، أن الأحزان – أبعدها الله عنا وعنكم – تجمعهم أكثر من
الأفراح، فلربما وجدت الكثير من الناس لا يشاركون في حفل زفاف مواطن ما، لكنه حين يفقد عزيزاً أو يصاب بالمرض أو يحلّ به خطب ما، تجد الناس تبادر إليه وتواسيه وتقف معه وقت الشدة.
في الكثير من المجالس، وحينما يتطرق الحضور إلى نبأ إصابة شخصية سياسية (مثيرة للجدل) كالأستاذ حسن مشيمع بالمرض، فإنك لا تجد إلا دعوات صادقة له ولغيره من المرضى بالشفاء العاجل، فمهما بلغت الخلافات والاختلافات، فإن الروحية الطيبة لشعب البحرين الأصيل الضارب بجذوره في تراب
هذه البلاد الطيبة، لا تقبل بالخلق الدنيء والكلام الرديء والدعوات بالويل والثبور.
نحمد الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة التي تجمع أهل البحرين، والتي ظننا أننا نفقدها يوماً بعد يوم جراء ما نعيشه من ملمات ومشاكل ومنغصات كثيرة
تظهر بين حين وحين، لكن يأبى أبناء البحرين الكرماء إلا أن يبقوا متكاتفين متحابين مهما اختلفوا… ونسأل الله جل وعلا أن يشفي أبا هيثم مما ألم به، ويرفع البأس عنه وعن كل المرضى اللهم آمين.
لماذا تهاجم إسرائيل سفن الحرية؟
في مثل هذه الأيام من عام 1967 هاجمت طائرات الميراج الإسرائيلية سفينة ليبرتي (الحرية) الأميركية المتوقفة في المياه الدولية مقابل غزة مما أدى إلى مقتل 34 بحارا أميركيا وجرح 171 آخرين، وقد قامت إسرائيل فيما بعد بدفع 3.3 ملايين دولار لعائلات الضحايا و8 ملايين تعويضا للأعطال التي أصابت السفينة الأميركية.
هناك رياح أربع هبت على سفن الحرية التي انطلقت قبل أيام من قبرص باتجاه الساحل الفلسطيني مما أدى إلى الكارثة التي حدثت، أولى تلك الرياح هي الزوبعة الإسرائيلية التي تسببت دون مبرر في سقوط الضحايا الأبرياء رغم علمهم بأن العالم أجمع يتابع مسار تلك السفن.
ثانية تلك الرياح أننا إذا ما أقررنا بأن إسرائيل بحصارها الجائر وعدوانها هي المتسبب الرئيسي فيما حدث فعلينا وبواقعية شديدة بعيدا عن العواطف المتأججة أن نلوم كذلك الاخوة الفلسطينيين على خلافاتهم وصراعاتهم التي لا تنتهي، والمطلوب بعد هذه الفاجعة ان يتم البحث عن حل مؤسسي للمأساة عبر الرجوع للشعب الفلسطيني لتقرير مصيره وخياراته للفترة المقبلة عبر فتح صناديق الاقتراع وتحديد موعد قريب للانتخابات الرئاسية والبرلمانية وكفى تلاعبا بدموع ودماء الشعب الفلسطيني وكفى إبقاء ذلك الشعب المنكوب رهينة لهذا التوجه السياسي أو ذاك.
ثالثة تلك الرياح التي تلاعبت بتلك السفن وتسببت قبلها في غرق تلك القضية مرات ومرات هي الدول العربية والإسلامية القريبة والبعيدة من فلسطين وضرورة تكثيف جهودها هذه المرة لخدمة القضية الفلسطينية لا تسخير تلك القضية لخدمة أجنداتها الخاصة وجعلها بمثابة مخلب القط الذي تستخدمه في حروبها مع الآخرين.
رابعة تلك الرياح أو المحاور التي تستحق الحديث عنها بعد أن أعلمتنا الفضائيات أن المشاركين في تلك السفن ينتمون لست دول (الكويت، مصر، الأردن، تركيا، الاتحاد الأوروبي، أميركا) مما يقارب 200 دولة مستقلة في العالم هي همسة تذكير بأننا مازلنا دولة صغيرة جدا وسط عالم متضارب ومتغير المصالح لا نعلم متى نحتاج إلى دعمه وتأييده.
فلا يجوز عقلا ومنطقا الا تحدث مشكلة في العالم (الشيشان، أفغانستان، غوانتانامو.. الخ) إلا وكنا أول المشاركين فيها ثم يخرج بلدنا ووزارة خارجيتنا في محاولات التوسط اللاحقة لإخراجنا مما أوقعنا أنفسنا به. إن هناك دولا عربية وإسلامية آمنة وأكبر منا بمئات المرات، (إندونيسيا، باكستان، بنغلاديش..الخ) هي من يفترض أن تتدخل بتلك القضايا بحسب حجمها ونفوذها لا أن تترك تلك القضايا الكبرى لرعايا دولة صغرى كبلدنا.
آخر محطة: للمعلومة، لم يسمع شعبنا المحاصر إبان الغزو الصدامي الغاشم والذي قطعت عن العالم اخباره ومنع عنه بشكل تام الغذاء والدواء بشكل أشد وأنكى من أي حالة مشابهة أخرى، بمن أرسل السفن لفك الحصار عنه أو إيصال المعونات إليه، ما سمعناه آنذاك هو مظاهرات حاشدة تطالب صدام بضربنا ـ كالذباب ـ بالكيماوي، يا عيب الشوم.
ومن الدسك ما قتل
الزعل ممنوع والعتب مرفوع…
عادة جميلة تملكتني منذ فترة، وهي "قراءة الخبر ذاته في صحف عدة" للمقارنة بين مستويات التحرير والصياغة، أو ما يُطلق عليه صحافياً "الدسك". ومسؤول الدسك هو الذي يكشف لك مستوى الصحيفة، ومدى احترامها لك ولنفسها، وهو الذي لم يجلس على كرسي "الدسك" إلا بعد أن ظهرت تجاعيد الخبرة والنبوغ على وجهه، وبعد أن تزاحمت المعلومات العامة الهائلة في مخه.
ويقرأ الناس الأخبار بتوقيع الصحافي الفلاني والعلّاني، لكنهم لا يعلمون أن أهم صحافي شارك في الخبر هذا هو مسؤول الدسك، دون أن يُشار إلى اسمه. وقد لا يعلم الناس من خارج الوسط الصحافي مقدار الصراع الخفي بين الصحف على مسؤول الدسك وسكرتير التحرير، لندرة المبدعين في المجالين هذين.
ويجلس مسؤول الدسك ليستعرض الأخبار المكدسة على مكتبه، خبراً تلو خبر، ثم يعيد صياغتها من جديد. فهذا محرر ترك خبراً على مكتب الدسك "حُكْم بإعدام سائق آسيوي شنقاً. السبب: قتل سيدة لأنها اكتشفت حبه لخادمتها فضربتها ومنعتها من التلويح له من الشباك. المكان: السالمية"، وهذا محرر اقتصادي ترك خبراً آخر "مؤشر البورصة يرتفع بعد ثلاثة أشهر من الانخفاض"، وهذا خبر برلماني، وخبر رياضي، وخبر فني، ووو… فيكتب مسؤول الدسك عنواناً لجريمة القتل: "ومن الحب ما شنق"، وفي تفاصيل الخبر سيتحدث عن روميو وجولييت، وقيس وليلى، ويقارنهم بعشاق زمن التكنولوجيا، ومستوى المجرمين الثقافي، وسيتطرق إلى علاقة السكّين بالعشق، وسيربط الجريمة بمثيلاتها في العالم، فيجد القارئ أمامه مادة غنية بالمعلومات التاريخية، وبالخبر، وبنتائج الدراسات، مصوغة بحرفية، وفي أصغر مساحة ممكنة. وسيجد القارئ الخبر ذاته في صحيفة أخرى كُتب هكذا: "إعدام سائق آسيوي قتل كفيلة معشوقته". نقطة. الله يعطيه النقطة.
ولو أنني تحدثت بشفافية، لقلت إن الدسك الحقيقي، إلى حد ما، ستجدونه في صحف "الجريدة، والقبس، والراي، وعالم اليوم، والأنباء (في السنتين الأخيرتين)، والسياسة (في الفترة الأخيرة أيضاً)". على أن دسك صحيفة "القبس" كمنتخب ألمانيا، ستجد القوة والمتانة والترابط، لكن حاجبيك لن يرتفعا إعجاباً، وكفّيك لن يلتقيا تصفيقاً. هي جريدة، برأيي، تمشي على الكتاب، وعلى الخطوط الأرضية، لا يمكن أن تخطئ، ولا يمكن أن تُذهل. أما دسك "الراي" فهو كالمنتخب البرازيلي الذي يستعرض فيبهرك لكنه يخسر بسهولة. سيستقبل الخبر على صدره، ويطير في الهواء ليلعبه "باك وورد". أما جريدة "الجريدة" فهي كالمنتخب الفرنسي، هي خليط من ده على ده، تمشي على الخطوط الأرضية أحياناً، وتستعرض أحياناً لكن بخجل، وستحرص جيداً على ماركة الكعب العالي وهي تركل الكرة بالكعب.
ولو تناولنا خبر ارتفاع مؤشر البورصة بعد انخفاض استمر ثلاثة أشهر، فسنقرأ في القبس: "مؤشر البورصة يعاود ارتفاعه بعد انخفاض دام ثلاثة أشهر"، عنوان كما في الكتاب، وتحته تحليل فني مطوّل، لن تجد خطأ لا في صياغته ولا في نص الخبر، لكنك ستقسم أن من صاغه أفنى عمره موظفاً في أرشيف البلدية. أما في "الراي" فستقرأ: "البورصة تخلع ملابس الحداد وتستعرض فتنتها بفستانها الأخضر"، ولن تُتعب "الراي" نفسها في تفاصيل الخبر، بل ستكتفي باستطلاع آراء المهتمين هاتفياً. أما في جريدة "الجريدة" فستقرأ: "بعد بورصات نيويورك وباريس وطوكيو… بورصة الكويت تحقق رابع أعلى ارتفاع على مستوى العالم"، فقد بحَثت وناقشت وكلّفت مكاتبها في الخارج عمل تحقيقات، ثم كتبت، لكنها خففت البهارات والفلفل والليمون إلى أقصى درجة، فقد يكون أحد القراء مصاباً بارتفاع الأملاح أو الضغط، بعكس جريدة "الراي" التي ننصح بقراءتها بقرب "دولكة ماي" أو بقرب بئر ماء، إن أمكن.
أما جريدة "الوطن" فستكتب على صفحتها الأولى وبخط أعرض من وجه نواب الحكومة: "أيواااااا… البورصة فوق النخل فوق فوق… عاش واقف"، فهي تفهم المزاج العام، لذلك يبدو أنها أوكلت مهمة الدسك إلى أحد طلبة "ثالثة أدبي". وستكتب جريدة "الدار": "نجادي: أميركا تحارب بورصة إيران… وشيعة السلفادور يعلنون تضامنهم مع حكومة المحافظين". أما جريدة "الأنباء" فستتلفت تسع مرات قبل أن تكتب خبرها، كي لا تُغضب أحداً، فإذا تأكدت من ذلك عنونت: "البورصة تعيد التفاؤل المفقود". وستكتب جريدة "السياسة": "البورصة ترتفع باستحياء… ويجب تدخل الحكومة لتعويض الخسائر". وستسلك جريدة "عالم اليوم" خطاً منفرداً كعادتها: "ارتفاع مؤشر البورصة بشكل فجائي يؤكد وجود تلاعب… المسؤولية برسم البرلمان".
تابعوا صياغة عناوين الأخبار وتفاصيلها، وادعوا لي…
الرجل الذي أحب حذاءه
اضطر رئيس شركة يقع مقرها في مركز التجارة العالمي بنيويورك، وهو المبنى الذي هدمته قوى التخلف والشر في غزوة 11 سبتمبر، اضطر للتخلف عن اجتماع مهم في ذلك اليوم النحس لمرض زوجته واضطراره الى مصاحبة أصغر ابنائه الى مدرسته. كما بقي شخص آخر على قيد الحياة لأن الدور كان عليه في ذلك اليوم لاحضار الحلويات من المخبز القريب، وهكذا ترك المبنى قبل الانفجار بدقائق. ونجت امرأة بحياتها لأن جرس منبهها لم يعمل في ذلك الصباح. ورابع نجا من موت محقق لأن حادث مرور على إحدى مستديرات نيويورك الشهيرة عرقل وصوله الى مكتبه في الوقت المناسب، كما تسبب تأخر باص موظف آخر في الوصول، وبالتالي عدم اللحاق بقطار الساعة الثامنة، وهكذا نجا من الهلاك. كما نجت زميلة له في الطابق نفسه من الموت لأن سيارتها لم تشتغل في ذلك الصباح الأمر الذي أصابها بالهلع، فقد سبق أن تأخرت مرتين قبلها في ذلك الشهر. كما اضطر آخر للسير لأكثر من ثلاثة كيلومترات في ذلك الصباح البارد للوصول الى محطة القطار، بعد أن نسي سؤال زوجته عن مكان مفتاح السيارة عندما غادرت المنزل مساء لزيارة أمها المريضة في مدينة أخرى. وآخر لم تصل سيارة الأجرة لأخذه الى المطار في الوقت المناسب ليكون في المبنى قبل التاسعة صباحا. أما أكثر قصص النجاة من الموت غرابة في ذلك الصباح فقد كانت من نصيب ذلك الرجل الذي كان مجبرا على استخدام أكثر من وسيلة للوصول الى عمله، وما ان بلغ المبنى حتى شعر بألم شديد في إحدى أصابع قدمه اليمنى نتيجة احتكاكها المستمر بجلد حذائه الجديد، مما دفعه الى تغيير خط سيره والذهاب الى الصيدلية لشراء دهان أو لصقة قدم خاصة، وأنقذت تلك الدقائق الثلاثين في الصيدلية حياته!!
والآن عندما تشعر بالاحباط لأنك لم تستطع التواجد في مكان ما في الوقت المناسب، أو أن حذاءك، الذي دفعت فيه مبلغا بسيطا تسبب في إصابة اصبع قدمك بألم، أو أنك نسيت موعد اجتماع مصيري، أو أنك اضطررت يا سيدتي لتكوني بجانب ابنك في مدرسته لأنه تشاجر مع زميل له بدلا من أن تكوني ضمن مستقبلي رئيس الشركة الجديد، أو أن تشعر بالحنق لأنك لم تلحق بمصعد الطابق السبعين في الوقت المناسب فعليك أن تقول لنفسك أنا هنا وهنا يجب أن أكون، وليس لدي خيار آخر، فعندما يتأخر الأبناء في ارتداء ملابسهم وتقبل الواقع، فقد يكون في الأمر نجاتك، فقدرك أن تكون في تلك النقطة في تلك اللحظة. وعندما ننظر حولنا في هذه الأيام في الكويت، ونجد كل هذا الكم الهائل من منغصات الحياة من خلال وجوه نواب مكفهرة ودعوات بعض أئمة المساجد المزلزلة وأوضاع الاقتصاد المدلهمة، فيجب ألا نشعر بالحزن ولا بالغضب فقد يكون الخير في كل هذه الأمور المحزنة، وما علينا سوى الذهاب الى أقرب وكالة سفر وشراء تذكرة، ولو بالدين، ومغادرة الكويت لأطول فترة ممكنة.
(مقتبس من مقال على الإنترنت)
أحمد الصراف