حسن العيسى

أزمة إدارة دولة لا انقطاع كهرباء

رفض مجلس الأمة توفير الدعم المالي لوزارة الكهرباء لمعالجة انقطاع الكهرباء، لكنه أقر توصية بتكليف ديوان المحاسبة فحص إجراءات سلامة إجراءات الصيانة… الخ! "وتيتي تيتي لا رحتي ولا جيتي" هكذا سارت الأمور، وستظل "تيتي" المجلس و"تيتي" الحكومة في مكانهما تراوحان، ليس في أزمة انقطاع الكهرباء في عدة مناطق، وإنما في رداءة معظم خدمات الدولة من فوضى المرور وحروب الشوارع إلى طوابير الانتظار الممتدة في المستشفيات، الى انتظار ممتد للسكن حتى قطع الكهرباء عن مناطق البؤس في الدولة، مثل الجليب والفروانية وجحور سكن العمال الأجانب، وكأنهم على تعاسة أحوالهم هم السبب في تبديد الكهرباء!

إذا تركنا فزعة نواب العوازم للوزير ولدهم جانباً، وهم على حق في ذلك، فالأزمة قبل الشريعان وستظل إلى ما بعد الشريعان، وحتى آخر نقطة من برميل النفط، فالمسألة ليست في حاجة إلى شطارة لجان تقص وخشية دائمة من شركات بناء المحطات بأنها "ستبوق" وسيثري التجار الوكلاء على حساب مستقبل البلد بقدر ما هي مسألة إدارة الأزمات في الدولة. لماذا لم ينطق أحد من النواب أو الوزراء بالحقيقة؟ حقيقة نعرفها ولا حاجة إلى المجادلة فيها، فمن يكترث ومن يبالي حين يكون معدل تزايد استهلاك الكهرباء بأكثر من معدل زيادة السكان، ومن يهتم بفواتير الكهرباء ما دامت الحكومة تدعم سعرها بأكثر من تسعين في المئة من تكلفة الإنتاج، تكلفة تقارب العشرين فلساً للكيلوات، وتباع بفلسين للمستهلك… وقدمت عدة دراسات جديدة تقسم الاستهلاك على شرائح، تدعم الحكومة منها أصحاب الدخول الضعيفة الذين يقل استهلاكهم عن حدود معينة، ويتناقص الدعم عكسياً مع ارتفاع الاستهلاك… فماذا حدث لتلك الدراسات وأين الحكومة منها؟ ربما ضاعت في ركام أغبرة فلسفة إسقاط الفواتير!

إذن لماذا يهتم أصحاب الدخول العالية بمعدلات الاستهلاك ونصائح "المسجات" التي تبعثها الوزارة لنا عن ضرورة التوفير في الاستهلاك… فلنترك الأمور على حالها ولنظل على أنانيتنا و"خلوا القرعة ترعى" على حساب مستقبل الدولة… فليست هي مسألة محولات تالفة ولا ضعف محطات الكهرباء، ولسنا في حاجة إلى لجان تقصي حقائق… فالدولة غارقة في محيط من لجان التنفيع، من لجان الوسطية وتهيئة الأجواء لتطبيق الشريعة، حتى لجنة محاربة الطائفية والعنصرية… كلها لجان "بلوشي" وجدت فيها السلطة متنفساً كأفضل وسيلة للهروب من المسؤولية وعدم مواجهة الواقع… هو واقع الحالة الريعية للدولة وغياب المسؤولية وقراءة المستقبل المقلق… أزمتنا ليس اسمها انقطاع الكهرباء أو تفجر محطة ضخ مجار وتدمير البيئة، بل هي أزمة إدارة دولة بكاملها… وغياب كهرباء التفكير والحصافة عند مديري الدولة ولا يبدو أن لها حلاً.

احمد الصراف

العقوبات الشرعية

خلافا لما يعتقده بعض «المتطرفين الجهلة»، فإنني لم ارتح يوما لنظام الملالي المتشدد في ايران، التي لم أزرها خلال أكثر من 40 عاما، سوى مرة واحدة لتحصيل قيمة اعتماد مستندي مستحق السداد لمصلحتي منذ فترة طويلة في ذمة احد مصارفها الكبيرة، وقد تسبب عدائي لذلك النظام في اختلافي مع البعض، اكثرهم اهل واقارب، وكنت خلال الحرب العراقية الايرانية أؤثم الطرفين، مع اقتناع تام بأن العراق هو المعتدي وايران هي المحرضة، وكانت لي اكثر من مجادلة مع عمر غني السفير العراقي في الكويت، حتى ما قبل الغزو والاحتلال بأشهر قليلة، عن ملابسات الحرب العراقية الايرانية، وقد كشفت الاحداث بعدها مدى استشراء نفوذه في دوائر القرار، ولو كنت أعرف ذلك لما تعرضت له.
***
يشكل قانون العقوبات المدنية في اي دولة الاساس الذي يعتمد عليه في تحديد عقوبة اي جنحة او جريمة، ولا يمكن توقع العدل في تطبيق القوانين بغيره، ولكن لبعض الدول الاسلامية كالسودان وايران اضافات على قوانين عقوباتها تتعلق بالتصرفات غير الاسلامية، كعقوبة الجَلد التي فرضت على الصحافية السودانية لارتدائها بنطالا في احدى الحفلات الرسمية، والتي اثارت الكثير من الجدل دوليا.
ولايران، كجمهورية اسلامية، ابداع اكبر في هذا المجال، فقد ارسل لي صديق زائر لها صورة عن مخالفة «شرعية اسلامية» محررة في الشارع بحق سيدة، كالمخالفات المرورية، لعدم ارتدائها «مانتو» مناسب اللون، و«المانتو» رداء خارجي يغطي جسد المرأة بكامله، عدا الرأس.
كما ارسل لي صديق آخر كشفا بالعقوبات الشرعية لعام 89 ــ 1390 الموافق لـ 2010 ــ 2011 وتضمن التالي:
1 ــ غرامة «جريمة» وضع النظارات فوق الرأس 18000 تومان.
2 ــ غرامة جريمة ارتداء مانتو قصير 25000 تومان.
3 ــ غرامة ارتداء مانتو فاتح اللون خصوصا إذا كان أحمر أو أخضر 25000 تومان.
4 ــ غرامة صبغ الأظافر للإصبع الواحد 5000 تومان.
5 ــ غرامة عمل سولار للجلد، «صن تان» 25000 تومان.
6 ــ غرامة صبغ الشعر الفاتح، حسب اللون، من 50000 إلى 150000 تومان(!)
كما دونت أعلى «جدول العقوبات» النصائح التالية:
كلما كان الشادور أعلى كان أفضل.
الحجاب هو الجوهر، كالألماس أو الياقوت، الصافي.
والآن، كيف يمكن توقع نهوض امة وتقدمها وأنظمتها مشغولة بعدّ اصابع اليدين وفرض غرامة مالية على كل اصبع مصبوغ؟
ومن الذي يحدد ما اذا كان جلد المرأة، أو ما سمحت بظهوره، هو بلونه الطبيعي وليس متأثرا عمدا بالشمس، أو برونزاج؟ وهل ستتم المقارنة مثلا بالكشف على الاجزاء الاكثر خصوصية منها؟
المصيبة الاخرى ان ايران، على الاقل، لها قانون عقوباتها، مع كل مثالبه، ولكن هناك دولا اسلامية لا يود نظامها القضائي حتى الاعتراف بوجوده!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

«وزير ودمه خفيف»

بيان لوزير الدولة محمد البصيري منذ أيام قليلة عنوانه ومضمونه "تكليف وزير الشوؤن اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتطبيق القوانين الرياضية".  قبل الخوض في السيناريو شبه المؤكد، وليس المحتمل فحسب، فيما ستحمله الأيام القادمة من كوارث على الرياضة الكويتية، لي تساؤل مقلق وهو: ماذا لو لم يصدر هذا التكليف الظريف؟ فكل وزارة لها مسؤولياتها، وواجبها الأساسي والرئيسي والمحوري هو تطبيق القانون، وعندما يقسم أي وزير في بداية ممارسة أعماله فهو يقسم على احترام قوانين الدولة، إذن لماذا يصدر تكليف بتطبيق القوانين لمن مهمته الأساسية تطبيق القوانين؟ هل سمعتم عن مدرس يعمل في قطاع التدريس يصدر له تكليف بالتدريس بعد مرور عام على تعيينه؟ أو عن سائق يطلب منه قيادة السيارة بعد عام من إحضاره من مكتب العمالة المنزلية؟ تكليف كهذا لا يصدر إلا إن طالبنا المدرس بالتوقف عن التدريس قبل مدة فأمرناه مجددا بممارسة مهمته، وهي نفس الحال مع السائق، وبالتالي فالحال نفسها مع وزير الشؤون، فإما أن هناك أوامر قد صدرت لوزير الشؤون قبل مدة بالتقاعس عن أداء وظيفته أو عدم تأديتها على الإطلاق استلزمت أن يصدر هذا التكليف، أو أن وزير الدولة دمه خفيف! على أي حال، فإن السيناريو المقبل مظلم جدا، وإن لدغنا مرتين من جحر واحد فذنبنا برقابنا، فوزير الشؤون العفاسي سيخلي مبنى الاتحاد من اللاشرعيين ولن يعين لجنة مؤقتة كما تفضل في تصريح له قبل أيام، وسيشكو على إثر ذلك البعض التدخل الحكومي للفيفا (عادي جدا أن يكون الشاكي لا ناقة ولا جمل له بمعمعة الرياضة، وقد تحمل الشكوى اسم فاعل خير)، على الرغم من علم الجميع أن القانون لم ولن يكون تدخلا حكوميا، بل هو رأي أهلي شعبي من أناس انتخبتهم كل الأمة باستثناء البعض طبعا، ويوقف نشاطنا الكروي، وقد يكون إيقافا نهائيا لأن الفيفا له الظاهر فقط، ولا يحشر نفسه في تفاصيل الأمور… حينها سيذهب بعضهم ليشكوا إلى قيادات عليا تشرد شبابنا وموت أحلامهم… وبكل تأكيد فإن القيادات لن يرضوا بهذه الحال، وسيتخذون قرارات لا مفر منها في ذلك الحين، وإن كانت مرّة على الكويت وقوانينها. إن تحقق هذا السيناريو، وإن كنت لا أتمناه ولكني أراه واضحا، فإنه سيكون هو البوابة الجديدة لتجاوز كل قوانين الدولة التي لا تعجب البعض، وستكون الطريقة المثلى لهم للالتفاف على الدستور وكل حروفه الملزمة بأن تكون السيادة للأمة مصدر السلطات جميعا. رسالة لكل الكتل المتضامنة في قضية الرياضة: هذا هو المستقبل القريب فتفادوه وغيروه سريعا. خارج نطاق التغطية: الكويتيون المبتعثون للخارج على نفقة ديوان الخدمة يعانون عدم مساواتهم المادية بالطلبة المبتعثين على حساب التعليم العالي، وهو ما يخلق لهم صعوبات جمة خصوصا أن معظم هؤلاء لديهم أسر يعيلونها، ومنا إلى ديوان الخدمة و اتحادات الطلبة الخارجية.

سامي النصف

أفكار باردة تحت شمس حارقة

الذي يشتكي حرارة الطقس هذه الايام عليه ان يعلم انه ليس من يعاني في حقيقة الامر من اللاهوب بل الضحية هي «الكمبورسرات» الكفيلة بخفض درجة الحرارة مهما ارتفعت سواء كانت في الثلاثينيات أو الخمسينيات لا فرق الى العشرينيات لراحتنا في البيوت واماكن العمل ووسائل النقل، وشمس وحرارة في النهاية خير الف مرة من الزلازل والبراكين والاعاصير والفيضانات وحتى الثلوج.

والذي يشتكي انقطاع الكهرباء لساعة او ساعتين عليه ان يتذكر دولا اخرى لا يوجد لديها كهرباء، وقد شاهدت مؤخرا في العراق وقبل ذلك في دول عربية اخرى اسلاكا رفيعة تمتد كشبكات العنكبوت لاعمدة النور لامتصاص الكهرباء منها وهو ما بالكاد يكفي للاضاءة الجزئية في البيوت، فأين معاناتنا المؤقتة من معاناتهم الدائمة؟!

من بعض المسلمات في قضية الكهرباء انها قضية متراكمة وليست امرا استجد مع وصول قيادات الوزارة الحالية، كذلك من الضرورة بمكان الا ندخل الانتماءات الخاصة في القضايا العامة، وعليه فلينتقد الوزير من يريد وليدافع عنه من يريد كذلك دون ان ندخل انتماءه القبلي او العائلي او الطائفي في مثل تلك القضايا العامة و… عيب!

مهم جدا ان تذهب قيادات وزارة التربية لاحد اكثر البلدان تطورا في مجال التعليم ونعني سنغافورة للتعلم منها ونقترح ان يمر الوفد الوزاري في طريق عودته باحدى الدول الخليجية ليرقب عن كثب تجربة «المدارس المستقلة» الواعدة التي توفر بها الدولة المباني للمدارس وتمنحها الاستقلالية في اختيار المناهج القريبة من مناهج المدارس الاجنبية، فالمجتمعات لا تتطور عبر القلة القليلة من خريجي المدارس والجامعات الخاصة، وفي هذا السياق نرجو ان يتم تدريس مادة الطباعة التي لا غنى لمستخدم الكمبيوتر عنها منذ المرحلة الابتدائية في المدارس الحكومية.

آخر محطة:

(1) قرار كتلة العمل الوطني تأجيل او الغاء الاستجواب الرياضي قرار حكيم يصب في مصلحة البلد الذي ملّ شعبه عمليات التسخين السياسي، ويرجع العمل السياسي لاهدافه الحقيقية وهي حصد العنب لا استقصاد الناطور.

(2) قابلني ظهر أمس وطلب مني ما سمعته قبل ذلك من الزميل ماضي الخميس وهو اقتراح الحلول لمشاكل التعليم والصحة والكهرباء.. الخ لا الاكتفاء بالنقد والشكوى المتواصلة.

محمد الوشيحي

هزي يا نواعم


منظر الشعب وهو يراقب أعضاء حكومته وحبايبها ويتحسر، يشبه إلى حد التطابق منظر مجموعة من عمال التنظيف المكدسين في حوض سيارة نقل، في عز الصيف، وهم عائدون من مقر عملهم ينضحون عرقاً وإجهاداً، فتتوقف سيارتهم عند إشارة المرور، فتقع أعينهم على شاب لم يكتمل نمو شنبه، يمتطي سيارة تجاوزت قيمتها الأربعين ألف دينار، زجاجها مغلق لدواعي التكييف، ويجول بنظره بين السيارات بحثاً عن فتاة تبهرها سيارته. ووالله لا أدري ماذا أفعل عندما تتصوب نظرات هؤلاء الكادحين العرقانين صوبي، رغم أن سيارتي لا تغري حتى منى عبدالمجيد.


وبعد خمس سنوات من الآن، وفي صيف 2015، سيصرح وزير الكهرباء: "هذا الصيف سيكون الأكثر قسوة"، فيشد الناطق باسم الحكومة من أزره: "هذا الصيف كارثي"، فيراسلني قارئ: "والدتي تعاني السمنة وأمراض الشيخوخة. تعبتُ في إقناعها بالسفر إلى دولة طقسها بارد حتى لا تتكرر الكارثة عندما كادت تموت بسبب انقطاع الكهرباء، فرفضَتْ خشية أن تموت في بلاد ليست مسلمة، على اعتبار أن المسلمين في نظرها هم فقط أهل الخليج، فأقنعتها بالسفر إلى العمرة، ومن ثم الإقامة في مدينة الطائف، بحجة القرب من بيت الله الحرام، ووافقت. فتركتُ أولادي وزوجتي أيام الامتحانات، واصطحبتها إلى مكة والطائف. وها أنذا في مكة أدعو على الحكومة ونوابها وكل من يؤيدها". وكتب لي صيغة الدعاء، ولو أن الله استجاب دعاءه، لراحت الحكومة "طعام جحوش" كما يقول المثل البدوي.


وفي صيف 2015، سيغضب الناس لانقطاع الكهرباء، فتصرح الحكومة المرتاحة التي تمدد رجليها على طاولة البرلمان: "ناموا كما كانت تنام الممثلة الفرنسية بريجيت باردو (بي بي)"، التي سئلت ماذا ترتدي أثناء نومها، فأجابت: "قطرات من عطر شانيل فقط"، أي أنها كانت تنام بلا هدوم. في صيف 2015 سنقرأ في الصحف: "تمديد العمل في لجنة التحقيق في طوارئ 2007"، فينتفض نواب كتلتي الشعبي والتنمية وآخرون، ويتقدمون باستجواب لرئيس الحكومة، فيعلن النائب سعدون حماد تأييده للاستجواب، فيتم "إقناعه"، فيصرح: "الاستجواب للتكسب الانتخابي". ويتصل دليهي الهاجري بالشيخ طلال الفهد، فيجد هاتفه مغلقاً، فتضرب معه لخمة، ويحتاس حوسة الدجاجة أمام قط جائع. وتصرح سلوى الجسار: "لا تكهربوا الكهرباء، أمامنا أمور أخرى أهم، فمنصب عميد كلية التربية شاغر". وتصدر كتلة العمل الوطني بياناً لا رأس له ولا ذيل، ويعلن مرزوق الغانم وصالح الملا وأسيل العوضي وعبد الرحمن العنجري، في آخر دقيقة وقبل صفارة الحكم، تأييدهم للاستجواب، والأربعة الباقون يعارضونه، ثم تعلن أسيل امتناعها، ويعلن العنجري رفضه الاستجواب.


ويرسل المهري فاكساً: "المستجوبون حرام، فليس فيهم أحد من أتباع آل البيت". ويصرح حكيم هذه الأمة المنكوبة، دولة رئيس البرلمان جاسم الخرافي، على طريقة هاني شاكر: "يا حبايب قلبي، يا عيوني، سنحيل الجلسة سرية"، فتعلن شركته: "انتهينا من بناء أربع محطات لتوليد الكهرباء في سورية ومصر والأردن وبوركينا فاسو". فيتجمّع الناس في ساحة الإرادة غضباً، تحت شعار "الفساد أهلك العباد"، فيتجمع أنصار رئيس الحكومة، ويرفعون يافطاتهم "غير السّوباح ما نبي".


وهزّي يا نواعم شعرك الحرير، خلي الشعر الناعم مع الهواء يطير… غنّوا معي إلى أن تُفرج، أو إلى نموت من الحر.


سامي النصف

قليل من الرياضة وكثير من الحر

استجابة لتعليق احد القراء الافاضل على مقال سابق وطلبه ان نلجأ للمواضيع الخفيفة للمساعدة على تحمل ثنائية الحر الوافر والكهرباء القليلة قررنا تخصيص مقال اليوم عن بطولة كأس العالم التي شغلت العقول ووحدت اهتمام رجال الاسكيمو في اقصى شمال الارض بالقرب من منزل الجدة الجميلة سارة بالين ورجال الربع الخالي في جنوب المملكة.

وقد نفهم ـ او لا نفهم ـ عدم قدرة فريقنا على الوصول لكأس العالم ولكن لماذا لم نر حكما او محللا او معلقا رياضيا كويتيا ضمن تلك الأنشطة المثيرة؟! كذلك لماذا لم نشهد علما كويتيا واحدا وسط اعلام الجماهير التي ملأت الملاعب رغم وجود مئات او آلاف المشجعين الكويتيين هناك؟ ارجو الا تجعلنا الاخفاقات والاحباطات نخجل من علم بلدنا.

العالم يتنافس وبروح رياضية على البطولات والكؤوس في الملاعب ونحن نحيل الرياضة الى صراعات سياسية لا تنتهي نستعين فيها بالغريب على القريب، ونخرج منها دائما وأبدا صفر اليدين وبخسارة فادحة للمتنافسين وقبلهم للكويت، وفي هذا السياق نرجو الا يقحم اسم القيادة السياسية في اي جهد قبل ان يكتب له النجاح المضمون عبر الرحلات المكوكية والوساطات المستحقة.

بدأت بطولة كرة القدم للهواة عام 1914 وفي عام 1920 شاركت بها مصر و13 دولة اوروبية فقط وفازت بها بلجيكا، وفي عامي 1924 و1928 فازت بها الاورغواي، كما فازت نفس الدولة بالبطولة الرسمية الاولى التي اقيمت عام 1930، وفي الدورة الاولمبية عام 1932 رفضت الدولة المستضيفة وهي الولايات المتحدة ادخال كرة القدم بها لعدم شعبيتها مما جعل الفيفا يعمد لفصلها عن الاولمبياد ويعلن اقامة بطولة عام 1934 في روما بإيطاليا الفاشية.

وقد شاركت في تلك الدورة 15 دولة بدلا من 16 نظرا لاحتلال المانيا النازية للنمسا وقد فاز بالبطولة فريق موسوليني، كما حل فريق ألمانيا النازية بالمركز الثالث، وقد اقيمت البطولة الثالثة عام 38 في فرنسا فاحتلها هتلر ثم قرر اكمال بطولتي عامي 42 و46 بالجيوش والاساطيل والدبابات والطائرات بدلا من كرة القدم مما تسبب في توقفهم واستخدام الولايات المتحدة للكرة الذرية للفوز الساحق بتلك البطولة الدموية التي شاركها الفوز بها ستالين بعد ان ضحى بـ 20 مليونا من الجمهور واللاعبين.

من طرائف البطولة وفي غياب النقل بالطائرات اضطر جمهور ولاعبو الفرق الاوروبية لمغادرة أوروبا شهرين قبل بدء بطولة عام 1930 في الاورغواي وقد فاز البلد المضيف بالكأس المسماة آنذاك بكأس «جيوليوس ريميه» على اسم رئيس الاتحاد وقد سرقت الكأس للمرة الاولى عام 1966 من انجلترا بعد فوزها بها ووجدها كلب يسمى بيكل «الطرش» مدفونة تحت احدى الاشجار، وقد فازت واحتفظت البرازيل بتلك الكأس عام 1970 الا انها سرقت منها في ريو عام 1983 ولم تسترد قط لذا قامت البرازيل بعمل كأس شبيهة لها من صناعة تايوان ولازالت تحتفظ بها بدلا من الكأس الاصلية، وللمعلومة كانت الفرق المشاركة 16 فريقا حتى عام 1982 وعندما زيدت الى 24 فريقا مما اتاح الفرصة لدخول الكويت، ثم زيدت عام 1998 الى 32 فريقا، كما زيدت نقاط الفوز عام 1994 من نقطتين للفائز بالمباراة الى 3 نقاط لتشجيع اللعب الهجومي، كما قدم الفريق الثالث الذي يحصل على نقاط واهداف اكثر في مجموعته على الثالث في المجموعات الاخرى.

آخر محطة: بدلا من الاكتفاء بالبكاء على الكهرباء، هل حاول احدنا اطفاء بعض المكيفات بالبيت او رفع مؤشر درجة الحرارة؟! وهل قلل احد استهلاك المياه عبر ترشيد عمليات غسيل السيارات والاحواش ورش الزرع؟! نرجو ذلك.

احمد الصراف

البكاء على مصير هيلين توماس

قمت قبل فترة بتفريغ شريط مقابلة هيلين توماس، مع قناة إخبارية أميركية، لنشره في مقال. انشغالي أنساني الموضوع، ولكن ما تبع المقابلة من تطورات غير متوقعة في وضع هيلين، بعد العمل لسنوات طويلة كمراسلة صحفية في البيت الأبيض، منذ أيام الرئيس كنيدي في الستينات وحتى عهد أوباما، بسبب تلك المقابلة أو تبعاتها، جعلني أعود لأوراقي لمعرفة المزيد عنها وعن قصتها.
تقول المصادر إن هيلين ولدت عام 1920 في كنتاكي (أميركا) لأبوين هاجرا من لبنان (مصادر أخرى تقول طرابلس). ويقال إن مطالبتها (من خلال أجوبتها في تلك المقابلة) بعودة اليهود من حيث قدموا، كحل للمشكلة الفلسطينية قد أثار عليها اللوبي الصهيوني، ودفع الرئيس أوباما لأن يطلب منها التوقف عن حضور مؤتمرات البيت الأبيض الصحفية. وهذا الموقف بالذات هو الذي رفع من مقامها لدينا، لتصبح هيلين توماس فجأة بطلة قومية وعربية الأصل، وفاضحة للسياسة الأميركية وكاشفة لتطرّفها وانحيازها لإسرائيل، مع العلم أن هذه أمور عرفناها على مقاعد المدرسة منذ نصف قرن أو أكثر.
والحقيقة أنني لم أفاجأ بالشعبية الواسعة التي نالتها هذه السيدة التسعينية العربية اللبنانية، أو سليلة طرابلس، وكيف أننا حولنا تقاعدها القسري أو الطوعي لقضية قومية لمجرد أنها عادت لبيتها من دون احتفال كبير في البيت الأبيض، وكيف أن ذلك دل، حسب رأي البعض، على مستوى الأخلاق الأميركية في التعامل! وبالتالي تستحق هذه السيدة، منا نحن العرب، كما كتب آخرون، التحية والاحتفاء والشكر من رئيس الجامعة العربية وقادة الدول العربية والكتاب وكل أصحاب المواقع الإلكترونية والمنتديات وحملة الهواتف النقالة وغيرهم!
والعجيب أن الحياء لم يمنع البعض من التأسف لعودتها لبيتها بتلك الطريقة غير المهذبة (!) ونسي هؤلاء كل الأبرياء والمنادين بالحرية والديموقراطية في أوطانهم القابعين في «سجوننا» العربية منذ سنوات، دع عنك مئات الآلاف الذين اختفوا تاركين آلافا غيرهم بلا إعالة ولا مستقبل ولا أمان.
هيلين توماس بطلة قررت أن تقول الحقيقة وتطالب بعودة اليهود الألمان الى ألمانيا والروس الى روسيا والبولنديين الى وطنهم فصفقنا لها واعتبرناها شخصية تستحق الوقوف معها، ولكن أيا منا لم يسأل أين كانت هيلين توماس لأكثر من نصف قرن من قضايانا المصيرية كافة؟ ولماذا لم نسمع منها ولو كلمة تأييد واحدة بحقنا؟ ولماذا لم ينتبه، أو يفطن دبلوماسي عربي واحد من الألفين ونيف المتواجدين في واشنطن ونيويورك، أن أصل هذه الصحفية المتنفذة عربي، إلا بعد أن أحيلت الى التقاعد؟ وهل سبق أن التفت اليها واحد من أولئك الدبلوماسيين ودعاها لحضور مجرد حفل استقبال، أو دعوتها لزيارة مسقط رأس أبويها، وفي أي مكان كان؟
إن المشكلة ليست في هيلين ولا في غيرها ولو كنا نقرأ ونستوعب لما كنا بحاجة اليها ولا الى سخافة الإخوان وسفينة حريتهم لنعرف حقيقة تحيز أميركا وغطرسة إسرائيل، فهذه أمور معروفة ومفروغ منها منذ سنوات، فالمشكلة تكمن في جهلنا إدراك أن «الجماعة» يعملون لما فيه مصلحتهم، فهل نعرف نحن أين تقع مصلحتنا؟

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

شيخان… أحدهما طيب والثاني «أسد»

 

لم يكن في ذلك اللقاء (الخاص) الشبيه بالمنتدى، والذي استضافته إحدى الشخصيات البحرينية الكريمة في مكتبها مكان للطائفيين ولله الحمد، فعدد من أبناء البحرين من الشخصيات والعوائل الكريمة من الطائفتين الكريمتين، مثلوا الصورة الحقيقية للمجتمع البحريني في التصدي للفتن الطائفية التي شهدتها البلاد طوال السنوات الماضية، والتي كان مصيرها الفشل ولله الحمد.

وعلى رغم من أن توافق تام ساد الحضور فيما يتعلق بضرورة التصدي لكل الممارسات والأفكار الطائفية أياً كان مصدرها، إلا أن الطرفين كانا صريحين في الإشارة الى سلوكيات وممارسات واستفزازات يقوم بها أناس من الفريقين أيضاً، سواء كانوا من علماء الدين من المشايخ والمعمّمين أو من النواب ومن يطلقون على أنفسهم اسم ناشطين، وسواء كانوا من كبار المسئولين أم من عامة الناس، فأي استفزاز أو انتقاص من أي طرف يتوجب أن يساءل فاعله قانونياً من دون تمييز مذهبي أو اجتماعي أو نفوذ.

في ذلك اللقاء، كان التأثر واضحاً على وجوه الجميع حال طرح مصرع الشابة (رغد)، وبالمناسبة، فإنه لا داعي لتقديم حول من تكون تلك الفتاة، أو تقديم تفصيل موسع بشأن حادثة المصرع التي آلمت الجميع وهي منتشرة في مواقع كثيرة، وشخصياً وجدت أن تناول الحديث عن المصرع المأساوي، فتت الكثير من الأفكار المتصلبة لدى الكثيرين تجاه الآخر، وتغيرت أفكار الكثيرين وهذا ما لمسته من خلال التواصل مع زملاء من مختلف الدول العربية بشأن الحادثة.

في خضم ذلك، يبرز أمامنا مشهدان يمكن اعتبارهما المنهج الحقيقي الذي يفضل الاعتماد عليه مستقبلاً لزيادة الحنق والغضب بين الطائفيين والمرضى بالتكفير، حتى أولئك الذين تدعمهم دول وجماعات نفوذ، أولها رفض شيخ الأزهر أحمد الطيب دعوة أحد الدعاة (…) بسحب اعتراف الأزهر بالمذهب الجعفري الاثني عشري، قائلاً باختصار وبعيداً عن الأسطوانة المكررة في شأن (الخلاف في الأصول)، أن «الأزهر لا يفرق بين سني وشيعي طالما أن الجميع يقر بالشهادتين».

أما المشهد الآخر، فهو موقف الشيخ أسد قصير في متابعته لقضية الشابة (رغد)، والذي هو الآخر تمكن من مخاطبة مئات الآلاف من السنة والشيعة عبر غرفة حوارية مطالباً بالكف عن التكفير باعتبارها كلمة (أشد من السيف) من جهة الجماعات التفكيرية، والكف عن الإساءة لرموز أهل السنة والجماعة من جهة أخرى.

وعلى أن التكفير والعمل اليومي للإساءة اإلى المذهب الجعفري قائم مستمر ولا يمكن إغفاله، فهو، أي الشيخ أسد قصير، يصرح بأن هنا بعض الشيعة مع الأسف، ينالون من رموز أهل السنة، ويتساءل نصاً كما هو مسجل: «لماذا الإساءة وما هي الفائدة… في مذهب أهل البيت، نحن نحترم الصحابة ونحبهم، ونقول إن عرض النبي «ص» منزّه، ونقول أن أعراض الأنبياء منزّهة فكيف بعرض أشرف الناس وأطهر الناس محمد «ص» ونحن لا نطعن في عرض أم المؤمنين عائشة؟ ماذا لو قلت أم المؤمنين حين كان البعض يشكل علينا ذلك؟ فماذا تخسر إذا قلت أم المؤمنين، الصدر الأول يذكر الصحابة ويقول رضي الله عنهم، كما أن بعض التكفيريين يدخلون إلى غرف لشيعة ويسبون المهدي «عج» ويستفزون الشيعة حتى تسب رموزهم»…

ومن الطبيعي أن يكون هناك بون شاسع بين الشيخ الطيب والشيخ أسد، ولفيف من علماء الأمة، على سبيل المثال لا الحصر: الشيخ محمد سعيد رمضان البوظي، ومفتي سورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون وآية الله التسخيري والسادة الكبار كالسيد السيستاني وفضل الله وبين (مشايخ الفتنة)… من الطبيعي أن يكون الفارق كبيراً بين شخصيات اللقاء الكريمة وكل مواطن بحريني يحب وطنه وقيادته وأهل بلده، وبين فئة أخرى منافقة كذابة تدعي حب الوطن والقيادة وأهل البلد وتسعى لإثارة الفتن دائماً… لأن الزبد يذهب جفاءً

سامي النصف

قطر 2022

في البدء العزاء الحار لآل الصباح الكرام في وفاة المرحوم الشيخ باسل سالم الصباح، للفقيد الرحمة والمغفرة ولاهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

سجلت في قطر حلقة جديدة من برنامج «الاتجاه المعاكس» كان طرفها الثاني الدكتور المهندس سفيان التل الذي يحمل صفة اول مهندس اردني، كما كان زميل دراسة في منتصف الخمسينيات للرئيس الراحل ياسر عرفات، وقد دافعنا عن الانجاز الخليجي امام دعاوى انه انجاز حجر لا بشر، حيث رأيت انه انجاز بشر وحجر يقابله تدمير «الثورجية» للبشر وهدمهم للحجر ضمن حروبهم العبثية، واترك تفاصيل الحلقة لحين بثها.

 

وتعيش الشقيقة قطر هذه الايام نهضة حضارية وعمرانية غير مسبوقة يسعد بها كل قطري وخليجي، فهناك ما يقارب 200 فعالية رئيسية تستضيفها الدوحة ـ عاصمة الثقافة العربية ـ هذا العام، ويمكن متابعتها عبر الدخول لموقع www.dohaevents.org ثم حضور ما يثير اهتمامك منها.

 

وتقوم قطر بحملة عالمية تستحق الدعم لاستضافة كأس العالم 2022 ونجزم بعد تجربة آسياد 2006 المذهلة، والتي شارك فيها للمرة الاولى 45 بلدا آسيويا، بأنهم قادرون وحدهم على مثل تلك الاستضافة وابهار العالم بها، وهو امر ان تم فسيطيل رقاب الخليجيين بين الامم الأخرى، وان كان لنا في هذا السياق مقترح صغير نرجو النظر فيه.

 

فرغم الامكانيات البشرية والمادية الضخمة لليابان الا انها أشركت معها كوريا في استضافة بطولة كأس العالم لعام 2002 التي اقيمت في شرق القارة الآسيوية، ويمكن لقطر بالمثل وحسب المقترح ان تشرك معها دولة الامارات في مشروعها الواعد لاستضافة كأس العالم، ولتلك المشاركة الاماراتية مزايا عدة منها:

1) انها ستسد دعاوى قلة عدد السكان والمشاهدين، حيث ستقام نصف المباريات في ابوظبي ودبي ومن ثم ستمتلئ الملاعب طوال الوقت بالجمهور.

2) الاستفادة من القدرات المالية لدولة الامارات والسمعة السياحية الطيبة لامارة دبي لجلب المشاهدين والسائحين.

3) الاستفادة كذلك من قدرات شركتي الاتحاد والاماراتية للطيران في احضار الجماهير الغفيرة من مختلف أصقاع العالم للبلدين بدلا من الاكتفاء بجهود وخطوط شركة الطيران القطرية وحدها.

4) غني عن القول ان القدرات المالية والفنية والمعمارية لدولة الامارات ستمكنهم من بناء ملاعب ومنشآت رياضية حديثة مطابقة للرؤية القطرية، كما ان السعة الفندقية لابوظبي ودبي وباقي الامارات ستمكنهم من استيعاب اي اعداد جماهيرية قادمة، كما يمكن التحرك الجماهيري بسهولة ويسر بين البلدين بالطائرات او السيارات او حتى القطارات التي يمكن انشاؤها.

5) تحويل جهد قطر الطيب لاستضافة المونديال الى جهد خليجي جماعي سيساعد قطعا على تحويل الحلم القطري الى حقيقة واقعة.

* * *

آخر محطة: كتبت اواخر التسعينيات أطلب ان نوقف الصراعات الرياضية لنحصد ما نحصد من البطولات الآسيوية وتمثيل آسيا في كأس العالم، حيث تنبأت بأن المارد الاصفر ممثلا في دول شرق آسيا قد استيقظ وسيحتكر تمثيل القارة في البطولات المستقبلية، وهو ما يحدث هذه الايام مع تمثيل اليابان وكوريا ج، وكوريا ش لآسيا في المونديال و..راحت علينا!

احمد الصراف

.. وما ملكت أيمانكم!

جاء صوته، بلغته العربية الركيكة، عبر «الانترفون»، خائفا متوسلا، طالبا رؤيتي، وعندما دخل وجلس قبالتي قال انه دفع كل ما يملك وتملك والدته من مال ومصاغ ليتمكن من القدوم للعمل في الكويت. وان كفيله، المواطن الكويتي «المسلم الرحيم»، الذي سبق ان ابتزه وجعله يعمل لديه سنة وعشرة اشهر براتب زهيد لا يساوي -عن عام كامل- نصف ما دفعه مقابل قدومه، طلب منه البحث عن رب عمل آخر، لانه غير قادر على توفير ثمن تذكرة عودته لوطنه. وكان الامر يهون لو ان ظروف عمله السابق كانت معقولة، حيث كان يتعرض للضرب المبرح والمهين في كل مرة يرتكب فيها ولو هفوة بسيطة، ولم يكن يدفع له بانتظام. وهو الآن بلا عمل وجواز سفره محجوز لدى ذلك الرحيم!
قمت بالاتصال بالكويتي الرحيم، ورد.. ولكن بعد 4 اتصالات على مدى يومين، وعندما شرحت له الوضع وطلبت مساعدته في حل مشكلة هذا الانسان، قال لي بالحرف الواحد: هات 400 دينار وتعال جوازات «الاحمدي» وحوله لكفالتك! صدمتني وقاحته وجرأته في الاتجار بالبشر، ربما ليقينه ان هناك من يحميه. وهنا قمت بالاتصال بوزير الشؤون وشرحت له الوضع وبأنني لا اريد لهذا الشخص ان يعمل لدي، بل فقط ترتيب امر عودته لوطنه على حساب من احضره، ووقف المتاجرة بالبشر بمثل هذه الطريقة المذلة. ولكن الوزير العفاسي، على الرغم من انسانيته، اعتذر بلطف قائلا ان موضوع خدم المنازل هو بعهدة زميله وزير الداخلية، وان المسألة نوعا ما شائكة. طرقت اكثر من باب في الداخلية ولكن لا مجيب، وهذا المقيم لا يزال بعهدتي مؤقتا، لحين انتهاء اقامته، وقد اضطر للعودة الى الكويت مع نهاية الشهر الجاري، موعد انتهاء اقامته، للدفاع عن حقه، ومحاولة وضع حد لمتاجرة كفيله به كبضاعة خردة. ولكن يبدو ان هذه النوعية من البشر، وما اكثرهم بيننا! لا يزالون يعتبرون هؤلاء المساكين بمنزلة إماء وسبايا لديهم!
اكتب ذلك بمناسبة ما ورد في القبس 6/9، على لسان المقدم بندر المطيري، مدير شؤون مجلس الامة في الداخلية، من ان هناك نية لاعداد مشروع وطني خاص بمكافحة الاتجار بالبشر!
وحيث ان الكويت سبق ان وقعت قبل اربع سنوات على الاتفاقيات الدولية بهذا الخصوص، لكنها ظلت حبرا على ورق، فان المحزن ان يأتي الضابط المسؤول ليقول الان بوجود نية، فأين كان وكانت ادارته طوال السنوات الاربع الماضية؟ ومتى تتحول النية الى قرار والقرار لمسودة قانون ليقدم لمجلس الامة ليأتي دوره بعد سنوات قد تتجاوز الاربع؟ وهنا أكاد اجزم بأن من سيعرقل اقرار مشروع هذا القانون في حينه -إن قدم- وسيؤخره هم اولئك النواب انفسهم الذين استقتلوا وتذابحوا على اعطاء قانون السماح للعسكريين بترك لحاهم على الغارب صفة الاستعجال ومن ثم اقراره! فهؤلاء ليس في أجندتهم شيء يعنى بحقوق البشر، فهذه تعبيرات مدنية جديدة عليهم.. وعلينا، فما زلنا في زمن ما ملكت أيماننا!

أحمد الصراف