سعيد محمد سعيد

«الأذان»… شيء من الصراحة

 

لا يمكن أن يترك مكبر الصوت في المساجد والجوامع لمن أبدى رغبته في رفع الأذان لينال الثواب والبركة، وليس من حق القيّمين على دور العبادة أن يتنازلوا (لآخرين) حين يبدون رغبتهم في أن يرفعوا الأذان حتى لو كان أولئك الآخرين ليسوا متمكنين ولا بالحد الأدنى من القدرة على رفع الأذان… هذا إذا اعتبرنا أن الأذان يتطلب بالفعل ممارسة وتدريباً، وأن المؤذن الجيد لن يصل إلى التمكن من رفع الأذان إلا بعد الممارسة والإتقان.

سأطرح بضع ملاحظات بشيء من الصراحة تتعلق بمستوى رفع الأذان في كثير من المساجد والجوامع، فقد لاحظت كما لاحظ الكثيرون غيري، أن بعض من يبادرون لرفع الأذان لا يصلحون إطلاقاً لرفعه! فالأذان نداء مقدس، ولهذا فإن من الضرورة بمكان أن يكون المؤذن مقتدراً من ناحية سلامة النطق والقراءة السليمة والصوت الحسن ناهيك عن استعداده النفسي لرفع الأذان.

بعض من يرفعون الأذان، سواءً كانوا من أولئك الذي يريدون التفنن في رفعه بالطريقة الإيرانية أو بطريقة أهل الهند وباكستان وبنغلاديش، يرتكبون أخطاءً فادحة في اللفظ وفي طريقة المد غير الصحيحة مما يجعل الآذان تنفر من ذلك الأسلوب بكل صراحة، وبعضهم يعتقد أن الصراخ وإنهاء الكلمة بشيء من التلحين الغريب إنما هو نوع من الإبداع… زد على ذلك، أن هناك من يترك الميكروفون للأطفال ظناً منه أنه يشجعهم دون أن يكلف نفسه عناء الاستماع لهم مرة ومرتين وثلاث على انفراد، ويقدم لهم الملاحظات ويعلمهم قبل أن يسمح لهم برفع الأذان.

حريٌّ بالمؤذنين، ومن بينهم مجموعة رائعة ومتمكنة باقتدار، أن يتقنوا مقاماً من المقامات المشهورة وهي الحجاز، البيات، الصبا، العجم، الرست، السيكا، النهاوند والكرد، فتلك المقامات التي تستخدم لقراءة القرآن الكريم، يؤذن بها أيضاً، ويكفي للمؤذن أن يتقن ولو مقاماً واحداً.

ولأن وزارة العدل والشئون الإسلامية، بادرت بتنظيم دورات تدريبية للخطباء والدعاة، فلا بأس من أن تنظم بين حين وآخر دورات لتدريب المؤذنين، وبخاصة الجدد منهم، ففي تركيا على سبيل المثال، تكررت الشكاوى من أصوات المؤذنين غير العذبة والمزعجة أحياناً في مدينة اسطنبول، لهذا، لجأت السلطات في عدد من المدن هناك إلى إقامة دورات مجانية ودروس خصوصية لتحسين أصوات المؤذنين.

قد يعتقد البعض أن الموضوع لا يرقى إلى مستوى الأهمية! لكن بالنسبة للكثيرين، وأنا منهم، فإن الأذان له قدسية كبيرة ولابد من المحافظة على مكانته وتأثيره العميق في النفوس، وعدم تنفير الناس منه بأصوات وأداء سيء، خصوصاً بالألسن التي لا تتقن العربية إطلاقاً

سامي النصف

الطائر المقيد كيف يُحلّق؟!

يمكن تشبيه الدول بطائرة أو طائر جسده الأوسط هو سلطته التنفيذية وجناحه الأيمن هو سلطته التشريعية وجناحه الأيسر هو سلطته القضائية، كما يمكن تشبيه سلطته «المجازية» الرابعة بدفة الذيل التي ترفع وتنزل وتوجه يمينا ويسارا، وبالطبع لا يمكن لذلك الطائر ان يحلّق او يتحرك ما لم تتضافر جهود تلك القوى مجتمعة لدعمه حتى لا يبقى رابضا على الأرض بينما تمر عليه طيور وطائرات جيرانه مسرعة الى المستقبل المشرق.

فعبر ذلك الفهم الواضح تعمل الحكومات في العالم أجمع بدعم كامل من السلطة الثانية التي توفر لها كقاعدة ثابتة الأغلبية البرلمانية اللازمة لتمرير المشاريع والقوانين التي تحتاجها الحكومات لخدمة الناس، كما تعتبر السلطة الثالثة جزءا لا يتجزأ من سلطة الدولة لذا تتناغم أحكامها وقراراتها معها بشكل عام دون ان يمس ذلك الأمر باستقلالية القضاء التي يحرص عليها الجميع.

في بلدنا المعطاء تمارس اللعبة السياسية بشكل فريد لا مثيل له في العالم أجمع، ثم نشتكي بسذاجة تامة من كم الأزمات والاشكالات وقلة الانجازات التي نعانيها منذ عقود، فضمن تلك اللعبة الكويتية تقف السلطات الثلاث الأخرى (الثانية والثالثة والرابعة) على رأس «العاير» لافشال أي قرار حكومي يتخذ حيث يتم التسابق على رفضه واسقاطه واتهام من يؤيده بالتخاذل والعمالة والرشوة.. الخ، وليقل لنا أحد كيف للطائرة أو للطائر ان يحلق عاليا وأجنحته مقيدة تقوم بخذلانه ومناكفته؟!

ومن الأمور المستجدة والمستغربة منهاجية «ابتزاز» الدولة عبر التقدم بمقترحات شعبية مجنونة تضحكنا اليوم لتبكينا دما في الغد، ثم التهديد بتعليق الميزانية العامة للدولة إذا لم يتم اقرار تلك المشاريع المدمرة، والمستغرب اكثر ان من يقوم بمثل تلك الأمور هم من تبلغ نسبة الخطأ في مقترحاتهم ومواقفهم السابقة ما يقارب 99% من إجمالي مقترحاتهم.

ان الغياب الغريب للوعي المجتمعي العام سيجعلنا نصحو في يوم قريب بعد.. عمران البصرة وخراب المنطقة التي تحدها من الجنوب.

آخر محطة: بدأت الشركات النفطية الكبرى بالعمل في البصرة وغيرها من مناطق العراق، فمن نعتقد ستقف معه الدول المؤثرة في العالم عند نشوء أي خلاف بيننا وبين جار الشمال؟!

احمد الصراف

الكهرباء في عهد الكرهباء

«.. عندما تتحول الكهرباء لدى ممثل الأمة والمشرع، والقيّم على الأداء الحكومي، إلى «كرهبا»، يصبح كل أمر متوقعا..!!»

***
جاء صوته عبر الهاتف متعبا وطلب أن يتحدث معي لثقته بمصداقيتي(!)
قلت له: تفضل، فقال انه يود أن يخبرني بسر، وانه صادق في ما يقول، والدليل أنه يتصل من هاتفه النقال غير عابئ بتبعات اعترافه، فقاطعته قائلا بأنني في الخارج وليس على شاشة هاتفي غير عدة أصفار، وبامكانه التحدث بحرية، وهنا سمعت صوت تنهيدة ارتياح تصدر منه أردف بعدها قائلا انه تاجر مواد غذائية، وانه قام في الأسابيع الثلاثة الأخيرة بشراء كميات كبيرة من المواد الغذائية المجلدة التالفة بربع قيمتها، والتي خربت نتيجة انقطاع التيار الكهربائي عن برادات أصحابها، وكان من المفترض أن يتم إتلافها، وانه حقق مبلغا لا بأس به من إعادة «تفريزها» وبيعها لآخرين، وان هذه المواد، من واقع خبرته في هذا المجال، غير صالحة للاستهلاك البشري، ولكنه لم يهتم، فلا الشعب شعبه ولا البلد بلده، أو هكذا كان يعتقد! ولكنه في مساء اليوم ذاته اصطحب زوجته وأولاده في جولة بالسيارة، جاع أثناءها الأولاد فتوقف عند محل سندويشات والتهموا عشرة منها. وبعدها طلبوا آيس كريم، والتهموا كمية كبيرة منها، وفجأة تذكر أن هذه المواد تحفظ جميعها مجلدة، وأنه مثلما حقق هو ربحا من بيع مواد مجلدة تالفة فقد يكون آخرون غيره قد باعوا مواد غذائية تالفة للمطعم ومحل بيع الآيس كريم الذي تناول فيه وعائلته عشاءهم! وقال إن من منطلق تأنيب الضمير الذي أصابه قرر التحدث معي، ليطلب مني أن أكتب محذرا وزارة الكهرباء من قطع التيار الكهربائي عن ثلاجات حفظ المواد الغذائية! فبالرغم من أنه تاب عن مثل تلك الأعمال، فإن هناك دائما من هو على استعداد للحلول محله!!
وها نحن ننقل «صرخة» هذا التائب، فهل يسمعها احد؟ لا أعتقد ذلك، فكل المتورطين في أزمة الكهرباء منشغلون اما بأداء العبادات أو بتحقيق أقصى الأرباح وأعلاها في أقرب وقت. فمن مجمل التصريحات «السياسية والبرلمانية» يتبين أن مشكلة الكهرباء أخلاقية، وليست فنية أبدا. فلو قمنا بمراجعة أرشيف القبس للسنوات العشرين الماضية فقط، لوجدنا أن كل وزير «كرهبا» يلقي باللوم على العهد أو العهود السابقة له، ويصرح أن الكهرباء في «عهده» لن تنقطع، وأن الأمر لا يحتاج الى غير صرف بضع مئات ملايين الدنانير، وتنتهي المشكلة! والحكومة، أو السلطة، تعرف هؤلاء الوزراء، وتعرف جيدا التبدل الهائل الذي طرأ على أحوالهم المالية خلال فترة توليهم الوزارة، والسلطة تعرف المسؤولين الكبار المتلاعبين وكيف جمدهم هذا وأعادهم من جاء بعده، وكيف تم تعيين غير المؤهلين بتاتا، وبعضهم لا يعرف الإنكليزية، كوزراء لتولي أكثر المناصب تقنية، والسلطة هي التي تعين وهي التي تقيل، وهي التي جمدت لجان التحقيق في قضايا الفساد، وليس من العدل بالتالي إلقاء اللوم على وزير أو شركة مقاولات ما دامت المسألة بكل هذا الوضوح والفساد بكل هذا الانتشار، فالجميع يعلم بأن الأمر لا يحتاج في النهاية الى غير من يفسد ومن ثم يعمر مسجدا ويؤمن بالله وباليوم الآخر.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

زواحف الجيش 


بعض العراقيين مايزال يهذي كما يهذي الممسوس، ويرى الكويتَ صبية عقت أمها العراق. ولو كانت الكويت مفلسة يتزاحم الديّانة على بابها لما طالب بها هذا العراقي ابن العراقي، ولكنه الجشع العراقي المعهود يا سيدي.

وسيكون مجنوناً المسؤول العراقي الذي يفكر، ولو مجرد تفكير، في احتلال الكويت مرة أخرى، وسيكون نهاره «أسود» من النفط الخام. لا أقول ذلك من باب الفشخرة البلّونية، بل لأنني كنت شاهد عيان بيان على «كمية النار» التي يمتلكها الجيش الكويتي، وعلى حداثة أسلحته، وسرعة الصيانة. فما إن تتعطل آلية حتى يهرول إليها أربعة، كما في مباريات كرة القدم، فيحملوها إلى كتائب الصيانة التي تبلسم جراحها، وتسهر على راحتها وصحتها. ولا أقول إن جيشنا سيهزم الجيش العراقي، لو لا قدر الله فكّر في الهجوم علينا، لكنه لن يدعه يصل إلى الجهراء إلا ليراجع عيادة الحوادث المتهالكة في مستشفى الجهراء.

فعلاً لا قولاً، يعيش جيشنا أزهى عصوره، ويفتل أشنابه، ويضرب زنوده لفرط الصحة والعافية، اللهم زد وبارك… وفعلاً لا قولاً، يتمتع عساكرنا بلياقة قتالية عالية أنتجتها التمارين المتتالية… وفعلاً لا قولاً، معالي النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك يتعامل مع الجيش كما يتعامل الجد مع حفيده الوحيد، ويركض لجلب كل ما يريده الحفيد، لذا كان شديد الإلحاح على زيادة رواتب منتسبي الجيش، وقد تم له ما أراد، فله التحية ولهم التهنئة.

أما رئاسة الأركان فهي في يد القائد الروماني الذي لا يبتسم، الفريق الركن أحمد الخالد. والله يشهد أنني أحد الذين لا يحبون قسوة هذا الرجل المفرطة، ولا جفافه الزائد على الحد، ربما أقول ذلك لأنني عاطفي من سلالة فريد الأطرش، إلا أن الأمانة تقتضي قول ما يردده الجميع من أن الخالد «قائد عادل لا يعترف بالواسطة»، وهذه تجبّ ما قبلها وما بعدها.

وأتذكر عندما كان الخالد مديراً للكلية العسكرية، وكنت طالباً أقرع الرأس والعقل، وكنا نحو ثلاثين «مذنباً» صدرت الأوامر إلينا بالزحف على صدورنا العارية مسافة ليست بالقصيرة، فوق صخر الأسفلت المدبب، وطال الزحف، وتجرّحت أجسادنا، فهاضت قريحتي، فنظمت أبياتاً رحت أغنيها وأنا أزحف، بصوت منخفض، ويرددها معي الزملاء وهم يزحفون:

صرنـا زواحف يـا عريبيـن الأنســـاب أكــواعها متساوية مع ركبها

الضـب قــدّامـــي ومــــــــن خــلفـــــي الـــــداب والعقربة يمّي* تهزهز ذنبها

ونتضاحك، و»في فجأة»، أثناء انشغالي بشيطان الشعر، إذ بركلة عنيفة من رِجل الخالد على ضلعي الأيمن قذفت بي إلى هنااااك، وألصقت كليتي بكبدي بمعدتي، فتلخبط جهازي الهضمي، وفقدتُ التنفس، واختفى الأكسجين من الأسواق، وضاعت قريحتي، وكدت أموت، عادي البيت بيتي، لولا أن عزرائيل أمهلني…

ومبروك يا أبطالنا العلاوة، وفي انتظار دعوات العشاء.

***

لم أستغرب تطاول النائب دليهي الهاجري على وزير الصحة الدكتور هلال الساير، فمثله أهل لمفردات كهذه وأدب كهذا.

***

شكراً لكل من راسلني أو اتصل يعدني بتزويدي بمقالات العملاق إحسان عبد القدوس، وعلى رأسهم زميلنا الجميل خالد الصدقة رئيس قسم التصحيح في هذه الجريدة. وشكراً لمن وعد بتزويدي برواياته، رغم أنني تحدثت عن مقالاته لا رواياته، وقد وصلني كتاب مقالاته، وها أنذا أمزمزه وأتذوقه وأتلمظه. ألف شكر، غمرني فضلكم.

***

الحرية لسجين الرأي الزميل محمد عبد القادر الجاسم.

***

* يمّي: بجانبي. 

حسن العيسى

مثلث القهر والملل

دعا رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي إلى "الابتعاد عن كل ما من شأنه إثارة الفتنة في البلاد، وأوصى بالحكمة والحوار"، تأتي دعوة الخرافي كنصيحة لطرشان السلفيات المتطرفة في دولة تتأصل فيها يوماً بعد يوم النزعات الطائفية والعرقية، كما تطفو على وجه الدولة الأورام السرطانية، مقدمة لتفتت المجتمع، وبداية "للبننة" و"عرقنة" الكويت إن لم يكن بالغد القريب فمن بعد الغد وعليكم الحساب.

سؤال مشروع للنائب عدنان المطوع عن حقيقة سؤال في التربية الإسلامية عن حكم دعاء القبور وسب الصحابة.

وجاء الرد سريعاً من النائب محمد هايف، مؤكداً أن انتقاد سؤال التربية الإسلامية تشكيك في عقيدتنا، وهي عقيدة السنة والجماعة!! يعني كل من لا يتفق مع فقه السنة والجماعة عند شعبنا هو خارج على الحقيقة الصحيحة التي وكيلها الوحيد والناطق الرسمي باسمها هم أهل السنة والجماعة، هم الأكثرية الكويتية والأكثرية العروبية والأكثرية الإسلامية، بهذا الحكم هم من يقرر حقيقة التاريخ، وفقهاؤهم الذين صبوا أحكامه في قوالب تناسب مصلحة الحكام، ومصالحهم هي الحقائق والأصول الثابتة، فالزمن ثابت على المكان، وعقيدة أهل المكان، وكل ما عداهم من واقع تاريخي، مثل حروب الصحابة بينهم وبين بعض وقتلاهم في موقعة الجمل وصفين، إفك وزور وهرطقات. وتلك فتن تاريخية لا يساءل عنها أحد، فانسوها فنحن أهل السنة والجماعة الذين اجتمعنا على الحقائق، وهكذا كان "إجماعنا" سواء تم اليوم أو قبل ألف وخمسمئة عام… فلا زمن يمضي ولا يحزنون!!

سؤال وزارة التربية للطلبة تحريضي على الغير من غير أهل السنة والجماعة من الشيعة و"برين ووش" لعقول الأطفال، وهو في النهاية سؤال عقيم يناقض هو والفكر الذي أملاه حرية العقيدة، كما ينص عليها دستور الدولة، وهو ينفي مبدأ حياد الدولة المفترض في عقائد المواطنين، فالدولة تغلب مذهب على آخر، وسحقت في أيام كئيبة حقوق البشر غير المسلمين حين حرمتهم من مزاولة طقوسهم مثل طائفة السيخ، وحرمت فرقة شيعية أخرى من بلاد الهند من بناء مسجدهم، واجتهد مجلس النواب عام ٨١ من القرن الماضي بحرمان غير المسلمين من الجنسية الكويتية، وأضحى مسيحيو الكويت مهددين بالانقراض ويلحقهم مسيحيو العراق، وغيرهم من الطوائف التي تمتد جذورها لآلاف السنين…!

دروب اللاتسامح والتعصب سالكة حتى جبال تورا بورا، والمستقبل عظيم للحريات الإنسانية لدينا، وويل لمن يدعو إلى علمانية الدولة وليبرالية الديمقراطية… فهذا كفر بواح وطعن لعقيدتنا… فلمَ يتكدر سجين الحرية محمد الجاسم في معتقلات أمن الدولة…! فنحن الأقلية قابعون في زنازين المجتمع المتخلف- اقرأوا التعليقات على الخبر في موقع أوان الإلكتروني كما نقل الخبر- ونحن بدورنا أيضاً سجناء سلطة جالسة تتفرج على مشاريع الجهل في مؤسساتها، وترفع العصي الكبيرة عالية "لتلسب" ظهور المتطاولين على هيبتها… في كويت اليوم "مثلث الديمقراطية" أو مثلث الملل والقهر.

احمد الصراف

الهند وباكستان.. مثال صارخ

يقول إد كربس: ينقسم العالم الى عدة معسكرات، وكل منها على استعداد لارتكاب أبشع الجرائم بحق الآخر، فقط لإثبات أن قصته أقرب للصحة!
لأسباب كثيرة، طالب زعماء الهند المسلمون، وعلى رأسهم محمد علي جناح، السلطات البريطانية التي كانت تحكم شبه القارة الهندية، بأن تكون لهم دولتهم المستقلة. وهكذا خرجت باكستان للوجود في 1947/8/14 ضد رغبة زعماء الهند، ومنهم غاندي. ومات الملايين جراء ذلك بأعمال عنف دينية. وفي عام 1971 أعلنت باكستان، التي يعني اسمها «أرض النقاء أو الطهارة»، تحولها الى «جمهورية إسلامية»، وسرعان ما انفصل عنها جزؤها الشرقي مكونا جمهورية بنغلادش، ربما الأكثر طهارة ونقاء منها! على الرغم من أن عدد سكان باكستان يبلغ 170مليوناً، مقارنة بالهند (مليار و180 مليوناً) أي %15 تقريبا، بيد أن إنتاج الهندي القومي يزيد على 11 ضعف الإنتاج الباكستاني. كما يبلغ دخل الفرد فيها 3176 دولاراً مقارنة بــ 2660 دولاراً فقط في باكستان.
تنتج الهند كل ما تحتاج له من غذاء ودواء. كما تصنع كل ما تحتاج له من أدوات نقل ومحركات، وتعتبر الصناعة فيها متقدمة بشكل كبير وتعتبر مكتفية ذاتيا في كل شيء تقريبا. كما تعتبر الهند أكبر ديموقراطية في العالم، ولم تتخل عن نظامها البرلماني الحر منذ استقلالها. أما جارتها باكستان، التوأم في كل شيء، فلا تنتج شيئا ذا أهمية وتحتاج لاستيراد كل احتياجاتها من الخارج، ولم تعرف الاستقرار السياسي والأمني منذ تأسيسها، وكان الحكم فيها عسكريا ودكتاتوريا في غالب الأحوال، خاصة بعد تحولها الى جمهورية إسلامية تطبق الشريعة قبل 40 عاماً.
مدارس الهند العلمانية التي وضع أسس الرياضيات فيها جواهر لال نهرو أصبحت تصدر للعالم سنويا 50 ألف عقل متخصص في أكثر المجالات العلمية تقدما، أما الــ 15 ألف مدرسة دينية المنتشرة في كل أنحاء باكستان، فقد خرجت للعالم الكثير من «العقليات الإرهابية»، وكانت اكبر منجزاتها انطلاق حركة طالبان منها.
ولو راقبنا حركة الجريمة، والمالية منها بالذات، على النطاق الدولي، لرأينا وجودا حيويا للعناصر القادمة من أرض النقاء والطهارة، وشبه انعدام لأي وجود هندي. كما أن عالم المال يعرف اليوم عشرات الأسماء الهندية اللامعة في عالم المليارات والفن والصناعة والعلامات التجارية المعروفة في أكثر من مجال (صفقة شراء زين أفريقيا) مع اختفاء لأي نشاط باكستاني في أي ميدان أو مجال سوى لعبة الكريكيت.
الهند وباكستان مثال صارخ على ما يمكن أن ينتج عن انفصال توأمين، أحدهما يتجه الى التطرف الديني الذي يقود بالتبعية الى الدكتاتورية والبطش وسياسة الحزب أو الرأي الواحد والحجر على الحريات. والآخر يتجه الى العلمانية وينهض من فقره ويصبح لاعبا دوليا ويزدهر اقتصاده وينبغ في كل مجال لإيمانه بالحرية والتعددية. وكمثال أخير على مدى الفارق الحضاري بين الدولتين نجد أن الهند، ومنذ عام 1947، لم تشكل حكومة بغير مشاركة فعالة للمسلمين تزيد على نسبتهم من السكان (%14). في الوقت الذي لا تطبق فيه باكستان شيئا من ذلك حتى مع بقية الأقليات فيها.
سلام على العلمانية أينما وجدت.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

«الحرامية»… في بيوت الله!

 

لن نتمكن من تصنيف من يندرجون تحت كلمة «الحرامية» في البلد، فهناك من يسرق قوت الناس وعرقهم، وهناك من يسرق أملاك الدولة وهناك من يسرق الحقوق، سواء كانت مالية أم شرعية أم أدبية، وهناك من يسرق حتى أهله وأقرباءه، وهناك أيضاً من يسرق راحة الناس وابتساماتهم، فالحرامية والعياذ بالله منهم ومن الحرام، كثر مع شديد الأسف… لكن أن تكبر شريحة الحرامية لتصل إلى بيوت الله، فهذا أمر خطير للغاية.

خلال السنوات الماضية، دونت السجلات الأمنية سرقات تعرضت لها مساجد في مختلف مناطق البلاد، وشملت تلك السرقات مكيفات ونوافذ وأبواب الألمنيوم، ناهيك عن محتويات بيوت الله، ولعل الكثير من الناس يتذكرون حوادث متعددة من سرقات تعرضت لها بيوت الله، وإذا عدنا إلى شهر يناير/ كانون الثاني من العام 2003، ربما وقفنا على تفاصيل قضية مهمة حينما أعلنت وزارة الداخلية إلقاء القبض على لصين بحرينيين تخصصا في سرقة المساجد وصناديق التبرعات الخيرية.

حينذاك، سجل اللصان اعترافاتهما أمام قاضي التحقيق بارتكابهما عدداً من السرقات في منطقة المحرق، فبعد أن تلقت إدارة أمن منطقة المحرق عدداً من البلاغات من بعض المواطنين تفيد بتعرضهم للسرقة، أجرت التحريات التي أمسكت من خلالها بخيوط اقتفت عن طريقها آثار المتهمين وأحدهما من سكنة مدينة عيسى والثاني من سكنة الرفاع في العشرين من العمر، وتبيّن بعد التحقيق أنهما من أرباب السوابق وتورطا في تواريخ متفاوتة منذ العام 2002 في سرقة خمسة مساجد وصندوقين للتبرعات الخيرية ومحلات تجارية ولوحات لسيارتين استخدماها في سيارات أخرى للتنقلات وحمل المسروقات، وانصبت مسروقات المساجد على مكبرات الصوت فضلاً عن سرقة حصيلة عدد من الهواتف العمومية ومبالغ نقدية من محلات تجارية تم ضبط جزء منها.

وعلى رغم أن هذه الحادثة أثارت جدلاً كبيراً بين المواطنين، إلا أن السرقات استمرت، وآخرها الحكم الذي صدر مطلع شهر يونيو/ حزيران الجاري عندما قضت المحكمة الصغرى الجنائية الثالثة برئاسة القاضي محمد سعيد العرادي، وأمانة سر محمود عيسى بحبس متهم لمدة سنة لسرقته مسجدين، وتمثلت تفاصيل القضية في أن قيّم أحد المسجدين قدم بلاغاً بخلع باب المسجد وسرقة مبالغ من صندوق التبرعات، فيما اعترف المتهم بسرقة مكيف من المسجد الأول، كما اعترف بسرقة أنابيب من المسجد الثاني.

قبل أيام، تفاجأ المصلون في أحد الجوامع أثناء صلاة المغرب في قرية الدراز، بأحد المسئولين في الجامع يتحدث عبر مكبر الصوت موجهاً الكلام إلى المصليات في قسم النساء بضرورة أخذ حذرهن والحفاظ على حقائبهن بعد أن وردت شكاوى من تعرض حقائب ومبالغ مالية وحاجيات خاصة أخرى للسرقة كالهواتف النقالة وما شابه، داعياً المصليات إلى وضع حقائبهن بالقرب منهن، والحذر من الحركات المريبة التي تصدر عن بعض النسوة.

وقد أبلغني قيّم بأحد المساجد قبل فترة، عن تعمد بعض النساء سرقة النقود التي يتم وضعها داخل الضريح كصدقات أو تبرعات للتبرك، بل إن البعض منهم يتفنن في طريقة سرقة النقود باستخدام ما تتفتق عنه أفكارهم الجهنمية ولو باستخدام (علاقة ملابس)، فيما كان أحد الإخوة يشير إلى قيام بعض اللصوص بسرقة محتويات سيارات أحد الجوامع في مدينة حمد حال قيام الإمام برفع تكبيرة الإحرام.

نحن لا ننكر جهود رجال الأمن وبخاصة أفراد شرطة المجتمع بل ونشكرهم على ما يقومون به من عمل، إلا أنه من اللازم أن يتعاون كل المواطنين والمقيمين في عدم التهاون مع من يظهر بمظهر الريبة في تصرفاته، ليس في المساجد فحسب، بل حتى في الأحياء السكنية والتجارية، فحسب ما يقوله القيّمون في المساجد التي تعرضت للسرقة، وأنا أتفق معهم، فإن الكثير من الناس الذين تحدثوا عن مشاهداتهم، كانوا يشعرون بحركة غريبة في تصرفات البعض، لكنهم لم يحركوا ساكناً ولم يكلفوا أنفسهم إبلاغ القيّم بما يحدث إنما تحدثوا بعد وقوع السرقة.

بقليل من الشعور بالمسئولية والقيام بالواجب الشرعي والوطني، لن يكون هناك لصوص في البلد… لكن هيهات.

سامي النصف

مقالات كروية

لو نظرت لأشرطة بطولات كأس العالم منذ بدئها حتى سنوات قليلة لوجدت ان من النادر وجود لاعب أسمر ضمن الفرق الأوروبية وقد اعتبر اللاعب الأسمر «إيزبيو» ظاهرة غريبة ضمن الفريق البرتغالي عام 1966.

هذه الأيام لا تكاد تميز بين المنتخبات الوطنية الأوروبية والفرق الأفريقية بسبب عمليات التجنيس القائمة للاعبين الأفارقة ومن لا يكتفي بمن يحصل عليهم من مجاهل الغابات الأفريقية يستكملهم باللاعبين القادمين من غابات الأمازون اللاتينية أو من جبال وسهول أوروبا الشرقية.

نرد بهذا على من ينتقد هذا الفريق الخليجي أو ذاك لوجود لاعب من أصول أفريقية أو لاتينية ضمن صفوفه، فإذا كان الأمر مقبولا لفرق دول يزيد تعدادها على عشرات ومئات الملايين فلماذا نلوم دولا خليجية قليلة السكان؟ إن البطولات تسجل بأسماء الدول لا بأسماء اللاعبين، لذا فلتقم كل دولة خليجية بما تقوم به الدول الأخرى من تجنيس وضم اللاعبين لمنتخباتها الوطنية وعدا ذلك ومع استيقاظ مارد دول شرق آسيا الصفراء لن نرى فرقا أو دولا خليجية قط ضمن البطولات القارية والدولية.

وعودة لملف قطر 2022 الذي سيحسم نهاية هذا العام، هناك طلب استضافة «مشترك» من هولندا وبلجيكا ولوكسمبرغ لكأس العالم لعامي 2018 أو 2022، كما ان هناك طلبا مشتركا آخر من إسبانيا والبرتغال لنفس احدى البطولتين، اضافة الى طلبات استضافة من دول أخرى مثل إنجلترا وروسيا وأميركا وأستراليا وكوريا الجنوبية واليابان (طلبات منفصلة) وبالطبع الشقيقة قطر التي نتمنى أن تضم لطلبها دولة الإمارات العربية المتحدة حتى تحوز فرصة أكبر لاستضافة البطولة.

وقد استطاعت قطر أن تحظى بدعم من رئيس الفيفا السيد بلاتر الذي يرى ان 22 دولة في الشرق الأوسط تستحق أن تستضيف المونديال، كما أثنى على استضافة قطر للآسياد 2006 كما تفهم الجهد القطري الخارق الى حد استخدام مدرجات وملاعب تهبط بها الحرارة من 45 درجة مئوية الى 20 درجة فقط، وقد وعدت قطر بفك وترحيل تلك المدرجات الضخمة بعد انتهاء البطولة الى أي بلد فقير يحتاجها وهو عرض سخي يصعب رفضه.

احمد الصراف

نسب الدكتور فينتر

يفتقد عالمنا العربي والإسلامي، كما يرى بعض المفكرين، للديموقراطية وكل ما تعنيه من حريات واحترام للآخر ولرأيه وطريقة معيشته. كما يعتبر عالمنا فقيرا في وسائل اتصاله ومواصلاته، ومتخلفا في نظم تعليمه بشكل مخيف، وهذا جعلنا، وسيستمر في جعلنا، قابعين في ذيل أمم الأرض، إن لم يكن في مكان أكثر سوءا!
قبل شهر تقريبا، أعلن العالم الأميركي كريغ فينتر توصله لإنتاج خلية مركبة صناعيا، وهي أول خلية تتكاثر على وجه الأرض بفضل نظام كمبيوتر معقد! رد فعل «علمائنا»، وهم رجال الدين هنا، وكأننا لا نزال في القرون الوسطى، وربما نكون كذلك، كان متفاوتا بين مصدق ومكذب ومنبهر ورافض ومعلل وناقد ومحذر ومهدد، ولا شيء غير ذلك!
فقد صرح أحمد شوقي إبراهيم رئيس «المجمع العلمي لبحوث القرآن»، وعضو لجنة «الإعجاز العلمي في القرآن»، بأنه يرفض هذا الكشف الذي يعتبره البعض الأعظم والأخطر في تاريخ البشرية الحديث، وأنه ليس بالفتح العلمي، بل مثال على انعدام الأمانة العلمية(!) وأنه لم يقدم أي شيء جديد، وانه لا يعدو أن يكون «فرقعة إعلامية» يراد بها الشهرة وتفتقد للأمانة العلمية، ولا تعدو أن تكون تزويرا للحقائق العلمية المعروفة. وفي جانب آخر خالف الجيولوجي زغلول النجار، وربما شريك أحمد شوقي في مجالس مواضيع الإعجاز، خالف شريكه ووصف الاكتشاف بالفتح العلمي الكبير، ولكن قال ان الأمر يتطلب ضبطه وتقييده بقيود أخلاقية عديدة.
وبالرغم من إنكار السيد أحمد شوقي إبراهيم، رئيس المجمع العلمي لبحوث القرآن، لعظمة هذا الاكتشاف فانه عاد واعترف به، مذكرا في مقابلة صحفية مع «الوطن» (5/26) بأن إنجاب أو خلق إنسان بمثل هذه الطريقة، يكون الكمبيوتر والده، سيدمر العلاقات الإنسانية وسيفتح الباب أمام انجاب بشر من دون زواج رجل بامرأة، وهذا سيخلق إنساناً بلا نسب، وستشيع الرذائل والكفر والضلال وتنتشر الجريمة وسينتج عن كل ذلك تدمير المجتمع بكامله.
وهنا نرى من حديث أخينا شوقي إبراهيم أن عدم معرفة الإنسان لأبيه أو أمه، أو معرفة نسبه سينتج عنه خلق إنسان مدمر لمجتمعه، ميال لإشاعة الرذائل ومحرض على الكفر واقتراف الجريمة، وما سينتج عنه في النهاية من تدمير للمجتمع. ولكن السيد شوقي إبراهيم على علم تام بوجود عشرات آلاف اللقطاء غير معروفي الأب، وحتى الأم، والنسب بيننا، وهم أحوج ما يكونون لمثل هذه العلاقات البشرية، التي يؤكد بكلامه على ضرورتها القصوى! ولكنه والكثير من أمثاله على علم واتفاق بأن تشريعات غالبية دولنا تمنع النسب عن هؤلاء بالرغم من وجود من يرغب في تبنيهم بصورة طبيعية. وإذا كان حقا مؤمنا بأن مسألة النسب تحمل كل هذه الأهمية وفقدها يتسبب في فناء البشرية، فما الذي قام به لحل مشكلة ملايين اللقطاء في عالمنا العربي والإسلامي؟
ولعلم السيد شوقي فقد كانت إحدى النتائج المأساوية لحرب البوسنة، والانتهاكات الرهيبة التي اقترفتها القوات الصربية بحق المسلمين فيها، وبعد تسعة اشهر تقريبا من انتهاء المجازر فيها، ولادة آلاف الأطفال غير معروفي النسب، والذين تلقفتهم أيدي راغبي التبني من أميركا وأوروبا! أما الدول الإسلامية، الأولى بأولئك اللقطاء، فقد أشاحت بوجهها عنهم، كما أشاح أفراد القوة الهولندية بوجوههم عندما كانت قوات الصرب العنصرية تغتصب النساء وتفتك بالعزل والأبرياء من مسلمي «سربنتزا» وغيرها.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

بقلم إحسان عبد القدوس

لو كان الأديب العظيم إحسان عبدالقدوس، رحمه الله، مايزال حياً بيننا، لقبّلت رأسه ولطلبت منه كتابة مقالة عن أوضاع الكويت بأسلوبه المتميز، وأفكاره العميقة الهادئة، وطريقته المتفردة التي لا شبيه لها، خصوصاً في استخدام علامات التنقيط، إذ يبدو أن الكبير إحسان عبدالقدوس لديه فائض من النقاط، لذلك فهو ينثرها بسخاء كما تنثر "أم جواد" الحبوب لدجاجاتها، لكنه لا يعترف بعلامة الاستفهام، وإذا اعترف بها مكرهاً ووضعها في آخر السؤال فإنه يضعها بقرف، وينصرف عنها بسرعة. أما علامة التعجب فيستخدمها "زوز زوز" على رأي أهل ليبيا، أي اثنتين اثنتين، ولا أتذكر أنني رأيت في كتاباته علامة تعجب تقف بمفردها، لا بد من سند لها يعينها على حوادث الأيام ومصائب الأزمان. أما بالنسبة للفاصلة (حبيبتي التي أذوب فيها هياماً) فقصته معها تروى، فهو يخبئها كي لا تراها أعين الحساد، "ستفتش عنها يا ولدي في كل مكان، وستسأل عنها موج البحر وتسأل فيروز الشطآن… وستعرف بعد رحيل العمر، بأنك كنت تطارد خيط دخان". بالإذن من نزار قباني.

طريقة كتابته سهلة ممتنعة متقطعة، يفصل بين جُمَلها نقاط. ولأنه مصري فهو يضع نقطتين دلالة على الاسترسال، لا ثلاث نقاط كما يفعل اللبناني والسوري… وبالمناسبة، كما ينقسم العرب إلى قسمين كبيرين هما عدنان وقحطان، كذلك ينقسم الأسلوب الصحافي في الخليج إلى قسمين هما المصري والشامي، فتجد بعض الصحف "الشامية"، ومنها صحيفتنا هذه، تكتب "أميركا، طوني بلير، لأنني، كأنني، صحافي، إنكلترا، الإنكليز، إفريقية، سورية…"، أما الصحف التي يديرها مصري فتكتب: "أمريكا، توني بلير، لأني، كأني، صحفي، إنجلترا، الإنجليز، أفريقيا، سوريا..". أما نحن أهل الخليج فلا هوية خاصة بنا، إذ نتعامل مع اللغة بنظام الكفيل… الدلة يا ولد.

ونعود إلى العملاق إحسان، ولا أدري أين ذهبت كتبه التي كنت أحتفظ بمجموعة منها، ولا أريد أن أموت قبل أن يدلني أحد على كتابه الذي جمع فيه خواطره ومذكراته ومقالاته… ولو كنت طلبت منه زيارة الكويت هذه الأيام، وكتابة مقالة يصف بها أوضاعنا لكتب باختصار: "يا للخيبة.. الكويت تعيش في خيبة.. خيبة ثقيلة.. حكومتها خرعة.. مترهلة.. تستند إلى حيطان وسائل إعلام تكفي يأجوج ومأجوج.. وهما (أي الحكومة ووسائل الإعلام تلك) مثل الفلّاح والطائر المسمى صديق الفلاح.. الطائر يأكل الدود ويشكر الفلّاح على الكرم والجود.. والفلاح يشكر الطائر على تنظيف الحقل وحماية الزرع.. لكن الفلاح يزرع فتخضرّ الأرض.. وحكومة الكويت تحرق كل ما هو مزروع.. حكومة خيبة!! وفي الكويت.. المسلسلات هايفة.. والأغاني الوطنية مقرفة.. والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب تخصصَ في تذوق الحلوى واللقيمات (وهي لقمة القاضي).. والابتسامة عندهم مثل الكهرباء.. مقطوعة.. جتهم الخيبة!! والمطار عندهم ولا مطارات أحراش أفريقيا.. لايزال يعتمد الباص.. والشعب هناك.. بسبب حكومتهم.. تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى.. وإذا كنت أمتلك ولو نزراً يسيراً من التنجيم.. لقلت إن الكويت تحتضر وستموت قريباً.. لولا أجهزة التنفس الصناعي.. التي هي مليارات نفطها.. ما لم ترعوِ الحكومة عن غيّها.

هكذا كنت ستكتب يا أبا محمد، والحمد لله أنك متّ قبل رؤية حكومتنا الخرعة.

***

الحرية لسجين الرأي الزميل محمد عبدالقادر الجاسم.