سامي النصف

والحكمة ما قاله حكمة

لا يختلف اثنان على كم الاشكالات والأزمات التي تعيشها الكويت والتي ان استمرت دون معالجة فسيكون لها افدح الضرر سياسيا وامنيا واقتصاديا مستقبلا، وقد تم اكثر من مرة تغيير الوزارات كما تم حل البرلمانات، الا ان الاوضاع بقيت كما هي مما يشير الى ان هناك موقعا آخر يحتاج لمعالجته لمصلحة الكويت والقائمين عليها.

وعبر العصور كانت البطانة هي الفيصل الحقيقي في اداء الدول والممالك فبصلاحها وكفاءتها تصلح الامم ويرتفع شأنها، وفي اخفاقها وانتهازيتها واستغلالها لمواقعها اثر مدمر وسالب كما يشهد بذلك ما حدث بممالك مصر وليبيا والعراق في عصرنا الحديث.

والبطانة بشكل عام هي كل من يحيط بالمسؤولين، صغر المسؤول ام كبر، وللبطانة عبر التاريخ صفات مشتركة وطرق متشابهة في العمل تقلب من خلالها الابيض اسود والاسود ابيض ولا توجد بطانة حقيقة تستحق او تستأهل ان يضحى بمصالح الاوطان او سمعة المسؤولين لأجلهم، وكم من اوطان وممالك كانت ستبقى لو تخلصت من البطانات السيئة بدلا من النهايات المفجعة التي حدثت، ولا شك ان اداء اي مسؤول في اميركا أو الهند أو السند هو نتاج لقدرات الفريق المحيط به.

ومن الصفات المشتركة تاريخيا للبطانة غير الصالحة: (1) تقصدها وتسببها في إساءة العلاقة بين المسؤولين ورعيتهم واقاربهم وتصوير هؤلاء بأنهم الاعداء وان تلك البطانة هي فقط المخلصة والمحبة وسط الكارهين والحاقدين.. بئس ما قالوا وروجوا. (2) استخدام الكذب الشديد دون حياء للوصول للمقاصد مع اخفاء الحقائق عن المسؤولين حتى تحيل اعداءها الشخصيين لأعداء للمسؤولين فتفرق بدلا من ان تجمع وتدمر بدلا من ان تعمر. (3) وتتم فلترة المعلومات فلا يصل الا ما يودون له ان يصل على طريقة (ولا تقربوا الصلاة) لذا لا عجب ان نقرأ في صفحات التاريخ مقولة ماري انطوانيت الخالدة «اين البسكويت؟!» عندما اخبرت بأن الشعب جائع ولا يجد الخبز. (4) كما تتم عادة فلترة المقابلات حتى لا يلتقي المسؤول الا من يريدون له ان يلتقيه. (5) وفي الحالات التي يلتقي فيها المسؤولون دون اذنهم بالناصحين يقومون بإفساد تلك اللقاءات عبر تسريبها وتحريض الاعلام المأجور عليها للادعاء بأن تلك اللقاءات لا يأتي منها الا الاذى والصداع فيتوقفون عنها. (6) وتعمل البطانة على افساد جهد واعمال الآخرين مستخدمة اساليب الزيف والخداع وعدم ايصال المعلومات لإرسال رسالة غير مباشرة للمسؤولين بأنكم تسيئون الاختيار فاتركوا الامور لنا. (7) كما تعمل البطانة في الخفاء وتحت جنح الظلام للتحريض وشتم المخلصين عبر الإعلام المأجور ثم ابداء البراءة الكاذبة مما يجري.

آخر محطة:

صدر في بيروت كتاب الصحافي حكمة سليمان ابوزيد الذي عمل مستشارا اعلاميا لرؤساء الوزارات اللبنانية لمدة 31 عاما (1969 – 2000) عاصر فيها 10 منهم ويذكر ان سبب نجاحه انه اصر منذ اليوم الاول على ان يكون مستشارا لرئيس الوزراء وليس مستشارا في مكتبه والفارق كما يقول كبير حيث ان وجود الوسطاء قد يجعلهم يعمدون لتشويه وتزوير الحقائق دون ان تكون له قدرة الرد على افتراءاتهم.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *