الاحتكاك الدائم مع الطلبة، وهو احتكاك أمارسه منذ أعوام طوال في جامعة الكويت، كما أمارسه في كل زيارة إلى الجامعات المنتشرة في العالم العربي. فمستقبل العالم العربي مرتبط بالقدرات الشابة التي بدأت تكتشف يوماً بعد يوم مدى ضعف الخطاب المقدم لها من القوى التقليدية، كما وتكتشف أن مستقبلها بسبب الفساد وضعف الإدارة وحدة تسيس القضايا قد يكون هو الآخر في مهب الريح. فهناك طاقة صاعدة تكتشف كل يوم أنها إذا لم تكن أكثر جرأة على النقد، وأكثر استعداداً لتحدي تردد الكبار في صنع القرار الحكيم فسوف تجد نفسها بلا مكان وبلا أوطان. لهذا قد يفقد الجيل الصاعد الاستقرار والاقتصاد المزدهر والوظيفة التي حلموا بها بعد تخرجهم في الجامعات. إنهم يكتشفون مع كل حدث وتطور بأن طريقهم لن يكون مفروشاً بالورود، وأن أحلامهم لن تتحقق بلا جهود مضاعفة، خصوصاً أن الأزمة المالية الأخيرة تترجم في واقعنا تتويجاً لسياسات فيها الكثير من الترهل والضعف في التخطيط. ومقابل هذا الاكتشاف فإن الجيل الصاعد من جهة أخرى يعاني من ضعف في الإعداد، ومن سوء حظه أنه نتاج برامج تعليمية ركيكة، وأن الكثير من التعليم في العالم العربي بحاجة إلى انتفاضة شاملة إن كنا نريد أن ينجح الجيل القادم في التصدي لمشكلاته بفعالية. متابعة قراءة الشباب مفتاح المستقبل!
اليوم: 15 أكتوبر، 2008
عندما ينقشع الغبار
بدأت معالم الصحة والعافية تخيم على اقتصاديات الدول المتقدمة حيث تحولت بورصاتها إلى اللون الأخضر الغامق وتبعتها على عجل الأسواق الخليجية عدا السوق الكويتي الذي مازالت تحكمه المزاجية والنظرة السوداوية، فينخفض مؤشره مع انخفاض مؤشرات الأسواق الأخرى ويعود للانخفاض مرة أخرى مع ارتفاع مؤشراتها.
نرجو حال انقشاع غبار الأزمة العالمية الطارئة الحالية ألا يتبعها قيام أزمة دائمة في بعض المشاريع العملاقة التي أقيمت على الأرض العربية من خليجها إلى محيطها بشكل متعجل ودون دراسة جادة للجدوى الاقتصادية، والتي تم تمويلها بقروض من البنوك جاوزت مئات المليارات من الدولارات، لقد ثبت أن الدول المتقدمة تملك السيولة اللازمة للتغلب على نكساتها الاقتصادية، فهل تملك بالمقابل بعض دولنا العربية مثل تلك الأموال؟!
قام أحد الأصدقاء بحضور جلسة الكونغرس التي نوقشت خلالها خطة انقاذ الاقتصاد الأميركي وأرسل لي انطباعاته من هناك وكان أولها ملاحظته كم الهدوء والعقلانية والاحتراف وعدم الانحراف عن الموضوع المطروح الذي ساد النقاش.
وقد أعطت رئيسة الجلسة دقيقتين لكل عضو، ولم يحاول أحد التمديد أو مقاطعة زملائه، نرجو أن نلحظ أمرا مماثلا عند مناقشة الأزمة الاقتصادية في مجلس أمتنا العتيد.
أجمل ما في اللعبة الديموقراطية أن نتعلم كيفية تقبل الهزيمة بروح رياضية وأن نؤمن بأن الخلاف لا يفسد للود قضية، وقد شاهدنا المرشح ماكين مؤخرا وهو يدافع عن خصمه أوباما أمام من شتمه واتهمه بتهمة شائنة وهي انه «عربي»! نقول هذا ونحن نستمع لأخبار نرجو عدم صحتها عن عزم من أسقطت المحكمة الدستورية عضويتهما حضور الجلسات بالقوة واعتبار حكم المحكمة الدستورية وكأنه لم يكن، الكويت بلد دستوري والتعامل مع أحكام القضاء يجب أن يمر عبر أروقة المحاكم أو انتظار الانتخابات القادمة لتحكيم الناخبين فيمن هو الأصلح لتمثيلهم.
آخر محطة:
كل المحاكم التي تختص بقضايا فردية صغيرة يتم الاختصام ضد احكامها أمام محاكم الاستئناف والتمييز، لماذا لا يتم خلق محكمة دستورية عليا يمكن الرجوع لها حال عدم الرضى عن حكم المحكمة الدستورية الأولى؟!
بلاستيك حكومتنا «المدودهة»
أظهرت الأرقام الصادرة عن إدارة مراقبة البيئة في الدول الغربية، زيادة مخاطر استخدام الأكياس البلاستيكية على البيئة وقاطنيها من بشر وكائنات برية وبحرية أخرى.
ويقال إن هناك ما يزيد على تريليون كيس بلاستيك تستخدم في العالم سنويا، وما يعاد تدويره منها لا يزيد على 1%، علما بان تكلفة جمع وإعادة تصنيع طن من هذه الأكياس يقارب 4000 دولار، ولا تباع بأكثر من 35 دولاراً!
وتشكل أكياس القمامة والمنتجات البلاستيكية الأخرى ــ التي تقوم عشرات آلاف السفن بإلقائها في البحار والمحيطات كل يوم ــ مشكلة حقيقية للبيئة البحرية، وعلى الرغم من ان هذه الأكياس لا تتحلل بسهولة فإنها تتفتت مع الوقت إلى قطع بالغة الصغر وتتحول إلى مواد لها تأثير خطير في تسمم التربة والمجاري والممرات المائية. وكنتيجة لذلك، فإنها تدخل في غذائنا اليومي من دون ان نشعر!
وبينت الدراسات انه لو قام فرد من كل خمسة أفراد، في الولايات المتحدة الأميركية فقط، بالاستغناء عن استخدام الأكياس البلاستيكية، واستخدام بدلاً منها أكياس القماش التي يعاد استخدامها المرة تلو الأخرى، فإن بالإمكان توفير 1330560000000 كيس، خلال حياة جيل واحد. وفي هذا السياق، قامت بنغلادش بمنع استخدام الأكياس البلاستيكية بشكل مطلق، كما منعت الصين صرف الأكياس البلاستيكية مجاناً، ووفرت ايرلندا 90% من استهلاكها من هذه الأكياس بعد فرض ضريبة على استخدامها. وقائمة الدول التي تمنع استخدام هذه الأكياس في ازدياد، ومنها على سبيل المثال رواندا واسرائيل وكندا، كما أصبحت سان فرانسيسكو قبل عام، أول مدينة أميركية تمنع استخدام أكياس التسوق هذه.
والآن، ما الذي بإمكان دولة صغيرة وغنية ان تفعله لحماية بيئتها؟!
لا شك ان هناك الكثير الذي يمكن القيام به، لو كانت لدينا حكومة غير «مدودهة»، ومجلسنا يعرف أولوياته حق المعرفة، ويفترض هنا أن الجهات الوطنية والاقليمية المهتمة بالبيئة تعرف مدى خطورة وأهمية عملها، ولكن هذا ابعد ما يكون عن الواقع!
قد أكون من أكبر المستفيدين في الكويت من بيع الأكياس البلاستيكية، لكنني على أتم الاستعداد لمشاركة أي جهة، ماديا ومعنويا، ترغب في المشاركة في التقليل، على الأقل، من استخدام الأكياس البلاستيكية في الجمعيات التعاونية والأسواق المركزية كمرحلة أولى وترويج استخدام أكياس قماش تباع بثمن رمزي لتشجيع استخدامها، بدلاً من هذه المواد الخطرة على البشر والزرع والحيوان والطير، وحتى على شكل الماء والحجر!
الدعوة مفتوحة.. فهل من مجيب؟
أحمد الصراف