سامي النصف

الوصفة السحرية لحل الإشكالات العربية

درت وصلت في وطننا العربي من محيطه حتى خليجه، وزرت قراه ونجوعه وجباله واريافه وسهوله قبل زيارة مدنه وحواضره، واقول كمراقب ان حكوماتنا العربية لا تسيطر بأحسن الحالات الا على 60% من السكان و70% من الاراضي، اما الباقي فهو خارج سيطرة الدولة المركزية ولا ترتبط الاطراف بالعواصم الا بشكل شكلي مما سيسهل مستقبلا على تلك الاطراف ان تتخلى عن القلب وتستقل بذاتها، خاصة ان اغلب الثروات تتمركز فيها لا في العواصم.

واحد الاشكالات الحقيقية ضمن اقطارنا العربية التي هي للعلم من اجمل بلدان العالم في جبالها وسواحلها ومناخها وآثارها وتاريخها ومراكزها الدينية انها تعاني في الاغلب من الفقر الشديد وضعف البنى الاساسية من طرق ومستشفيات ومدارس رغم وفرة الثروات بسبب سوء الادارة وتضييع الموارد في الحروب العبثية المتلاحقة منذ نصف قرن حتى اليوم، فمن حروب خارجية الى حروب اهلية الى سرقات علنية للموارد.. الخ.

ان الحل الامثل للإشكال العربي بعيدا عن الشعارات المدغدغة الكاذبة التي جربت مرارا وتكرارا والذي سيحيل وطننا الكبير الى جنات تسعد بها الشعوب يتلخص فيما يلي:

البدء بهجمة سلام حقيقية شاملة تجاه جيران الوطن العربي، ونعني اسرائيل وايران وتركيا، ونحو الدول المؤثرة في العالم كالولايات المتحدة واقرار مبدأ اللا حروب معلنة او خفية مع الآخرين للمائة عام المقبلة، على الاقل. وخلق حالة سلام شاملة في الداخل عبر ايقاف حالات القمع والاستعلاء على الوان الطيف الدينية والمذهبية والعرقية الشركاء لنا في اوطاننا والبعض من هؤلاء هم اصل تلك الاوطان التي يتم الاستعلاء عليهم فيها. وجوب الطلاق النهائي للعمل السياسي من قبل شعبنا العربي وترك قلة محترفة تمارسه بنجاح، فقد اثبتت شعوبنا المرة تلو الاخرى انها اسوأ شعوب الارض قاطبة في ممارسة العمل السياسي الذي يعتمد على العقلانية والحكمة وأنصاف الحلول، بينما تمارسه شعوبنا طبقا لمقولة «لنا الصدر دون العالمين او القبر»، يعني «يا قاتل او مقتول». البعد كل البعد عن خيار الارهاب والحرب والاعتقاد بأن الغاية تبرر الوسيلة، فالاختلاف مع الآخر يبرر خطف طائراته وتفجير عماراته وقتل الابرياء من نسائه واطفاله، وهي امور لم تقم بها اي من الامم الاخرى، كما ان علينا الايمان بعدم احتكارنا للحقيقة، والتواضع والاعتراف بأن فضل الآخرين علينا وعلى الانسانية جمعاء يفوق ودون مبالغة بملايين المرات فضلنا التاريخي على الآخرين. والبعد كذلك عن الاعتقاد الخاطئ بأن بامكاننا حل مشاكل العصر المستعصية عبر النظر للماضي، ان علينا الاهتمام الشديد بالعلوم الحديثة والتكنولوجيات المتطورة والعمل الجاد منذ الصباح حتى المساء وباتقان شديد حتى نحاول ان نجاري الشعوب الاخرى التي باتت تسبقنا بقرون عدة. البدء بعمليات الحد من التكاثر والتناسل، فالشعوب المتقدمة تتناقص تباعا لمعرفتها ان القوة هي في نوع الانسان لا عدده، وان الاعداد المتزايدة على نفس الموارد تعني افتقار الجميع والضعف والانشغال بعد ذلك بالحروب المدمرة داخل الاوطان للحصول على مصادر العيش. كما علينا ان نتوقف عن الحلم بحلول تتحول عند وصولها الى كوابيس، فقد جربنا في السابق جميع ما يدعى هذه الايام انه حل، حيث لبسنا لباس الديموقراطية والليبرالية والدولة الدينية والاشتراكية والشيوعية والحكومات الثورية والعسكرية والقومية، وانتهت جميعها دون استثناء بكوارث، ان الإشكال هو في الشارع لا في القصر، وفي الناس لا في الحكومات، ولن تنهض امتنا الا بنهوض شعوبنا عبر الايمان بالفكر الجديد ودون ذلك سنبقى ندور كدوران الثور في الساقية.

آخر محطة:
         علينا كذلك كجزء مهم من الحل ايقاف عمل مئات الفضائيات الاخبارية التي تبلبل فكر المواطن العربي.

محمد الوشيحي

شجون… ورسائل

حلقة يوم أمس الاثنين من مذكرات الكبير الدكتور أحمد الخطيب في جريدة الجريدة، ذكرتني بمشواري مع الصديق العذب بدر ششتري قبل نحو أسبوع. وبدر شاب كويتي صغير عاد للكويت هذه الأيام ليقضي أجازته الدراسية من مصر التي يدرس في إحدى جامعاتها، لكنه ليس ككل الشباب، أبدا، وإنما هو وطن جميل على هيئة شاب، وصادق صدوق لا يخشى في حب الوطن لومة لائم، وهو صاحب الجملة الشهيرة التي تناقلها الناس بعدما نقلها عنه الغائب الحاضر وليد الجري في الندوة الانتخابية الأخيرة للزعيم أحمد السعدون، وكتب عنها الزميل سعد العجمي مقالة ولا أروع في جريدة الجريدة، ويقول فيها بدر لوليد الجري: «كلنا نعيش داخل الكويت، لكن وللأسف القلة منا تعيش الكويت بداخلهم»، وهي جملة تُرمى لها العقل (جمع العقال)، وتصفق لها الأيدي بحرارة، وتتمايل لها العقول إعجابا بجزالتها، وتدمع لها مقل القلوب حزنا لصدقها…
قلت لبدر بعدما خرجنا من عزاء الدكتور حسن جوهر الذي توفي قريبه رحمه الله -: تلقيت الكثير من الدعوات لزيارة الدواوين، وأحرص على تلبية الدعوات تلك، بحسب سماحية الوقت، لكن الأولوية الليلة لديوانية رجل يحب الكويت، فعلا لا قولا، وموقفه مشهود ومؤرخ في صفحات الشجاعة والوطنية، وهو النائب السابق الدكتور خالد الوسمي الذي ساهم في المحافظة على الدستور من التنقيح عام 81، لله دره ما أكبره وما أجمل كلامه عندما اجتمع مع النواب العوازم وكانوا ستة وهو سابعهم، ليحضهم على رفض التنقيح، فقال كلمته الصريحة الشهيرة (وأنا هنا أنقل كلام الوسمي كما جاء في مذكرات الكبير أحمد الخطيب حرفيا وبالفاصلة والنقطة، وإن كانت غالبية الناس تعرف مضمونه): «لم تكن لنا نحن العوازم أية قيمة سياسية أو اجتماعية عند النظام في السابق، كنا نجلس في آخر مجالس النظام عند الباب بقرب الأحذية المركونة هناك، وكنا نذهب دائماً إلى دواوينهم في أفراحهم وأتراحهم ولم نشاهد أي واحد منهم يردّ لنا التحية. وبعد صدور الدستور ودخولنا المجلس صرنا نتصدر مجالسهم وصاروا يأتون إلى دواويننا وقت أفراحنا وأتراحنا. وصارت لنا قيمة سياسية واجتماعية وصار منا الوزراء والنواب. فإذا فرّطنا بالدستور فسوف نرجع إلى الوضع البائس القديم. فعزّنا من هذا الدستور وحذار التفريط به». هذا ما قاله الوسمي، وهو كلام ينسحب على أبناء القبائل كلهم الذين لا يفرق بعضهم الآن للأسف بين «مجلس الأمة» و«شاعر المليون». متابعة قراءة شجون… ورسائل

سامي النصف

الكويت من الإمارة إلى الدولة

أحد الأمور التي نلحظها في مذكرات الساسة والقادة العسكريين الأجانب هو انصافهم وثناؤهم الشديد على خصومهم وهو ما يعطي ما يكتبونه كثيرا من المصداقية والموضوعية.

في المذكرات السياسية والعسكرية العربية نلحظ العكس من ذلك تماما، حيث ان الخصوم هم دائما شياطين وجبناء ومخطئون على طول الخط، اما من يكتب المذكرات فهم دائما ملائكة وملهمون ولا يأتيهم الزلل او الخطأ أبدا في القول او الفعل.

واحد الاخطاء الكبرى في الكويت التي ستدفع اثمانها الاجيال المقبلة غاليا هو قلة او انعدام كتابة المذكرات من قبل رجال الحكم والساسة والاقتصاد والفكر والاعلام والوزراء السابقين، بل وحتى الرجال العاديين مما يجعلنا مستقبلا امة دون تاريخ مما سيسهل عمل الطامعين والمزورين ويصعب من عمل من سينكر تلك الدعاوى المتوقعة اللاحقة في غياب القدرة على الاستشهاد بكتابات ومذكرات وذكريات من عاشوا حقبنا التاريخية المختلفة والتي لا يوجد – للعلم – ما نخجل منه او نخشى ذكره.

من ذلك المنطلق سرّنا كمبدأ اولي ان يقوم د.احمد الخطيب بكتابة مذكراته وقد وددنا ولايزال في الوقت متسع ان يكون حاله كحال رجال الامم المتقدمة السالف ذكرهم منصفا في حق خصومه ومتوازنا في حكمه على الامور، حيث ان تلك المذكرات كما قدم لها ستقرأ من قبل اجيال لم تشهد الاحداث التاريخية التي يتم التطرق لها، وفي غياب واضح لمذكرات الشهود الآخرين لتلك الحقب من اصحاب الرأي والرأي الآخر، مما يحمل الدكتور الفاضل مسؤولية مضاعفة عن وجوب الموضوعية في الطرح في تلك المذكرات.

وقد شهدنا في الجزء الأول من المذكرات حدة لا نود ان تتكرر في الجزء الثاني كونها دعاوى كان الطرف الآخر فيها من الراحلين، كما ان بعض تلك القشور جرفت الردود بعيدا عن صلب الاحداث التي عادة ما تصبح اضافة للطبعات اللاحقة من الكتاب، كما ابتعدت المذكرات عن تخطئة الذات او مدحها، كما تم في موقفين تاريخيين مشهورين: أولهما اللقاء مع عبدالكريم قاسم في اغسطس 1958م، والثاني امام انشاء «الحركة الثورية الشعبية في الكويت» في صيف 1968، فالأول يستحق التخطئة، والثاني يستحق الثناء.

وقد بدأت هذه الايام الزميلة «الجريدة» بنشر الجزء الثاني من مذكرات د.احمد الخطيب راجين، كمتابعين ومهتمين بتاريخ الكويت الحديث، ان يتم خلالها تعزيز الموضوعية واحترام الرأي الآخر والبعد بتلك المذكرات المهمة عن الشخصنة وتصفية الحسابات الشخصية والتباينات السياسية التي ليس موضعها كتب المذكرات والذكريات الهادئة والمتزنة والمنصفة، التي يجب ان تنأى بنفسها عما يحمله المقال اليومي من انفعال.

آخر محطة:
 
(1) لاحظت ان اسم المذكرات هو «الكويت من الدولة إلى الإمارة» بينما يفترض السياق التاريخي ان يكون العنوان على العكس من ذلك اي «الكويت من الامارة الى الدولة» اي من حالة «الامارة» التي عاشتها الكويت خلال الـ 250 عاما الأولى من عمرها الى حالة «الدولة» التي عشناها خلال الـ 50 عاما الماضية.

(2) كتب المقال بعد قراءة الحلقات الأربع الأولى من الجزء الثاني من المذكرات.

د. شفيق ناظم الغبرا

أخطاء أفغانستان وعودة «طالبان»؟

لقد ذهبت إدارة بوش إلى أفغانستان عام 2001، وهي بحالة تردد، واعتقدت أنها ستنجز أعمالها العسكرية إبان أسابيع، وذلك لكي تركز بعد ذلك على العراق حيث ستكون الحرب الأساسية. كانت أفغانستان مكاناً ثانوياً في التفكير الأميركي وكان العراق هو الهدف الرئيسي. وهذا بطبيعة الحال جعل الولايات المتحدة مشوشة في مقدرتها على إنجاز أهدافها في أفغانستان. في الآونة الأخيرة تبيّن أن «طالبان» استعادت الكثير من قوتها، وأنها سيطرت على أقاليم عدة في أفغانستان بعد أن كانت قد هُزمت العام 2001، عندما احتلت الولايات المتحدة أفغانستان وأسقطت نظام «طالبان» بقيادة الملا عمر و«القاعدة» بقيادة بن لادن. فما سر عودة «طالبان» وآفاق تهديدها للعاصمة كابول في الآونة الاخيرة؟ متابعة قراءة أخطاء أفغانستان وعودة «طالبان»؟

علي محمود خاجه

بوصباح ما ينفع

في الكويت نتمتع بصراحة قد لا تكون متوافرة في دول المنطقة المجاورة، هذه الصراحة وعلى الرغم من بعض الشوائب المطبلة لمصالحها على حساب مصلحة الكويت تكون هي الصوت الأكثر وضوحا، والأكثر جدية والأكثر قبولا في الأوساط المحلية.

اليوم لدينا مثال برأيي الشخصي فشل في إدارة الأمور بشكل مناسب، ولكن هذه المرة على نطاق البلد بأكمله، هذا المثال هو سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح، ولكي لا أكون متجنيا أو متحدثا من باب الشجاعة وقوة القلم فسأورد بعض الأدلة منذ تولي سموه رئاسة الوزراء في 2006 إلى اليوم:

كانت البداية مع قضية الدوائر فقد أيدت الحكومة برئاسة ناصر المحمد الدوائر العشر، فثارت ثائرة الشباب ومن خلفهم النواب فحل المجلس، ليعود ناصر المحمد بحكومة جديدة توافق بلا أي اعتراض على الدوائر الخمس، وأتت بعدها قضية الرياضة فأجمع المجلس على قوانين رياضية معينة لم يطبق أهمها إلى اليوم بسبب ضعف الحكومة بقيادة «بو صباح» في مواجهة ابن عمه والبقية ممن يرفضون تطبيق القوانين صراحة ودون خجل، لتلحقها قضية إسقاط القروض وعارضتها حكومة ناصر المحمد فتمخضت عن صندوق للمعسرين وقانون يحد من القروض ويخفض نسبتها، فتدهورت البورصة وسوق العقار وكل الأسواق من هذا القرار.

ثم تلتها زيادة الرواتب التي أقرتها الحكومة بـ120 دينارا ولا شيء سواها، فاستنفر المجلس لتوافق حكومة «بوصباح» على زيادة أخرى وهي زيادة الخمسين!! إضافة إلى فشل الحكومة في دعم وزرائها باستثناء نورية الصبيح التي نجت من طرح الثقة وإن تكرر فلن تنجو.

بالإضافة إلى جمع المتناقضات في وزارة «بوصباح»، فهو ينشد أن تكون الكويت مركزا ماليا، ويختار شخصية كأحمد باقر ليكون وزيرا للتجارة!!! ولولا التربص النيابي فلم يكن ليتردد في تعيين من فاز أو من شارك في الانتخابات الفرعية في الوزارة.

إن ما أرغب في قوله ليس إنقاصا من قدر ناصر المحمد، بل إن الطبيعة البشرية تحتّم أن يكون هناك قادة قادرون على اتخاذ القرار وآخرون منفذون للقرار، ومع احترامي لعطاءات ناصر المحمد لكنني أعتقد أنه لم يمارس كامل صلاحياته الدستورية. فعلى الرغم من حاجتنا إلى هدوئه وطبيعته المسالمة فإننا بحاجة أكبر إلى دوره كرئيس حكومة بكل معاني الكلمة.

خارج نطاق التغطية:

«بريء» الناقلات يدير ويوجه البلد كيفما يشاء، على الرغم من أنه تولى وزارة النفط وسُرقت الناقلات، وتولى المالية فسُرقت الاستثمارات، أنا لا أقول عنه «لصا» -حاشا لله- ولكن هل يعقل أن تكون شخصية كهذه قادرة على رسم كويت الغد بشكل جميل؟

سامي النصف

أغبى جريمة في القرن الـ 21

حفلت السنوات الماضية بعدة جرائم عاطفية مروعة كجريمة اوجي سمبسون ومقتل الفنانة ذكرى على يد زوجها رجل الأعمال أيمن السويدي، إلا ان جميع تلك الجرائم لا تعد شيئا مقارنة بحقائق جريمة مقتل الفنانة سوزان تميم على يد المجرم «الداهية» محسن السكري وبتحريض من النائب ورجل الأعمال هشام طلعت مصطفى.

وهشام مصطفى رجل سياسة واقتصاد ناجح جدا ومشاريعه العمرانية في مصر تقارب الكمال كـ «الربوة» و«الرحاب» و«مدينتي» وسلسلة فنادق الفور سيزن وغيرها، وقد لحظت انه أقام وسط المدن والنجوع مكاتب باسمه لخدمة المواطن، لذا فرجل بمثل هذا الكمال في عمليه السياسي والاقتصادي كان يفترض به ألا يرتكب غلطة عمره الأولى بارتباطه بفنانة وافرة المشاكل مع الآخرين كالراحلة سوزان تميم والثانية عبر تصحيح ذلك الخطأ الشنيع بخطأ أكبر منه عبر محاولته التخلص منها.

وقد اختار رجل الأعمال، كما أتى في الصحف المصرية، ضابطا سابقا في أمن الدولة للقيام بعملية القتل وكان يفترض به ان يعلم أن طبيعة عمل ذلك الضابط السابق ستجعله يسجل مكالماته، مما سيجعله، حتى لو نجحت العملية، عرضة لابتزازاته اللاحقة، كذلك كان مقترحه بإلقائها من البلكونة في لندن سيثير كثيرا من الشبهات والتحقيقات بعد تكرار حدوثه في تلك العاصمة، كما كان واضحا من سيرة محسن السكري في العراق انه شخص لا يتوقف عن الطمع وليس متقنا لعمله الإجرامي، حيث كشفت سريعا عملية الاختطاف الوهمية التي قام بها لبعض الموظفين.

دفع هشام مصطفى مبلغ 10 ملايين جنيه (2 مليون دولار) لمحسن السكري لإتمام تلك الجريمة وهو مبلغ مجز جدا لجريمة يفترض الا يعرف الجن الأزرق تفاصيلها، إلا ان السكري أقام في فندق يقع مباشرة أمام شقة القتيلة لربما توفيرا لأجرة التاكسي! ثم قام بشراء السكين والـ «تي شيرت» المستخدمين في الجريمة ودفع ثمنهما – وهنا العبقرية – بكارت الڤيزا المسجل باسمه ولربما كذلك توفيرا لسعر الصرف، كما قام فور قتلها بإلغاء حجزه اللاحق والسفر سريعا لشرم الشيخ، حيث وافاه رجل الأعمال القادم من سويسرا وأكمل له وبذكاء شديد كذلك باقي المبلغ الذي أصبح حجة عليه.

ولم يجد رجال الأمن الأكفاء في دبي صعوبة على الاطلاق في الاستدلال على القاتل، حيث وجدوا ان السكين والـ «تي شيرت» الملطخين بدماء القتيلة، والبصمة الوراثية، للقاتل، قد تم شراؤهما بالبطاقة الائتمانية للسكري، كما وجدوا انه سكن في فندق مقابل شقتها وسافر سريعا بعد مقتلها، ولا يقل غباء عن ذلك دعواه الجديدة عبر محاميه بأنه كان يعتزم بقلبه الكبير الاكتفاء بدس المخدرات في شقتها وابلاغ السلطات عنها ولم يقل عن سبب الحاجة للسكين و«التي شيرت».

اذا كان هذا مقصده، اعتقد انه سيمضي وقت طويل قبل ان نشهد جريمة بهذا الكم من الغباء وعدم الاتقان الذي بتنا نشتهر به للأسف كعرب.

آخر محطة:
قصة حقيقية.. زارني قبل مدة في القاهرة صديق سعودي يسميه اصحابه «الشرارة» وسكن في فندق الفورسيزن حيث التقيته هناك وقد ابدى دهشته الشديدة من حد الكمال في الفندق، حتى خشيت على الفندق من الحريق، ثم تمت دعوته من قبل أصدقاء دراسة له على حفل عشاء في منطقة الرحاب في القاهرة الجديدة، وأبدى دهشته الشديدة كذلك من جودة العمل في ذلك المشروع حتى خشيت عليه – لمعرفتي به – من الزلزال المدمر، لم يحدث الحريق أو الزلزال كما توقعت، إلا ان صاحب الفورسيزن والرحاب هشام طلعت مصطفى راح في الحديد ولربما ينتهي به الحال إلى المشنقة ولن ينشئ طلعت بعد تلك الزيارة الميمونة أي مشاريع أخرى!

احمد الصراف

من منتجات رمضان

من الصعب جدا مقاومة إغراء عدم التمتع بالكسل في شهر رمضان، فلا احد تقريبا في الحكومة يعمل دواما كاملا! ولا ادري حقيقة سبب هذا التدين الفجائي الذي يصيب امة بكاملها شهرا، ويختفي عنها احد عشر شهرا، لكن هذه قصة اخرى ليس هنا وقت التطرق لها، وعوضا عن ذلك سنكتب، وبكسل واضح، عما ورد في الصحف اخيرا من اخبار طريفة ومحزنة:
1ــ تم تتويج العقيد القذافي ملكا على ملوك وسلاطين وعمد افريقيا. كان ذلك الخبر الاكثر طرافة ضمن سلة اخبار الاسبوع الماضي. ويبدو ان السيد العقيد قد «قبض» القصة بجدية كبيرة حيث ظهر، وفي لقاء رسمي مع رئيس بوليفيا، وهو يضع تاج ملك الملوك على رأسه!! كما دفعه لقبه الجديد إلى التصرف على نسق المنصب المهيب، حيث اعلن في اليوم الثاني لتتويجه عن نيته توزيع «عائداته» من البترول على المواطنين مباشرة، بعد الغاء جميع ادارات الدولة، بخلاف تلك التي تحفظ حكمه.
2ــ اما الحركة الدستورية، الفرع المحلي للتنظيم العالمي للاخوان المسلمين، فقد ابت التخلي عن وصوليتها ومكيافيليتها، حتى في رمضان، حيث اعلنت عن وجود مستندات لديها تثبت تورط مهاجمي «المصفاة الرابعة»! وحيث ان الساكت عن الحق شيطان اخرس فإننا نترك التعليق لكم على خبر «حدس».
3ــ ابلغني صديق شارك في عمليات الافراج عن الاسرى الكويتيين لدى نظام صدام، وهو النظام الذي كان يوصف بالشقيق، بأن اسرانا كانوا في حالة يرثى لها من الهزال والمرض والاعياء، واقرب إلى الموت منهم إلى الحياة. وانه قارن اشكالهم المثيرة للشفقة والحزن بأشكال وصحة الاسرى الفلسطينيين الذين اطلقت اسرائيل سراحهم اخيرا، حيث كانت امارات الصحة والعافية بادية عليهم، بالرغم من انهم لم يكونوا في سجون الصديق ولا الشقيق، بل عدوهم التاريخي!! فمتى نفهم حقيقة ما تعنيه مبادئ حقوق الانسان؟
4ــ وفي جانب آخر، اعترف «ث.ش»، العائد الجديد من افغانستان، وهو عسكري سابق، انه تلقى دروسا دينية في الكويت على يد بعض المتشددين الذين اقنعوه بالذهاب الى افغانستان لمقاتلة «اليهود الاسرائيليين»! وانه كان يتدرب في المقر الرئيسي للمجاهدين، الذي كان عبارة عن مزرعة كبيرة لزراعة الحشيش وتصديره إلى إيران وباكستان.. ووطنه الكويت! ولا ادري متى تتعلم سلطاتنا السياسية، وليس الامنية المغلولة اليد، شيئا من هذه الشهادات المرعبة، فهذا ثالث شاهد يشهد بتورط المجاهدين في عمليات زراعة وتصدير الحشيش إلى الدول الاسلامية، لتمويل حروبهم من اجل رفعة اسلام طالبان، وزعيمهم «بن لادن»، الذي يعتبره بعض نوابنا اخا وشيخا ومجاهدا، وهو الذي لم يتردد في تشجيع تهريب المخدرات إلى الكويت بالذات؟
5ــ في حركة تلميع شخصية، وتحضيرا للانتخابات الداخلية في «جمعية الاصلاح، الحركة الدستورية» صرح المرشح حسين الدلال (الراي 31ــ8) بأن من مآسي الكويت ان من يقود الحكومة لا يمثل رأي الشعب ولا الغالبية البرلمانية(!!)! والسيد الدلال يعلم بأن التهجم على رئيس الحكومة هو اقصر طريق للنجاح في انتخابات الحركة!!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

المليفي و«باصة طويلة تقلب الملعب»

الجملة ما بين القوسين في العنوان للمعلق المصري الشهير اللواء علي زيوار الذي توفي قبل ثلاث أو أربع سنوات رحمة الله عليه، وله جملة أخرى يحبها عشاقه وأنا منهم ويعتبرونها جملة موسيقية تعادل أو تفوق جُمل الموسيقار بيتهوفن عندما يصرخ بصوته المبحوح: «يا ولد يا لعّيب». ولزيوار تفسيره الحصري للحياة ومشتقاتها، وكان يرد على من يسأله عن سبب ارتدائه سلاسل وخواتم ذهبية بالقول مستغربا: «اللللله، يا أخي وأما بنعمة ربك فحدّس، انتو مبتقروش القرآن والا ايه؟». ولو أنني تحدثت عن زيوار وتعليقه على مباريات مصر أيام الدراسة في المحروسة لأدرك شهريار الصباح قبل أن أنتهي، ولكنني سأستعير منه جملته العذبة «باصة طويييييييلة تقلب الملعب» لأسقطها بالباراشوت على موقف محامي الصفقات المشبوهة النائب المليونير أحمد المليفي عندما هاجم بضراوة سمو رئيس الحكومة وانتقد عزمه السفر للولايات المتحدة.
وللمليونير المليفي الحق في انتقاد سفرات رئيس الحكومة التي لا تنتهي، ولا أعتبر ذلك تدخلا في اختصاصات السلطة التنفيذية، كما يعتقد سمو الرئيس، فرئيس الحكومة حفظه الله (الدعوة الأصح للرئيس يجب أن تكون «أعاده الله سالما» وليست «حفظه الله»، فهو مسافر على طول الخط)، أقول بأن الرئيس يعيش في الجو وفي فنادق الأغراب أكثر مما يعيش بيننا، ويسافر ويتركنا ومشاكلنا الكثيرة عند نائبه الأول الشيخ جابر المبارك، والشيخ جابر لن يحرك ساكنا ولن يسكن متحركا قبل أن تحترق روما، وإذا احترقت روما انزوى هناك وانطوى، ومشاكلنا جلها إن لم يكن كلها بسبب الرئيس ونائبه وحكومته، والمشاكل تحتاج مواجهة وقراراً، والقرار عند الرئيس، والرئيس في الطيارة، والطيارة فوق الغيم والغيمة بكرة بتمطر… يا لالالي. متابعة قراءة المليفي و«باصة طويلة تقلب الملعب»

سامي النصف

جمعية المصالحة الكويتية

في البدء العزاء الحار لآل الساير الكرام في فقدائهم الأبرار، ولرجل البر والإحسان وصديق الكويت العم جمعة الماجد في وفاة السيدة حرمه، وإلى آل الوطيان الكرام في رحيل فقيدتهم الغالية، للراحلين جميعا العفو والمغفرة ولأهلهم وذويهم الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

عدنا والعود أحمد لمجتمع بيزنطة الحاضرة والخلافات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي لا تنتهي قط في مجتمع «الأسرة الواحدة!» والتي تسببت ومازالت في توقف عمليات التنمية في بلدنا وساهمت بشكل مباشر في طمع الآخرين فينا ومازلنا لا نرى بصيص أمل في المستقبل القريب في إنهاء تلك الخلافات والصراعات العبثية التي جعلتنا أضحوكة ومسخرة و«طماشة» أمام الخلق القريب منهم قبل الغريب.

لذا أعتقد أن أجمل هدية يمكن أن نهديها لوطننا المعطاء مع دخول هذا الشهر الفضيل هي إنشاء «جمعية المصالحة الكويتية» التي هي على النقيض من جمعيات «الحقد والكراهية الكويتية» و«الغباء والغفلة الكويتية» و«عدم الصفح والمغفرة الكويتية» و«علي وعلى أعدائي الكويتية» و«سياسة الأرض المحروقة الكويتية» و«جمعية الغضب ودرجة الغليان السريع الكويتية» وجميعها جمعيات عاملة وفاعلة بجدارة واقتدار على ساحتنا المحلية.

ان الحاجة باتت ملحة اليوم قبل الغد لقيام أخيار الكويت بإنشاء جمعية نفع عام تدعى «جمعية المصالحة والمغفرة الكويتية» التي اعتقد انها ستكون الجمعية الأهم في تاريخ الكويت، حيث لم تعد هناك فائدة من جمعيات المجتمع المدني الأخرى التي أصبح يشلها ويعطل عملها الخلافات الشديدة السائدة بين أعضائها وليعطنا أحد جمعية نفع عام واحدة لا تسودها روح حروب داحس والغبراء بين اعضائها.

لقد تفككت أواصر العائلات والقبائل والطوائف والتجمعات السياسية والمهنية بسبب الخلافات والمعارك الغبية المستحكمة في المجتمع والتي تظهر على شكل بيانات واحتجاجات وحتى اضرابات والتي يمكن لتلك الجمعية متى ما أنشئت ان تقضي عليها في أقل من عام حيث ان تلك الخلافات في الأغلب لا تقوم على معطى مذابح ودماء، بل انها في الأغلب نتاج عمليات غفلة وسوء فهم وترف وغضب مؤقت يمكن اصلاحها بجلسات قليلة كي نشهد قبيل رمضان القادم حالة انفراج شديدة في المجتمع حتى لا نضع أنفسنا في وضع أسوأ مما وضع الحمقى من أهل بيزنطة أنفسهم فيه، فهؤلاء على الأقل لم تتح لهم كحالنا فرصة العودة لوطنهم الذي ضيعوه بخلافاتهم العبثية عن جنس الملائكة كي يرجعوا سريعا لمثل تلك الخلافات كحالنا، راجيا ألا يسألني أحد عن ذلك الجنس!

آخر محطة:
حتى تنشأ تلك الجمعية العامة وبمناسبة دخول الشهر الفضيل أرجو ان تبدأ قلوبنا وعقولنا وضمائرنا وشخوصنا بالمغفرة والتواصل مع من نعتقد انهم خصومنا، ولم يعد لدي شخصيا منذ اليوم خصومة مع أحد أيا كان ذلك الطرف، ومبارك عليكم جميعا الشهر.

احمد الصراف

نظارات «أحمد باقر»

إطلاق نار على بائع في الأندلس.
سلب 600 دينار من فرع الجمعية في العمرية.
جرعة مخدر زائدة أودت بحياة مواطن عسكري في المهبولة.
سطو مسلح على فرعي الجمعية في صباح الناصر والرحاب.
هجوم مسلح على محطة وقود النسيم.
القبض على موظف وعاطل عن العمل في الفحيحيل لحيازتهما مواد مخدرة.
هذه فقط حصيلة الجرائم الخطرة التي وقعت خلال الأيام القليلة الماضية في مناطق محددة من الكويت. ويبدو ان وقوعها بمثل هذا الزخم قد أثار فزع ودهشة وحفيظة السيد أحمد باقر، وزير التجارة والصناعة، فأصدر قراره الشهير الذي أجبر بموجبه المحلات التجارية على عدم عرض الملابس النسائية في واجهاتها، لكونها السبب في كل هذا الاجرام والتسيب الأمني!
سنحاول هنا، وبتردد شديد، الاتفاق مع السيد الوزير، أحمد باقر، على أن عرض الملابس النسائية الخاصة ضمن فترينات المحال مثير للشهوات ومنبه للدنيء من الغرائز والمتوحش من المشاعر! وان سجلات الاحوال في الكثير من المخافر تمتلئ بقضايا عدة تم فيها القبض على «ذكور» وهم في اوضاع مخلة امام تلك الفترينات، بعد اصابتهم بسعار جنسي لمجرد وقوع ابصارهم على ملابس فارغة من اللحم البشري والشحم والعظم!
ولكن موافقتنا على قراره مشروطة بتحسن الوضع الأخلاقي والصحة النفسية والجنسية في البلاد! بحيث يتعهد الوزير باعادة النظر في قراره خلال ستة أشهر في حال بقاء نسبة الجرائم على معدلها أو أعلى من ذلك، بعد ازالة التجار تلك المواد الخطيرة من واجهات محالهم.
ولكن ما الذي سيفعله الوزير أحمد مع مئات آلاف المواطنين والوافدين الذين يصرون شهريا، لسبب أو لآخر، على مغادرة دولة الفضيلة والعفة الى الخارج؟ وما الحل ان وقعت انظارهم الطاهرة على فترينات المحال العارضة لمثل هذه القنابل الجنسية المثيرة في الخارج؟
هل يكفي منع هذه «القنابل الجنسية» من العرض في فترينات المحال في الكويت، وابقاؤها كما هي في ستة ملايين محل آخر في العالم أجمع، لأن تستقيم الأمور عندنا وتختفي الجرائم ويصبح مواطنونا والمقيمون أقل هوسا واقبالا على الجنس؟! أم سيقوم السيد الوزير باستيراد مليوني نظارة خاصة وتوزيعها في المطار على كل من يغادر الكويت بحيث يقوم هؤلاء بارتدائها «تطوعا» طوال فترة وجودهم في الخارج، والتي ستمنعهم من رؤية ما يخدش رقة حيائهم؟!
الأمر مؤسف ومضحك في الوقت نفسه وبه جانب ساخر لا يمكن تجنب الحديث عنه، فما يسري على الملابس الداخلية التي تثير غرائز بعض المهووسين جنسيا، يمكن ان يسري كذلك على الخيار وبعض الفواكه والخضار وحتى على قضبان تغيير الحركة في بعض السيارات!
لنكن واضحين وصريحين. الحق لا يقع بكامله، ولا حتى بجزء صغير منه، على السيد الوزير السلفي المعروف بتسامحه الشديد جدا! فهو يطبق، من خلال قراراته الحلمنتيشية تلك، اجندة الحزب الديني المتطرف الذي أتى به، والذي لا يزال بعض المنتمين اليه يزين لشبابنا حلاوة الجهاد في العراق وافغانستان. وهو يصر على تطبيقها حتى لو لم تكن ضمن اختصاصات وزارته، فالحق يقع على رئيس الحكومة الذي فضل السكوت عن تصرفات هذا الوزير وغيره، والتي من الواضح انها لا تصب لا في مصلحة الحريات المنصوص عليها في الدستور ولا حتى في مصلحة التجارة والصناعة بشكل عام.

أحمد الصراف