قبل أن تضغط عبر أدواتها على سمو رئيس الحكومة لتوزيرها والانتقام من الوزير السابق الدكتور عادل الطبطبائي الذي أصدر أمرا بنقلها من منصبها إلى منصب آخر، كانت كلمة نورية الصبيح في وزارة التربية تؤخذ ولا تُرَد، ولم يكن يجرؤ كائن من كان من الوزراء المتعاقبين على مجرد خدش كلمتها، دع عنك كسرها! كان كل منهم (أي الوزراء المتعاقبون) بدرجة «وزير الست»، فلا يرون إلا ما تُريهم هي، ولا يسمعون إلا ما تُسمعهم هي. ولن تتساقط حسناتي لو قلت بأنها كانت احد أهم أسباب انهيار التعليم العام عندما كانت وكيلة مساعدة لشؤون التعليم العام، لكنها اليوم هي السبب الوحيد لتدهور حالة التعليم الصحية. متابعة قراءة وزراء الست
الشهر: أغسطس 2008
نتائج الحرب في جورجيا
أحد الجنرالات الروس المتقدمين لاحتلال جورجيا تساءل: إن كانت الولايات المتحدة تحتل بغداد، فلماذا لا تستطيع روسيا أن تحتل أوسيتيا؟ هكذا هي الحال بالنسبة إلى أول هجوم وعرض للقوة خارج الحدود الروسية منذ نهاية الحرب الباردة. في هذه الحرب المفاجئة تؤكد روسيا بأنها ستقوم بإيقاف ما تشعر أنه يتعارض ومصالحها أكانت هذه المصالح اقتصادية، أم سياسية وأمنية في المنطقة المحيطة بحدودها؟ روسيا في هذه الحرب أكدت قدرتها على إفهام جورجيا بأنها لا تستطيع أن تمارس استقلالها وسياساتها بلا تفاهم مع روسيا، وأنه في حال وقوع الوقيعه فإن الغرب لن يكون قادراً على حماية جورجيا من الغضب الروسي. هذه الرسالة التي ترسل الآن عبر شرق أوروبا سوف تترك أثراً كبيراً على توجهات الدول المحيطة بروسيا. هذا بطبيعة الحال سيؤثر في دول مثل ليتوانيا وأستونيا وعشرات من الدول التي تمثل أوروبا الشرقية. هذه الدول جربت الدب الروسي محتلاً في زمن الاتحاد السوفياتي، وهي الآن ستجرب العلاقة مع روسيا الصاعدة التي تقبل باستقلال أوروبا الشرقية عنها، ولكن لا تقبل باستفراد هذه الدول بسياسة تجعلها أقرب إلى «الناتو» وللولايات المتحدة. هذه ليست عودة إلى الحرب الباردة، بل هي تأكيد لسير العالم باتجاه واقعية جديدة وتوازنات دولية جديدة. كل دولة في هذا التوازن تحمي مصالحها وتبحث عن حماية أمنها وحدودها وفرض تصوراتها حسب قوتها وحجمها الشامل. متابعة قراءة نتائج الحرب في جورجيا
الطريق إلى البيت الأبيض
استقلت اميركا في عام 1776 وبقي ما يربط دولها او جمهورياتها حبلا من رمال، كما قال واشنطون، حتى خلق الدستور الاميركي عام 1787 على يد جمع من العباقرة امثال توماس جيفرسون والكسندر هاملتون اللذين اختلفا فخلق الاول الحزب «الديموقراطي الجمهوري» وخلق الثاني الحزب «الفيدرالي» الذي فاز بأول 3 دورات رئاسية، حيث مثله جورج واشنطن لدورتين وجون آدامز الاب لدورة، ثم فاز منافسه الحزب الديموقراطي الجمهوري بسبع دورات متلاحقة آخرها فوز جون آدامز الابن، وبعد ذلك تم التحول للحزب الديموقراطي الذي نافسه الحزب «الوطني» ثم حزب «الويغ» وبدءا من عام 1860 بدأ التنافس بين الحزب «الجمهوري» الذي مثله الرئيس لينكولن والحزب الديموقراطي، وبدأت الحرب الاهلية، فتحول الجنوب الى مناصر للديموقراطيين حتى ان الرئيس الحالي جورج بوش هو اول رئيس جمهوري قادم من الجنوب، حيث ان والده جورج بوش الاب من الشمال.
ورغم ان هناك من الرؤساء الاميركان من كانوا عباقرة بحق مثل الديموقراطي متعدد العلوم والقدرات توماس جيفرسون، حيث استضاف ذات مرة الرئيس كنيدي 50 من حملة نوبل للعلوم المختلفة وخاطبهم بالقول انه لم يسبق للبيت الأبيض ان التقى على مائدة عشاء بمثل هذا الكم من العباقرة عدا المرات التي كان فيها الرئيس جيفرسون يتعشى فيها هنا وحده، ومثل ذلك الرئيس الجمهوري تيودور روزفلت الفارس والمخترع والكاتب والحائز على جائزة نوبل للسلام ومؤلف 50 كتابا في مختلف العلوم الانسانية، فالحقيقة تُظهر ان الرئيس الاميركي هذه الايام لا يحتاج الى ان يكون عبقريا او اداريا من النوع الممتاز، بل يكفي ان يكون قادرا على التعامل مع وسائل الاعلام وكسب قلوب الناس، حيث يتكفل فريقه بالباقي، ونذكر هنا دور كارل روف مستشار الرئيس بوش الحالي الذي دس في ورقة انتخابات 2004 استفتاء على زواج المثليين، فأخرج جميع المتدينين الاميركان من منازلهم كي يصوتوا ضد ذلك الزواج ويصوتوا في الوقت ذاته للرئيس بوش، وقد زرع فريقه ضمن الانتخابات المقبلة استفتاءات مماثلة عن الاجهاض وغيره كوسيلة لدعم المرشح ماكين.
ومنصبا الرئيس ونائب الرئيس لا ينتخبان مباشرة من الناخبين (وحتى عام 1903 كان اعضاء مجلس الشيوخ يتم تعيينهم وليس انتخابهم من قبل الولايات المختلفة)، بل يتم انتخابهم من مندوبين عن الحزبين وعددهم 538 (نصفهم 270 مندوبا)، وقد حاز الرئيس جورج واشنطون في دورتيه «جميع» اصوات المندوبين، ولم يتكرر ذلك قط ويسمى هذا اجتياحا (Landslide)، وحقق قريبا من هذا الاكتساح الرؤساء مونروا ولينكولن وفرانكلين روزفلت ونيكسون وريغان عام 1984 امام مونديل ونائبه جيرالد فيراريو، حيث فاز بـ 525 مقابل 13 مندوبا، وفي حال تساوي اصوات المندوبين يختار مجلس النواب الرئيس ومجلس الشيوخ نائب الرئيس ويحدث احيانا ان يحصد الرئيس الفائز اكثر بأصوات المندوبين واقل بأصوات الناخبين وقد خسر آل غور رغم حصوله على 51 مليونا مقابل 50.5 مليونا للرئيس بوش.
وانتخابات هذه الايام تشابه انتخابات عام 1988 عندما كان من المتوقع ان يفوز الحزب الديموقراطي بعد دورتين للحزب الجمهوري، الا ان اختيارهم لمرشح صاحب اسم غريب هو دكاكيس ذو الاصول اليونانية الذي اتهم بعدم الخبرة السياسية، فاختار نائبا كفؤا كبير السن من تكساس مما جعل الناخبين يقولون ان النائب افضل من رئيسه، مما اساء إليه، كما اساء له التقاط صورة وهو مبتسم كالأهبل فوق دبابة عسكرية مما جعل الرئيس بوش يفوز عليه باكتساح وهو ما تسبب في وقوف اميركا معنا عام 1990 – 1991.
براءة العذراوات
قرر رجل أعمال قبل 15 عاماً تقريباً إنشاء مستشفى على الطراز الأميركي. وللترويج للمشروع، قام بنشر إعلان ملون في جميع الصحف، وعلى صفحة كاملة.
اتصلت مجلة «المجتمع» التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي، الفرع المحلي للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، بصاحب المشروع طالبة منه نشر الإعلان لديها، وافق صاحبنا على مضض، ولكنه عاد وغير رأيه بعد أن طلبت جمعية الإصلاح، الجهة المشرفة على المجلة، إزالة صور النساء من الإعلان، لان مجلتهم محافظة، ولم يسبق لها في تاريخها ان نشرت صورة أي امرأة من غير حجاب، وان اضطرت لنشر صورة نساء في تظاهرة سياسية مثلا فإن المونتاج يتكفل بتغطية رؤوس النساء بما يشبه الحجاب، ولو كن متظاهرات سويديات.
أصرت الجمعية على موقفها وأصر صاحبنا على رأيه، فالصور، بنظره لا تخدش الحياء وليس فيها ما يثير جنسيا، فهي لثلاث سيدات أميركيات في السبعينات، وسبق أن عملن كممرضات وقابلات في مستشفى الارسالية الأميركية في الكويت، واشرفن على علاج الكثير من الكويتيين، رجالاً ونساء، في الثلث الأول من القرن الماضي، وان صورهن ظهرت في ذلك الإعلان بمناسبة تكريم دورهن من خلال اطلاق أسمائهن على أجنحة المستشفى، مع بقية من عمل معهن من الاطباء الأميركيين!
اقترحت الجمعية فكرة وضع الحجاب فرفض صاحب المشروع ميوعة وسخافة الاقتراح، وانه يمثل اهانة بحق أولئك النسوة العظام، ولكن تدخل الوسطاء جعل الطرفين يوافقان على نشر الإعلان في نهاية الأمر، بعد الاتفاق على إزالة صور هؤلاء السيدات منه، والاكتفاء بكتابة اسم كل واحدة منهن تحت مربع خال!
كان ذلك، وربما لا يزال، موقف حركة الإخوان المسلمين من نشر صور نساء.. عجائز توفيت آخرهن قبل نصف قرن في مجلتهم الناطقة باسمهم! ولو علمنا أن الاخوان كان ينظر إليهم كتقدميين مقارنة بنظرائهم، أو غرمائهم، من السلف، خاصة في كل ما يتعلق بالنظرة للمرأة من صورة وخبر ومقال، فبإمكاننا تصور ردة فعل السلف العنيفة لو اقترح أحد عليهم مثلا نشر صور ممثلات ورياضيات عاريات الرأس في مطبوعاتهم!
ولكن الدنيا علمتنا ان «الحي يقلب»، كما يقال في اللهجة الكويتية، فخلال أقل من 15 عاماً تغيرت مواقف السلف من أمور كثيرة بنسبة 180 درجة، وأصبحت مثل ومبادئ الأمس غير مثل وقيم ومبادئ اليوم، فالظروف تغيرت وغيرت جماعة السلف معها، وأصبحنا فجأة نشاهد صور ممثلات ورياضيات وسيدات مجتمع أنيقات تغطي صفحات مطبوعاتهم، وبكثافة غير متوقعة، وكأن شيئاً لم يكن وبراءة العذراوات في أعينهم! كما ظهر واضحا ان المصالح الدنيوية أقوى من أشياء كثيرة، خاصة بعد ان عرف قادة الحركة السلفية، من أهل الداخل والخارج على السواء، خطأ مواقفهم القديمة التي كانت تعتمد على النقاء المذهبي والصفاء العقائدي، وان الدور الذي يلعبه المال في الحياة السياسية لا يمكن تجاهل خطورته إلى الأبد، وانه اكثر من ضروري للنجاح في مشاريع الحركة التجارية الحالية وفي مشاريعها المستقبلية، وضمان الفوز بأي انتخابات نيابية مقبلة، أو صفقات بترولية أو استثمارية كبيرة.
• ملاحظة:
كتب عبدالقادر الحمود الزميل في الصفحة اليمنى، مقالا قبل أيام حذر فيه من خطورة تجنيس زوجات الكويتيين العربيات والخليجيات حتى لو لم يتقدمن بطلب، لان البعض يستخدم هذه الطريقة للالتفاف على القانون والانتفاع به بالمتاجرة! هذه وجهة نظره، ولكنه زاد بالقول انه لا يقصد تجنيس الخليجيات فلديهن جنسيات لا تقل عن الجنسية الكويتية! وهذا يعني ان حاملات الجنسيات العربية الأخرى هن أقل درجة من الخليجيات! وأنا أتفق معه في ذلك فور موافقته هو وحكومات دول مجلس التعاون على وقف الاستعانة بالمعلمين والاطباء والمهندسين من أي دولة عربية أخرى، فكيف يعلمنا ويطببنا ويعمر بيوتنا من هو أدنى منا؟
أحمد الصراف
استفت. عقلك ولو خالفت المفتين
تعيش المجتمعات الإسلامية، والعربية منها بالذات، في بحبوحة تعليمية، فالمدارس كثيرة وموجودة في كل مكان. كما تمتلئ العواصم والحواضر بالمعاهد والجامعات، ولا توجد إلا أجزاء قليلة لا تزال بحاجة الى بناء مدارس!
هذا ما تقوله نشرات حكوماتنا، ولكن الحقيقة غير ذلك تماما. فلو نظرنا الى ظاهرة الدعاة الجدد، وتعاظم عددهم يوما بعد يوم، والى كل هذا الكم من الفتاوى التي تصدر باستمرار عبر مختلف وسائل الإعلام، خصوصاً القنوات التلفزيونية الدينية، غير الفتاوى الشخصية، ولأتفه المسائل التي لا تحتاج إلى كبير عقل لمعرفة الجواب عليها، لتبين أننا إما أمة جاهلة أو أقل من ذلك بسبب عدم رغبتها في بذل الجهد لمعرفة الحقيقة، والميل إلى تكليف الغير بمهمة التفكير عنها. فالجهل بأمور الدين والخوف من كلام الناس في الدنيا والرهبة من العقاب الأخروي، وانعدام الرغبة في البحث والقراءة وتشغيل العقل دفعت الكثيرين الى اللجوء لمن يتوسمون فيهم المعرفة ليفتوا لهم.
كما يمكن القول ان الكم الكبير من المستجدات، التي وجد المسلم المعاصر نفسه يواجهها بصورة شبه يومية، والتي سبق أن زين له البعض عدم قدرته على التصرف إزاءها بطريقة سليمة بغير نصيحتهم، دفع الكثيرين الى اللجوء لمن لديه الاستعداد لتحمل مسؤولية الإفتاء. وقد ساعد القصور في الفهم والمعرفة الذي تعانيه طبقات كاملة من مجتمعاتنا في دعم هذا الاتجاه، خصوصاً أن الفتوى عادة ما تكون منقذة ومطمئنة و.. ببلاش!
ويمكن القول أيضا ان الفتوى سلاح سياسي كثيرا ما تلجأ اليه حكومات عدة، إما لتشجيع اتجاه ما أو للتنفير منه. كما يستخدم الإفتاء لتكفير جماعة أو تقريب أخرى طمعا في كسب سياسي داخلي أو خارجي، وكمثال على ذلك الفتوى السياسية التي «أوعز» جمال عبدالناصر للأزهر بإصدارها.
كما كان للفتوى الدينية دور هائل في النشاط الاقتصادي، أو في تعزيز جهة أو خذلان أخرى، وهذا كان سائدا منذ اليوم الأول.
ويقال ان فتوى شيعية صدرت عند تأسيس البنك الوطني (1952) شجعت أصحاب الودائع على إبقاء ودائعهم في البنك البريطاني، الأقدم وقتها، لأن نقل ودائعهم الى الوطني وأخذ فوائد عليها قد يضر بالبنك الوليد، وبالتالي من الأفضل إبقاء الودائع لدى البريطاني الكافر والإضرار به!
كما صدرت فتوى مماثلة في إيران أيام الشاه حظرت تناول مشروب غازي معروف لأن صاحبه يدين بالبهائية! وقد خسرت الشركة الكثير جراء تلك الفتوى، وفقد عمال مسلمون وظائفهم في المصنع! وقيل ان أسبابا مالية تتعلق بدفع الخمس كانت وراء صدور تلك الفتوى!
ولا ننسى هنا الفتاوى المتضاربة المتعلقة بتحليل فوائد البنوك التجارية، ومدى أثرها السلبي على أرباح الكثير من المؤسسات المصرفية، وهي التي سبق أن تضاربت في شأنها الأقوال، فشيخ الأزهر سبق أن أفتى بعدم حرمة فوائد الودائع المصرفية، وهذا خالف فتوى أخرى لمفتي الديار المصرية!
وهناك أسباب أخرى للإفتاء تتعلق برغبة جهة ما، أو فرد، في إشهار نفسها والاستفادة المادية والمعنوية من ذلك، كفتوى عميد شريعة سابق عن الانتخابات النيابية.
وقد سبب تعدد مصادر الإفتاء وكثرة المفتين وتناقض فتاواهم اصابة المواطن المسلم، والعربي بالذات، بدوشة وضياع ما بعده ضياع، وهذا أدى الى حالة من الشرود والوهم الديني الذي تعيشه مجاميع كبيرة من المواطنين والمقيمين.
ونرى هنا أن الدولة العصرية تحتاج، إن كان لا بد، الى جهة واحدة يحصر فيها أمر إصدار الفتاوى التي لها تأثير في حياة الناس. وليس هناك من يفوق البرلمان أهمية للقيام بهذه المهمة، والذي من حقه تكليف من يراه للقيام بتولي الجانب الفقهي من الموضوع؟
وأكثر الطرق فاعلية لوقف هذا السيل العرمرم من الفتاوى يكمن في زيادة الجرعة الثقافية والتعليمية، سواء في المدرسة أو في وسائل الإعلام وقنوات الثقافة كالكتاب والمسرح والسينما. ومن الضروري رفض الفتوى المستوردة، أيا كان مصدرها.
ملاحظة: ابن سينا، الملقب بالشيخ الرئيس، والفارابي الملقب بالمعلم الأول، من أعظم علماء المسلمين على مر العصور، واللذان دان بفضلهما الغرب قبل غيره، سبق أن صدرت بحقهما فتوى «تكفير» من الإمام الغزالي في كتابه «المنقذ من الضلال»!!، وقد أيد تلك الفتوى ابن تيمية وابن القيم الجوزية، ولا تزال تلك الفتوىسارية حتى اليوم.
أحمد الصراف
من سعد إلى الحربش
لم أكن أجهل ما وراء الجبل عندما كتبت مهاجما تسييس القبيلة وتدخل شيوخ القبائل في السياسة وفرض آرائهم على أبناء قبائلهم، وكأنّ أبناء القبائل العاديين على كفالة الشيوخ… كتبت المقالة وتوجهت إلى منزل الزميل سعد العجمي الكاتب في جريدة الجريدة لتناول العشاء، أو «الغبقة» كما نسميها بلهجتنا المحلية، وكنا في رمضان، وما أن استويت في مجلسي حتى صدرت الصحيفة، وبدأت أمطار الاتصالات تنهمر عليّ بشدة، فعلمت بأن بيارق الحرب ارتفعت، وأن الطبول ضُربت، وأن الخيل سُرّجت، فقلت لمحب اتصل بي: «لا عليك، غضبُ الشيوخ أو بعضهم سببه الخوف على نفوذهم، وشيوخنا نجلهم وسنحارب بشراسة لتثبيت مكانتهم الاجتماعية، لكننا سنحارب بصورة أشرس لتحرير الآراء السياسية لأبناء القبائل من قيود الشيوخ»، فأبدى استعداده للوقوف معي، بل وذهب إلى أبعد من ذلك: «سأجمع تواقيع بعض أبناء القبائل وسننشر إعلانا في الصحف تأييدا لرأيك»، فرجوته ألا يفعل كي لا يعتقد الناس مخطئين بأننا في صراع مع شيوخ قبائلنا. متابعة قراءة من سعد إلى الحربش
هل نحن حكومة رأسمالية وشعب ماركسي؟!
في جميع الديموقراطيات تعكس الحكومات صورة ورغبات شعبها، في بلدنا الحبيب هناك وضع غريب، فالحكومة رأسمالية بالمطلق حيث تؤمن بالانفتاح والاستثمار واعطاء القطاع الخاص دوره في عملية التنمية، وهو أمر يتطابق مع نصوص الدستور التي ترى ان رأس المال والعمل هما مقومان أساسيان لكيان الدولة.
هذا الفهم وتلك السياسة تتطابق كليا مع مفهوم «الحكومة الصغيرة» السائد في العالم أجمع حيث تخلت الحكومات عن ملكياتها العامة بطريقة متدرجة وصحيحة (وليس كحال مخطط تدمير «الكويتية») واستبدلت دور المالك بدور المدير والمنظم لتلك الملكيات الخاصة، ولم تمانع الشعوب بالمقابل من التحول من العمل لدى المؤسسات العامة الى العمل لدى الشركات الخاصة دون ان يرى أحد ان في ذلك تحولا الى «صبيان» لدى من سيدير تلك الشركات كما أُطلق على نهج الخصخصة لدينا.
وبالطبع هناك فروقات بين الدول فالقطاعان العام والخاص في أميركا أو تونس يعمل بهما مواطنو هذين البلدين لذا لا فرق كبيرا بين الملكيات العامة والخاصة وهذه قضية مهمة جدا يجب النظر لها بشكل جاد عند الحديث عن الخصخصة في الكويت حيث يعمل 98% من الكويتيين لدى الحكومة و2% فقط لدى القطاع الخاص مما يخلق خشية مبررة لدى المواطنين ونوابهم في البرلمان من طردهم لدى التحول لنهج الخصخصة واستبدالهم بالعمالة الآسيوية الرخيصة، وما في ذلك من تعارض صريح مع المادة 16 من الدستور التي نصت على ان لرأس المال «وظيفة اجتماعية» في الكويت.
ان ذلك التخوف المشروع لدى المواطنين من الخصخصة والتحول لنهج القطاع الخاص يجب ألا يتحول الى عداء له والإيمان أكثر وأكثر بالنهج الماركسي الداعي لتملك الدولة كافة وسائل الإنتاج كي تقوم بتوزيع عادل لثروة البلدان، فذلك المبدأ الجميل بمظهره قد جُرّب سابقا في الاتحاد السوفييتي ودول الكتلة الشرقية وبعض بلداننا العربية فأدى الى دمار شامل في اقتصادياتها وتحولها الى الفقر والمجاعات ويكفي هذه الأيام مقارنة أحوال كوريا الجنوبية بكوريا الشمالية.
ولا يمانع عادة الأميركان ونحن في أشهر انتخاباتهم من انتخاب الأغنياء والأثرياء للمناصب العامة من رئيس جمهورية وحكام ولايات وأعضاء في مجالس الشيوخ والنواب، حيث ترى أغلبيتهم ان ذلك أمر محبذ كون الثراء قد يدل على الذكاء والانجاز فما الخطأ في استخدام مواهب المرشح الخاصة التي أفاد بها نفسه لإفادة وطنه، كما يرون ان الثري أو ميسور الحال بالوراثة يعني انه صُرف عليه وحاز تعليما خاصا مميزا فلماذا كذلك لا يستفاد من خريجي مثل ذلك التعليم كإضافة للبلاد.
وأمر آخر يحبذونه في المرشحين الأثرياء، وهو ان ذلك الترشيح يجعل كبار الأثرياء يتنافسون على كسب ود مشاعر الناخب العادي مما يساعدهم على فهم متطلبات الشعب عامة، أما ما يرفضونه فهو من يشعرهم بأنه من «النخبة» أو من طينة مختلفة ومن ذلك فقد اسقطوا في الانتخابات الماضية المرشح الرئاسي جون كيري كونه قال ذات مرة انه يجيد الفرنسية بطلاقة، وانه يمارس رياضة التزحلق على الجليد التي لا يمارسها العامة، كما يحاول هذه الأيام المرشح ماكين دمغ منافسه أوباما بأنه من النخبة التي تدرس في هارفرد وانه أشبه بالثريتين المرفهتين پاريس هيلتون وبريتني سپيرز.
رسائل سعود وتايكو
وردتني قبل عشر سنوات تقريبا رسالة مسجلة وأنيقة تحتوي على صور لخاتمي ألماس، وأعلمني المرسل أنني قد فزت بالخاتمين، ضمن سحب اجري لحملة بطاقة ائتمانية شهيرة، وبأن المطلوب مني ارسال القياس الدقيق لحجم اصبعي واصبع زوجتي فقط، ليتم تعديل الخاتمين طبقا لذلك، وارفاق القياس بمبلغ 25 دولارا لتغطية مصاريف التعديل والبريد، حيث ان شركة بطاقة الائتمان دفعت قيمة الخاتمين الجائزة فقط!
بالرغم من جدية العرض، لتضمنه شعار شركة سويسرية واسم والعلامة التجارية لشركة بطاقة الائتمان الا انني شعرت من اللحظة الاولى انها خدعة مكشوفة ورخيصة، فليس هناك، كما يقال في الانكليزية، غداء مجاني!!
اخبرت جمعا من الاصحاب بالقصة محذرا اياهم من الوقوع في مثل ذلك الفخ، ولكن فاجأني اكثرهم «فهما ودرسا»، ومن خريجي اميركا، بالقول انه سيرسل المبلغ ويرى، فربما كانوا صادقين في عرضهم، خصوصا ان المبلغ المطلوب لا يتجاوز السبعة دنانير!! ولا يزال صاحبنا، ومنذ عشر سنوات بانتظار خاتميه!
اكتب ذلك بمناسبة زيادة وتيرة وتنوع حالات النصب والاحتيال التي تتعرض لها مجتمعاتنا، الجاهلة والمتخمة بالاموال والطماعة ايضا، فمن عمليات نصب على الانترنت، الى يانصيب في اسبانيا مرورا بعرض مغر للمشاركة في صفقة نفط في لندن، ووصولا الى رسالة هاتفية قصيرة انتشر استلامها في الكويت في الايام الاخيرة، تحمل لاصحابها بشرى فوزهم بسيارة رياضية شهيرة، وما عليهم سوى الاتصال برقم هاتف محدد في كينيا لتعطى لهم التفاصيل!! المشكلة تكمن في ان الفائز، او الساذج، المتصل على رقم الهاتف المدون في الرسالة سيكتشف عند استلامه لكشف مكالماته من شركة الهواتف النقالة، او الارضية، انه قد دفع عشرة اضعاف تعرفة المكالمة الخارجية العادية دون ان يفوز بسيارة او حتى بصورة لها!
لا اكون مبالغا لو قلت بأن اصحاب هذه الفكرة قد حققوا مبالغ طائلة من وراء عشرات آلاف حتى مئات آلاف مكالمات الهاتف التي وردتهم من اولئك السذج الشرهين الذين اعتقدوا ان بإمكانهم الفوز بسيارة ثمينة مقابل.. لا شيء!
* * *
ملاحظة:
نشكر الاخوة والاخوات سعود وتايكو وسعد وخليل ووبرة ونانسي الذين ارسلوا لنا نصوص تلك الرسائل التي وردتهم على هواتفهم النقالة طالبين منا الكتابة عن الموضوع وتحذير المواطنين من هذا النوع من النصب والاحتيال.
أحمد الصراف
كلمة لكم يا أهالي المحرق
ليس في مقدوري أن أحدد رقما بالضبط، لكن الاتصالات التي وردت من الأحبة أهالي مدينة المحرق العامرة كثيرة ليس بإمكاني عدها… لكنها المرة الأولى التي أتسلم فيها مكالمات يومية بهذا الحجم، والسبب، أو الدافع وراء تلك المكالمات التي وردت من الطائفتين الكريمتين هو توجيه كلمة شكر متبوعة بتأييد… ولكن على ماذا؟
القصة باختصار، ترجعنا إلى قبل أسبوع مضى عندما نظمت «جمعية الهدى الإسلامية» في قرية الدير، لقاء تحت عنوان «التعايش بين الطائفتين في مدينة المحرق» حضره الكثير من أبناء المدينة من الطائفتين، وتحدث فيه الشيخ راشد المريخي، وهو اللقاء الذي جاء بمناسبة إحياء ذكرى مولد الإمام الحسين بن علي (ع) في جامع الدير الغربي.
وأعتقد أن الكثيرين قرأوا وتابعوا ما نشرته «الوسط» كتغطية لذلك اللقاء الذي وجدته مهما للغاية، ونافعا وصادقا ويتماشى مع تطلعات القيادة في توحيد الصفوف وإزالة أسباب الفرقة والخلاف بين أبناء البلد، فاللقاء جاء لإحياء مناسبة دينية هي خاصة بأبناء الطائفة الجعفرية، لكن وجود إخوانهم من الطائفة السنية الكريمة في لقاء يعقد في بيت من بيوت الله، وتحت شعار «الأخوة الإسلامية» لهو شيء مهم حتى وإن انتقص الآخرون من مثل هذا اللقاء ووصفوا كل المتحدثين والحضور بأنهم من «المنحرفين عقائديا» وهي الفكرة التي ترسخت في نفوس ذوي العقول الصدئة الذي يرون في أنفسهم أوصياء على الدين وأنهم حماته.
ليس أولئك هم من يهمنا، فالذي يهم هو أن يكون التعامل مع هذه القضية نابعا من صدق وإخلاص وليس مجرد شعارات جوفاء… لقد كانت الاتصالات التي وردت ولاتزال، تعقب على مداخلة قدمتها في اللقاء بعد انتهاء محاضرة الشيخ المريخي، التي ركزت فيها على حاجتنا إلى التعامل الصادق لعلاج «الطائفية» من جانب علماء الأمة من الطائفتين، كما أن على جميع المواطنين أن يتصدوا للأفكار المنحرفة التي تصدر عن كل طائفة، سواء إن اتجهت هذه الطائفة اتجاه شتم الصحابة وأمهات المسلمين لإشعال العداوات والكراهية والفتنة، أو اتجهت تلك الطائفة إلى تكفير الشيعة والضرب في معتقداتهم وإخراجهم من ملة الإسلام… متى ما توقف هؤلاء وأولئك عن هذا العمل القبيح، ستجد الباحثين عن الفتنة يتلفتون يمنة ويسرة بحثا عن أي شيء يعيدون به إشعال فتيل النزاع والتقاتل من جديد.
وحين يتفق معي غالبية من حضر اللقاء من أهالي المحرق من الطائفتين الكريمتين، أو حين يتصل أحد المسئولين ليؤكد الحاجة إلى أهداف مثل ذلك اللقاء، وأنه أنموذج لفعاليات مكثفة قادمة يجب أن تستمر، فإنني لا أدعي كوني قياديا ضمن هذا المسار التوحيدي الوطني المخلص، ولكنني كنت ومازلت مجرد مواطن حضر اللقاء، وقال ما قدره الله أن يقوله من كلام، ولست أجد نفسي مبتعدا عن الكتابة عن موضوع «الطائفية» أبدا، لأنني وجدت ثماره يانعة… فأصحاب النفوس الطيبة يزدادون تألقا وكرما، وأصحاب النفوس الدنيئة يتمرغون في وحل العفن والأحقاد.
الاستخفاف بإصدار التشريعات يدمر البلد
لا أعتقد ان هناك ديموقراطية في العالم تشهد شيئا مماثلا لما يتعرض له بلدنا من استخفاف شديد في قضية إصدار التشريعات التي يترتب عليها التزامات مادية وأخلاقية على الدولة حيث ان البعض منها يكلف الخزينة العامة بشكل مباشر مليارات الدنانير والبعض الآخر يتسبب بنزوح مليارات أخرى من القطاع الخاص للخارج والبعض الثالث ساهم حتى اليوم بخفض ممتلكات وموجودات المواطنين الى النصف وأكثر والبعض الرابع يسيء لعلاقاتنا مع الدول الأخرى مما يهدد وجودنا.
والحقيقة ان أي تشريع لا يصدر في الديموقراطيات الأخرى إلا بعد سنوات من الدراسة والبحث والمرور على عشرات اللجان الفرعية المشكلة من الأحزاب المختلفة وقد عمد المشرع في تلك البلدان الى خلق مثل تلك الأدوات التي تدعو للتأني حتى لا تتورط بلدانهم وشعوبهم وأجيالهم المستقبلية بتشريعات مستعجلة هي خلاصة ردود أفعال عاطفية أو مدغدغة أو منفعلة للقاء نائب مع ناخب علما بأن جميع نواب تلك البلدان المتقدمة هم ساسة محترفون يتم تدريبهم لسنوات طوال ضمن الأحزاب القائمة.
أما لدينا فيصل الى البرلمان في بعض الأحيان من أتى من الديوانية مباشرة دون ان يتلقى أي تدريب على العمل السياسي أو إصدار التشريعات، لذا ما إن يسمع بمقترح من أحد حضور ديوانيته أو من صديق حتى يصوغه على شكل تشريع يحاول بعد ذلك إرغام أو إحراج زملائه النواب كي يوافقوا عليه دون إحساس بخطورة ذلك التشريع على سمعة الكويت الدولية أو مستقبل أجيالها.
وتفتقر ديموقراطيتنا بشدة لدور فاعل للمحكمة الدستورية حتى تدرس وتقيم وتسقط التشريعات غير الدستورية (90% من التشريعات المدغدغة المطروحة تتعارض مع روح ونصوص الدستور) كما يحدث بشكل متواصل في مصر والولايات المتحدة وأغلب الديموقراطيات الأخرى.
لقد تسببت التشريعات غير المدروسة والمستعجلة بتوقف تام لمشاريع B.O.T وخروج مليارات الدنانير التي كان بإمكانها ان تحيل صحراءنا القاحلة إلى عمران نستمتع به ويجلب لنا السائحين من الدول القريبة والبعيدة، كما تسبب تشريع انفعالي آخر بتقييد يد البنوك في منحها القروض والتسهيلات متناسين ان هذا هو عمل البنوك في العالم أجمع، كما صدر قبل مدة تشريع تسبب في الأضرار الفادحة بالشركات المساهمة المدرجة بالبورصة والتي يمتلك أسهمها مئات آلاف المواطنين.
لقد ارتفع سعر النفط بشكل مؤقت.. وارتفعت الأسعار في العالم كله وليس في بلدنا فقط ولم نسمع بمن قام بإصدار تشريعات مستعجلة تحيل بلده الى دولة شيوعية جديدة تتكفل من خلالها الحكومة بكل شيء، ان الأسعار التي ارتفعت عادت للانخفاض التدريجي ولا حاجة لخلق حالة «اسهال» تشريعي لمعالجة تلك المشكلة المؤقتة فالكويت بلد قائم على الاقتصاد الحر الذي يضمن خفض أسعار السلع فيه التنافس الحر وسيادة مبدأ العرض والطلب.
آخر محطة:
«الكويتية» مؤسسة يعمل بها آلاف الكويتيين وقد صدر عبر الانفعال والاستعجال حكم الإعدام عليها وعلى العاملين فيها حيث لم يشهد العالم قط خطة تخصيص شركة طيران مدتها أقل من 5 سنوات من العمل الجاد كما جرت العادة بتخصيص جميع قطاعات الدولة الأخرى قبل المساس بمؤسسة الطيران ومن ذلك نجد ان شركات الطيران مازالت حكومية في دول مثل سنغافورة ودبي ولبنان ومصر والبحرين وغيرها رغم خصخصة قطاعات الدولة الأخرى منذ عقود.