سامي النصف

ماذا بعد حكم البراءة؟!

القضية أكبر كثيرا من حكم البراءة الذي صدر بحق رئيس «الكويتية» السابق الشيخ طلال المبارك حيث ان السؤال المستحق هو: ماذا بعد حكم البراءة؟! ومن سيعوض الشعب الكويتي وماله العام مبلغ 2.2 مليار دولار عدا الضحايا في الأرواح – لا سمح الله – فيما لو وقع حادث بسبب تقادم أسطول «الكويتية» كنتيجة مباشرة للقرارات الخاطئة التي اتخذها أحد المسؤولين وأدت في النهاية الى إلغاء الخطة الذكية والطموح التي رسمها الشيخ طلال لتحديث أسطول «الكويتية» وتوسعة خطوطها والحفاظ على أرواح المواطنين والتحول بها الى الربحية.

لقد كانت خطة مجلس ادارة المؤسسة السابق الذي رأسه الشيخ طلال تهدف الى خدمة استراتيجية «كويت المركز المالي» عن طريق الشراء، وبتمويل ذاتي ودون أي كلفة على المال العام، لـ 16 طائرة مدنية من نوع «بوينغ 787» بسعر معلن هو 110 ملايين دولار للطائرة و19 طائرة من نوع «ايرباص 320» بسعر 45 مليون دولار للطائرة من شركة كويتية مساهمة هي «الافكو» وبمواعيد تسليم قريبة تبدأ العام المقبل وتنتهي خلال 3 سنوات حتى تستطيع «الكويتية» ان تنافس قريناتها في المنطقة والتي اصبحت تمتلك مئات الطائرات الحديثة مثل الإماراتية والسعودية والقطرية والاتحاد وطيران الخليج وكي يمكن ايصال الكويتيين وجلب السائحين والمستثمرين بشكل مباشر من مشارق الأرض ومغاربها، كما لن تحتاج «الكويتية» حسب تلك الخطة لمنافسة الشركات الخاصة على الخطوط القريبة كما سيحدث فيما لو نجحت خطة التخصيص غير المدروسة القائمة.

وقد قام قبل عام أحد المسؤولين – ولأسباب لم تعد خافية على أحد – بالتصادم مع مجلس الإدارة وإلغاء عقد شراء الطائرات وخلق لجنة ترأّسها المسؤول للحصول على الطائرات بسعر أفضل (كذا) ولما لم يتحقق ذلك الهدف غير الخافي تم حل اللجنة بعد شهر من تكوينها! واصبحت «الكويتية» في مهب الريح، كما أحال ذلك المسؤول الشيخ طلال الى النيابة العامة بأسباب تافهة جدا هي عدم تطابق تقرير شركة لوفتهانزا الاستشارية مع تقرير الادارة الكويتية حول التحول للربحية (من قال انهما يجب ان يتطابقا؟!) وقد صدر قرار التبرئة الأخير ليؤكد ما هو معروف من نزاهة وكفاءة وأمانة الشيخ طلال المبارك الذي كان عيبه الوحيد اغلاقه باب التوظيف العشوائي في المؤسسة أمام المتنفعين وعدم تماشيه مع رغبات بعض الطارئين من أصحاب العمولات.

وقد نشر في الصحف قبل مدة خبر ابرام «الافكو» صفقة بيع 8 طائرات «بوينغ 787» لاحدى الشركات الخليجية بقيمة 1.6 مليار دولار، أي 200 مليون دولار للطائرة، و5 طائرات «ايرباص 320» لاحدى الشركات المحلية، أي 65 مليون دولار للطائرة، وبحسبة بسيطة نجد ان «الكويتية» سواء بقيت حكومية أو اشتريت من قبل القطاع الخاص، وهو مال كويتي في النهاية، قد خسرت 2.1 مليار دولار فارق سعر تلك الطائرات التي لن تستطيع «الكويتية» الاستمرار دونها.

ان حكم البراءة لم يعد كافيا لرد اعتبار الشيخ طلال المبارك بل يجب ان يحظى باعتذار معلن وان يعطى المركز المناسب الذي يستحقه بعد ان أثبتت الأيام نزاهته وعدم طهارة بعض خصومه.

آخر محطة:
يعتقد بعض الجهلاء ان المستثمرين سيصطفون في طوابير طويلة لشراء مؤسسة طيران تزيد خسائرها على المائة وخمسين مليون دولار سنويا، متناسين ان «الأردنية» عندما عرضت للبيع عام 98 كان سعرها 350 مليون دولار «بالسالب» أي ان على الحكومة الأردنية ان تعطي من يود شراءها ذلك المبلغ لسد ديون تشغيلها المكلف وتحديث اسطولها كحال «الكويتية» هذه الأيام، وهو أمر مشابه لشركات طيران شرق أوروبا التي عرضت بدولار واحد للمستثمرين.. قديما قيل: العلم بحر، والجهل محيط!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *