في البدء العزاء الحار لآل البحر والمرزوق والقطامي الكرام في فقيدهم المرحوم جاسم محمد البحر، للفقيد الرحمة والمغفرة، ولأهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
تحوّل الأمم الحية كوارثها إلى دروس تدفعها إلى الأمام وتمنع تكرار المصائب والويلات التي مرت بها كنوع من تكريم شهدائها حتى لا تذهب دماؤهم المسفوكة هدرا، فهل استفدنا حقا مما حدث في 2/8/1990؟! يعتقد كثيرون، وبأسف شديد، اننا لم نستفد شيئا من تلك الفاجعة الكبرى وتلك بذاتها فاجعة أخرى.
انفردت الكويت قبل الاحتلال الغاشم دون جاراتها أو غيرها من دول العالم بتفشي مقولة «اننا دولة مؤقتة» فمبانينا وجسورنا وتشريعاتنا، وقبلها تصرفاتنا، تدل دلالة اكيدة على ذلك الأمر حتى اننا توقفنا عن عمليات بناء المشاريع تصديقا لتلك القناعة الراسخة، وتفرغ كثير منا لتعبئة سياراتهم وقبلها حساباتهم الشخصية من محطة البنزين المؤقتة المسماة «الكويت».
حدث الاحتلال وبكينا دما على الوطن الذي اضعناه وعاد البعض منا هذه الأيام يتعامل مع وطننا مرة أخرى على انه وطن مؤقت زائل.
ومن امراض ما قبل الاحتلال التي تكررت بعده: عدم تسليم الأمور في وزارات ومؤسسات الدولة الى الاكفاء والأذكياء والأمناء كما تقوم بذلك الدول الدائمة والباقية إلى الابد، واستبدل ذلك بايصال غير المقتدرين من المؤمنين للاسف الشديد بأن «البلد رايحة رايحة لذا اخذ منها ما اتخذ»، ان وجود الرجل غير المناسب في المناصب يثير الحنق واليأس في الداخل ويغري الطامعين في الخارج فلماذا نقوم به؟! لا ادري.
وأحد الأسباب المهمة التي اوصلتنا للاحتلال: الولاءات للغير والخلافات السياسية التي سمع بها القاصي والداني و«على شيء لا يسوى» والتي اوصلناها للجيران ومن ثم ادخلنا الدب الطامع والجائع لحقلنا ثم استغربنا بعد ذلك انه عاث به فسادا ودمارا، فهل تعلمنا من ذلك الدرس، وهل توقفت خلافات الفقاعات السياسية المتوترة والتي فاقت حربي «داحس والغبراء» و«البسوس» في سخافة اسبابهما وطول ازمانهما وزايدت على حمقى بيزنطة في غفلتهم وجهلهم بالاخطار المحيطة بهم.
واحدى كوارث ما قبل الاحتلال: تحكيم العاطفة في الأمور التي يفترض ان نحكم العقل بها فقد اندفعنا بدافع العاطفة للتأييد المطلق لصدام حتى لم نر مخالبه وهي تمتد وسكاكينه وهي تشحذ، وامتدت بنا العاطفة – لا العقل- حتى اعتقدنا انذاك اننا الدولة الثالثة العظمى بعد روسيا واميركا (الثانية هذه الايام بعد سقوط الاتحاد السوفييتي).
ان النفس تموت كمدا ونحن نرى ملف علاقتنا بالدول الأخرى، العظمى منها والجيران، قد ترك لهذا النائب أو ذلك الكاتب أو ذاك السياسي ليفتي فيه عاطفيا بعيدا عن تحكيم العقل البارد مما يهدد بافدح المخاطر والاضرار على بلدنا و«لن تسلم الجرة في كل مرة».
آخر محطة:
في غياب الوعي والقانون والردع والزجر احال البعض الكويت الى مكبّ نفايات بحجم كبير، فأين الدولة واين حماة الوطن واين الكويتيون؟! هل الجميع جاهز للرحيل وترك الوطن؟! وصلتني بالأمس تلك العبارات القوية بالبريد الالكتروني من الصديق عمر القاضي ومعها صور أخرى تظهر تدمير البيئة البحرية بعد الانتهاء من تدمير البيئة البرية في الجنوب.