سامي النصف

ما هكذا يكون النضال؟!

في الستينيات كانت هناك 3 حركات نضالية رئيسية معروفة في العالم هي: القضية الفلسطينية، ونضال الافارقة في روديسيا وناميبيا وجنوب افريقيا والجزائر، وحرب ڤيتنام وخلال السنوات اللاحقة انتصر الڤيتناميون والحال كذلك مع الافارقة من سود وعرب ضد الاستعمار الاستيطاني الابيض بينما تخلفت وتراجعت القضية الفلسطينية فما السبب؟

أحد أهم الأسباب هو أن الآخرين كسبوا عقول وأفئدة العالم بوسائل نضالهم المشروعة التي لم تستخدم قط ما يضر الابرياء أو يرعب الاطفال والنساء فلم نشاهد قط ڤيتناميا أو افريقيا يخطف الطائرات المدنية او البواخر المليئة بالسائحين، أو يفجر السفارات والمطارات والمقاهي والباصات، كما حدث مع بعض المنحرفين من ادعياء القضية الفلسطينية ممن دمروا قضيتهم بتلك الوسائل الميكافيلية قبل ان يضروا بعدوهم.

الأمر الآخر الذي قام به الأفارقة والڤيتناميون هو عدم تدخلهم في شؤون الدول الأخرى، ولم يرفعوا قط شعار ان تحرير سايغون او جوهانسبرغ يمر بهذه العاصمة او تلك، كما لم يتدخلوا في شؤون الدول الأخرى إبان حروبها وخلافاتها فيصبحوا مع هذا الطرف او ذاك كما حدث في الاردن ولبنان وإبان الاحتلال الصدامي للكويت لذا حازوا عطف واحترام جميع الفرقاء بدلا من خسارة الجميع.

ومن الامور المشهودة للڤيتناميين والافارقة ان قياداتهم السياسية والعسكرية عاشت في الخنادق أو السجون ولم يعرف عنها تنقلها بالطائرات الخاصة بين فنادق الخمس نجوم او تزوج البعض منها بملكات الجمال او تكديسها للاموال او اقتناص البعض منها على الشواطئ والمنتجعات السياحية، امور كهذه لو تمت لدمرت سمعة الحركات النضالية الافريقية والڤيتنامية كما حدث لبعض حركاتنا النضالية، حيث ان القيادة النضالية يجب ان تكون القدوة الحسنة للأتباع.

وقبل أيام شاهدت برنامجين وثائقيين اجنبيين الاول عن استخدام ادوات إعمار كالجرارات في قتل المدنيين في القدس وهو ما سيحرم عشرات آلاف الفلسطينيين ممن يعملون في اعمال البناء من مصدر رزقهم الوحيد ويساعد بالتالي على هجرتهم، والثاني عن القنوات والممرات التي تمتد لمئات الكيلومترات تحت الارض والتي كانت احد اسباب انتصار الڤيتناميين وقد اصبحت هذه الايام مزارا للسائحين ورمزا للانتصار الڤيتنامي، ترى ما الذي سنضعه كدلالة ورمز لنضال بعض ثائرينا: طائرات مدنية ام جرارات؟

وفي عام 2000 سقط احد الاطفال الابرياء مضرجا بدمائه وظهرت صورته شهيدا بعد ان اختبأ خلف والده واصبح رمزا لقضيتنا العربية، هذه الايام رفعت دعاوى قضائية في فرنسا تطالب القناة الفرنسية الثانية باطلاق كامل شريط الحدث الذي صوره مصورها طلال ابورحمة اي الدقائق الـ 6 لا الـ 50 ثانية التي عرضت على الفضائيات آنذاك.

وقد زرت بعض المواقع مثل Three Bullets And A Dead Child ومواقع مصاحبة أخرى انجليزية واميركية والمانية تحاول الادعاء وعبر القرائن والخبراء أن تلك الجريمة المروعة يقف خلفها جهاز الامن الوقائي الفلسطيني بهدف الكسب السياسي والدعائي ابان محادثات كامب ديڤيد 2000، الاشرطة ستطلق قريبا بحكم المحكمة ونرجو من القلب ان تثبت تلك الاشرطة التهمة على الطرف الاسرائيلي حتى يمكن لومه على الجريمة ولومه كذلك على محاولة التغطية عليها، اما اذا حدث العكس فإن الامر سيكون بمنزلة اطلاق رصاصة الرحمة على ما تبقى من مصداقية الإعلام الثوري العربي.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *