في الأيام القليلة الماضية زاد الوضع الإيراني – الأميركي انحناء لصالح التسوية، كما ويمثل الحضور الأميركي للمناقشات على النووي الإيراني تطوراً على قدر من الأهمية. ومع الإشارات الإيجابية كلها سيبقى التحدي الكبير في كيفية الوصول إلى حل مقبول لإيران وللولايات المتحدة بحيث يبعد عن المنطقة شبح الحل العسكري. بل يمكن التأكيد بأن حال السباق بين الحل الأمني العسكري الذي قد تقوم به الولايات المتحدة والحل السياسي بات الآن أكثر ترجيحاً لصالح السياسي بعد أن تم بناء حال تحييد أيضاً للوضع في لبنان مع «حزب الله» وللوضع في فلسطين مع «حماس» وللوضع مع سورية، كما والوضع في العراق. هكذا أصبحت بعض أهم الملفات الساخنة محيدة مرحلياً، مما يفقد إيران نسبياً لبعض أدوات التفاوض. متابعة قراءة إيران والتوتر… هل من حل؟
اليوم: 23 يوليو، 2008
الإنجازات 13 لثورة 23/7/52
في مثل هذا اليوم من عام 1952 حدثت ثورة (انقلاب) 23 يوليو التي غيرت المفاهيم العربية العامة واصبحت بالتبعية ام كل الثورات العربية والاسلامية والمصائب والكوارث التي اصابت فيما بعد العراق وسورية وليبيا والسودان وايران واليمن.. الخ وفيما يلي كشف سريع لاهم انجازات ذلك الانقلاب المشؤوم:
الاساءة الشديدة لمفاهيم القومية والوحدة العربية عبر استخدامها في كل عمل قبيح قام به رجال سياسة ومخابرات وعسكر، ذلك الانقلاب من ناصر الى نصر الى عامر.
تغييب الديموقراطية والحريات العامة والترويج الزائف لنهج الديكتاتوريات العسكرية عبر مكائن الاعلام الغوبلزية التي قام بخلق اكاذيبها التي كشفتها حقائق العصر رجال امثال محمد هيكل واحمد سعيد حتى تفشى ذلك النهج وابتليت الشعوب العربية بظلمه وقمعه.
المغامرات والهزائم العسكرية المتكررة (56، 67، الاستنزاف، وباليمن) التي اضاعت سيناء مرتين – لا مرة واحدة – وتسببت في السمعة السيئة لقدرات المقاتل العربي واضطرت العرب لتقديم كثير من التنازلات لاحقا.
تضييع فرص ايجاد حل سلمي واقعي ومبكر للقضية الفلسطينية عندما كانت اسرائيل تستجدي السلام بأي ثمن قبل حرب 67 مما كان سيزيل معاناة الشعب الفلسطيني ويسخر الموارد المصرية والعربية للبناء والتعمير بدلا من الحروب العبثية والتدمير.
خلق شرخ دائم مازلنا نعاني من آثاره المدمرة بين التوجهين القومي والاسلامي العربي عبر القمع الشديد الذي اصاب الحركات الاسلامية من انظمة الانقلابات العسكرية المصرية والعربية.
التسبب في انفصال السودان وسورية وغزة عن مصر بسبب تسليم الملفات السياسية والعسكرية لمجانين وحشاشين امثال صلاح سالم وعبد الحكيم عامر ولو بقيت تلك الدول ضمن نظام عاقل وديموقراطي في مصر لما بتنا نخشى على البعض منها هذه الايام وخاصة السودان من انقسام جديد لـ 4 – 6 دول سنراها قائمة في القريب العاجل.
الاساءة الشديدة لعلاقة مصر بـ «جميع» الدول العربية الاخرى والتدخل في شؤونها الداخلية وزرع الانقلابات والقلاقل فيها اضافة الى استخدام اسلحة الدمار الشامل الممنوعة من غازات وكيماويات ضد قرى ومدن اليمن والسعودية.
اعتماد الكذب والخداع لتحسين صورة المستعمر القمعي الاكبر ونعني الاتحاد السوفييتي امام شعوبنا العربية واساءة العلاقة بسبب تلك العلاقة لدول جارة مؤثرة مثل ايران وتركيا وباكستان والحبشة، وخلق بالمقابل صورة سالبة غير حقيقية للعالم الحر بقيادة اوروبا والولايات المتحدة.
محاربة مشروعي ايزنهاور الاقتصادي وحلف بغداد العسكري اللذين كانا سيضمنان عدم قيام «جميع» الحروب والغزوات التي حدثت فيما بعد في الشرق الاوسط خلال 55 عاما ويفتحان الاسواق الغربية الثرية للمنتجات العربية كما حدث لدول غرب اوروبا وشرق آسيا مما تسبب في غناها وتطورها.
ابعاد الطبقة السياسية المحترفة وشديدة الثقافة السائدة في العهود الملكية في مصر والدول العربية والتي كان اغلبها خريج ارقى الجامعات العالمية واستبدالها بضباط قمعيين سراق لا تتعدى معرفتهم ثكنات المعسكرات التي يعيشون بها.
الترويج لمبادئ التأميم والتدمير المنظم للمنشآت الصناعية والاقتصادية والزراعية والتعليمية والسياحية في مصر والعالم العربي فحولتها من دول قريبة في تطورها لدول العالم الاول الى دول عالم اول.. بعد المائة!
التسبب في اغلاق قناة السويس وحرمان مصر من مداخيلها ومثلها موارد النفط والغاز في سيناء وتهجير اهالي مدن القناة وجعل السد العالي اكثر سدود العالم كلفة في التاريخ وتسليط زوار الفجر على الاحرار من اهالي مصر.
التدمير الشامل والكامل لمؤسسات التعليم المصري العريقة وخلق «اكذوبة» ان انقلاب 52 هو سبب تعلم المصريين علما أن مجانية التعليم الاولي كانت قائمة ابان حكومات ما قبل 52 مع فارق ان تعليم العهد الملكي هو من اخرج جميع عباقرة وعلماء ومبدعي مصر ممن حصدوا جوائز نوبل وغيرها بينما أجدبت حقبة تعليم ما بعد 52 اضافة الى ان سوء تعليم فترة الانقلاب اضطر المصريين كافة لارسال ابنائهم للمدارس الخاصة او الاستعانة بالمدرسين الخصوصيين مما افرغ مقولة مجانية التعليم من محتواها.. والحديث ذو شجون.
آخر محطة:
اتى في مقال الامس ان اسم رجل الاعمال هو سامي بدر الساير والصحيح هو ساير بدر الساير لذا اقتضى التنويه.
كليمنصو وجون هوبكنز
يعتبر جورج كليمنصو الفيزيائي والطبيب والسياسي الفرنسي المعروف، الذي ولد قبل 167 عاما في قرية صغيرة، من اهم شخصيات فرنسا في العصر الحديث، فهو الذي قاد بلاده إلى النصر في الحرب العالمية الاولى.
كما تعتبر جامعة جون هوبكنز الاميركية واحدة من ارقى الجامعات واكثرها تقدما، وبالذات في المجال الطبي.
في محاولة للاستفادة القصوى من اسم الطرفين، قامت مجموعة من المستثمرين الاجانب، من اطباء وممولين، بتأسيس مستشفى باسم كليمنصو جون هوبكنز.
قبل سنتين تقريبا قادني سوء الحظ، وبناء على نصحية صديق، إلى ذلك المستشفى بغية اجراء مجموعة من الفحوصات الطبية الروتينية. تبين بعد الانتهاء منها ان ادارة المستشفى تطالبنا بالمبيت فيه «قسرا» لليوم التالي بانتظار النتائج.
رفضنا ذلك لتنافيه مع المنطق، فنحن لم ندخل المستشفى الا لاجراء فحوص دورية روتينية، والامر بالتالي لم يتطلب النوم فيه. امام اصرارنا وافقوا على طلبنا وطالبوا بدفع كامل المصاريف، التي تبين انها بلغت اكثر من 15 الف دولار لكل واحد منا (!!) وانهم سوف لن يسمحوا لنا بالخروج ان لم ندفع المبلغ، علما بأنهم قاموا اساسا بتحصيل مبلغ خمسة آلاف دولار من حساب صديقي وما يماثل ذلك تقريبا من حسابي!!
بعد جدال ونقاش طويلين مع صراف المستشفى، وبعد رفض اي من مسؤولي المستشفى التحدث معنا، وبعد التغيير والتلاعب الواضحين في فواتير وكشوف الفحص المالية وبعد التهديد باللجوء إلى القضاء، تم قبول الافراج عنا مقابل دفع مبلغ 9000 دولار مقابل فحوص روتينية لا يتكلف اجراؤها في اي مستشفى آخر اكثر من 2000 دولار!!
قمنا في اليوم التالي باجراء عدة اتصالات مع جمعيات مهنية واتحادات طبية، فتبين ان الموضوع معروف لهم، ولكن وضع لبنان في ذلك الوقت، وربما لا يزال لم يكن يسمح لهم بفعل شيء.
قمنا بالكتابة عن الموضوع في حينه، كما قمنا برفع دعوى على المستشفى، ولكن بعد تدخل جهات صديقة في الموضوع أسقطنا دعوانا ضد المستشفى الذي قام بارسال رسالة اعتذار لنا!!
بعد سنتين من ذلك التاريخ، وبتأكيد من الطرف الذي قام باصلاح الحال بيننا، قمنا بمراجعة المستشفى نفسه مرة ثانية، ومع الاسف الشديد تعرضنا لعملية استغلال ثانية، ولكن هذه المرة لم تكلفنا ماديا الكثير على الرغم من كم الآلام الشديدة الذي صاحب عملية الفحص، والذي تبين لاحقا للمختصين غرابة ما حدث معنا، كما تبين ان من قام بها لم يقم بذلك بناء على تحويل طبي او توصية كتابية من طبيب مختص بل من تلقاء نفسه مما يشكل مخالفة طبية خطيرة!!
آلامنا نسيناها، واموالنا كسبنا غيرها، واصبحت القضية بالنسبة لنا جزءا من التاريخ ولن تطأ أقدامنا مدخل ذلك المستشفى مرة اخرى، ولكننا نكتب لنحذر وزارة الصحة، ادارة العلاج بالخارج، من خطورة ارسال مرضى كويتيين إلى ذلك المستشفى، وضرورة التيقن من عدم تعرض الموجود منهم فيه للاستغلال عن طريق اعطائهم ما لا حاجة لهم به من علاج ودواء وتحقيق اقصى الارباح من وراء ذلك، فمن اجل «شوية مصاري» لم تتردد ادارته عن تمريغ سمعة كليمنصو وجون هوبكنز والسمعة الطبية للبنان في التراب.
مستندات الحالتين موجودة لدينا لمن يود الاطلاع عليها، وسنكتب لادارة مستشفى جون هوبكنز بهذا الخصوص.
* * *
ملاحظة:
موقف الحكومة الكويتية من قرار المحكمة الجنائية الدولية توجيه الاتهام لعمر البشير لم يكن سيئاً فقط بل ومخجلا أيضاً، فقد كان حرياً بها إما التزام الصمت إزاء القرار، كما فعلت دول كثيرة، أو تأييد قرار الشرعية الدولية الذي سبق ان كان لما يماثلها الفضل الأكبر في تضافر جهود أكثر من 34 دولة عام 1990 في تحررنا من الاحتلال الصدامي.
ونتمنى أن يلقى المجرم رودوفان كاراديتش الحكم الذي تستحقه أفعاله أمام المحكمة الدولية.
أحمد الصراف
[email protected]