تقترب اللحظة وتبدو الأوضاع، وكأنها ستولد اتفاقاً جديداً بين إسرائيل وسورية، ولكن سرعان ما يبدو الأمر وكأنه بعيد. المفاوضات السورية – الإسرائيلية التي تسارعت وتيرتها في الشهور القليلة الماضية بوساطة تركية عكست إمكانية التقاء المصالح السورية والإسرائيلية على عدد من الأمور أهمها: عودة الجولان إلى سورية في ظل اعتراف متبادل بين البلدين وتطبيع وسلام، ويتم هذا في ظل الاعتراف الإسرائيلي بالمصالح السورية في لبنان خصوصاً على الصعيد الاقتصادي، بينما تتم عملية حماية المصالح الأمنية الإسرائيلية المقبلة من لبنان. هكذا يسير الطرفان باتجاه نوع من الاتفاق سيتضمن بطبيعة الحال وضع ضوابط على «حزب الله» وتحويله إلى حزب سياسي يحترم الاتفاق السوري – الإسرائيلي. وينطبق الأمر نفسه على علاقة سورية بكل من إيران و«حماس». العقدة الأكبر المتحفظة على سورية تتعلق بالموقف الأميركي، حتى الآن، رغم وجود عدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب الأميركي ممن يحبذون تشجيع اتفاق سوري – إسرائيلي بدليل الرسالة التي أُرسلت منذ أكثر من أسبوع إلى البيت الأبيض ووقع عليها أكثر من 250 عضواً من مجلس النواب وستين عضواً من مجلس الشيوخ، بما فيهم المرشحان باراك أوباما وجون ماكين. متابعة قراءة الاتفاق السوري – الإسرائيلي ولغة المجازفة
اليوم: 9 يوليو، 2008
«حملة وطنية» يجب أن تطلقها شركات السيارات
فيصل الزامل
ما هي الأشياء التي تشتت الذهن أثناء قيادة السيارة؟ قد يكون أشهرها الانشغال بمكالمة هاتفية، أظن أن هناك أشياء أكثر من الهاتف تتسبب في تشتيت الذهن، الأصوات المرتفعة داخل السيارة تقلل التركيز، الحديث مع الراكب أو الركاب يجعل العين المبحلقة على الطريق لا ترى شيئا، فالعقل مشغول في شيء آخر بسبب تلك المحادثة، والنتيجة هي طوفان الحوادث الذي يسلب من البيوت أعز شيء، والد ارتبطت حياة الأسرة به، أم أصابها الشلل، شاب في مقتبل العمر فجع والداه بغيابه المفاجئ، بسبب انشغال سائق سيارة بواحد من تلك الأمور.
حضرت لقاء بين أب لأسرة معظم أفرادها من الأطفال مع شاب كاد أن يقتله، وجاء يعتذر اليه بعد أن تماثل الرجل للشفاء، قال له الأب في لهجة غاضبة: «هل ترى عدد الأطفال الذين كدت أن تكون سببا في يتمهم؟ أهلك أعطوك سيارة ضخمة – همر – لا تتناسب مع عمرك وخبرتك، سيارة يصعب على السائق الخبير السيطرة عليها عند بروز أي طارئ، ومع ذلك انطلقت بها وصعدت على سيارتي حتى فقدت الوعي، ألا تدرك خطورة ما فعلت؟» كان الشاب صامتا، سيطر عليه الذهول، أصوات الأطفال في المنزل تخترق أذنه كالسهام، وربما استمرت تلك الأصوات تتردد في وجدانه لأيام وشهور طويلة.
مطلوب حملة اعلامية ضخمة لها هدف واحد، زيادة التركيز أثناء قيادة السيارة، فقد زرت قبل أيام أبا فقد ابنا له في العاشرة من عمره لأن شابا يافعا قرر أن ينشغل بوضع أشرطة «دي.ڤي.دي» عن النظر والتركيز على الطريق، والنتيجة أم محطمة وأب مفجوع، وخسارة بشرية جديدة لهذا الوطن، للأسف السيارة في الكويت لم تعد وسيلة انتقال بل تحولت الى مكان لقضاء أوقات ممتعة، أكل وشرب وأغاني، مع قيادة متهورة تنتهي بكوارث متلاحقة معها كلمة «آسف» يقدمها الجاني ببرود للأسرة التي ثكلت بابن أو ابنة أو أب أو أم.
هذه المسألة لا تعالجها القوانين ولكن قد تنفع حملة وطنية ناجحة بحجم الحملات المميزة مثل «الحفاظ على الصلاة في موعدها»، وغيرها من الحملات البناءة، وربما تحملت شركات السيارات المسؤولية الأكبر في تغيير ثقافة المجتمع تجاه وظيفة السيارة وتحويلها من أداة قاتلة الى واحدة من ضروريات الحياة التي تزيد الحياة بهجة، وليس العكس.
على المستوى الشرعي، يجب أن يوضح المختصون حكم المتساهل في القيادة والمتهور فيها اذا ترتب على هذا السلوك ازهاق أرواح بريئة، ما هو اثم الفاعل؟ هل يقرب فعله من «العمد» بالنظر الى علمه بما سينتج عن السرعة المتهورة والتشاغل عن الطريق؟ أليس هذا من التفريط الذي يؤاخذ عليه المرء ديانة أو قضاء؟
كلمة أخيرة:
تقاطع دوار جوازات حولي مع طريق البدع، هذا المشروع الذي أشرف على الانتهاء وحقق انسيابية كبيرة في المرور، هو انجاز يستحق كل من أسهم فيه الشكر والثناء، المرور، الأشغال، الأخ وزير الأشغال الأسبق بدر الحميدي، لكم جميعا نقول، شكرا.
أين يذهب أصحاب 99.9%؟
لا أعلم شخصيا سبب الهليلة المبالغ بها لخريجي الثانوية العامة، وهي للعلم احد موروثات سنوات الجهل والأمية التي كان يندر بها وجود من يفك الخط ويقرأ ويكتب، ان علينا ان نرتقي هذه الايام بمستوانا العلمي وان نحصر احتفالاتنا بعد تخطينا تلك المرحلة بمن يحوز تقديرا علميا دوليا من الاطباء وحملة الدكتوراه وغيرهم من المختصين في مجالات الحياة المختلفة.
ومما نلحظه ان من يحوز نسب 99.9% في الثانوية العامة خلال الثلاثين عاما الماضية من عرب وخليجيين وكويتيين يختفون في وقت لاحق في الحياة، فلا نسمع لهم حسا او خبرا كما لا اذكر ان احدا من المبرزين او الناجحين في وطننا العربي قد ظهر ضمن سيرته الذاتية انه كان من الحائزين على مثل تلك النسب الفريدة في الثانوية العامة، كما قل ان تجد لبنانيين وهم احد اكثر الشعوب العربية نجاحا من الحائزين لمثل تلك النسب.
وقد يكون لهذه الظاهرة اسباب عدة منها ان بعض من يحوزون اعلى الدرجات هم من الانطوائيين والبصامين المتفرغين للدراسة طوال الوقت ومن ثم تمر عليهم السنوات سريعا دون ان يكسبوا مهارات الاتصال واستيعاب فن العلاقات العامة التي لا يمكن النجاح والبروز في الحياة دونها، كما قد يمتاز بعض حائزي 99.9% بالقدرة فقط على الاجابة عن اسئلة الامتحانات دون القدرة على الابداع والابتكار والاستخدام الأمثل للمواد العلمية التي يحوزون الدرجات النهائية فيها.
سبب آخر هو ان النجاح والبروز في الحياة قد يحتاج لعناصر اخرى لا شأن لها بمناهج الدراسة كالحس الاجتماعي الراقي والروح المرحة والمثابرة وحب المخاطرة، فكثير من شديدي الذكاء لا يودون الإقبال على امر ما الا اذا تأكد لهم بشكل قاطع انه مضمون النجاح ولا مخاطرة فيه، مما يفوت عليهم فرص نجاح وفوز كثيرة في الحياة التي لا يمكن دائما التنبؤ بمتغيراتها، كما انها لا تخضع بالضرورة لمعادلة 1+1=2 المنطقية.
سبب ثالث هو ان الذكاء في وطننا العربي يقوم على التميز النظري في مسائل البعد الثنائي وحل المشاكل الورقية البسيطة، بينما نجد ان الذكاء في المجتمعات المتقدمة كأوروبا وأميركا وشرق آسيا يقوم على معطى ثلاثي الأبعاد وحل المشاكل ذات الجوانب المعقدة، ومن ذلك فشل اذكيائنا في امتحانات القدرات المسماة (I.Q) كونها تقوم على المعطى المعقد لا البسيط والثلاثي او الرباعي الابعاد، ومثل ذلك الفشل العربي في استيعاب علوم الكمبيوترات والإنشاءات والمكائن والتقنية الحديثة عدا بالطبع قلة قليلة من المبدعين العرب فيها.
وأحد أهم اسباب اختفاء مبرزي الثانوية العامة في الازمان اللاحقة هو حقيقة ان مناهجنا الدراسية الاولية لا تكشف القدرات الذاتية والتخصص الأمثل لمثل تلك العقول، ومن ثم قد يتوجه طالب مبرز لعلوم الطب فلا يبدع بها كون قدراته الذاتية تؤهله لدراسة الهندسة والعكس بالطبع صحيح، كذلك انحصر ابتعاث المبرزين الخليجيين والعرب في علوم محددة (الطب والهندسة) فتوقف الابداع في مجالات الحياة الاخرى التي لا تقل اهمية عنها مثل التشريع والتعليم والاقتصاد الخ، فإبراهيم دبدوب كويتي واحد قد يكون اكثر نفعا لبلدنا الذي يشكل الاستثمار البديل الوحيد لنفطه بأكثر من 100 طبيب او مهندس.
آخر محطة:
سعدت بما قرأته من احد مبرزي المعهد الديني هو في الاصل خريج هندسة كهربائية، لقد اثبتت الايام ما لعلوم الشريعة من تأثير قوي على الحياة العربية والاسلامية المعاصرة، لذا بودنا ان توجه نخبة من العقول البارزة، لذلك العلم الديني والإنساني كي تستنبط لنا فهما عصريا وذكيا لاشكالات العصر، للمعلومة كثير من خريجي علوم اللاهوت في الغرب هم في الاصل اطباء ومبرزون في مجالات الحياة الاخرى.
اللذة وغسل الأموات
امور غريبة عدة اصبحت تحيط بنا وتملأ حياتنا هلعا من الكارثة الاخلاقية المقبلة التي تحاول لجان «الكر والفر وكره البرد وحب الحر» الترويج لها.
فقد اعلنت وزارة الاوقاف، بالتعاون مع «مبرة طريق الايمان» دعوة الجمهور لحضور فعاليات «رياض الجنة» للاستماع لمحاضرتين «جماهيريتين» واحدة في الفردوس وهذه «اوكي»، والاخرى في العديلية، وهذه «ليست اوكي»، وورد في الاعلان ان «عباس بتاوي»، المختص بغسل الموتى، القادم لنا من السعودية سيلقيهما، وسيكون موضوع المحاضرتين «وقفات مع مغسل الاموات»!!!
وورد في النشرة الجماهيرية ان المحاضرة ستتضمن عرضا مرئيا لمغسلة الاموات، وسيكون هناك مكان مخصص للنساء.
على النسق العظيم نفسه، قامت جهة مجهولة بنشر اعلانات مكلفة في الصفحات الاولى من غالبية الصحف عن «كيفية التلذذ بالصلاة»، وادعى منظمو الحفل، المجهولو الهوية، ان المحاضرة الاولى، التي القاها رجل الدين «الشاب فلان الفلاني» قد حضرها 20 الف شخص! علما بأن وسائل الاعلام في حينه ذكرت ان الرقم كان اقل من نصف ما ادعوا! حدث ذلك بالرغم من ان الإعداد للمحاضرة تم بطريقة حزبية واضحة تمثلت في نقل الشباب من مراكز تجمع معروفة، وبحافلات مؤجرة، قبل وقت طويل من بدء المحاضرة، التي اقيمت في مسجد الدولة الرسمي الذي جعلته «الحكومة الرشيدة» رهن بنان وسبابة احد الاحزاب الدينية المسيسة حتى النخاع، كما ورد في الاعلان ارقام اربعة خطوط هواتف نقالة وضعت خصيصا تحت تصرف الرجال والنساء للرد على الاستفسارات!
الغريب ان اي جهة لم تتبرع، كتابة او شفاهة، بوضع اسمها على الاعلان، وهذا ما يريب حقا، فإن كان موضوع المحاضرة يصنف ضمن اعمال الخير فما الداعي لتوخي السرية فيه واخفاء اسم الجهة المنظمة، واللجوء إلى أساليب الخش والدس؟ فهذه السرية تعني ان في الامر ما يريب.
لقد صلى المسلمون لاكثر من 14 قرنا بكل هدوء وثقة، وفجأة خرج عليهم من يرغب في ادخال اللذة في صلواتهم وهو عالم بأنه لا يخاطب هنا عقولهم بقدر ما يخاطب غرائزهم، وماتعنيه «اللذة» للكثير من الحضور من الجنسين، وهذا تصرف لا يستقيم والمنطق، ولكن من نخاطب هنا، والجهة المسؤولة اختارت الانزواء بعيدا عن النقد والمسؤولية، بعد ان صرفت اكثر من 30 الف دينار على «حملة لذة مباركة»!!
أحمد الصراف
habibi [email protected]