لم يشهد العالم اهتماماً بالانتخابات الأميركية كما هو حاصل الآن. فأعوام الرئيس جورج دبليو بوش شكلت هاجساً للعالم لأنه يمثل رئيساً لأقوى دولة في العالم من ناحية القدرات العسكرية والانتشار والتكنولوجيا والاقتصاد. ولكن الولايات المتحدة في الأعوام الثمانية الماضية خسرت كثيراً من شرعيتها الدولية التي اكتسبتها عبر العقود. لقد بيّنت الأعوام القليلة الماضية أن القوة العسكرية لوحدها لا يمكن أن تنتصر وتحقق إجماعاً. بل على العكس، تتحول القوة العسكرية إلى مشكلة، عندما تستخدم بلا إجماع وبلا توجه بناء ومبني على صدق استخدامها وعدالة أسلوبها. متابعة قراءة الشرعية الأميركية في العالم
الشهر: يونيو 2008
لأجل الكويت.. صفاً واحداً لا صفين
حظي النطق السامي الذي القاه صاحب السمو الأمير المفدى في افتتاح دور انعقاد مجلس الامة بدعم كبير من الشعب الكويتي الذي رأى في كلماته تعبيرا عما يدور في خلجات نفسه من رغبة حقيقية في توقف عمليات التأزيم السياسي المستمرة في البلد، والبدء بتعاون حقيقي بين السلطتين لخلق ورشة إعمار وبناء تدفع بعمليات التنمية سريعا الى الامام، وقد شهدت صحافتنا ردود فعل موجبة لذلك النطق السامي من مختلف الوان الطيف السياسي والاجتماعي في البلد تمثلت في مقالات ولقاءات اجرتها وسائل الاعلام مع ابناء الشعب الكويتي قاطبة.
ولأن الديموقراطية وحرية الرأي والقول هي من صلب ممارسة المجتمعات المتقدمة الراقية، كما انها امر نص عليه الدستور الكويتي في المادة 36 التي تذكر «ان لكل انسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول والكتابة وغيرهما»، لذا وجد مواطنون من الشعب الكويتي ان يتم ارسال رسالة تعبر عن رأيهم الذي كفله الدستور وتمثل «فقط» من يقتنع بها ويوقّع عليها، تدعم التوجهات التي اتت في النطق السامي، ولذا بدأت عمليات تشاور حول نص الوثيقة وان اتفق على ان صلب الرسالة ايا كانت صيغتها يجب ان يتوافق مع نصوص الدستور الذي يلتف حوله الجميع.
وقد اتت كلمات الوثيقة واضحة صريحة لا تحتمل التأويل او التحوير، ولا تستعدي احدا على احد، ولا تطالب للعلم بالحل الدستوري لمجلس الامة، ناهيك عن الحل غير الدستوري، ومنها نقتطف الفقرات اللاحقة كما نشرت في الصحف: «من اجل ان تبقى الكويت على عهدها، راسخة بثوابتها الوطنية، متقدمة في ممارستها الديموقراطية، قوية بسلطاتها كدولة القانون والمؤسسات، ولكي تنضبط ممارستنا البرلمانية لتظل الوحدة الوطنية ناصعة البياض كما كانت في عهد اسلافنا» فهل يعقل عقلا ومنطقا لمن يثني على «الممارسة الديموقراطية» في «دولة القانون والمؤسسات» ويدعو لأن تدعم «الممارسة البرلمانية» اواصر الوحدة الوطنية ان يدعو للقفز على الدستور وحل البرلمان حلا غير دستوري (!)، ان النص واضح وصريح وكما يقول الحكماء والعلماء لا اجتهاد مع وجود النص.
وتستطرد الوثيقة بالقول «اننا على نهج الآباء والاجداد وعلى رؤاكم وخطاكم في حب الكويت سائرون داعين سموكم حفظكم الله الى اتخاذ جميع الخطوات الكفيلة بضمان تنفيذ هذه التوجيهات الحكيمة حماية للكويت واهلها وصيانة للدستور وللممارسة الديموقراطية السليمة»، فهل من يؤيد ويدعم توجهات صاحب السمو الامير في «صيانة الدستور» كما اتى نصا في الوثيقة المنشورة يمكن ان يتهم بالانقلاب على الدستور الذي يدعو لصيانته والحفاظ عليه؟!
ان ارسال مواطن او جمع من المواطنين رسالة للقيادة السياسية في البلدان المختلفة امر شائع وقائم بشكل يومي، ففي البلدان الديموقراطية كالولايات المتحدة وبريطانيا وغيرهما يتسلم القادة السياسيون آلاف الرسائل اليومية من المواطنين، والحال كذلك في الدول العربية والخليجية التي يرسل مواطنوها ومثقفوها رسائل ينشر بعضها في الصحف لقياداتها السياسية، وهو امر يحدث – للعلم – بشكل يومي في الكويت، فهل يتصور احد ان يناقش الكونغرس الاميركي او مجلس العموم البريطاني او مجلسا الشعب في مصر ولبنان رسالة يرسلها مواطن او مواطنون لقيادتهم السياسية او ان يتم الطعن في وطنيتهم او منعهم من القيام بذلك العمل؟! واذا ما اقتنعنا بأن هذا الامر مقبول في الدول التي تمارس بها الديموقراطية منذ قرون، فلماذا لا يسع ديموقراطيتنا الناشئة ما وسعهم؟!
تتبقى رغبة المواطنين التي عبروا عنها عبر صناديق الاقتراع في التهدئة والحاجة ماسة هذه الايام لاطفاء الحرائق لا اشعالها، وان يعلم الجميع انه لا احد يملك صفة ادعاء تمثيل الشعب الا ممثليه الشرعيين في مجلس الامة، الا ان ذلك التمثيل في بلدنا او غيره من الديموقراطيات المتقدمة لا يعني الحجر على الحريات او القفز على مواد الدستور ومنع الآراء المخالفة كما قرأت في رأي صائب طرح على احد المنتديات.
آخر محطة:
ليتأكد جميع الاطراف انه لا منتصر في معارك التأزيم المتواصلة التي تحدث وان كان هناك دائما وابدا خاسر واحد لتطاحن الابناء هو وطننا جميعا الكويت، فمتى نبدأ بالالتقاء بدلا من الافتراق حول الوطن لرفع شأنه؟!
سوء المنقلب وكآبة المنظر
تبلغ مساحة ايران مليوناً و650 الف كيلومتر (الكويت 18 الفاً)، ويزيد عدد مواطنيها على 75 مليونا (الكويت مليون واحد). وكانت حتى العام 1935 تسمى بفارس، ولكن رضا شاه، والد الشاه الاخير، قام بتغيير التسمية الى «ايران» لتكون التسمية الجديدة ادق تمثيلا لأعراق الدولة المتعددة، بدلا من «فارس» التي تخص فئة واحدة.
تتميز ثلاث دول فقط في العالم هي: ايران والعراق والولايات المتحدة، وكان الاتحاد السوفيتي السابق من ضمنها، بكونها الدول الاغنى في العالم في الطاقة والمعادن والمساحة الشاسعة والمياه الوفيرة واختلاف درجات الحرارة وصلاحية الارض للزراعة والطبيعة الخلابة، نقول ذلك آخذين في الاعتبار الفارق الكبير في مستوى المعيشة بين هذه الدول!
كما تعتبر ايران من اقدم دول العالم، وتظهر آثارها المعروفة امتداد تاريخ الكثير من حواضرها ومدنها لأكثر من 4000 سنة قبل الميلاد وحتى اليوم. كما كانت في العام 625 اول امبراطورية استعمارية في التاريخ.
دخلت فارس الاسلام في عهد الامويين، وقرابة نهاية عهدهم انتزعت منهم على يد ابو مسلم الخراساني لتصبح جزءا من دولة العباسيين.
برعت شعوب فارس، قبل الغزو الاسلامي وبعده لبلادهم، في فنون عدة، حيث كان للموسيقى والغناء شأن كبير لديهم. كما ظهر بينهم الفيزيائي والطبيب المعروف ابو علي سينا والعالم الكبير الفارابي، ومحمد بن موسى الخوارزمي، المعروف بـ «ابو علم الجبر». كما انجبت فارس الفردوسي، دانتي اللغة الفارسية ومحييها. كما كان عمر الخيام وحافظ وسعدي من كبار شعرائها. وبلغ العلم فيها ذروته في القرنين التاسع والعاشر الميلاديين، حيث برز فيهما الكثير من المبدعين في علوم الفلك والرياضيات والطب والفلسفة وغيرها، كما اجادت الشعوب الايرانية الصناعات العالية الدقة، كالرسم والنقش على الحجر وصناعة السجاد والفنون المعمارية العالية.
ثم جاءت ثورة 1979 لتضع حدا فاصلا بين ايران الامس وايران اليوم ولتتوالى الحكومات والانتخابات والاختيارات حتى العهد الحالي الذي تولى فيه محمود احمدي نجاد، باختيار الشعب الايراني وكامل رضاه، رئاسة الجمهورية، وليختار الشعب نفسه مجلسا نيابيا هو الاكثر انغلاقا في تاريخه الطويل بسبب طغيان صبغة الملالي والمتطرفين الدينيين على اعضائه!
فإذا كانت هذه في نهاية الامر اختيارات «الشعب» في دولة ذات جذور ضاربة في عمق التاريخ البشري، فما الذي يمكن توقعه من مخرجات انتخابية شعبية في دولة لا يزيد عمرها على 300 عام او اقل بقليل؟ وهل من حقنا الشكوى من كآبة منظر مجلسنا وسوء منقلب حكومتنا؟
بصراحة، لا اعتقد ذلك! فقد حققنا خلال 300 عام ما استغرق من الايرانيين 6000 سنة لتحقيقه!
أحمد الصراف
habibi [email protected]
مع الحكومة… ضد الحكومة!
إذا تجاوزنا المعادلة التي أفرزها الحراك السياسي في البلاد بما فيها الممارسة البرلمانية بتوزيع الكتل بين موالاة ومعارضة، وصرفنا النظر عن الآثار السلبية التي نتجت عن الممارسة برمتها، والتصنيف برمته، سيبقى أمامنا تصنيف آخر على المستوى الشعبي… أي بين عامة الناس في البلد لتصنيف بعضهم بعضا أيضا بين مواطن شريف «مع الحكومة» وآخر عميل «ضد الحكومة».
وفي نظري، فإن الحكومة ممثلة في القيادة والدولة بوزرائها ومسئوليها وأجهزتها، لا يمكن أن تشغل نفسها بهذه التصنيفات، وإن حدث وانشغل أو اشتغل بعض كبار المسئولين بهذا التصنيف باعتباره قضية «مصيرية»، فإن أمثال هؤلاء لا يستحقون أن يبقوا في مناصبهم، ذلك أنهم يعلمون تماما بأن ما يجري في البلاد على أيدي مثيري هذه التصنيفات ليسوا سوى أطرافا تريد إبقاء فتيل الفتنة مشتعلا، وبالتالي، فإن بقاء المجتمع تحت هذا التصنيف لا يمكن أن يحقق إضافة إيجابية للسلم الاجتماعي، ولاشك في أن ما تبقى من مسميات الوحدة الوطنية والأسرة الواحدة ستكون عرضة للضربات تلو الأخرى… تتعافى من واحدة فتأتيها الأخرى أشد قوة.
مع الحكومة أو ضد الحكومة، ما هي إلا ممارسة وشكل من أشكال التنفيس البغيض في عقول نفر من القوم، من يعرفهم الناس جيدا، سواء كانوا من المسئولين أم من النواب أم من الصحافيين أم من المشايخ والعلماء أم من أتباع التيارات السياسية الذين يحكمون قبضتهم في هذه الوزارة أو تلك…
على أي حال، لن نفتأ نتحدث عن حقيقة الوضع الذي يعيشه المواطنون في البلد، فمن الصعب مراضاة الحكومة بالتطبيل والتصفيق الدائم، لأن في ذلك خيانة للوطن! من جهة أخرى، لا يعني أن انتقاد الحكومة، لابد وأن يأخذ الشكل العنيف القاسي الذي يربك الأوراق ويؤثر حتى على المنهج الوطني السلمي، فوضع اليد على مواطن الخلل والتقصير والتجاوز والفساد هو أمر مطلوب مع أنه لم يجدِ نفعا طوال السنوات الماضية! وهذه حقيقة مرة، لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال الركون إلى اليأس والاستسلام برفع شعار: «الحكومة صمّت آذانها»!
ولنبقى في حدود رأي الشارع البحريني… فالغالبية العظمى من المواطنين، أصابهم اليأس… نقصد هنا يأسهم من أن تتبدل الأحوال إلى الأفضل على مستوى الخدمات ومشروعات التطوير وتحسين المستوى المعيشي، ولم يعد انتقاد المواطن موجها إلى الحكومة فحسب، بل طال المؤسسة التشريعية التي لن يمكن سريعا محو صورة أدائها السيئ التي تشكلت في عقل المواطن.
ليس صحيحا أن يصنف المواطن الذي يعبر عن ضيقه وتذمره ومعاناته بأنه ضد الحكومة، ويبقى ذلك الشخص الذي يلمع ويطبل ويصفق ويرقص وكأنه المواطن الصالح الشريف! وليس في الأمر تحريضا للخروج على ولاة الأمر في حال التعبير عن الآراء الناقدة بحرية وشفافية… بل أن القيادة كررت في مناسبات كثيرة، اهتمامها بما تنقله الصحافة الوطنية، باعتبارها الصوت الأول للمواطن في البلد أولا، ولأن دورها مكمل لدور الحكومة وينقل إليها صورة حقيقية عن أوضاع المواطنين ثانيا.
فدعونا من سلسلة «مع وضد» فهي فاشلة «بامتياز».
زقزقة العصافير والهيافة
أحب زقزقة العصافير وتغريد البلابل وصوت شلالات المياه ودقات العيدروسي على المرواس. كما أعشق صوت سوناتات موزارت ونغم عود الفضالة ومنظر قوس قزح وصوت ماريا كالاس، وهدير بافاروتي على مسرح «لاسكالا» وأزياء كوكو شانيل وتصميمات ايف سانت لوران وشموخ جبال نجران وعظمة سجاد فارس. كما يسكرني صوت أم كلثوم من غير خمر، ويبكيني منظر طفل جائع وأم مشردة وأب مكلوم، وأهيم بالسفر فجرا والتعرف إلى العالم وتذوق أطعمته والتواصل مع أناسه نغما وعيشا ولقمة وابتسامة، وأحب لقاء بوتشييلي ورؤية رسوم بيكاسو والانصات لصوت سيزاري أيفورا. كما أميل لتلمس أوراق الأشجار في يوم ندي وأهيم بمنظر الفراشات وهي ترفرف بأجنحتها فوق الأزهار، ولا أشبع من النظر لأهرامات مصر وما تخبئه من أسرار، واستنشاق رائحة العشب المشذب توا، وشم بخار الجبس المرشوش بالماء، ومشاهدة أفلام يوسف شاهين وفرانسيس فورد كوبولا ومريم قاليباف، وقراءة «امرأتين» البرتو مورافيا و«أيام» طه حسين و«أولاد حارة» نجيب محفوظ ومخرجات عقل «بل غيت» وجنون أفكار السنعوسي وقفشات عبدالحسين عبدالرضا وخالد النفيسي، وتمثيل سناء جميل وايشور كومار، والسفر بالقطار عبر البلدان والأمصار والأنفاق، والجلوس تحت قبب مساجد عشق آباد وباكو وسمرقند وشيراز واسطنبول، والاستلقاء تحت أسقف كاتدرائيات فلورنس والفاتيكان وكومو وآيا صوفيا، والتطلع بشغف لمعابد السيخ في سرينغار، والدخول إلى معابد البوذيين في تايلند، والسير في ممرات قصور المهراجات في راجستان ومحاولة استعادة طريقة حياتهم.
آه كم أود السير على قمم جبال روكي والنزول منها هرولة لوادي الغراند كانيون، والسباحة في بحيرة ناصر، وتناول أرجل الضفادع في مقاهي باريس، وتدخين السيجار في بار بمدينة انفرنس، وصيد السلمون على سواحل فانكوفر، والتسكع في ساحات مراكش، والسير دون كلل في شوارع القدس العتيقة…!!
آه كم هي جميلة هذه الحياة! وكم هي رائعة هذه الأرض التي تضم مرابع وأماكن شتى أكثر بكثير من قطع منطقة كيفان وأزقة بريدة وجمعيات الجهراء! وهنا لن نتكلم عن الكون اللانهائي الذي يبلغ حجمه من جانب الى آخر أكثر من 93 مليار سنة ضوئية، وللمقارنة فقط فان حجم أي مجرة لا يزيد على 30 ألف سنة ضوئية، والمسافة الاعتيادية بين أي مجرتين متجاورتين لا يزيد على 3 ملايين سنة ضوئية، بل سنتكلم عن الكرة الأرضية التي يزيد عدد سكانها اليوم عن 6 بليون و700 مليون نسمة ويبلغ عمرها
54، 4 مليارات سنة، وتشكلت الحياة فيها في المليار سنة الأولى، والتي تزيد عدد لغات ساكنيها ومعتقداتهم على عشرات الآلاف، التي يعتقد بضعة نفر من سكانها أنهم يمتلكون الحقيقة، وان الصواب فيما يتبعونه من لبس وكلام وسلام وهيئة وتصرف ومعتقد!!
سلام على الحقيقة يوم ولدت وأسف عليها يوم ماتت!!
أحمد الصراف
[email protected]
الزعل… مرجلة
كانت البداية عندما تلقيت اتصالا من فرنسا يخبرني فيه المتحدث بأنه والد أحد الأطفال المبتعثين للعلاج في الخارج. رجاني المتصل أن أثني في مقالي على الدكتور فيصل السعيدي الذي يتصل من الكويت عليه وعلى غيره من أهل المرضى للاطمئنان على صحة أطفالهم، ويتابع أحوالهم من هاتفه النقال وعلى حسابه الشخصي… أعجبني الموضوع، لكن الذي لفت انتباهي أكثر هو اسم الدكتور… ترى، هل فيصل السعيدي هو ذاته الطالب الذي زاملته في دراسة الطب في أوكرانيا، ذلك الطالب النابغة؟… نعم، إنه هو بالفعل.
التقينا أنا و«الزميل القديم»، وبعد الحديث عن ذكريات المرحلة تلك، طلبت منه السماح لي برؤية «وحدة جراحة قلوب الأطفال والعيوب الخلقية» لأنني سمعت عنها قصائد هجاء، فوافق وزرته مساء يوم عطلة، وأثار فضولي منظر «بطانية ومخدة» فوق خزانة الملفات، وعرفت بأنه يقيم في المستشفى أكثر من بيته، عملا بنصيحة أستاذه والأب الروحي لجراحة قلوب الأطفال في العالم الدكتور الفرنسي كلود بلانشيه الذي ذكر فيها بأن «على أطباء هذا التخصص متابعة حالات الأطفال لخمس وعشرين ساعة في الأربع والعشرين ساعة يوميا»، لأن «قلوب الأطفال غدارة»، وعلاجها كالتزحلق على الجليد، عندما تسير بكل سلاسة، وفجأة يبرز أمامك نتوء فتنقلب الأمور وترتفع رجلاك إلى الأعلى ويصطدم رأسك بالأرض! وبالمناسبة، قمنا ببث تصريح لبلانشيه في الحلقة ذاتها في برنامج «مانشيت» على «الراي» التي استضفنا فيها الدكتور فيصل السعيدي.
والسعيدي لمن لا يعرفه، هو من التقته محطة «سي أن أن» بعدما أجرى عملية نادرة هنا في الكويت، وكتبت تفاصيل العملية هذه في «التقرير الطبي الدولي»، وهو من قال عنه الدكتور الفرنسي آلان ساراف، كما شاهد الناس في الحلقة، بأنه بمستوى أطباء فرنسا وأميركا، بشرط أن تتوافر له الإمكانيات…
في مكتبه، قال السعيدي لي: «من المحزن أن أتحول من طبيب إلى مراسل يدور بين مكاتب المسؤولين ليستجديهم توفير أطقم تمريضية متخصصة، أو توفير مبنى متكامل، أو إنجاز معاملة فريق استشاري فرنسي، وغيرها من الأمور التي كان يجب ألا تشغلني عن متابعة عملياتي»، وكأنّ الأمر يخصني شخصيا ولا يخص أحدا غيري! ويضيف: «بح صوتي لكثرة مطالباتي بتوفير طبيبين على الأقل يساعداني، فأنا رب أسرة (مع الأسف)! ولأطفالي حق عليّ كما للأطفال الآخرين، ولولا أن زوجتي طبيبة هي الأخرى وتدرك طبيعة عملي لما احتملت غيابي الطويل عن المنزل»… قال السعيدي كلاما كثيرا بيني وبينه، رفض أن يقوله في حلقة «مانشيت» «كي يتبقى للناس أمل في حكومتهم».
أنا يا دكتور فيصل فاقد للأمل في هذه الحكومة، وفي هذا الشعب الذي لا يغضب. وكما قلت أنت في الحلقة: «الزعل مرجلة»، فأين الزعل؟ أو بالأحرى… «أين المرجلة»؟
بأمانة، بدأنا نتعلم الغضب، بعدما توالت اتصالات الأطباء علينا في التلفزيون، يعلنون من خلالها، تأييدهم للدكتور فيصل والسير على طريقه بالاستقالة، ما لم تتعدل أوضاع مستشفياتهم… جميل.
شكرا للسعيدي الذي فتح قلبه وتحدث بشفافية، قبل أن يفتح درج مكتبه ليخرج عروض المستشفيات الكبرى في الخارج ويدرسها، على أمل ألا ينسى وعده لي بإجراء مقارنة بين جدية مسؤولي تلك الدولة ومسؤولي حكومتنا «الرشيدة»، وإن كنا نعرف النتيجة مسبقا.
* * *
ضحكت كثيرا عندما علمت بأن معالي وزير الصحة، كما جاء في جريدة «الراي» أمس، كلّف وكيل الوزارة بالاجتماع بالدكتور السعيدي والوقوف على أسباب استقالته، فقام الوكيل بتكليف الوكيل المساعد بالاجتماع بالدكتور فيصل والوقوف على أسباب استقالته، هاهاها، فقام الوكيل المساعد بتكليف سكرتيرته بالاتصال بالسعيدي! والحمد لله أنها «تواضعت» ولم تكلف الفراش بالاتصال نيابة عنها… وهيك شعب بدّو هيك مسؤولين يلعبون في «حسبته» ويستهترون بـ«قلوب أطفاله».
نثريات آخر الأسبوع
لم نكتف بأن نكون الدولة الوحيدة في العالم التي تنشر محاضر مجلس الامة في وسائل الاعلام، مما يجعل النواب الافاضل وخاصة الحكماء منهم في حالة محاسبة يومية من قبل بعض الناخبين، بل اضفنا الى ذلك امرا غير مسبوق في اي ديموقراطية اخرى وهو نشر كيفية التصويت الفردي على القضايا المختلفة، مما يهدد بتحول جميع الاعضاء الى دعم قضايا الدغدغة على حساب مستقبل البلد واجياله المقبلة.
التقينا في حفل العشاء الذي اقامه العم عبدالعزيز الغنام بالسفيرة الاميركية الجديدة ديبورا جونز وقد اتضح من اللقاء معها اطلاعها العميق على مجريات الامور في البلد وتفاصيل اوضاعنا وامراضنا السياسية، وكنت قد التقيت في الليلة السابقة بمجموعة من رجال الاعمال الاميركان لدى احد الاصدقاء، وقد قال احدهم إنه يستغرب من ضعف العرب في الدفاع عن قضاياهم كونه يستطيع بـ 10 ملايين دولار فقط تكوين «لوبي» مؤثر في الكونغرس الاميركي.
شاهدت على احدى الفضائيات الاجنبية برنامجا عن مشروع النخيل في دبي وبقية المشاريع المماثلة في الخليج والمنطقة العربية والتي يتم من خلالها استغلال البحر لاقامة الجزر والمنشآت التنموية وقد تذكرت على الفور مشروع شركة عقارات الكويت اوائل الثمانينيات لانشاء 6 مدن بحرية تحيط بالكويت من الشويخ شمالا حتى الخيران جنوبا، الا ان الحقد والحسد عطلا ذلك المشروع الواعد الذي كان سيوفر عشرات الآلاف من القسائم المطلة على البحر دون ان يكلف الخزينة العامة فلسا واحدا، والغريب ان يتساءل بعض ممن ساهم في تعطيله عن السبب في تأخر الكويت وتقدم الجيران؟ السبب ستراه عند النظر في أقرب مرآة.
يباع في كثير من محلات الادوات الصحية وبأسعار زهيدة مصفيات تضاف الى الحنفيات في المنازل يمكن من خلالها توفير 90% من استهلاك المياه ومثل ذلك مصابيح الاضاءة الخاصة التي توفر 30 – 50% من الطاقة الكهربائية.
هناك حاجة لفرض استخدام تلك الانظمة بحكم القانون قبل الترخيص لاي منازل ومنشآت جديدة ومعها ضرورة تركيب عدادات ماء وكهرباء حديثة لكل وحدة سكنية في البلد ودون ذلك سيتساءل المواطن والمقيم عن الفائدة من التوفير ما دامت الوزارة تحصل فواتيرها بناء على معدلات استهلاك افتراضية ثابتة لا حقيقية.
لديهم – بعكسنا – شح في الطاقة ووفرة في الغذاء لذا بدأوا بتحويل الغذاء الى وقود نظيف، احتجاجنا على فعلتهم تلك سيجعلهم يردون علينا بالقول حولوا طاقتكم النفطية الى غذاء تأكلونه، او ضاعفوا الانتاج وخفضوا الاسعار كي تلبوا حاجياتنا، وفي هذا السياق اخرجت هوليوود عام 80 فيلما ضم عملاقي السينما الاميركية انذاك مارلون براندو (العراب) وجورج سكوت (الجنرال باتون)، وكان اسم الفيلم «الوصفة» وتحدث الفيلم في ذلك الوقت المبكر عن وصفة ناجحة لانتاج الوقود من المواد العضوية مما يتسبب في النهاية في الاستغناء عن العرب ومنظمة اوپيك، وهل يتذكر احد منا فيلما عربيا تحدث او تنبأ قط بالمستقبل؟! نحن وافلامنا نعيش في الماضي فقط ولا نعبره.
آخر محطة:
تطالب ابنتي وصديقاتها شركة السينما بتوفير خيارات اكثر للغذاء في صالات العرض بحيث تغني من يذهب للسينما عن الذهاب للمطاعم، وهناك حاجة لخفض الاسعار في حفلات الصباح والظهيرة وفي دور السينما التي لا تلقى رواجا كالحال في دول العالم الاخرى، التسويق في الكويت وبشكل عام والذي يشمل كل القطاعات سيئ جدا.
سيندي والضوابط الشرعية
تخرجت سيندي من جامعة جنوب كاليفورنيا المرموقة كمدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة، وهو تخصص، اضافة الى ندرته، يحتاج الى طاقات هائلة فيمن يرغب في التخصص فيه وجعله وظيفة عمر. ولهذا لا نجد حتى جامعة عربية أو اسلامية واحدة، وفي أكثر من 45 دولة في العالم، لديها مخرجات في هذه المادة العظيمة والانسانية المهمة!!
ما أن توفي والد سيندي فجأة حتى تفرغت لادارة شركته المتخصصة في توزيع مشروب «الجعة».
نجحت سيندي في عملها الجديد وتضاعفت مبيعات وأرباح الشركة بالتالي خلال فترة قصيرة بفضل أساليب عملها المميزة.
تضمن عقد زواجها من جون شرطا يعطيها الحق في الاحتفاظ بممتلكاتها خارج الحياة الزوجية، وبالتالي أتاحت لها ثروتها الشخصية، وانشغال زوجها في السياسة، فرصة التطوع دون مقابل في فرق ازالة الألغام في دول العالم المصابة بهذه الكارثة.
لسيندي وجون ابن يبلغ التاسعة عشرة يؤدي خدمته العسكرية في العراق، وآخر يدرس في الأكاديمية البحرية. أما ابنتهما الوحيدة فقد تخرجت اخيرا في الجامعة ويشغل ابنهم الأكبر وظيفة مرموقة في مؤسسة الأم التجارية المعروفة.
التقت سيندي في عام 1991، وبطريق الصدفة، بفتاة صغيرة في ملجأ للأيتام في بنغلادش، والأرجح أن تكون مسلمة. حثتها الأم تيريزا على تبني الطفلة والاهتمام بها بالرغم من أنها كانت تعاني من شق خلقي واضح في الحلق، اضافة الى مصاعب صحية أخرى. وافقت سيندي على تبني الفتاة وأحضرتها للولايات المتحدة حيث أخضعتها لأكثر من عشر عمليات جراحية، حتى شفيت تماما، وأصبحت جزءا من العائلة.
لدى سيندي وجون مؤسسة خيرية تهتم بقضايا الأطفال، كما أنها، اضافة لنشاطها المستمر في مجال ازالة الألغام الأرضية، تشارك مع جهات دولية عديدة في تقديم الماء والطعام للمناطق المنكوبة بسبب الحروب أو الكوارث الطبيعية، ولها دور فعال وكبير في هذا المجال.
ستبدأ سيندي قريبا حملة انسانية تسمى «عملية البسمة» تهدف لزرع الابتسامة على وجوه الأطفال المصابين بتشوهات خلقية في وجوههم، وستشمل جولتها عددا من دول العالم.
تعرضت سيندي لعمليتين جراحيتين في عمودها الفقري، وبسبب اضطرارها المستمر للسفر والتنقل بمختلف وسائل النقل وفي أكثر المناطق خطورة ووعورة في العالم، فقد لجأت للاعتماد على الأدوية المسكنة للآلام وهذا أدى بها، مع الوقت، وباعترافها، للادمان عليها. وتعتقد سيندي أن هذا الاعتراف هو جزء من عملية شفائها التام من هذا الادمان.
سيندي هي زوجة جون ماكين المرشح لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأميركية عن الحزب الجمهوري.
ألسنا بحاجة الى نساء مثل سيندي، أم أن تقيدنا بالضوابط الشرعية سيمنع وجودها بيننا الى الأبد؟
أحمد الصراف
[email protected]
هل «الدولة» تريد ذلك؟
أصبح موضوع «التحشيد الطائفي» من الموضوعات القديمة، بل المملة والمكررة في البلد، ولكنه مع ذلك لا يجد تعاملا صارما، وقبضة «حديدية»من جانب الدولة… دولة القانون والمؤسسات، لكي تلقم كل طائفي حجرا؛ مما جعل الكثير من الناس يقولون: «إن الدولة لتريدُ ذلك».
ومن «يقولون» ليسوا من العامة، والسوقة، والغوغاء، بل من أصحاب العقول والحس الوطني الذين لا يمكن التشكيك فيهم!
هل الدولة تريد ذلك فعلا؟ ليس لدي الإجابة، ولكن قد يكون لدى الدولة ممثلة في وزارة عدلها وإعلامها وقوانينها ومجلس قضائها ومجلس إسلامها الأعلى، ونوابها… نعم نوابها الجواب عن ذلك السؤال!
لا بأس من إعادة التذكير بنقاط كثيرة أجدها مهمة. وتَكرارها هنا، يأتي من باب التنويه إلى أنها أمور مهمة، وأقول قد لا نرغب في استخدام مفردات مثل :»الفريقين… الطائفتين… المذهبين»، ولكننا – عَنوة – ندور في فلك ذلك الشحن الذي لا يكاد يتوقف من طرف حتى يشعله طرف آخر! والكل يتفنن… بعض صغار الكتّاب وكبارهم يتفننون… مشايخ وخطباء ما عرفوا الحق من الباطل يتفننون… معلمون ومعلمات يتفننون… ناشطون سياسيون، بل قل جمعيات برمتها تتفنن…والغريب أن الدولة صامتة تجاه أي حركة تحشيد! اللهم باستثناء بعض الخطوات الخجولة تحدث لتطييب النفوس… ثم ما تلبت تلك النفوس أن تشحن من جديد!
أصبح التحشيد يتقلص ويتقلص، لكنه ربما يعود للعمل النشط اليوم، أو غدا، أو ربما بعد ساعة من الآن… أما اليوم – أي ظهيرة يوم الجمعة المبارك – فلابد من أن هناك «بلاعيم» لا يمكن أن تسكن في تجويفها إعلانا للحق ودفاعا عنه (شعارات فحسب)… حسبي أن أولئك لا يريدون إلا أمرا واحدا، أن تتردى الأوضاع.
أصبح غالبية المواطنين يعلمون بأن «الذيب ما يهرول عبث»… كذلك الطائفي، والبوق، وصاحب التصريحات النارية المستمرة، ومديرو منتديات الفتنة، وأنا وأنت وأنتم… الكل مكشوف في عيون الناس، ولا شيء يخفى في بلادنا الصغيرة.
أغرب ما وقعت عليه خلال الفترة الماضية، هو أن بعض المنتديات المخصصة لإثارة الفتنة، وبعض أبواق منابر الجمعة، لا يتحركون إلا بنظام «هاتف العملة»! هل عرفتم القصد؟ أي أن هناك يا جماعة نظام مكافآت خاصا وسريا للغاية يصرف لمن يعمل في «الإعلام الطائفي» وخصوصا في المنتديات الإلكترونية!
أهم نقطة يا جماعة، أن الناس ترفض أن يضحك عليها أحد!
أوباما والبيت الأبيض
بدأ العد الحقيقي للانتخابات الأميركية التي لن تخلو من المفاجآت الجديدة. لقد كانت عملية سعي كل من كلينتون واوباما لكسب ترشيح «الحزب الديموقراطي» انعكاسا لحالة صراع مرير في كل محطة. فقد تواجهت أكثر امرأة نجحت في الوصول إلى الترشيح الرئاسي مع باراك اوباما ذي الجذور الملونة والمختلف عرقيا وثقافيا. لقد أحدث هذا بداية تغير يزداد عمقاً في الولايات المتحدة. ففي هذا الصراع بين امرأة متميزة، وبين سياسي محنك ذي قدرات شخصية كبيرة من خارج الإطار الأميركي التقليدي ما يعكس طبيعة الولايات المتحدة التي تتفاعل مع التغير. في هذا المجتمع لكل فئة صوتها، ولكل من يمتلك طموحاً فرص جمة لاثبات النفس وإيصال الصوت. هكذا يعيد بالتحديد باراك صياغة القصة الأميركية بصفتها قصة فرص وصراع واختلاف. في هذا تضيف تجربة اوباما الشخصية والعامة الكثير من الجديد على الإرث الأميركي.
والواضح الآن أن الكاريزما التي يتمتع بها اوباما لعبت دورها في إيصاله إلى هذا الترشيح، ولكن في الوقت نفسه هناك انتقال عام في «الحزب الديموقراطي» وبين قواعده باتجاه اليسار مما ساهم في إضعاف وسطية كلينتون، ومحاولتها أن تكون بين اليمين وبين اليسار. إن يسارية اوباما تجاه الوضع الداخلي، وتجاه التنوع في الولايات المتحدة، وتجاه السياسة الخارجية التي امتهنها الرئيس بوش ساهمت بجدارة في نيله ترشيح «الحزب الديموقراطي». متابعة قراءة أوباما والبيت الأبيض