قلنا ان الديموقراطيات في العالم تمتاز بمنحها الحريات للشعوب وديموقراطيتنا بالمقابل هي القامع والمصادر الاول للحريات العامة تارة باسم الرقابة وتارة باسم محاربة الظواهر الدخيلة، كما اشتهرت الديموقراطيات عامة بدعم عمليات البناء والتنمية بينما اوقفت ديموقراطيتنا الفتية التنمية بحدها من الاعمار الحكومي لاعتقادها ان خلف كل مشروع كبير سرقة كبرى، ثم ألحقته بإيقاف المشاريع الكبرى للقطاع الخاص المقامة بنظام B.O.T بحجة ان في ذلك تفريطا بالاراضي العامة للدولة التي يجب ان تبقى حسب ذلك الفهم صحارى قاحلة تورث لأجيالنا القادمة.
وجرت العادة ان يصاحب قيام الديموقراطيات وقف النزيف المالي للدول بحكم السلطة الرقابية للبرلمان، الا اننا نلحظ الامر معكوسا تماما في ديموقراطيتنا الفريدة، حيث اظهرت دراسة للزميلة «القبس» ان كلفة الطلبات النيابية المدغدغة لبرلماننا الجديد (برلمان 5 دوائر) جاوزت 17 مليار دينار خلال ايام قليلة وهي في جلها تستهدف القضاء على روح العمل والابداع لدى الشعب الكويتي كحال من يغدق المال على ابنه ليفسده.
ومن أوجه الهدر والصرف غير المعقولة وغير المسبوقة حتى في البرلمانين الصيني والهندي اللذين يمثل نواب كل منهما 1.3 مليار نسمة، حكاية 15 – 20 «سكرتير تنفيعي» لكل نائب ستستخدم بالقطع كمكافأة للمفاتيح الانتخابية يدفع لها من المال العام الذي يفترض ان يكون النواب الافاضل امناء اشداء على اوجه الصرف منه، ونتحدى ان يكون من هؤلاء المنتدبين احد مختص في الاقتصاد او التشريع او المحاسبة.. الخ ممن يحتاجهم النائب لتحسين ادائه.
وبدأنا اليوم نحصد كلفة مزايدات نواب الامس، حيث اتضح تزايد العجز الاكتواري في مؤسسة التأمينات التي تظلنا جميعا بظلها، قارب 10 مليارات دينار، والتساؤل المحق، من اين كنا سنأتي بتلك الاموال لو ان اسعار النفط قد انخفضت بدلا من ارتفاعها ومن سيسد بعد سنوات قليلة عجزا اكتواريا جديدا بسبب دغدغة هذه الايام؟!
ومن بدع البرلمان الكويتي غير المسبوقة في تاريخ الديموقراطيات الاخرى في العالم حكاية اعادة اي مشروع مدغدغ يتم رفضه من قبل عقلاء المجلس على نهج «وراهم وراهم»، اي يسقط مقترح اسقاط القروض فتتم اعادته ويتم اسقاط فتح زيادة 50 دينارا لمن يتجاوز راتبهم الألف دينار، فتتم الاعادة.. الخ، وكأن هناك من حلف واقسم على افراغ خزائن الدولة من الاموال العامة بدلا من الحفاظ عليها، كما اتى في القسم الدستوري كي تبيت اجيالنا المقبلة في العراء.
وكم ثمن الاجازة الصيفية؟! وهل يعقل ان تسلق ميزانية عامة جاوزت 80 مليار دولار في دقائق قليلة لأن هناك من يود الاسراع في قضاء اجازته الصيفية؟! ان الرقابة على الميزانية العامة هي عين الشعب والحكومة والقيادة السياسية على الاموال العامة، فأين ذهبت الملاحظات والتعقيبات التي تحتاج لسهر الليالي في دراسة الميزانية ومشورة المختصين كي تستفيد الكويت من الملاحظات والتعقيبات الراقية على أوجه الصرف في تلك الميزانية غير المسبوقة في تاريخ البلد منذ نشأته؟ لا جواب.
آخر محطة:
(1) مبروك للاخ الفاضل هشام البغلي فوزه بانتخابات المجلس البلدي وسنوصل له ان شاء الله مطالبات منطقتنا المنكوبة.. اليرموك!
(2) و«مبروك» كبيرة، فقد حزنا اخيرا المركز الاول في شيء ما حيث نشرت صحف الامس حيازة ديبلوماسيينا وبجدارة المركز الاول في عدد المخالفات المرورية في ولاية نيويورك مقر الأمم المتحدة مقارنة بديبلوماسيي 200 دولة اخرى، خوفي بعد ذلك أن يتحسر العالم على تحريرنا..!!