ولو أراد المصريون أو السوريون لحوّلوا بلديهما إلى محج سياحي ينظر إلى دبي وقطر كما تنظر الأم لابنتيها الصغيرتين، ودبي هي حديث سكان المريخ وزحل وعطارد، أما قطر فحديث سكان المريخ فقط، إلى الآن على الأقل. وهي موعودة بزحل خلال سنتين، سيقاتل القطريون لاختصارها إلى سنة… أقول لو أراد المصريون والسوريون ذلك لاستطاعوا، فلديهم من خدمات الطبيعة وكنوز الأرض ما يدفعك للتوجه إلى مكتب سفريات تعرفه ليؤمّن غرفة لك في الفنادق المشغولة بأكملها.
الأولى لديها الأهرامات، والآثار المعروضة هنا وهناك، والبحر والجبل، ونقاء المصري وبساطته. أما الثانية فهي النموذج الأرضي للجنة، عيّنة صغيرة منها (tester). لكنها في قبضة رئيس شاب تخصص في نثر الشعارات في الهواء الطلق. فهو حتما وقطعا وبالتأكيد سيحارب إسرائيل وأميركا وأوروبا، وقد ضبط ساعة المنبّه على موعد الحرب الذي لا يعرفه سواه، ووضع الساعة بجانب رأسه، لكن بطارياتها للأسف لا تعمل. إذاً فلا مانع من تأجيل الحرب وخنق الحياة في الداخل أيضا وتمضية الوقت في تفجير السيارات، لأن «اليد العاطلة باطلة» يا صديقي، ولا مانع كذلك من تأجيل تأهيل البنية التحتية وسن القوانين الذكية التي تفتح الباب على مصراعيه لدخول أباطرة السياحة العالميين ومعهم سلاسلهم الفندقية. هذا كله يمكن تأجيله بانتظار بطاريات المنبه. لكن المنبه اختفى، أين المنبه، من الذي سرقه؟ ليست سرقة يا صديقنا، نحن الإيرانيون أخذناه لتزويده بالبطاريات وضبطه على توقيت طهران. الجيب واحد. متابعة قراءة العداد و«السبع ولاد»
اليوم: 29 يونيو، 2008
خارطة العنف الإقليمية
خارطة العنف والصراع في الشرق الأوسط تسيطر على الوضع. فهناك حرب محتملة مع إيران، بينما يعلن الرئيس السابق محمد خاتمي المعروف بوسطيته ترشحه للرئاسة في إيران للانتخابات المقبلة. وهناك مأزق لبنان المستمر بين اشتباكات في الشمال وصعوبة تشكيل الحكومة وآفاق انعكاس حرب محتمله مع إيران على لبنان، إلى جانب محاولات اللبنانيين الخروج بتسوية تتابع ما اتفقوا عليه في قطر. متابعة قراءة خارطة العنف الإقليمية
ديموقراطية النهب والهدر
قلنا ان الديموقراطيات في العالم تمتاز بمنحها الحريات للشعوب وديموقراطيتنا بالمقابل هي القامع والمصادر الاول للحريات العامة تارة باسم الرقابة وتارة باسم محاربة الظواهر الدخيلة، كما اشتهرت الديموقراطيات عامة بدعم عمليات البناء والتنمية بينما اوقفت ديموقراطيتنا الفتية التنمية بحدها من الاعمار الحكومي لاعتقادها ان خلف كل مشروع كبير سرقة كبرى، ثم ألحقته بإيقاف المشاريع الكبرى للقطاع الخاص المقامة بنظام B.O.T بحجة ان في ذلك تفريطا بالاراضي العامة للدولة التي يجب ان تبقى حسب ذلك الفهم صحارى قاحلة تورث لأجيالنا القادمة.
وجرت العادة ان يصاحب قيام الديموقراطيات وقف النزيف المالي للدول بحكم السلطة الرقابية للبرلمان، الا اننا نلحظ الامر معكوسا تماما في ديموقراطيتنا الفريدة، حيث اظهرت دراسة للزميلة «القبس» ان كلفة الطلبات النيابية المدغدغة لبرلماننا الجديد (برلمان 5 دوائر) جاوزت 17 مليار دينار خلال ايام قليلة وهي في جلها تستهدف القضاء على روح العمل والابداع لدى الشعب الكويتي كحال من يغدق المال على ابنه ليفسده.
ومن أوجه الهدر والصرف غير المعقولة وغير المسبوقة حتى في البرلمانين الصيني والهندي اللذين يمثل نواب كل منهما 1.3 مليار نسمة، حكاية 15 – 20 «سكرتير تنفيعي» لكل نائب ستستخدم بالقطع كمكافأة للمفاتيح الانتخابية يدفع لها من المال العام الذي يفترض ان يكون النواب الافاضل امناء اشداء على اوجه الصرف منه، ونتحدى ان يكون من هؤلاء المنتدبين احد مختص في الاقتصاد او التشريع او المحاسبة.. الخ ممن يحتاجهم النائب لتحسين ادائه.
وبدأنا اليوم نحصد كلفة مزايدات نواب الامس، حيث اتضح تزايد العجز الاكتواري في مؤسسة التأمينات التي تظلنا جميعا بظلها، قارب 10 مليارات دينار، والتساؤل المحق، من اين كنا سنأتي بتلك الاموال لو ان اسعار النفط قد انخفضت بدلا من ارتفاعها ومن سيسد بعد سنوات قليلة عجزا اكتواريا جديدا بسبب دغدغة هذه الايام؟!
ومن بدع البرلمان الكويتي غير المسبوقة في تاريخ الديموقراطيات الاخرى في العالم حكاية اعادة اي مشروع مدغدغ يتم رفضه من قبل عقلاء المجلس على نهج «وراهم وراهم»، اي يسقط مقترح اسقاط القروض فتتم اعادته ويتم اسقاط فتح زيادة 50 دينارا لمن يتجاوز راتبهم الألف دينار، فتتم الاعادة.. الخ، وكأن هناك من حلف واقسم على افراغ خزائن الدولة من الاموال العامة بدلا من الحفاظ عليها، كما اتى في القسم الدستوري كي تبيت اجيالنا المقبلة في العراء.
وكم ثمن الاجازة الصيفية؟! وهل يعقل ان تسلق ميزانية عامة جاوزت 80 مليار دولار في دقائق قليلة لأن هناك من يود الاسراع في قضاء اجازته الصيفية؟! ان الرقابة على الميزانية العامة هي عين الشعب والحكومة والقيادة السياسية على الاموال العامة، فأين ذهبت الملاحظات والتعقيبات التي تحتاج لسهر الليالي في دراسة الميزانية ومشورة المختصين كي تستفيد الكويت من الملاحظات والتعقيبات الراقية على أوجه الصرف في تلك الميزانية غير المسبوقة في تاريخ البلد منذ نشأته؟ لا جواب.
آخر محطة:
(1) مبروك للاخ الفاضل هشام البغلي فوزه بانتخابات المجلس البلدي وسنوصل له ان شاء الله مطالبات منطقتنا المنكوبة.. اليرموك!
(2) و«مبروك» كبيرة، فقد حزنا اخيرا المركز الاول في شيء ما حيث نشرت صحف الامس حيازة ديبلوماسيينا وبجدارة المركز الاول في عدد المخالفات المرورية في ولاية نيويورك مقر الأمم المتحدة مقارنة بديبلوماسيي 200 دولة اخرى، خوفي بعد ذلك أن يتحسر العالم على تحريرنا..!!
لا.. يخسه!
التقيت بصديقي وزير الإعلام السابق، في مجلس محفوف وخاص. كان يبدو عليه القرف والتشاؤم من أداء مجلس الأمة، وأبدى تخوفه على مستقبل البلاد ان استمر الحال على هذا الوضع، وقال إن الحل يكمن في حل المجلس خمس سنوات، وهذا ما يجب ان تدفع به الصحافة «الحرة»!
وافقته لكي اتخلص من الحاحه بعد ان تبين لي أنه ليس من قراء مقالاتي، وليس في ذلك أي غضاضة، فلو كان يقرأ ما اكتب لما اسر لي برغبته الدفينة تلك، حيث سبق ان كتبت عن الموضوع نفسه قبل يوم من ذلك اللقاء معارضا الحل غير الدستوري.
في اليوم التالي ذهبت إلى أحد المستشفيات لإجراء فحوص طبية، وبدلاً من انتظار النتيجة قمت بالتجول في أروقة المستشفى، وأخذني صديق طبيب إلى الطوابق السفلى، حيث المختبرات ومخازن الأدوية وغرف التحضير وإجراء بعض الفحوصات الطبية.
خرجت من المستشفى وقد انتابني الأسى والألم لوضعه «الكسيف» والمخجل، في طريق العودة، وعلى الطريق السريع، شاهدت كم الإعلانات الدينية التي قامت جهات مجهولة بتلطيخ الجسور والأعمدة بها، بحيث لا تعرف هل أنت في طريق سريع أم في ساحة مدرسة دينية.
كما شاهدت كم الأوساخ والاتربة التي تجمعت مع الوقت على حواجز الطريق وشوهت منظره البائس أصلا، وجعلت الأمر يبدو وكأنك تقود مركبتك وسط صحراء كلهاري.
اضطررت يومها للخروج من المكتب مرة ثانية للقيام بزيارتي عمل لمصلحتين حكوميتين، وهناك، لأجل الصدف (!!!) شاهدت كم كان أثاث تلك المكاتب بائسا، وكم كانت وجوه العاملين فيها كالحة حزينة، وكم كانت المعاملة سيئة لمن يلبس دشداشة، فما بالك بمن كان في مثل حالتي، ببدلة ومن غير شعر رأس أو لحية أو حتى شارب خفيف؟!
وهنا توقفت وسألت نفسي هل يا ترى لو تم حل مجلس الأمة حلا «انقلابيا» لخمس سنوات، سينصلح وقتها حال مستشفياتنا وتزدهر أحوالنا وتجارتنا وتتعدل أوضاع وزاراتنا وتختفي الرشوة ولا تطلب الرشفة من كل عقد وقيد ومعاملة؟ هل مجلس الأمة البائس هو الذي سمح، وعلى مدى أربعين عاما تقريبا، لمشكلة البدون ان تكبر لتصبح في حجم الكارثة؟
هل مجلس الامة السيئ الذكر هو الذي سمح بكل هذه التجاوزات والتعديات على املاك الدولة سواء في المناطق الصناعية او الشاليهات او الدواوين؟ هل مجلس الامة كان هو السبب في استمرار انقطاع الكهرباء عن دولة تنتج ثلاثة ملايين برميل يوميا من الوقود، وجله يستخرج للبيع؟
وهل مجلس الامة، بالرغم من كل مساوئه، هو الذي منع الصرف على رفع مستوى الخدمة في كل مخافر الدولة ووزاراتها؟
وهل مجلس الامة، الذي لم نشاهد اسوأ من ادائه في السنوات الاربع الاخيرة، هو الذي تقاعس عن تجنيس الكفاءات، ومنح الجنسية لمن يسوى ولا يسوى، وتغاضى عن المتاجرة بالبشر وسمح بالتعدي على حرماتنا وكشف سجلاتنا بسبب سوء افعال مؤسساتنا الخيرية؟
فيا صديقي الوزير السابق، والذي اخترت الاستقالة دون ان «تبق البحصة»، ربما خوفا على ما تبقى من مصالحك التجارية، فإن الحكومة، التي كنت يوما عضوا فيها، هي السبب الاساسي وراء سوء اوضاعنا، وهذا لا يخلي اعضاء مجلس الامة من المسؤولية عن سكوتهم عن سوء اداء الجهاز الوظيفي! ولكن يعذر هؤلاء لانهم في غالبيتهم لا يفقهون كيف يديرون الخاص من اوضاعهم، فما بالكبمهمة التصدي للتشريع والقيام بأعمال الرقابة والترشيد لاعمال الحكومة؟
وعليه فإن مطالبتك يا الحبيب بالتخلص من مجلس الامة، ولو لسنة واحدة، لا يوجد ما يبررها، وليست بالتالي في مصلحة الوطن و.. المواطن، ولا نود هنا ان نقول ابحث عن المستفيد، ولكننا قلناها!
أحمد الصراف
هل من تواصل بين الديوان الملكي وعلماء الشيعة؟
هل يمكن أن يكون الطريق معبدا!
ولماذا يجب ألا يكون كذلك؟ هل هي من المسلمات أو الحقائق النهائية غير القابلة للنقض أو التفنيد، أن نسلم إلى أنه من المستحيل أن تكون هناك قنوات تواصل بين علماء الطائفة الجعفرية في البلاد، وبين الديوان الملكي ممثلا في القيادة الشرعية للبلاد ولو من باب العلاقة بين الحاكم والمحكوم؟
سأكون ممتنا جدا لمن يقدم لي إجابة واضحة ومنطقية لسؤال أجده، وأعتقد أن غيري يجده مهما أيضا وهو: «هل يمكن أن يتحقق التباحث والتوافق بين الطرفين في القضايا الحساسة والملفات المرهقة، وأولها على الإطلاق، قضية علاقة الطائفة بمؤسسة الحكم، في ظل انتفاء الرابط بين الجهتين؟ ولماذا نقبل ببقاء هذه القطيعة؟ وكيف يمكن أن نخطو خطوة للأمام والسبل مقطعة؟
تبدو حساسية المرحلة التي تمر بها البلاد اليوم، أكثر تعقيدا من أي وقت مضى، فالتحولات الإقليمية القريبة ضاعفت التعقيد بدرجات أعلى، فيما لن تكون نذر الحرب في المنطقة بتوجيه ضربة عسكرية أميركية إلى إيران ذات تبعات أقل خطورة! والأهم من ذلك، أن الأوان قد آن، لكي يكون لرموز الطائفة الجعفرية في البلاد آلية تواصل مع قيادة البلاد ممثلة في جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو
ولي العهد نائب القائد الأعلى، فليس من المعقول أن تبقى «القطيعة «أيا كانت المبررات وأيا كانت شاكلة العلاقة بين الطرفين، فأعضاء المجلس العلمائي يمتلكون الخبرة والدراية والتجربة لأن يكون لهم إسهام حقيقي ومؤثر في مجريات الأمور في البلاد نحو الأفضل، ونحو حوار وطني مستمر مع القيادة، ولا يمكن أن تتحرر هذه العلاقة من القيود ما لم تكن هناك مبادرات، من الطرفين، للإتفاق على إنهاء مرحلة «القطيعة» والسير في اتجاه العمل لتحقيق مصلحة الوطن والمواطنين، وليس عصيا طرح كل القضايا ذات
الأولوية العليا على طاولة الحوار.
من المؤسف القول، إن الرموز العلمائية والشخصيات الشيعية في كل دول الخليج لها علاقات متميزة مع الأنظمة الحاكمة، عدانا نحن!
ولدينا أبرز مثالين على مستوى الخليج:الشيخ حسن الصفار القطيفي وطد العلاقة بين المواطنين السعوديين الشيعة مع مؤسسة الحكم، حتى أعلن مرارا أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كرس نهج الحوار الوطني والمساواة بين المواطنين وأعلن حربه على الفقر ورعايته للفقراء وتعهد بإنجاز خطوات الاصلاح التي يتطلع اليها المواطنون.
أما في دولة الكويت، فاستطاع أمين عام تجمع العلماء المسلمين الشيعة في الكويت السيد محمد باقر المهري ترسيخ الخصوصية الكويتية الأصيلة لشيعة الكويت من خلال صوته الذي يصل الى أمير البلاد مباشرة، مستندا على حقيقة أن الولاء الأول والأخير للكويت والموقف هو ذاته موقف الحكومة الكويتية والقيادة السياسية للبلد.
وإذا كان ثمة استدراك يراه البعض، في عدم دقة المقارنة واختلاف الملفات والقضايا بيننا وبين الآخرين، فإنه مهما يكن الأمر، فلا يمكن تحقيق تقدم على صعيد قضايانا المتنوعة والمتعددة والمعقدة، ما لم يكن هناك تواصل بين علماء الشيعة الذين يمتلكون نفوذا في الشارع السياسي والقيادة السياسية، يتخذ من الحوار الوطني جسرا للحديث بصراحة وثقة متبادلة بين الطرفين تضع نهاية لكل هذه الأوجاع التي يعاني منها جسد الوطن.