ردت مرشحة الرئاسة هيلاري كلينتون على من لامها بأنهم وصلوا لقرب موعد المؤتمر الديموقراطي العام المزمع عقده في شهر أغسطس ولم تنسحب بأن المرشح روبرت كينيدي قام بذلك الأمر قبل أربعين عاما حيث كان يحاول دون كلل الحصول على ترشيح الحزب حتى يوم مقتله في 4/6/68 وقد استهجنت الصحافة ذلك التشبيه مما عجل بانسحابها دون ان يعلموا ان فرصة هيلاري كانت أكبر بكثير من فرصة كينيدي الذي لم يحز إلا 390 من أصوات المندوبين مقابل 570 مندوبا لمنافسه هوبرت همفري الذي خسر في النهاية أمام الرئيس نيكسون.
ويتهم كثيرون الرئيس جون كينيدي بوفرة علاقاته النسائية وهو أمر لا يعد شيئا كما يذكر الكاتب ديڤيد كيسلر في كتابه «داخل البيت الأبيض» مقارنة بخليفته «الكاوبوي» الليبرالي القادم من الجنوب الرئيس ليندون جونسون الذي كان يحضر معه بعد كل اجازة يقضيها في تكساس فتيات جميلات يمارس مع بعضهن الحب على الطائرة الرئاسية في وقت تجلس فيه زوجته الليدي بيرد في مقدمة الطائرة، كما اشتهر عنه تجواله مع أحد «مساعديه» على المبتدئات العاملات في البيت الأبيض (كحال مونيكا لوينسكي فيما بعد) وكان يشير بالاصبع لمن يريدها من الفتيات حيث يفاتحها المساعد بالأمر ويرتب جلسة الأنس متى ما وافقت وهي أمور كانت مقبولة في حقبة الستينيات أي زمن الحريات الجنسية.
وفي يونيو 67 حدثت النكسة العربية الكبرى، وفي يونيو 68 كان الشعب العربي مازال محبطا ويبحث بلهفة عن بطل يرفعه للعلياء بدلا من بطله السابق عبدالناصر حتى أحيلت هزيمة «الكرامة» في الأردن التي وقعت في شهر مارس من ذلك العام الى بطولة وهمية رفع من خلالها البطل الجديد ياسر عرفات الى عنان السماء وتسابق بعد ذلك مئات «الأبوات» من قيادات المنظمات المختلفة لادعاء عمليات وبطولات وهمية داخل اسرائيل طمعا في المال والسمعة.
ضمن تلك الساحة العربية المتعطشة لبطل وصل المرشح الديموقراطي روبرت كينيدي لفندق الامبسادور في لوس انجيليس ضمن جولته الانتخابية وكان حاله كحال المرشحين الأميركان في الأمس واليوم قد اعلن عن دعمه لاسرائيل ووعد ببيعها طائرات الفانتوم حال فوزه، ولم يكن ذلك الدعم – للعلم – سيغير من وضعه الانتخابي اليائس شيئا كما ان بقية المرشحين قد وعدوا بالشيء نفسه ووصلت فيما بعد تلك الطائرات لاسرائيل التي حققت من خلالها الانتصار في حرب الاستنزاف حيث مكنتها من ضرب العمق المصري ومنعت وصول الطائرات المصرية لعمقها لتفاوت القدرات الكبير بين الطائرات الأميركية والروسية.
في الوقت ذاته كان يوم 4/6/68 تعيسا جدا لشاب فلسطيني هاجر قبل عشرة أعوام لأميركا ولم يعرف عنه قط اهتمامه بالسياسة بل انصرف كليا للعمل في احد أندية الصيد والفروسية كـ «جوكي» وكان يتدرب كحال الأميركان على ضرب النار من مسدسه الشخصي الصغير في ذلك النادي وقد ترك ذلك المساء النادي غاضبا لأحد البارات ليحتسي أربعة أقداح «توم كولن» كبيرة ويسكر للمرة الأولى في حياته كما روى في اعترافاته التي نشرت في كتاب «قتل روبرت كينيدي» للمحقق الجنائي الشهير دان موليديا.
لم يستطع سرحان المشي او قيادة سيارته للذهاب لبيته لذا دخل بالمصادفة البحتة لمطبخ فندق امبسادور صارخا «قهوة، قهوة» كما يروي الشهود الا ان القدر جعل المرشح كينيدي يترك الممر الطبيعي والمعتاد ويدخل الى المطبخ للسلام على الطباخين ليفاجأ سرحان السكران والغاضب والمشوش معا بشخصية بارزة أمامه فيخرج مسدسه ويطلق النار دون وعي ومازال حتى هذه اللحظة يروي أنه لا يذكر ما حدث على الاطلاق وينتهي الحادث في تلك المرحلة المضطربة بأن يصبح السكران سرحان بطلا قوميا عربيا ولولا مسيحيته لأصبح بطلا اسلاميا كذلك، ويذهب روبرت كينيدي ضحية لعربي فاقد الوعي يبحث عن فنجان قهوة أميركية لا عربية لاستعادة وعيه.
آخر محطة:
بعد عرض فيلم «المرشح المنشوري» قبل أعوام قليلة الذي يظهر مرشح رئاسة أميركيا يزرع في رأسه زر صغير يجعله يأتمر بالأوامر ويفعل أشياء لا يتذكرها فيما بعد، قال أصحاب نظرية المؤامرة الأميركان ان سرحان هو أول من جرب عليه ذلك الاختراع وان ذلك سبب عدم اطلاق سراحه حتى اليوم ونسي اخوتنا الأميركان دعاة المؤامرة ان عقلنا العربي لا يحتاج لزرع أزرار كي تشوش عليه للقيام بأعمال مجنونة لا يذكرها فيما بعد فتلك الأمور مزروعة في ادمغتنا خلقة ونقوم بها كل يوم.