توسعت أعمال ديوان المحاسبة وأصبح الديوان يمسك بمفاصل الدولة، فعبر تقاريره يتم استجواب وإبعاد الوزراء، لذا نرجو الحرص كل الحرص على ألا تتولى زمام أموره أطراف حزبية أو سياسية تصبغه بصبغتها وتجعل هذا الطرف أو ذاك يهيمن بشكل مباشر على القرار الحكومي في بلد تتغير فيه التحالفات والصداقات بأسرع من تغيير سرعة الرياح، وكيل الديوان السيد عبدالعزيز الرومي شخصية كفؤة عاقلة أمينة غير منتمية لأي تيار وهو المرشح الأفضل لذلك المنصب المهم بعد تقاعد العم براك المرزوق الذي لا توفيه الكلمات حقه من الثناء.
أقولها بصراحة كبيرة وبقلب محب للديموقراطية في البلد: إنني أجد استحالة – لا صعوبة – في شرح أو ترجمة القضايا التي تدور حولها الأزمات في ملعبنا السياسي لأي صديق أو إعلامي زائر، أي كيف أشرح أزمة رسالة الدواوين أو لبس الوزيرتين أو الظواهر السلبية أو المقترح الأخير بالسجن 5 سنوات لأي مواطن يبدي رأيه الحر الشخصي بدعم الحل غير الدستوري، أحد الزملاء المخضرمين لم يتعرض لمثل هذه العقوبة القاسية جدا إبان المجلس «المزور» عام 67 عندما قام بزرع المتفجرات في منزل وزير الداخلية، فهل يتعرض لها هذه الأيام بسبب مطالبته الشخصية بالحل غير الدستوري؟ وللعلم لا توجد اتفاقية تبادل مجرمين مع البرازيل إن أحب الارتحال إليها.
لدى بعض مصوري البرلمان مكر شديد، فقد قام البعض منهم بنشر صور للقطات مقربة تظهر بعض النواب المعترضين على لبس الوزيرات الفاضلات وهم في حالة أحاديث ضاحكة معهن لذا فما الداعي لعمليات التصعيد غير المبررة التي تحاول الحصول على حكم قضائي دستوري بفرض «الملافع» أو «البراقع» على وزيرات الحاضر والمستقبل؟! علينا أن نحاسب الوزيرات الفاضلات على ما في رؤوسهن من خطط لخدمة الوطن والمواطنين لا على ما يلبسنه فوق الرؤوس.
لا ألوم على الاطلاق وزير المواصلات الفاضل عبدالرحمن الغنيم على تكرار مقولته انه لا ينام الليل بسبب قضايا السلامة في «الكويتية» واشاطره تماما ذلك التقييم الذي ستتلوه مقالات مختصة لاحقة، وأرى أن مساري السلامة والتخصيص متلازمان، حيث لن يتقدم احد لشراء مؤسسة ذات طائرات متهالكة يتم التخبط الشديد في التعامل مع قضايا السلامة فيها، لقد دوّن في محاضر مجلس الامة ذلك التحذير الذي يمس حياة كل مواطن، ويفترض أن يتلوه تقرير يومي يوضع على مكتب الوزير كل صباح عن مستوى السلامة في المؤسسة من قبل الجهة المختصة بالرقابة عليها، ونعني سلطة الطيران المدني التي يرأسها شخص شديد الكفاءة والاختصاص هو م.
فواز الفرح الذي يجب ان يستمع لاقواله وألا يضرب بتوصياته عرض الحائط.
وفي هذا السياق لم أفهم على الاطلاق ما قاله أحد النواب من أن شراء الطائرات قبل التخصيص خط أحمر، فما نعرفه هو أن «جميع» شركات الطيران العربية الحكومية قد تقدمت دون استثناء بطلبات شراء طائرات وتحديث لاساطيلها توفيرا لنفقات الوقود الباهظة وحفاظا على سلامة ركابها، رغم أن كثيرا منها لديه خطط مستقبلية «للتخصيص»، فهل من قال تلك المقولة أكثر علما وعقلا وكفاءة من القائمين على تلك الشركات الحكومية الدولية كالإمارات والقطرية والاتحاد والخليج..إلخ؟ قاتل الله الجهل والفساد وسيادة مبدأ إما أن استفيد شخصيا أو فلتذهب المصلحة العامة للجحيم.
وللمعلومة، سواء بقيت «الكويتية» حكومية وهو الأمر المرجح، أو وجدت – في أمر أشبه بالاستحالة – من يرضى بشراء شركة تخسر مئات ملايين الدولارات سنويا وأصولها عبارة عن طائرات متهالكة ومبان مملوكة للغير، فالواقع يظهر أن عليها أن تجدد الأسطول حفاظا على سلامة ركابها، ولا يوجد في أسواق الطيران إلا أسطول طائرتي بوينغ 787 والايرباص 320، كبديل لما هو موجود فما الذي استفادته الكويت و«الكويتية» من إلغاء صفقة شراء طائراتها بعد أن تضاعفت هذه الأيام أسعارها وتأخر موعد تسليمها والنتيجة في النهاية واحدة، هذا ما لم ننتظر حتى ندفع ضريبة الدم قبل اتخاذ القرار السليم، والحديث ذو شجون.