سامي النصف

لأجل الكويت.. صفاً واحداً لا صفين

حظي النطق السامي الذي القاه صاحب السمو الأمير المفدى في افتتاح دور انعقاد مجلس الامة بدعم كبير من الشعب الكويتي الذي رأى في كلماته تعبيرا عما يدور في خلجات نفسه من رغبة حقيقية في توقف عمليات التأزيم السياسي المستمرة في البلد، والبدء بتعاون حقيقي بين السلطتين لخلق ورشة إعمار وبناء تدفع بعمليات التنمية سريعا الى الامام، وقد شهدت صحافتنا ردود فعل موجبة لذلك النطق السامي من مختلف الوان الطيف السياسي والاجتماعي في البلد تمثلت في مقالات ولقاءات اجرتها وسائل الاعلام مع ابناء الشعب الكويتي قاطبة.

ولأن الديموقراطية وحرية الرأي والقول هي من صلب ممارسة المجتمعات المتقدمة الراقية، كما انها امر نص عليه الدستور الكويتي في المادة 36 التي تذكر «ان لكل انسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول والكتابة وغيرهما»، لذا وجد مواطنون من الشعب الكويتي ان يتم ارسال رسالة تعبر عن رأيهم الذي كفله الدستور وتمثل «فقط» من يقتنع بها ويوقّع عليها، تدعم التوجهات التي اتت في النطق السامي، ولذا بدأت عمليات تشاور حول نص الوثيقة وان اتفق على ان صلب الرسالة ايا كانت صيغتها يجب ان يتوافق مع نصوص الدستور الذي يلتف حوله الجميع.

وقد اتت كلمات الوثيقة واضحة صريحة لا تحتمل التأويل او التحوير، ولا تستعدي احدا على احد، ولا تطالب للعلم بالحل الدستوري لمجلس الامة، ناهيك عن الحل غير الدستوري، ومنها نقتطف الفقرات اللاحقة كما نشرت في الصحف: «من اجل ان تبقى الكويت على عهدها، راسخة بثوابتها الوطنية، متقدمة في ممارستها الديموقراطية، قوية بسلطاتها كدولة القانون والمؤسسات، ولكي تنضبط ممارستنا البرلمانية لتظل الوحدة الوطنية ناصعة البياض كما كانت في عهد اسلافنا» فهل يعقل عقلا ومنطقا لمن يثني على «الممارسة الديموقراطية» في «دولة القانون والمؤسسات» ويدعو لأن تدعم «الممارسة البرلمانية» اواصر الوحدة الوطنية ان يدعو للقفز على الدستور وحل البرلمان حلا غير دستوري (!)، ان النص واضح وصريح وكما يقول الحكماء والعلماء لا اجتهاد مع وجود النص.

وتستطرد الوثيقة بالقول «اننا على نهج الآباء والاجداد وعلى رؤاكم وخطاكم في حب الكويت سائرون داعين سموكم حفظكم الله الى اتخاذ جميع الخطوات الكفيلة بضمان تنفيذ هذه التوجيهات الحكيمة حماية للكويت واهلها وصيانة للدستور وللممارسة الديموقراطية السليمة»، فهل من يؤيد ويدعم توجهات صاحب السمو الامير في «صيانة الدستور» كما اتى نصا في الوثيقة المنشورة يمكن ان يتهم بالانقلاب على الدستور الذي يدعو لصيانته والحفاظ عليه؟!

ان ارسال مواطن او جمع من المواطنين رسالة للقيادة السياسية في البلدان المختلفة امر شائع وقائم بشكل يومي، ففي البلدان الديموقراطية كالولايات المتحدة وبريطانيا وغيرهما يتسلم القادة السياسيون آلاف الرسائل اليومية من المواطنين، والحال كذلك في الدول العربية والخليجية التي يرسل مواطنوها ومثقفوها رسائل ينشر بعضها في الصحف لقياداتها السياسية، وهو امر يحدث – للعلم – بشكل يومي في الكويت، فهل يتصور احد ان يناقش الكونغرس الاميركي او مجلس العموم البريطاني او مجلسا الشعب في مصر ولبنان رسالة يرسلها مواطن او مواطنون لقيادتهم السياسية او ان يتم الطعن في وطنيتهم او منعهم من القيام بذلك العمل؟! واذا ما اقتنعنا بأن هذا الامر مقبول في الدول التي تمارس بها الديموقراطية منذ قرون، فلماذا لا يسع ديموقراطيتنا الناشئة ما وسعهم؟!

تتبقى رغبة المواطنين التي عبروا عنها عبر صناديق الاقتراع في التهدئة والحاجة ماسة هذه الايام لاطفاء الحرائق لا اشعالها، وان يعلم الجميع انه لا احد يملك صفة ادعاء تمثيل الشعب الا ممثليه الشرعيين في مجلس الامة، الا ان ذلك التمثيل في بلدنا او غيره من الديموقراطيات المتقدمة لا يعني الحجر على الحريات او القفز على مواد الدستور ومنع الآراء المخالفة كما قرأت في رأي صائب طرح على احد المنتديات.

آخر محطة:
ليتأكد جميع الاطراف انه لا منتصر في معارك التأزيم المتواصلة التي تحدث وان كان هناك دائما وابدا خاسر واحد لتطاحن الابناء هو وطننا جميعا الكويت، فمتى نبدأ بالالتقاء بدلا من الافتراق حول الوطن لرفع شأنه؟!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *