التفاؤل بواقع الكويت مازال ممكناً. فهناك عشرات من عناصر القوة. فالكويت تمتلك شعباً يعبر عن نفسه بصورة علنية، وتمتلك حريات في التعبير قلما نجد لها مثيلاً في العالم العربي، كما أنه في الكويت قدرات مالية كبيرة تعكس أوضاعها النفطية والأسعار المواتية في الأعوام القليلة الماضية، كما تمتلك الكويت نظاماً ديموقراطياً يسمح لها بالتواصل السياسي الذاتي على كل صعيد. في الكويت الحكم تشاوري، والحكم مشترك بين مجلس الأمة وبين الحكومة، ولكل مسؤول صلاحيات. في واقع كهذا لا بد من التفاؤل بالتعبير العلني، وبوجود مؤسسات ديموقراطية في ظل إمكانيات اقتصادية متوافرة. إن تداخل العناصر الرئيسية في الكويت بإمكانه أن يحولها إلى واحة رخاء وتنمية إقليمية. متابعة قراءة هل نتفاءل أم نتساءل؟
اليوم: 4 يونيو، 2008
وزراء ونواب والخيارات الخاطئة
استضافتنا ليلة قبل أمس الزميلة منتهى الرمحي في برنامجها الشائق «بانوراما» على العربية، وقد سألتني عن الوزير د.فاضل صفر، وكان مما قلته في الاجابة ان قضيته لربما قد حفظت أو ان الامر مازال منظورا من قبل القضاء، لذا فلا يجوز لأحد التحدث به، وقد اتصل بي احد الزملاء المطلعين على خفايا الامور ليخبرني ان القضية لم تحفظ كونها لم تصل اصلا للقضاء، حيث تم اطلاق سراح من تم استدعاؤهم لعدم وجود تهمة ثابتة بحقهم.
الضوابط الشرعية تعني عقلا ومنطقا الحشمة اي الا يأتي نائب او نائبة، وزير أو وزيرة للمجلس بشورت او لباس غير لائق بذلك المكان، ولا يعني ذلك بالقطع قضية اطالة اللحية أو تقصير الدشداشة للرجال أو الحجاب أو النقاب او البرقع او الملفع للنساء، للمعلومة الوزيرات الفضليات متزوجات وبعضهن جدات، ولا يجوز لبعض النواب تعريضهن لما تعرضن له بالأمس.
وللمعلومة ايضا، لبس الحجاب في جلسة خاصة امام السيد نصرالله او الشيخ ابن عثيمين طبقا لشروط الشخص الداعي
لا يعني فرض لبسه في الاماكن العامة التي لا تشترط ذلك.
تم في الوزارة الاخيرة توزير ممثلين عن الكتل والتوجهات السياسية المختلفة، فتم انتقاد ذلك التشكيل بدعوى ضرورة البعد عن «المحاصصة» ولو تم الاخذ بتلك النصيحة لانتقد التشكيل – من تاني – كونه لم يأخذ نتائج الانتخابات بعين الاعتبار ويوزع الوزارات بالمحاصصة، حل الاشكال ان يتم في المرة القادمة وضع لائحة بحكومتين مشكلتين بطريقتين متضادتين ثم تعلن الاولى قبل القسم وما ان يتم انتقادها – كالعادة – حتى يتم اخراج التشكيلة الثانية المتوافقة مع متطلبات المنتقدين من الادراج والاعلان عنها، وصدقوني راح تنتقد كذلك من نفس مقترحيها.
كنا اكثر الناس اعتراضا على الطاعنين بنتائج الانتخابات الماضية بعد نشر النتائج التفصيلية في الزميلة «الشاهد» قبل يومين، نرجو حسما للامر ان يصدر امر قضائي بإعادة الفرز يدويا بحضور جميع المندوبين ثم تقر النتائج الجديدة، فالحق اولى ان يتبع ومن الضرورة بمكان ان يتم اصلاح اي قصور او نواقص في العملية الانتخابية مستقبلا.
يفترض ان يؤدي طول الممارسة للاتقان والاختيار الصحيح، احد مخضرمي المجلس الافاضل دعا للدوائر الخمس وتبعه الآخرون بحجة انها ستقضي على الفرعيات وشراء الاصوات.. الخ، فثبت العكس تماما، وتحول من المركز الاول في النظام السابق الى المركز التاسع في النظام الذي دعا اليه، كذلك تبنى مقترح الاراضي العامة للدولة، مما اوقف تماما تحويل الصحاري القاحلة الى اسواق ومنتزهات عامرة وهجرة الملايين للخارج، كما اعلن ترشيحه للرئاسة ثم الانسحاب منها بطريقة اضرت به ايما ضرر، كما اعلن دون داع تأييده للنائب الفاضل عبدالله الرومي فأكسبه عداواته وخصوماته، وادى به الى الكارثة، المرجو من النائب المخضرم التوقف عن الدعوة هذه المرة للدائرة الواحدة غير المعمول بها في العالم أجمع كونها دعوة لتدمير البلد وتخريب العملية الديموقراطية بالكامل.. وكفاية اجتهادات خاطئة، فالكويت ليست حقل تجارب.
السلام والعلم ومرجعيون
تباينت ردود الفعل على رفض النائب محمد هايف، الوقوف في حفل رسمي اثناء عزف النشيد الوطني. كان البعض مستهجنا وآخرون مستحسنين، وهؤلاء كانوا في غالبيتهم من غلاة رجال الدين. والغريب ان الصورة التي احدثت كل تلك الضجة بينت كذلك وقوف ضيوف آخرين من اتجاه النائب نفسه، وفي الصف نفسه، فكم سلف هناك غير العلمي والعلمي!
قامت بعض الصحف المحلية بسؤال مجموعة من رجال الدين عن رأيهم في تصرف النائب، فقال احدهم انه فعل حسنا، فالوقوف لسماع السلام الوطني مكروه لعدم وجود ما يبرره «شرعا»! وقال آخر إن تحية العلم لا تجوز شرعا، بل هي بدعة محدثة! ومن الواضح ان من قال ذلك، او افتى به، لم يسمع ان المسلمين، ومنذ اول ايام الرسالة، كان لهم علم مميز يحمله محارب قدير وان سقط في الحرب حمله من هو بعده.. وهكذا! وصرح رجل دين ثالث بأن تحية العلم وتقبيله واجلاله، حرام شرعا!
على الرغم من ان احترام العلم ورفعه على الصواري وعلى الدوائر الرسمية وتمييز سفارات الدولة به، واداء التحية له، مدنيا وعسكريا، امور محدثة ــ كما صرح هؤلاء ــ فان من الواضح ان هناك عشرات آلاف الامور المحدثة التي يتسابق رجال الدين هؤلاء وغيرهم لاستخدامها بالرغم من انها امور محدثة او طارئه او جديدة، بل ان هؤلاء غالبا ما يصرون على ان يكون طلبهم من احدث طراز وآخر تصميم وأحدث موديل!
سنتفق مع المعادين لتحية العلم وللوقوف للسلام الوطني واحترام النشيد الوطني، على أنها امور «محرمة شرعا»، على الرغم من ان ايا منهم لم يورد سببا مقنعا يبين فيه سبب التحريم الشرعي. ولكن، هل كل ما يقوم به المسلم اليوم في هذا الزمن المتشابك في علاقاته والمتداخل في اموره هو في حقيقته متسق مع شرع هؤلاء، وهو بالتالي حلال عند الجميع؟ ألم يعارض متولي الشعراوي طويلا غرف العناية المركزة في المستشفيات بحجة انها تبقي المريض حيا من خلال اجهزة انعاش، وبالتالي هي ضد ارادة الله، وما ان اصيب صاحب هذا الرأي بالمرض حتى نقل بطائرة ملكية الى لندن ليبقى اسير العناية المركزة لشهر ليعيش بعدها سنوات طويلة؟
وماذا عن حكم الملالي في طهران، ألم يأخذوا من الامور قشورها عندما رفضوا ارتداء ربطة العنق، بحجة انها تقليد للشيطان الاكبر ولم يتوانوا في اللحظة نفسها عن ارتداء ما يصنعه هذا الغرب الكافر من قماش لأطقم ملابسهم وحرير عباءاتهم ونظارات قراءاتهم الدينية وأسلحة دمارهم؟!
للسيد محمد هايف حق رفض الوقوف عند عزف السلام الوطني ورفض تحية العلم، ولكن هل سيرفض القسم على احترام الدستور، وهو بدعة؟ وهل سيرفض فكرة استعراض حرس الشرف، وهي ضلالة؟ وماذا سيكون رأيه في الاستعانة بالخبراء الدستوريين والمحكمة الدستورية، وكلها مستجدات محرمة شرعا؟ وماذا عن رئيس السن وانتخابات اللجان، واصوات النساء التي اتت به نائبا، وعشرات، لا بل مئات القضايا الخلافية المستحدثة الاخرى التي لا يستطيع احد الفكاك منها، حتى لو اراد، الا اذا هجر الدنيا وما فيها وسكن كهفا بعيدا منفردا وحيدا؟! وهذا لن يحدث، فالسيارة المجانية والهاتف الخلوي وجواز السفر الخصوصي ووفود الصيف الاوروبي كلها في انتظار نوابنا، وامام كل هذه الاغراءات تهون مرجعيون.
أحمد الصراف
[email protected]