هناك ممارسات نيابية متوارثة على الساحة السياسية المحلية تحمل اخطاء جسيمة لا تغتفر الا انها تصبح مع كثرة تكرارها امورا مقبولة لدى بعض النواب خاصة في غياب عمليات التنمية السياسية والدورات التدريبية لممثلي الشعب، ومن تلك الممارسات الخاطئة الاعتراض المسبق على اسماء بعض الوزراء احيانا وعلى التشكيلة الوزارية ككل احيانا اخرى.
ففي ذلك الاعتراض مخالفة صريحة لمواد الدستور التي يقسم النائب على الالتزام بها والدفاع عنها حيث تنص المادة 50 – للتذكير – على «يقوم نظام الحكم على اساس فصل السلطات وتعاونها ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل او بعض اختصاصاتها» اي لو رضي من يناط به تشكيل الحكومة حسب المادة 56 أن يتنازل عن صلاحية تعيين الوزراء وتركها لمن يريد من النواب لما ارتضى الدستور الكويتي ذلك.
وقد قرأت اسماء من تم تكليفهم بالوزارة وسيرهم الذاتية اكثرمن مرة لعلي اجد فيهم من لا تنطبق عليه شروط التعيين الوزاري فلم اجد، ولحظت كذلك تنوع اسماء الوزراء وانتماءاتهم وتخصصاتهم وشهاداتهم العلمية بل وحتى شهادات ميلادهم بالنسبة لاعمارهم مما جعل التشكيل ممثلا بحق لرغبات الشعب الكويتي، حيث تم توزير المنتمين لجميع الكتل السياسية والشرائح الاجتماعية التي اختارها الناخبون في الانتخابات الاخيرة.
وهناك من النواب من لم يقرأ آراء الشعب الكويتي ودوواينه بطريقة صحيحة ونسي سريعا تذمر الشعب قاطبة من عمليات التأزيم السابقة فبات يهدد «من تاني» بعمليات تأزيم جديدة قادمة مع حكومة لم تبدأ عملها بعد، كما انتقد بعض النواب والكتاب التشكيل الوزاري كونه قام على «المحاصصة» حسب قولهم اي توزير منتمين لجميع كتل المجلس بقصد حصد الدعم والتأييد لمشاريع الحكومة الهادفة لخدمة الناس، وهو امر مشروع جدا، ولو اتى التشكيل بعيدا عما سمي بالمحاصصة لتم نقده كذلك من قبل النواب والكتاب أنفسهم بحجة ان هناك من لم يحسن قراءة نتائج الانتخابات.
ومن الامور الضارة بمصداقية النواب الافاضل نقدهم المسبق لوزراء تم التجديد لهم على اعمال تمت في الحكومة السابقة، وهو امر مخالف تماما لنصوص الدستور، كما قام البعض الاخر بمهاجمة وزراء جدد قبل ان يمارسوا اعمالهم، مما يعني العودة للنهج الضار بالمحاسبة على الهوية لا القضية، كما انتقد البعض الثالث الوزراء من النساء على المظهر متناسيا المخبر، ونسي معه الاعتراض الواجب على مظاهر بعض الوزراء الاخرين كذلك من عدم اطالة اللحى او تقصير الدشاديش كي تصبح مسطرة المحاسبة الشرعية واحدة، كما انفرد طرف رابع بإدانة وزراء دون ان يدينهم القضاء، وفي ذلك تجاوز لأعمال السلطة الثالثة بعد الانتهاء من التجاوز لأعمال السلطة الاولى.
اخيرا، ما نرجوه ونحن نشهد اليوم حفل افتتاح الفصل التشريعي الجديد لمجلس الامة ان نحرص على التهدئة كي لا نحيل عرسا ديموقراطيا آخر الى مأتم، فقد مل الشعب الكويتي حتى النخاع عمليات التهديد والوعيد التي تعطل عمليات التنمية وتجعلنا «طماشة» للخلق.
ان سيف الحل الدستوري لم يغمد بعد وحبر اوراقه لم يجف حتى اليوم والنصيحة المحبة الصادقة تتطلب من نوابنا الافاضل التسابق على العمل الجاد لخدمة الوطن والمواطنين والبعد كل البعد عن عمليات التأزيم التي سيلعن الشعب الكويتي كل من يقوم بها ولن ينساه في الانتخابات القادمة التي قد تكون اقرب مما نتصور متى ما استمر نهج عدم التعاون نفسه.
آخر محطة:
(1) العزاء الحار للزميلين فيصل ومبارك القناعي لوفاة والدتهما، للفقيدة الرحمة والمغفرة ولأهلها وذويها الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا اليه راجعون.
(2) الحمد لله على السلامة للمفكر والمثقف الكويتي د.خلدون النقيب، وما تشوف شر.