ما أهم دروس تشكيل حكومة 2006 التي يمكن تفاديها في الحكومة المقبلة؟
درسان مهمان: الأول هو عدم اقصاء أي طرف من الاطراف الفاعلة على الساحة السياسية المحلية، فمصلحة الكويت والظروف المحيطة تقتضي هذه المرة وأد الخلاف وطلب مشاركة الجميع في الحكومة ومن يرفض من الكتل او خارجها يجب ان يعلن سبب رفضه ويتحمل مسؤوليته امام الشعب والتاريخ عن اي ازمات واستجوابات قادمة.
الدرس الثاني هو ان كثرة المشاورات تضيع الأوقات الثمينة وتصبح اقرب لـ«عدم المشاورات» حيث ان الكلام يضيع الكلام، وما يوصي به طرف يلغيه طرف آخر، والواجب ان يوضع هذه الايام وفي هذا الوقت المبكر تصور واضح لكيفية تشكيل الحكومة القادمة وشخوص المشاركين فيها، فالانتخابات تجري في النهاية على مستوى فردي ولن يكتسح على سبيل المثال الحزب الشيوعي الكويتي الانتخابات حتى ننتظر النتائج لتسليمه مقاليد الحكم.
ونرجو ان تتضمن الاسماء القادمة كثيرا من رجال القطاع الخاص المتحررين من البيروقراطية الحكومية ممن يفرض «الواجب الوطني» عليهم المشاركة دون وضع مطالب تعجيزية او تقديم مطالب مالية لا تتحملها جداول رواتب القطاع العام كما حدث في الماضي القريب، من جانب آخر يجب الوصول الى اتفاق واضح ومعلن مع كل النواب لاعطاء الوزراء فرصتهم كاملة للعمل وخدمة الوطن، لا التسابق على استجوابهم وتعطيل اعمالهم.
كما نريد هذه المرة «حكومة ناطقة ذكية»، والاثنان مرتبطان ببعضهما البعض، فالذكاء الفطري والتفوق او التميّز يؤهلان الوزير المعني لمقارعة الحجج بالحجج والرد على الاتهامات النيابية والاعلامية – وما اكثرها – والشعب الكويتي ذكي ولماح ويستطيع عند سماع الرأي والرأي الآخر ان يميز الغث من السمين وان يعرف الحق من الباطل.
وقد اثبتت تجربة وزارة 2006 صدق مقولة «أُكلت يوم أكل الثور الأبيض» فالتضحية المبكرة باحد الوزراء جعلت السبحة تكرّ ومن ثم يتسابق النواب لاقامة «عروسهم الديموقراطية»، كما تسمى الاستجوابات، عبر اقتناص الوزراء الواحد تلو الآخر بحق او بباطل حتى وقفت لهم «السيدة الحديدية» نورية الصبيح، ولو اظهرت الحكومة العين الحمراء مع اول استجواب كيدي وهددت بالاستقالة ومن ثم احتمال حل المجلس الجديد لوفرنا معاناة سنتين من الازمات الطاحنة المتلاحقة.
ومن متطلبات الانجاز التنموي المعروفة ديمومة البقاء في المنصب ولا شك في أن الحكومة الحالية تضم عددا كبيرا من الوزراء الاكفاء الذين تفترض المصلحة العامة بقاءهم في مناصبهم لاكمال العمل الخيّر الذي بدأوه، كما تضم الحكومة على الجانب الآخر للعملة وزراء ضحوا بسمعة الحكومة لاجل مصالحهم الذاتية ولحفظ خطوط الرجعة لهم مع بعض التوجهات السياسية رافعين شعار «لا أرى، لا اسمع، لا أتكلم» امام انتقادات مست صميم عملهم، متناسين ان صلب العمل السياسي في الدول الديموقراطية يقوم على معرفة حقيقة انه «اذا كان السكوت من فضة فالكلام من ذهب» وليس العكس.
آخر محطة:
وهناك حاجة ماسة لوزير دولة لشؤون مجلس الامة برغماتي ومتمكن من نصوص الدستور وقادر على الحشد والاقناع كحال الوزيرين السابقين والمستشارين الحاليين ناصر الروضان ومحمد ضيف الله شرار.