احمد الصراف

عمالة وحشيش

قامت الدول الغربية، واميركا بشكل خاص، بدفع مليارات الدولارات كتعويضات لمزارعي المخدرات في اميركا الجنوبية وتركيا وافغانستان، وحتى ايران ايام الشاه، لتشجعيهم على التخلي عن زراعتها واستبدالها بزراعات بديلة كبذرة عباد الشمس، وقد تم اللجوء إلى هذه الطرق الوقائية المكلفة بعد ان تبين ان الصرف عليها مهما كان كبيرا فانه لا يقارن بتكلفة معالجة مشاكل الادمان في الدول الغربية.
توجد في الكويت مشكلة رهيبة تتعلق باتجار بعض المتنفذين، ويقال ان من بينهم افرادا نافذين، باقامات العمالة البسيطة، خصوصا الهندية والبنغالية الذين لا يتجاوز راتب الحاصلين منهم على عمل، التسعين دينارا شهريا!
لهذه المشكلة جانب انساني يتعلق بحقوق الانسان، فغالبية هؤلاء العمال السيئي الحظ باعوا كل ما يملكون في اوطانهم لدفع ثمن دخولهم جنة الكويت، وبقاء نسبة كبيرة منهم من دون عمل فيه هدر لأبسط حقوقهم كبشر.
كما ان قيام كفلائهم من المواطنين برميهم في الشارع من دون مساعدة، دفع الكثيرين منهم إلى حضن الجريمة المغري، خصوصا ان الجوع لا يعرف الرحمة ولا المنطق.
ان تجارة الاقامات، كما ورد في افتتاحية «القبس» قبل ايام، وفي التحقيق الرائع للزميلة ليلى الصراف، هي من المشاكل القليلة التي لا يمكن لوم اي طرف على وجودها غير الحكومة المدارة من قبل السلطة! وبالتالي فهي السبب وبيدها وحدها الحل، والحل معروف وموجود.
لقد سبق ان شكل احد مجالس الامة لجنة برلمانية للتحقيق في تجارة الاقامات، وترأس اللجنة وقتها النائب السابق عبدالمحسن جمال، بيد انها لم تفشل فقط في وضع يدها على لب المشكلة، بل وانتهت الى ان لا مشكلة! نعود لبداية المقال، ونقول أن من الواضح ان الحكومة اما انها غير قادرة على وضع حد للمشكلة، وهذا غير معقول، وإما انها ربما غير راغبة في وضع حد لها لكي لا تنقطع ارزاق البعض!
وحيث ان هذه الحكومة، وكل الحكومات السابقة، وجميع وزراء ووكلاء الشؤون وكبار موظفي الوزارة على علم بأسماء غالبية المتاجرين بالاقامات من المواطنين، وتعلم كذلك مدى التكلفة المالية والامنية والاجتماعية والاخلاقية الباهظة التي تتكلفها الدولة والمجتمع جراء وجود هذا العدد الضخم من العمالة العاطلة والسائبة في الشوارع دون مورد مالي، او ضمان صحي او امل، وحيث ان الحكومة غير راغبة في وضع حد لاستغلال هؤلاء، فإن من الافضل اللجوء لسياسات الوقاية نفسها التي لجأت اليها الدول الغربية التي تمثلت في تقديم اغراءات مالية لمزارعي الحشيش لدفعهم إلى ترك زراعتهم المحرمة، وذلك عن طريق حصر اعداد المتعاملين في تجارة الاقامات ودفع تعويضات نقدية لهم مقابل تعهدهم بالتخلي عن زراعة الحشيش، آسف اقصد بالتخلي عن المتاجرة بالبشر، فمهما دفع لهؤلاء فإنه لا يشكل نقطة في بحر ما سيستفيده المجتمع من التقليل من حجم هذه المشكلة الانسانية البائسة.
اعلن انه اقتراح غير عملي وغير معقول، ولكن هل هناك ما هو افضل منه؟

أحمد الصراف
habibi [email protected]

سعيد محمد سعيد

«العداوة»… بين الدولة و «الوفاق»!

 

يبدو «العداء» بين الدولة، كسلطة، وجمعية الوفاق الوطني الإسلامية، كبيرا جدا جدا… لكنه «عداء» يحتمل أكثر من وجه وصورة وممارسة، غير أن الحقيقي منه… أي ذلك «العداء» أنه غير حقيقي!

ليس ذلك لغزا، لكن لنبدأ من حيث انتهينا… وأقصد هنا، انتهاء شكل من أشكال «العداء» المفترض بين الدولة و «الوفاق»، مع الاحترام للآراء التي تجعله عداء بين الجمعية و «شخصيات ذات نفوذ في الدولة» وليس مع القيادة أو السلطة… أي إسدال الستار على أشهر استجواب، وهو استجواب وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة، وتبرئته على رغم تقديم الجمعية مذكرة عاجلة بشأن تفاصيل الاستجواب.

فـ «الوفاق» كجمعية تمثل الثقل الأكبر للطائفة الشيعية في البلد – وأنا شخصيا لست عضوا فيها لكنني أتشرف بها – تتلقى الآن، بعد تبرئة الشيخ وقبله، الطعنات تلو الطعنات، ومن الجهات الأربع الرئيسية والفرعية، باعتبارها في نظر الموالاة خنجرا في خاصرة الدولة، وفي نظر من يطلق عليهم «المحسوبون على الحكومة» هي جمعية ذات مآرب وأهداف مشبوهة بالتنسيق مع دولة أجنبية، هي إيران بلا لف ولا دوران، وفي نظر نواب التصريحات الصحافية النارية هي «عصا في دولاب نهضة البلد وتطوره»، وهي في نظر مخالفيها «جمعية نفاق»، وفي أنظار آخرين: هي متآمرة، طائفية، صفوية، عميلة وأوصاف أخرى قد لا أستطيع عدَّها… وبعد، هي في نظر القلة القليلة من المعتدلين، جمعية تمثل صورة من صور الحراك السياسي والديمقراطي في البلد وفقا للقوانين ووفقا لمتطلبات ومنطلقات المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، واتباع هذا الرأي، يرفضون كل الأوصاف والنعوت السابقة الذكر.

الآن، هل العداوة بين الدولة و «الوفاق» حقيقية أم لا؟

إذا قدر لنا أن نستعيد حضور الجمعية السياسي ومنهجها على مدى سنوات المشروع الإصلاحي السبع، بعيدا عن تقييم الأداء ونوعيته، وبعيدا عما إذا كانت من القوة بحيث تمثل الطائفة الشيعية، أو من الضعف بحيث تخيب آمالهم، لن نجد دليلا واحدا على أن هناك عداء بين الدولة وهذه الجمعية! مع وجود قائمة الاتهامات التي تمتلئ بها ملفات «الآخرين» والتي هي كفيلة قانونيا – لو كانت صحيحة – بأن تضع «الوفاق» وراء القضبان… أقلها تهمة التحريض على كراهية الدولة التي ما فتئ يرفعها أولئك «الآخرون»، وأكبرها التآمر مع دولة أجنبية.

العداء ليس حقيقيا! إذا، هل يمكن تحديد محركات ومولدات ذلك الاتهام؟ بالتأكيد هو أمر سهل، فمصادر الاتهام هي كالآتي:

– صحيفتان فقط في البلد، لا يخرج خطابهما عن كيل الاتهامات تلو الاتهامات للجمعية، وطوال السنوات الماضية، لم تتمكن هاتان الصحيفتان من إثبات جملة الاتهامات التي لاتزال قائمة!

– نواب، بل كتل نيابية بأسرها، لها مسار واحد في التعامل مع الجمعية، من دون اكتراث بالمصلحة العليا للوطن والمواطن، أو الاعتبار للسلم والاستقرار الاجتماعي والدفع في اتجاه تعزيز الممارسة الديمقراطية، لتصبح تلك الكتل بنوابها ندا قويا في صف «الموالاة» في وجه «المعارضة»… ذلك المسار باختصار: عداء «الوفاق» وحقدها على الدولة.

– منتديات إلكترونية مليئة بالأسماء المستعارة طبعا، وكأنها أنشئت فقط للنيل من الجمعية، فيصبح عملها في مواجهة الفساد وتقديم المقترحات وتنفيذ برامج عمل أو فعاليات، كلها طائفية بغيضة، ولا يجب أن ننسى كتابات بعض الزملاء الأعزاء من كتاب الأعمدة، وكأنه لا همَّ لهم، ولا قضية كبرى في حياتهم إلا جمعية الوفاق.

قد تكون هناك عوامل أخرى لا تحضرني، أو ربما أجهلها، لكن ما أعلمه يقينا، أن الدولة لا تعادي «الوفاق» والجمعية لا تعادي الدولة! ولعل هذا القول في حاجة الى برهان، والبرهان الذي لدي واستند إليه في انعدام ذلك العداء، هو اللقاءات التي عقدت بين «الوفاق» وجلالة الملك ورئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة والتي اعقبتها تصريحات من القيادة ليس فيها شيء من التخوين والتشكيك الممارس علنا ويوميا ضد «الوفاق»، فيما تعقد الجمعية لقاءات مستمرة مع كبار المسئولين في الدولة، ولقاءاتها مع وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، في مناسبات متعددة وفي اطار قضايا كثيرة مهمة، ليست خافية على أحد.

نعم، قد يكون هناك «أقطاب» في الدولة وفي السلطة التشريعية، وفي الخفاء، شخصيات، لديها عداء مع الجمعية، لكنه في نظري ليس عداء دولة، ولربما بدا واضحا أنني من المدافعين عن «الوفاق» هنا، لكن، بالنسبة إلى من يعتقد جازما بأن الوفاق (المتآمرة الطائفية التي تعمل على «تدمير البلد وتأخيره» بأدلتهم وبراهينهم الساطعة)… عليهم مقاضاة الوفاق بالقانون في المحاكم، حتى يتسنى لنا أن نوقف شكلا من أشكال الممارسة الطائفية الطافية في البلد، لأن شعب البحرين لم يعد يحتمل ذلك التهريج.

حتى لو كان «خربط بربط».

احمد الصراف

كشف الذمة

قمت قبل ثماني سنوات بزيارة المقر الانتخابي الرئيسي للمرشح جورج دبليو بوش، الذي كان وقتها حاكما لولاية تكساس، ويطمح لأن يصبح رئيسا لأميركا. جلست امام احد اجهزة الكمبيوتر العديدة التي كانت في المقر ونقرت على بضعة احرف وارقام فظهر على الشاشة كشف بأسماء افراد ومؤسسات وشركات قامت بالتبرع لحملة الحاكم جورج بوش الانتخابية، واجمالي المبالغ. بدافع من الامتنان لدور اميركا وتقديرا لدور والده، الرئيس السابق جورج بوش، في تحرير وطننا واعادة الكرامة والحرية لنا، قمت بالتبرع لحملة ابنه بمبلغ لا بأس به خصما من بطاقتي الائتمانية.
بالنقر على احرف وارقام اخرى ظهر لي كشف آخر يبين كامل ذمة المرشح جورج بوش، بما في ذلك ما تمتلكه زوجته وبناته من حسابات مصرفية او عقارات او اسهم وسندات. كما بينت كشوف اخرى كامل ممتلكات بعض الرؤساء الاميركيين السابقين قبل انتخابهم وبعد خروجهم من البيت الابيض، وبتفصيل واضح لا يحتمل اي لبس.
كما ظهر في الموقع ما يفيد بان بإمكان اي جهة الاطلاع على هذه المعلومات، وانها متوافرة للجمهور ويمكن الطعن في صحتها، وان ثبت الاتهام فإنه لا يعني فقط نهاية حياة المرشح السياسية بل وايضا امكان الحكم عليه بالسجن لتقديمه معلومات مضللة للرأي العام. وبالتالي يمكن القول ان كشوف الذمة المالية في اميركا، والدول الغربية عموما، تتمتع بمصداقية عالية لعلنيتها من جهة وما يترتب على التلاعب بها من نتائج وخيمة!
في الكويت قامت بعض الاطراف التي تطمح للعودة للكرسي البرلماني الاخضر بالمتاجرة بموضوع قيامها بتقديم كشوف ذمتهم المالية للجهات المعنية، وان تلك الكشوف، حسب ادعائهم، تضمنت كل ممتلكاتهم قبل توليهم لمهامهم التشريعية. ولكن ايا من هؤلاء لم يقم حتى الآن بتقديم كشف بعد انتهاء مهامهم التشريعية لتتم المقارنة بين وضعهم المادي قبل انتخابهم وبعد انتهاء نيابتهم.
كما تتطلب المصداقية كذلك عرض كشوف الذمة المالية هذه للجمهور ليتم الاطلاع عليها، والطعن فيها، ان تطلب الامر ذلك.
وعليه نطالب كل المتشدقين، ومدعي الاصلاح والصلاح من الساعين لكسب ثقة الناخبين، عرض كشوف ذممهم المالية، قبل وبعد النيابة، علنا ليتم الاطلاع عليها ومراجعة بياناتها، وبخلاف ذلك فإنها لا تساوي قيمة الورق الذي كتبت عليه.
> ملاحظة: أعلنت وزيرة التربية عن «توجه» لتحويل حادثة الاعتداء على مدرس منطقة الجهراء من جنحة الى جناية!
منذ صغرنا ومناهج وزارة التربية والتعليم تحاول غرس مفهوم نبيل في عقولنا عن مكانة المدرس حتى كدنا نضجر من سماع بيت شوقي الذي يقول فيه: «قف للمعلم وفه التبجيلا، كاد المعلم ان يكون رسولا»!
وفجأة، وبعد نصف قرن، اكتشفنا ان الاعتداء على هذا الذي كاد ان يكون رسولا والتسبب في كسر خمسة من اضلعه ووضع يده في الجبس واجباره على الاستعانة بعكازين للسير، كل ذلك لا يرقى لمستوى الجناية بل يعامل الفعل كجنحة قد ينال المعتدي عليها حكما بالسجن لسنوات ثلاث او اقل، وكل عام وانتم، والمعتدون، بألف خير!
ماذا كان يفعل مشرعونا طوال 40 عاما؟

أحمد الصراف
[email protected]

سعيد محمد سعيد

تعالوا نستنشق عطرا جميلا

 

لستم، وأنا معكم، نرغب في الكتابات الطاحنة التي أصبحت تشق علينا، لذلك، كتبت وأرسلت هذه القصص إلى مئات الناس، لكنني وددت اليوم أن نعيد قراءتها معا، حتى بالنسبة إلى أولئك الذين قرأوها سابقا، فهي واحدة من القصص التي تزيل عنا الكثير من (عفن النفوس)… من كتاب: «إنها ملكة» للشيخ محمد عبدالرحمن العريفي:

حين أسري بالنبي (ص)، شم عليه الصلاة والسلام ريحا طيبة، فقال: «يا جبريل، ما هذه الريح الطيبة؟»، قال:»إنها ريح قبر الماشطة وبنيها وزوجها»… وهنا القصة:

انتشر أمر موسى (ع) وكثر أتباعه، وأصبح المؤمنون برسالته خطرا مستمرا، يهدد فرعون ومُلكه، وظل فرعون في قصره في حال غليان مستمر يمشي ذهابا وإيابا، يفكر في أمر موسى، وماذا يفعل بشأنه وبشأن أتباعه، فأرسل في طلب رئيس وزرائه هامان؛ ليبحثا معا ذلك الأمر، وقررا أن يقبض على كل من يؤمن بدعوة موسى، وأن يعذب حتى يرجع عن دينه، فسخَّر فرعون جنوده في البحث عن المؤمنين بدعوة موسى، وأصبح قصر فرعون مقبرة للأحياء من المؤمنين باللَّه الموحدين له، وكانت صيحات المؤمنين وصرخاتهم ترتفع من شدة الألم، ووطأة التعذيب تلعن الظالمين وتشكو إلى ربها صنيعهم.

وشمل التعذيب جميع المؤمنين، حتى الطفل الرضيع لم ترحمه يد التعذيب، فزاد البلاء، واشتد الكرب على المؤمنين، فاضطر كثير منهم إلى كتمان إيمانه؛ خوفا من فرعون وجبروته واستعلائه في الأرض، ولجأ الآخرون إلى الفرار بدينهم بعيدا عن أعين فرعون.

وكان في قصر فرعون امرأة تقوم بتمشيط شعر ابنته وتجميلها، وكانت من الذين آمنوا، وكتموا الإيمان في قلوبهم، وذات مرة، كانت المرأة تمشط ابنة فرعون كعادتها كل يوم، فسقط المشط من يدها على الأرض، ولما همَّت بأخذه من الأرض، قالت: بسم اللَّه. فقالت لها ابنة فرعون: أتقصدين أبي؟ قالت: لا. ولكن ربى ورب أبيك اللَّه، فغضبَتْ ابنة فرعون من الماشطة وهددتها بإخبار أبيها بذلك، ولكن الماشطة لم تخف، فأسرعت البنت لتخبر أباها بأن هناك في القصر من يكفر به، فلما سمع فرعون ذلك؛ اشتعل غضبه، وأعلن أنه سينتقم منها ومن أولادها، فدعاها، وقال لها: أَوَلكِ ربٌّ غيري؟! قالت: نعم، ربي وربك اللَّه. وهنا جُنَّ جنونه، فأمر بإحضار وعاء ضخم من نحاس مليء بالزيت وإيقاد النار فيه، وإلقائها هي وأولادها فيه، فما كان من المرأة إلاَّ أن قالت لفرعون: إن لي إليك حاجة، فقال لها: وما حاجتك؟ قالت: أحب أن تجمع عظامي وعظام ولدي فى ثوب واحد وتدفننا، فقال: ذلك علينا. ثم أمر بإلقاء أولادها واحدا تِلْوَ الآخر، والأم ترى ما يحدث لفلذات كبدها، وهى صابرة محتسبة، فالأولاد يصرخون أمامها، ثم يموتون حرقا، وهي لا تستطيع أن تفعل لهم شيئا، حتى أنطق اللَّه عز وجل آخر أولادها – وهو طفل رضيع – إذ قال لها: يا أماه، اصبري، إنك على الحق.

فاقتحمتْ المرأة مع أولادها الزيت المغلي، وهي تدعو اللَّه أن يتقبل منها إسلامها، فضَربتْ بذلك مثالا طيبا للمرأة المسلمة التى تعرف اللَّه حق معرفته، وتتمسك بدينها، وتصبر فى سبيله، وتمُتَحن بالإرهاب، فلا تخاف، وتبتلى بالعذاب فلا تهن أو تلين، وماتت ماشطة ابنة فرعون وأبناؤها شهداء في سبيل الله، بعدما ضربوا أروع مثال في التضحية والصبر والفداء.

(انتهت القصة، أما نحن، أبناء الإسلام اليوم، فدعونا ننشغل بالقتال الطائفي بما فيه من غباء وجهل وتخلف واستعراض لقوة لا تظهر إلا على بعضنا بعضا).

د. شفيق ناظم الغبرا

انعكاسات ردود الفعل على الرأسمالية في ظل العولمة

واحدة من أكبر المخاوف التي تواجه القطاع الخاص والأنظمة السياسية ذات البعد الرأسمالي في العالم حصول ردة فعل شعبية على سياساتها مما يهدد بالإطاحة بالكثير من التطورات التي جاءت مع العولمة المتحركة بقوة القطاع الخاص. ما وقع في العالم العربي في الخمسينات والستينات يجب أن يبقى في الذاكرة. فقد قامت قوى شعبية من الضباط الأحرار مدعومة من قطاعات كبيرة من الفئات الاقتصادية الوسطى والدنيا من المجتمع بالانقلاب على الأنظمة السياسية القائمة، وذلك بسبب ما اعتبر في حينه تفشي الفساد وقيام ملاك الأراضي والمصانع والمؤسسات بخسارة الشارع والمجتمع في ظل البحث عن الربح السريع في كل عمل. هكذا سقطت دول مثل مصر والعراق وليبيا وسورية ضحايا لتلك الحالة من ردة الفعل. لم يكن ذلك الأمر مقصوراً على الدول العربية، بل انتشر لدول شتى في العالم من كوبا إلى أوروبا الشرقية ومن آسيا إلى أفريقيا، مما هدد النظام الرأسمالي برمته وحاصره في مناطق محددة في العالم. متابعة قراءة انعكاسات ردود الفعل على الرأسمالية في ظل العولمة

احمد الصراف

في رثاء الجهراوي عبدالله العجمي

سأرثيك يا عبدالله كما لم ارث احدا من قبلك ولن ارثي احدا مثلك، ومن بعدك. سأرثيك لأنك تركت وراءك اما ثكلى وابا مفجوعا، وارملة باكية ورضيعة يتيمة! وسأرثي فيك من مات من رفاقك قبلك ومعك ومن بعدك، سأرثيك بالرغم من انني لم التق بك ولا اعرف من تكون، سأرثيك لأنك قتلت وغادرت هذه الدنيا دون ان تعرف حقيقة الذين زينوا لك تفجير نفسك، لقد ارسلوك للموصل ليذهبوا هم الى الانتخابات وليتصدروا المجالس.
قتلت غيرك وقتلت، وكان من الممكن ان تكون انسانا آخر، محبا للحياة كمواطنك الجهراوي الاخر وابن قبيلتك الذي اختار ان يكون طبيبا بدلا من ان يكون ارهابيا، ان يكون واهبا للحياة بدلا من ان يكون سالبا لها.
اني ارثيك يا عبدالله لانني اود ان ارثي قلة الحيلة والعقل بيننا، فقد مت لان احدهم اراد لك ذلك، فالقرار لم يكن قراراك، وبالتالي لا ألومك على ما فعلت بالرغم من شر افعالك التي تسببت في فواجع وآلام لا تنسى لاهلك وبيتك ووطنك، واهل ووطن من قتلت.. انني لا الومك، بل الوم من يلومك، فما انت الا ضحية مجتمع أهّلك لهذا الهدف ودفع بك الى طريق الارهاب من خلال كل تلك الجمعيات التخريبية ومدارس التحفيظ التي انتشرت كالفطر البري في بيئتك، بعد ان غيبوا مدارس الفهم ومعاهد الفكر من حولك.
نعم ان مجتمعك هو المجرم الحقيقي، وهو الذي شيد بيني وبينك، انا الشرقاوي وانت الجهراوي، ذلك الجدار العازل لكي لا نلتقي، وانا الذي حذرك رجال الدين من شرور أفكاري، وحذرني منك ومن تخلف مواقفك وسوء افعالك، نعم اني ادين هذا المجتمع الذي ملأ مدينتك بالحفر، وتناساك لعقود طويلة وتركك فريسة سهلة للخطير من الآراء والقاتل من الافكار والبائس من المواقف، فاصبحت طوع بنان مدعي التدين والصلاح والاصلاح والسلف والتراث، وبالتالي أنسوك مستقبلك ووطنك وتقدمك وتطورك، فتركت كل ذلك من اجل اوهام لو كانت حقيقية لسبقوك للفوز بها.
نعم ادين هذا المجتمع، وحكوماته المتعاقبة، عدم اهتمامهم بك وبصحتك وتعليمك وسلامة عقلك، بحيث اقنعتك اقوالهم ان بإمكان جسدك الضئيل محاربة «اعداء الله» والفوز بحور العين من خلال التصدي لاعتى ترسانات اسلحة العالم في افغانستان والشيشان، وانت الذي ربما لم تسمع بأفغانستان من قبل، ولم تعرف يوما اين تقع الشيشان.
ارثيك يا عبدالله لأنهم اختاروا ان يصوروا عودتك من سجنك البغيض كعودة الابطال من معركة عظيمة، ارثيك يا عبدالله لانهم اعادوك لوطن انسوك حقه عليك ووفروا لك طائرة خاصة لكي يبقوا على «ايمانك» بأن ما قمت به كان صوابا وحقا وشرفا لا يضاهى!
نعم اعادوا تشكيلك بطلا منافحا عن قيمهم وافكارهم ومعتقداتهم، التي تتفق تماما مع مصالحهم المادية والدنيوية، ولو كانوا يؤمنون حقا بأن الآخرة خير وابقى لما وجدتهم من حولك، وهم الذين بلغوا ارذل العمر!
نعم ارثيك يا عبدالله، لان الوطن فقد فيك وفي زملائك، مواطنين كانوا من الممكن ان يكونوا اصدقاء لي ومحبين لابنائي وقريبين من اهلي، كما هي حال الكثير من اهل منطقتك وقبيلتك.
لقد فقدت فيك جارا محتملا وشريكا في مصلحة وقارئا لزاوية لولا غلبة آراء ذلك المتشح بعباءة الدين، ذلك المتخلف الحقود، الذي زين لك كرهي ورفضي وحتى طلب فنائي، ودفعك لأن تموت رخيصا من اجل هدف لا يعرف احد اوله ولا آخره.
نعم ارثيك يا عبدالله كما لم ارث احدا قبلك، ولن ارثي احدا بعدك، لكونك ضحية قبل ان تكون مجرما، ومواطنا قبل ان تكون ارهابيا وزوجا صالحا قبل ان تكون قاتلا وابا حنونا قبل ان تكون سفاحا.
انني ارثيك لأن موتك بيّـن مدى ضحالة فكرنا، وهوان حالنا وقلة حيلتنا عندما نقف عاجزين عن تطويع نصوصنا واقوال حكمائنا لأن تكون في خدمتنا كبشر عليين، بدلا من تسخيرها لكي تكون سببا في شقائنا وشقاء الآخرين.
انني ارثيكم جميعا لأن لا احد تعلم او يود ان يتعلم من درس موتكم شيئا، فقد متم ومات قبلك الكثيرون وسيموت من بعدكم الاكثر، وسيستمر المصنع الذي شكل فكركم في الانتاج ما بقي التخلف بيننا، فمتى يتوقف كل هذا الضلال في الموقف والقول؟ ومتى يضمحل الكره ويختفي الحقد من حياتنا؟ لست ادري.
لدي الكثير لأقوله في رثاء عبدالله العجمي ورفاقه، ولكن للاكتفاء ايضا فضائله.

أحمد الصراف
[email protected]

سامي النصف

شئ من السياسة

هل تذكرون ما كنا نسمعه قبل أقل من خمسة أعوام من إخوتنا العراقيين من استحالة تحولهم إلى «اللبننة» أو «الأفغنة» وان العراق لم يشهد حسب قولهم في تاريخه خلافا سنيا – شيعيا، وان عمليات الزواج المشترك متفشية هناك لدرجة يصعب معها معرفة ابن لهذه الطائفة من تلك.

ما حدث بعد ذلك هو عمليات قتل وإبادة وتهجير طالت الملايين من أبناء الطائفتين كونهم خدعوا أنفسهم بمعسول الكلام بدلا من إطفاء مستصغر الشرر الذي كبر وأحرق البلد معه وحول أمن الناس الى خوف.

أواصر الوحدة الوطنية تقطّع هذه الأيام بسبب تكبير الدوائر التي بدلا من ان تصبح وسيلة للوحدة أصبحت أداة للفرقة غير المسبوقة بين أبناء الوطن الواحد مما جعل كل محب للوطن يترحم على الدوائر الـ 25 المفترى عليها، فالقبائل تتكتل ضد الآخرين وضد بعضها البعض، والآخرون يتكتلون ضدها والحال كذلك مع الطوائف، اضافة الى بعض المرشحين ممن نُزعت الوطنية من ضمائرهم فلم يجدوا وسيلة للوصول الى الكراسي الخضراء الوثيرة إلا إشعال الحرائق الحمراء في الوطن عبر ترديد الأكاذيب وتحريض بعض الكويتيين على بعضهم الآخر.

هناك دائما فارق كبير بين النظرية والتطبيق، فكما ان المجتمعات الإنسانية هي كالكائن الحي تبدأ في عملية نمو متدرج لا تستطيع معها ان تخرق مراحل التطور الطبيعي، فكذلك لا نستطيع ان نستخدم أدوات قد تكون مجربة ومناسبة عند مجتمعات أكثر منا رقيا وخبرة وعلما وثقافة، ان التحول الى الدائرة الواحدة والأحزاب وشعبية الوزارة هي خيارات سابقة لأوانها، وتطبيقها – كحال تطبيق خيار الدوائر الخمس – سيؤدي الى نتائج عكسية تماما ومثل ذلك ما حدث عند تحول لبنان المبكر للحزبية أو العراق للديموقراطية الكاملة وهو ما عاق التنمية السياسية الحقيقية في البلدين.
 
ان السكين والبندقية أداتان مفيدتان للكبار إلا أنهما مضرتان كل الضرر بمن لا يحسن استخدامهما ومازالت مجتمعاتنا وتجاربنا السياسية، رغم كل ما يقال، تحبو عند مقارنتها بتجارب الدول الأخرى.

دروس من مصر:
(1) أتى في جريدة «المصري اليوم» ان المحكمة الدستورية المصرية أصدرت مئات الأحكام التي تلغي بها تشريعات صدرت من مجلس الشعب لعدم دستوريتها، وهو أمر شبيه بما تقوم به المحكمة الدستورية العليا في الولايات المتحدة، نحن في حاجة ماسة لتعديل دستورنا الذي أوصله البعض لمرحلة القدسية، لاخراج محكمتنا الدستورية من بطالتها المقنعة التي وضعناها فيها.

(2) شاهدت ابان تجوالي في مصر مكاتب «مؤجرة» من قبل النواب تسمى مكاتب خدمة المواطن للنائب فلان، ولدينا حاول البعض الاستيلاء على الأراضي العامة للدولة التي يمتلكها الشعب بحجة انها مقار لخدمة المواطنين وليست دواوين، لماذا لا يؤجر هذا البعض مكاتب من ثروته التي تجاوزت الثمانية أرقام ودخلت في التسعة أصفار؟!
 
(3) اغتصب ضابط مصري لاجئة سودانية فصدر عليه حكم بالسجن المؤبد ولم تنفعه واسطة أحد، كم خادمة آسيوية اغتصبها بعض رجال الأمن المنحرفين في سجن الإبعاد ووصلت الى بلدها ونطفة الحرام في أحشائها دون محاسبة الفاعلين بسبب واسطات بعض النواب السابقين ممن نرجو سقوطهم في الانتخابات القادمة بسبب ظلمهم لأولئك النساء المستضعفات.

احمد الصراف

روكفلر والمرور

توقف الملياردير الأميركي ديفيد روكفلر عند مدخل بورصة نيويورك، عند ماسح أحذية ليزيل ما علق بحذائه من وحل. فسأله هذا عن حظ سهم معين في الارتفاع!! وعندما كشف ذلك السؤال لروكفلر ان مساح الاحذية ورفاقاً له يتعاملون بالأسهم، وكانت أسعارها في القمة يومها، قام ببيع كل ما يملك. وما لبث السوق ان انهار بعدها بأيام، وكان واحدا من القلة التي نفذت بجلدها. وعندما سئل عمن اوحى له بالخروج في الوقت المناسب اشار من نافذة مكتبه، الى ماسح الاحذية وقال: عندما يدخل هؤلاء، فعلينا نحن الخروج!!
ملاحظة روكفلر لم تكن طبقية بقدر ما كانت مهنية بحتة!!

بتشجيع من وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون المرور قمت، وبعض الاصدقاء، وعلى مدى سنة تقريبا، بتصوير كم كبير من مخالفات المرور وطباعتها، وارسالها بالحفظ والصون، لأحد مساعديه ليقوم باتخاذ اللازم. تبين بعد فترة اننا كنا نحرث في البحر، فكمّ المخالفات كان يزداد، وفي الاماكن نفسها ومع الاطراف نفسها تقريباً، مما يعني ان الادارة المعنية إما لم تكن تأخذ عملنا في ضبط المخالفات مأخذ الجد، او ان الناس لم يعودوا يهتمون، وإما يخافون من الغرامات المالية!!
كما وجدنا ان نسبة من يستغل كتف الطريق، او حارة الطوارئ، من الوافدين هي الاعلى، ومن مستويات مادية بسيطة، مما يعني ان الكل اصبح يشعر بان القانون بشكل عام، وليس المرور فقط، لا يطبق بشكل كامل، وهنا مكمن الخطورة. فعندما يبدأ الضعيف والصغير بارتكاب المخالفات، ففي الامر ما يستحق التساؤل!
كما تبين لنا ايضاً ان «مبدأ التعاون» بين المواطن الذي يود ان يساهم في ترسيخ النظام والامن، وبين ضابط الشرطة معدوم تماما. وهذا يعود إما لاعتياد هؤلاء على التعامل مع طبقة معينة من المواطنين او المقيمين! وإما لنقص ثقافة الكثير من منفذي القانون والقائمين عليه، لكي لا نقول نقص تعليم غالبيتهم! ولا يعني هذا اننا اكثر ثقافة وعلما من احد.
فعندما يتجرأ هذا الوافد البسيط على مخالفة القانون جهارا، فهذا يعني ان في الامر خللاً خطيراً. وعندما تتكرر المخالفة نفسها وفي المكان نفسه المرة تلو الاخرى، فهذا يعني ان هناك من يقول «طز» لسبب او لآخر، وعندما يتجاهل رجل الامن ما يبديه المواطن من رغبة في حفظ الامن معه والمساعدة على تطبيق القانون، فكل هذا يعني ان قضية الدواوين المخالفة ستتكرر بأشكال واحجام مختلفة اخرى.
اما قرار وزارة الداخلية الاخير والمتعلق بانهاء اقامة الوافد في حال تكرر تجاوزه للاشارة الحمراء، فلا يمكن وصفه الا بالمجحف وعدم الانساني، وقد يفتح الباب لاستغلاله بطريقة غير قانونية من ضعاف النفوس في السلك الامني.
نحن لسنا بحاجة الى تشديد القوانين بقدر حاجتنا الى تطبيق الموجود منها.
كما ان الامر يتطلب قيام رجال الشرطة بعملهم بأمانة، وهذا غير متوافر الآن لدى نسبة لا بأس بها من المناط بهم تنظيم حركة السير، دع عنك الانشطة الامنية والتنظيمية الاخرى.
نأمل ان نرى تغييرات كبيرة على يد وكيل الوزارة الجديد.

أحمد الصراف

 

علي محمود خاجه

حل الكويتيين

في يوم الاثنين الماضي ومع بداية المنتدى الاقتصادي الإسلامي في الكويت مارست وزارة الداخلية ومن دون سابق إنذار حل الكويتيين السابق ذكره في تطويق الطرق وإغلاقها، مما أدى إلى الشلل التام في حركة المرور مساء الاثنين، فقد أغلقت «الداخلية» بعض الطرق الرئيسة كطريقي الدائري الخامس والسادس، مسببة بذلك تعطيلاً للمرور تجاوز ثلاث ساعات لبعض قائدي المركبات، ونحمد الله أن هذا الإغلاق لم يكن متزامناً مع حظر استخدام الهاتف النقال في السيارة وإلا لكانت المصيبة أعظم.

لن أناقش في هذا المقال الحلول التي كان يستوجب أن تقوم بها «الداخلية» بدلا من هذا الحل الغريب الذي مارسته في ذلك اليوم، كتخصيص إحدى الحارات في الطرق للمواكب مثلا أو على الأقل الإعلان المسبق وبأيام عن الطرق المغلقة، فما حدث من «الداخلية» لا تلام عليه الوزارة، بل هو يعكس حال البلد بشكل عام، فالحكومة عاجزة عن أبسط الأمور وهي استقبال وفود كبيرة في الكويت بانسيابية ومن دون صخب.

إن ما قدمته الحكومة من خلال «الداخلية» في الأيام الماضية هو مثال صارخ على امتهان الدولة للحلول الترقيعية على مدى السنوات الطويلة الماضية، ولن تنصلح هذه الحال ما لم تواجه بصرامة شعبية من خلال قرار جذري ضخم في 17-5.

خارج نطاق التغطية:

لا ألوم اثنين من شباب الكويت الذين غُرّر بهم ليقوما بممارسة الإرهاب والعنف الذي أودى بأرواحهما في العراق في الأيام القليلة الماضية، فمن يستحق اللوم، وليس اللوم فحسب بل أشد العقوبات، هم من خدعوهما في الكويت تحديداً، وأوهموهما بصحة ما يقومان به، فقد ساهموا بقتل تلك الأنفس المفعمة بالحياة والحماس، فمن خدعوهما وأدوا إلى إزهاق أرواحهما كمرّوجي المخدرات بالضبط، فإن كان المروج يستحق الإعدام فهؤلاء يستحقون أيضا الإعدام العلني، والكل يعلم من أقصد، هؤلاء الذين تفتح لهم الصحف ليبرروا جرائمهم بادعاء الجهاد من دون حسيب أو رقيب.