احمد الصراف

أنا كشيعي..!!!

يقال إنه، بعد ما يقارب الثلاثمائة عام من الدولة المدنية المنفتحة، تحولت الكويت، رسميا، بفضل مخرجات انتخاباتها الأخيرة، الى دولة بنظام تشريعي ديني قبلي صرف، ليس فيه للرأي المتسامح مجال ولا للعقل المنفتح مكان! كما يمكن وصف مخرجات الانتخابات الأخيرة بأنها الأسوأ والأكثر تخلفا في تاريخ الكويت الديموقراطي القصير نسبيا من حيث نوعية غالبية من تم انتخابهم.
ولكن هل هذا صحيح؟ غالبية الظواهر تبين، لا بل وتؤكد، ان الأغلبية هي التي فازت، وفاز معها الدين والوطن!!
فأنا كمواطن شيعي أعتبر، ومن دون أدنى شك، أنني على حق في عقيدتي، والآخرون على خطأ، ولو كان الأمر غير ذلك لما ترددت في التخلي عن هذا المذهب، خصوصا أن لا شيء يمنع ذلك. وبالتالي أشعر بأن وطني قد فاز معي فوزا عظيماً عندما تعزز تمثيل طائفتي في مجلس الأمة الجديد. كما أؤمن كذلك بأن هذا الفوز سيجير لمصلحة ديني الاسلامي، وان أي فوز سياسي إضافي للشيعة سيكون أيضاً في مصلحة الدين الصحيح!!
وأنا كسلفي سني أشعر بإيمان قوي بأنني عقائدياً على حق، والآخرون على باطل، ولو كان الأمر عكس ذلك لما ترددت في ترك هذا المذهب. كما أؤمن بأن مكانة مذهبي، وبالتالي عقيدتي قد قويت وتعززت يوم اختار «الشعب» زيادة عدد نواب السلف في مجلس الأمة، فهذا النصر سيجير حتما لمصلحة وطني والعقيدة الحق التي أتبع.
وأنا كقبلي صلب أؤمن، كما سبق أن آمن مؤسسو «جنرال موتورز» بأن كل ما هو في مصلحة الشركة هو في مصلحة الولايات المتحدة، بأن ما هو صالح لقبائلنا هو بالتالي صالح للعقيدة. وان الزيادة الكبيرة الأخيرة في عدد «ممثلينا» في مجلس الأمة هو حتما في مصلحة هذه الأرض وهذا الدين الحنيف، وليس في ذلك ريب ولا شك!!
فإذا كان أتباع هذه الفئات الثلاث، الممثلون لـ 90% من الشعب راضين عن نتائج الانتخابات الأخيرة فما الذي يدفع البعض، ونحن منهم، لعدم القبول بنتائجها؟
ولكن مَن م.ن هؤلاء على حق ومن منهم على باطل؟
لا شك في ان كل طرف يشعر بصدق انه على حق، سياسيا ودينيا، وبالتالي من حقهم جميعا الاعتقاد بأن فوز ممثلي طائفتهم أو مذهبهم أو حزبهم أو قبيلتهم سيصب في نهاية الأمر في مصلحة الكويت وشعبها وقبل ذلك في مصلحة الاسلام الحنيف!!
نترك استنتاج المغزى من موضوع المقال لذكاء القراء> هذا إذا بقي لدى غالبيتنا أي شيء منه، بعد أن مسح التعصب القبلي والطائفي والديني كامل آثاره من عقولنا عندما صوتنا للعمامة واللحية الطويلة والجلباب القصير، وفي خضم كل ذلك نسينا.. الوطن!!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

د. شفيق ناظم الغبرا

بعد الانتخابات في الكويت

كيفما نظرنا من حولنا في العالم العربي نجد عوالم انتقالية شديدة التأزم تسودها حال من الحدة في صراعاتها. كيفما نظرنا نجد دولاً ضمن الدول ودولاً توسعية حول الدول ودولاً تخاف من شعوبها ودولاً تخشى من يومها الثاني ومن ليلها، ونجد في الوقت نفسه شعوباً تشعر بالإحباط وأخرى بالتهديد وثالثة بالتهميش. في الكويت حال خاصة من بين العرب، ففيها دولة أقرب إلى دولة القانون والمؤسسات، وفيها حريات يندر أن نجدها في دول عربية أخرى، وفيها دستور قلما نجد مثيلاً له في الدول العربية في طريقة كتابته وطريقة تفسيره، وفيها قيادة سياسية أجمع سكان البلاد على شرعيتها إبان واحدة من أحلك الظروف: احتلال عام 1990. إن مشاعر الذاكرة والولاء تبرز في الكويت إلى العلن في الظروف الخاصة، كما حصل مع غياب الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح (طيب الله ثراه) منذ أيام.  متابعة قراءة بعد الانتخابات في الكويت

سعيد محمد سعيد

مسامحة يا «شباب»!

 

من أجل أن نجعل الشباب يشاركون في تحسين الوضع الاقتصادي ونشجعهم على التخطيط لتنفيذ مشروعات خاصة فتنتهي “عقدة” البحث عن عمل في الحكومة من باب “المضمون” والمطمئن، أمام العمل في القطاع الخاص “المرهق وغير المجدي” وهي نظرة لاتزال قائمة، فإن علينا أن نرصد على الأقل عوامل التشجيع المقدمة من الدولة للشباب البحرينيين الطامحين الى تنفيذ مشروعاتهم الخاصة، ومن عوامل التشجيع تلك:

– توفير أنواع مختلفة من المعوقات والبيروقراطية والإجراءات الطويلة والمعقدة، بالإضافة الى توفير الدعم الفني والمعنوي المتمثل في الانتظار الطويل ولأشهر، إن لم تكن سنوات، أمام أبواب بعض المسئولين، واعتماد سياسة التطنيش والتطفيش لضمان خروج هذا الشاب من هذه الإدارة وعدم عودته اليها.

– تقديم معلومات قيمة للغاية أمام مشروعات مكررة تشبع منها السوق، وتحفيز الشباب على التفكير مليا في جدوى بعض المشروعات “التي ثبت فشلها سابقا”، وكأن من العيب أن يبتكر الشباب أفكارا جديدة ويقدمونها إلى بنك البحرين للتنمية أو وزارة التنمية الاجتماعية أو وزارة الصناعة والتجارة ليحصلوا على الدعم المالي والاستشاري.

– عدم الوقوف مع أصحاب المشروعات من الشباب في حال تعرض المشروع لمشكلة، وخصوصا بالنسبة إلى المشروعات التي تتطلب خطوط إنتاج وعملا دقيقا وتسويقا، وهذا النوع من المشروعات يتطلب في الواقع مساندة مرحلية ماليا وإداريا وفنيا لحين تجاوز هذه الإشكالات.

– صعوبة الحصول على الأراضي، والتمويل اللازم للمشروعات المهمة، فهناك من الشباب من يطمح في افتتاح ورشة أو معمل أو حتى مزرعة، لكن تلك المشروعات تبدو أضغاث أحلام لعدم توافر الأرضية المناسبة لها.

أليس من الممكن الحديث عن البدائل بدلا من مواصلة إعادة المحبطات؟

إذا، اسمحوا لي أن استعرض معكم نبذة عن تجربة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لدعم مشروعات الشباب في دبي، حتى نختصر المطلوب، وخصوصا أنه في الإمكان توفير ذلك المطلوب بعيدا عن المقارنة بيننا وبين الشباب في دبي، فتلك المؤسسة “ترفض” المشروعات الهامشية مثل محل بقالة أو محل حلاقة أو مقهى، لأنها لا تقدم إضافة حقيقية للاقتصاد.

لكن في المقابل، هناك تركيز على الجودة، ونوعية العمل والمشروعات، فبرنامج التطوير يختص بتشجيع الاستثمار وتزويد المستثمرين الجدد بأفكار مبتكرة للأعمال، بالإضافة إلى عملية التدريب للشباب على وضع الخطط سواء الإنتاجية أو التسويقية أو الإعلامية، وطرق التعامل مع الأسواق والمجتمع والمصارف والشركات الأخرى.

ويجري قسم التطوير دورات تدريبية متخصصة للشباب، كما أنه يجري مسابقات بينهم لحفزهم وتشجيعهم، وقد أطلقت المؤسسة جائزة سنوية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتضمنت تسع فئات هي جائزة أفضل عمل جديد (للذكور والإناث) في قطاعات مختلفة، وأفضل رجل أعمال أو سيدة أعمال.

أما برنامج التمويل فيختص بتقديم القروض بشروط تفضيلية سهلة الإيفاء لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبالطبع لا تقدم المؤسسة قروضا لكل من طلب ذلك، بل ينبغي على طالب القرض تقديم دراسة جدوى متكاملة للمشروع المطلوب تمويله، وذلك وفقا للمدير التنفيذي للمؤسسة.

ألا يمكن أن يكون لدينا برامج مشابه؟ مجرد سؤال…

احمد الصراف

لماذا وكيف تخلفنا؟

ــ لا ادري مدى صحة الخبر، لوروده على لسان المرشح وليد الطبطبائي، حيث ذكر ان مخططا في التربية لالغاء تدريس مادة القرآن من منهج المرحلة الثانوية!
الخبر، ان صح، فإنه لم يرد في الصحافة كذلك بل ورد على اساس وجود نية لدمج، وليس لالغاء، تدريس القرآن بمادة التربية الاسلامية!! لكن الطبطبائي يعرف كيفية دغدغة الرخيص من المشاعر، وان كلمة «دمج»، الصحيحة ليست بقوة «الغاء» في التأثير في الناخبين!! ولكن هذا ليس مهما هنا.
لو قمنا بتقسيم الكويت الى فئتين: الاولى فوق سن الاربعين، والثانية دون ذلك، لوجدنا ان فئة الدون هي التي تلقت تعليمها من خلال مناهج وضعتها القوى الدينية المتخلفة، بالذات قوى جمعية الاصلاح الاجتماعي، الفرع المحلي لتنظيم الاخوان العالمي. ولكن لو نظرنا إلى فئة ما فوق الاربعين لوجدنا انها الفئة التي تلقت تعليمها من خلال مناهج متسامحة ذات طابع عصري مع مسحة دينية تطلبتها ظروف البلاد وقتها. وكان طلبة تلك المرحلة، وحتما حتى اليوم، بغير حاجة لأكثر من ذلك بسبب البيئة المتآلفة والمنفتحة التي كانوا يعيشون فيها والتي كانت تقبل الآخر، مواطنا كان ام غير ذلك.
ثم جاء الغبار البري وفكر الاخوان المصري «ليعفس» مناهج التعليم ويقلبها رأسا على عقب وينجح في زيادة الجرعة الدينية في مناهج التربية الحكومية، ويفرض الشيء ذاته، عن طريق الارهاب الاداري، على المدارس الخاصة، ويضع بالتالي نهاية لخمسة عقود من التعليم المنتظم والمتسامح.
نتج عن ذلك تغير هائل في مجمل اخلاقيات المجتمع الكويتي، وخصوصا ضمن فئة الاربعين، حيث تزايدت، عكس ما كان متوقعا، وبشكل مقلق ومخيف، وتيرة وكم الجرائم التي ارتكبت والتي ترتكب يوميا من قبل فئة الشباب، وخصوصا في المدارس الثانوية الحكومية ومن رجال الامن والجيش، من خريجي مدارس مناهج الاخوان والسلف، ومن الفئة العمرية التي تقع بين العشرين والثلاثين، وهي الفئة العمرية الغالبة ايضا على اعمار الذين قتلوا انفسهم والغير في الشيشان وافغانستان والعراق.
ولو قيل إن المجتمع الكويتي قد تغير وزاد عدده عما كان عليه الحال قبل ثلاثين او اربعين عاما وبالتالي من المنطقي زيادة نسبة جرائمه تباعا، لرددنا على ذلك بالقول ان مدارس ومراكز التحفيظ، التي لم يوجد منها غير واحد قبل اربعين عاما قد زادت في الفترة نفسها بنسبة 1500%. كما وصل عدد الجمعيات الدينية الى 150، ولم تكن اكثر من واحدة قبل نصف قرن. هذا غير الزيادة الكبيرة في الدروس الدينية في المدارس كافة، والزيادة الهائلة في اعداد مراكز التوعية والمساجد والمطبوعات الدينية وما يخصص من مساحات هائلة في الصحف «للارشاد» والملايين التي تصرف على الحملات الاعلانية مثل «الا صلاتي» وغيرها العشرات!! فبعد كل ذلك كان من المفترض ان يكون مجتمع الكويت كامل الصلاح والتدين واكثر بعدا عن جرائم الخطف وهتك عرض الفتيات القصر والاطفال والمخدرات والتهريب وسرقة مركبات الشرطة والاعتداء على الاطباء والمدرسين! والاغرب والامر من ذلك، ان الفساد والتدهور الاخلاقي شملا قطاعات كثيرة غير التعليم، الذي تدهور بمجمله، حيث ارتفعت معدلات البطالة بعد سيطرة الجماعات الاسلامية على زمام الامور في مجلس الامة والمجتمع الكويتي. وزاد الفساد الاداري، وتخلفنا على المستوى الرياضي، وتدهور المسرح وتخلفت الفنون الراقية كالموسيقى والرسم والغناء وكادت تختفي من حياتنا كل مظاهر البهجة والفرح.
اليوم هو يوم الحساب الكبير، فاما ان يأتي مجلس يعرف كيف يصلح المجتمع، دون اللجوء الى تكفير هذا الفريق والحجز على هذه الجماعة، او ان يبقى الحال كماكان عليه ويستمر تدهورنا لنصبح لبنانا آخر.

• ملاحظة:
تابعونا اليوم السبت على تلفزيون «العربية» في برنامج «بانوراما» ضمن نشرة أخبار العاشرة مساء.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

ربما سيكذب غدا… على منبر الجمعة؟

 

في شهر فبراير/ شباط الماضي، طرحت فيما طرحت من موضوعات في هذه الزاوية، موضوعا يتعلق بالخطب الطائفية، وركزت أكثر على خطب صلاة الجمعة، من قبل «أبواق المنابر» من الطائفتين… وخاطبت في ذلك وزارة العدل والشئون الإسلامية، بل والأكثر من ذلك، اتصلت بعدد من المسئولين وناقشت معهم الأمر.

لقد لمست شيئا مقلقا في الواقع!

يبدو أن المسئولين يعلمون بالكثير، لكنهم لا يريدون تحريك ساكن، فالوزارة تلقي الأمر على المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، حسبما أبلغني أحد أعضائه مشغول بالكثير من القضايا الكبيرة! ولن أقول ما هي هذه القضايا (الكبيرة)… لكنني مدرك بأن وتيرة الخطب الطائفية، أصبحت كثيرة ومريرة، بل وأصبح بعضها مليئا بالكذب.

لست ممن يميل إلى ذكر أسماء؛ لأن موضوعي ليس شخصيا إنما هو قضية تغمض الدولة النظر عنها.

ذكرت سابقا، في موضوعي الأول: «إن ما يثير الدهشة والاستغراب، هو أن كل الإسقاطات الطائفية والتأثيرات السلبية والمخاوف المتزايدة من انتشار التناحر الطائفي في منطقة الخليج، يرجعها البعض إلى الأوضاع في العراق، لكن، بقليل من المتابعة لخطب يوم الجمعة في مساجد وجوامع العراق من الطائفتين مما يمكن متابعته عبر القنوات الفضائية العراقية، يجد أن ذلك الخطاب لا يخرج أبدا من المسئولية الدينية والوطنية والاجتماعية في الحفاظ على سلامة المجتمع الإسلامي، بل تحول بشكل مكثف خلال الأشهر القليلة الماضية إلى خط واحد في مواجهة الاحتلال وتوابعه، والتصدي للمتآمرين على الشعب العراقي، والتشديد على مواجهة الفتنة والعمل على مكافحة المد التكفيري والقتل على الهوية».

ربما سيكذب البعض غدا في صلاة الجمعة… وربما سينبري البعض ليلقي قنبلة هنا أو صاروخا هناك، لكنني أعيد السؤال نفسه إلى وزارة العدل والشئون الإسلامية هو أن مكبرات الصوت ترتفع بما يخالف القانون ويثير الطائفية، فلماذا آذان الوزارة مصابة بالصمم؟

وأذكركم أيضا بأنني قلت: لا أعتقد أن هناك من المواطنين، من السنة أو الشيعة، يرفض أن يقدم من يشعل فتيل الفتنة في خطبة جمعة إلى المساءلة القانونية، حتى لو رفض الناس، فالقانون يجب أن يأخذ مجراه بدلا من إصدار التصريحات الصحافية والكلمات في المناسبات التي تتحدث عن وحدة النسيج الاجتماعي ولقاء أبناء الأمة تحت مظلة الشهادتين… و… و…

في ظني، أنه لو أحكمت الوزارة قبضتها على مثل هؤلاء الخطباء، وأدانتهم بالجرم المشهود، لتخلصنا من ذلك الخطاب الكريه الفاسد الذي لا طائل من ورائه إلا جر البلد إلى المزيد من التأزيم… أقول المزيد من التأزيم ولا يجب أن نقول غير ذلك.

د. شفيق ناظم الغبرا

لبنان: بداية أزمة المجهول

إن هجوم «حزب الله» على مناطق بيروت وعلى الدولة اللبنانية بداية إشكال كبير لـ «حزب الله» وللبنان في الوقت نفسه. ويمكن القول ان هذا يفتح مزيدا من الثغرات ويثير مزيدا من المخاوف بين الأطراف العربية والدولية واللبنانية من «حزب الله» الذي كان للأمس القريب رمزا للمقاومة. فقد خرج «حزب الله» من السر إلى العلن، ومن كونه قوة مقاومة بلا مظاهر مسلحة إلى قوة تفرض نفسها في كل مكان في لبنان، وتحول من حزب يمتلك شرعية عربية ولبنانية إلى حزب يتصادم مع الكثير من العرب، والكثير من اللبنانيين. هكذا يسير «حزب الله» على خطى «منظمة التحرير الفلسطينية»، رغم اختلاف الظروف، عندما تحركت نحو العلن وبسطت نفوذها على أراض كبيرة وواسعة في لبنان. ولكن ذلك كان مقتلها لبنانيا والأساس الذي أعطى اسرائيل المقدرة على اجتياح كل لبنان. إن السيطرة التي يحققها الحزب اليوم هي الأساس الذي قد يمكن معارضيه وناقديه من استغلال نقاط ضعفه في المرحلة المقبلة. متابعة قراءة لبنان: بداية أزمة المجهول

احمد الصراف

روعة الشيخوخة

تقول «س»: لقد اصبحت اخيرا، ولاول مرة، المرأة التي كنت اتمنى دائما ان اكون!! لا، انني لا اتكلم عن جسدي، فالتجاعيد تملأ وجهي والجيوب تنتفخ تحت عيني اما تهدل البطن فحدث ولا حرج، وكثيرا ما افاجأ بالانسان الذي اراه امامي في المرآة احيانا ابدو كأنني امي!! ولكني لا اشغل نفسي بذلك طويلا.
لا استعداد لدي لاستبدال اصدقائي المبدعين ومعيشتي الرائعة وعائلتي الجميلة بشعر فاحم السواد او بطن مستوية اكثر او عيون واسعة وبراقة، فمع تقدمي بالعمر اصبحت اكثر لطفا مع نفسي واقل انتقادا لانحناءات جسدي، واكثر تقبلا لتصرفاتي، لقد اصبحت صديقة روحي.
في هذا العمر، لا اوبخ نفسي على تناول قطعة كيك اضافية، ولا يغمرني شعور بتأنيب الضمير لمجرد اقدامي على شراء ما لا احتاج له او لتعمدي ترك فراشي دون ترتيب او لوضع سحلية اسمنتية في حديقتي الصغيرة بالرغم من يقيني انها قبيحة، ولكني افعل ذلك فقط لكي ابدو طليعية في آرائي وافكاري، فمن حقي تدليع نفسي وان اكون فوضوية وان اخرج عن المألوف.
لقد طال بي العمر بحيث حضرت فراق الكثير من الاعزاء، وخاصة اولئك الذين غادرونا قبل الاوان، وقبل ان يكتشفوا ما يصاحب الكبر عادة من متعة وحرية لا تقدر بثمن، فلا شأن لاحد ان اخترت قراءة مسرحية او الدق على لوحة الكمبيوتر حتى الرابعة فجرا، ومن ثم النوم حتى الظهيرة.
سأرقص مع نفسي على انغام اغاني الستينات والسبعينات الرائعة، وان خطر لي ان ابكي في الوقت نفسه على حب فقدته فسأفعل ذلك حتما، ولن اعبأ بنظرات الآخرين او بسخف تعليقاتهم.
سأمشي على ساحل البحر مرتدية لباس سباحة خاصا مشدودا على جسدي المترهل، وسأغوص به في الامواج غير ملتفتة لنظرات الشفقة من مرتادي الشاطئ فهم ايضا سيكبرون يوما ما.
اعلم بأني انسى احيانا اشياء كثيرة، ففي الحياة اشياء كثيرة يجب ان تنسى، ولكني اعود واتذكر اشياء كثيرة جميلة لا تنسى او تذكر ما علي القيام به.
من المؤكد ان قلبي قد تحطم مرات عدة، فكيف يمكن الا يحدث ذلك لفقد حبيب او لتألم طفل او حتى عندما تصطدم سيارة مسرعة بحيوان اليف، ولكن هذا هو الذي يعطينا قوة فهم الآخرين، وان نكون رحيمين معهم، فالقلوب التي لم تتحطم او تشعر بالألم هي قلوب بدائية مجدبة ولن تعرف ابدا جمال ان يكون الانسان غير كامل.
اعتقد بأنني سعيدة الحظ لان الحياة امتدت بي بحيث تحول شعري لهذا اللون الرائع، واعلم ايضا ان ضحكات الشباب حفرت اخاديدها على وجهي، فكثيرون ماتوا قبل ان يتحول لون شعرهم لهذا اللون الفضي الجميل.
وانت تكبر حتى تصبح اقل اكتراثا بما يقوله الآخرون، فقد توقفت عن سؤال نفسي، لا بل واصبح لدي الحق في ان اكون على خطأ.
وعليه، فإنني احب ان اكون كبيرة في العمر فقد اطلق هذا جناحي الحرية لدي، واصبحت احب الشخص الذي انا هو، فأنا اعرف بانني لن اعيش الى الابد، ولكن طالما انا هنا فإنني سوف لن اضيع وقتا للندم على ما كان من الممكن ان اكونه، او ان اقلق على ما سأكون عليه، وسأتناول الحلويات كل يوم، اذا عنّ لي ذلك، وكل ما اتمناه الا تنتهي صداقاتي الجميلة، خاصة انها اجمل ما تبقى لدي وذكريات السنين الخوالي.
مقتبس من رسالة وردتني على الانترنت.

أحمد الصراف
[email protected]

احمد الصراف

شوقي ام طوقان؟

بسبب قلة مداركنا في الشعر العربي، وعنه فقد أصبحت آراء القراء تتقاذفنا ذات اليمين وذات الشمال.
فنحن لم ننسب بيت الشعر المتعلق بمكانة المعلم، وأنه كاد أن يكون رسولا للشاعر أحمد شوقي الا بعد سؤال من له به باع. ثم جاء الزميل نبيل، الذي له في الشعر ذراع، ليخالفنا ويؤكد أن البيت لابراهيم طوقان!! ثم جاءت القارئة، ونحن نعيش عصر انتصار المرأة، معصومة الحبيب، لتقول:
أنا من متابعي مقالاتك الشيقة والضاربة على أوتار الحزن في هذا البلد الجميل. لن أطيل عليك، فقد وددت أن أدلو بدلوي في الملاحظة الأخيرة التي وردت في مقال أمس (الاثنين) وهي المتعلقة بقصيدة الشاعر أحمد شوقي وتصحيح الكاتب نبيل الفضل، والمتعلق ببيت الشعر:
«قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا»
لأقول إن هذا البيت هو بالفعل للشاعر أحمد شوقي، وليس للشاعر ابراهيم طوقان، وأن هذا الأخير تأثر بالقصيدة ورد على شوقي بقصيدة جميلة، مستخدما الوزن الشعري نفسه، حيث قال في مقدمتها:
«يقول شوقي وما درى بمصيبتي
قم للمعلم وفه التبجيلا
اقعد فديتك هل يكون مبجلا
من كان للنشء الصغار خليلا؟»
حتى يصل الى:
«فأرى حمارا بعد ذلك كله
رفع المضاف اليه والمفعولا»
هذا ما أفادتنا به القارئة الكريمة معصومة، من دار الآثار الاسلامية، ونحن اذ نشكرها نود أن نعتذر مرتين، على خطئنا وعلى جهلنا بالشعر، وبأمور أخرى كثيرة، هذا على افتراض أن ما ذكرته الأخت معصومة صحيح، وليس لنا التأكد من ذلك بسبب وجودنا على بعد آلاف الأميال من الكويت.

أحمد الصراف
[email protected]

احمد الصراف

عماد السيف والسلف والإخوان

كتب صديقنا المحامي الضليع الزميل عماد السيف أننا نكن الحب الكبير والاعجاب الأكبر للشعب الأميركي ولحكومة الولايات المتحدة(!!!)
شكري العميق لكل ما ذكره الزميل من اطراء في حقي. ولكن أعتقد انه بالغ كثيرا في وصف مشاعري تجاه اميركا وحكومتها وشعبها. فأنا لا أكن الحب الكبير ولا الاعجاب الأكبر لهما بل أحترمهما، وهذا مهم، ولكن الأكثر أهمية أنني مدين، ما حييت، بالفضل لقرار الحكومة الاميركية التدخل عسكريا لفك اسري من صدام وحماية كرامتي من بسطار جنوده وحفظ استقلال وطني، واعادته لنا، وكل ما نملك، دون عناء منا ولا منة منه ولا معروف، مع حفظ حقوق شهدائنا!! وأعتقد بالتالي ان من حق تلك الدولة علي شخصيا، وعلى كل من يوافقني الرأي، أن نكون دبلوماسيين في تعاملنا معها، وهذا أضعف الايمان!! فأنا لا أطلب الركوع لها ولا السجود لرغباتها بل التصرف بما تمليه علينا مصالحنا أولا وأخيرا، دون تجريح وتعال غير مستساغ!! فلا أميركا بالأجنبية ولا نحن بناكري جميل!!. وهذا كل ما لزم توضيحه.

لا يحتاج المراقب للكثير من الخبرة والفطنة لمعرفة حقيقة مستوى أخلاقيات مرشحي الأحزاب الدينية بالرغم مما يحاول كتاب كل فريق إسباغه على جماعته من مدح وثناء.
لمعرفة حقيقة مشاعر ومصداقية كتاب وممثلي الأحزاب الدينية فان الأمر يتطلب فقط قراءة آراء بعضهم في بعض، وسماع خطب وأقوال كل طرف في حق الطرف الآخر، والأمثلة أكثر من أن تحصى!!
ولو وضعنا مرشحي الانتخابات القادمة في فئات أو معسكرات لوجدنا أنهم يتوزعون الى ثلاث:
الذين يصفون أنفسهم بالتيار الوطني أو الليبرالي، والمحسوبون على التيارات الدينية من سلف واخوان، ثم المستقلون.
لن أتكلم عن مرشحي المعسكرين الأول والثالث لأسباب عدة، أقلها انحيازي للكثيرين منهم، فغالبية أصحاب هذه الفئة هم من غير المغالين في الأمور الدينية.
ولكن لو نظرنا الى معسكر المحسوبين على السلف والاخوان، ممثلي التيار الديني الداعي لأسلمة المجتمع بالقوة، ان لم يكن بالطرق التشريعية، والذين يفترض أن تكون مرجعيتهم «الشرعية» واحدة، لوجدنا أن ما تسطره أقلام كتاب كل فريق منهم بحق الفريق الآخر وما تتضمنه مقالاتهم من اتهامات وتجريح بعضهم بحق بعض، وما يرد في ندواتهم الانتخابية من مغالطات، وكان آخر تلك كتابات الزميل السلفي محمد الشيباني والاخوانجي يوسف سليمان المطوع في حق أحزاب وقادة بعضهم البعض!!
من المفترض أننا عندما نتكلم عن السلف والحركة الدستورية (الاخوان) فاننا لا نتكلم عن أحزاب علمانية ليبرالية تغريبية وصولية، كما يحب أن يصفهم خصومهم، بل عن أحزاب دينية يقودها رجال متدينون، فكيف يمكن أن يكون أحدهما على حق وصواب، والآخر على خطأ وفسق وضلال؟ كما تقوله بصراحة كتاباتهم.
وبالتالي فان استمرار تقاذفهم بالاتهامات يعني أحد احتمالات ثلاثة:
اما أن الطرفين على صواب، وهذا ما ينفونه هم أنفسهم جملة وتفصيلا!!
أو أن أحدهم فقط على صواب، وهذا ما يؤكده كل طرف، ولكنه لا يستقيم مع الفطرة السليمة التي يدعي كل طرف تملكه لناصيتها!!
أما الاحتمال الثالث والأقرب للمنطق، فهو أن يكون الفريقان على خطأ وأنهما مجموعة من المتاجرين بالشعارات الدينية ومن مستغلي الدين لمصالحهم السياسية والمادية، وهذا على الأقل ما يقول كتاب كل طرف في حق الطرف الآخر!!
ما نطلبه من الناخبين هو الحرص ليس فقط على قراءة مقالات وسماع خطب «المتأسلمين» بعضهم عن بعض، بل سؤالهم عن هذا التناقض وسيسمعون العجب من النبذ والتكفير!
لقد وضع مصير الكويت طوال أكثر من 30 عاما تحت رحمة المنتمين للأحزاب الدينية فلماذا لا نجرب الطرف الآخر ولو مرة واحدة؟!

ملاحظة: كعادته، قام الزميل نبيل الفضل بتصحيح معلومة ما في مقال لنا. فقد ذكرنا في مقال السبت الماضي أن قائل بيت الشعر المتعلق بمكانة المعلم، وأنه كاد أن يكون رسولا، هو الشاعر أحمد شوقي، والصحيح أنه للشاعر الفلسطيني ابراهيم طوقان. الشكر له، والمعذرة للقراء على الخطأ.

أحمد الصراف
[email protected]

د. شفيق ناظم الغبرا

انفجار لبنان والوضع الإقليمي

أن يتقاتل اللبنانيون هو تأكيد لحال التآكل التي يعيشها لبنان ومعه العالم العربي الذي يزداد انغماساً بصراعات أهلية، بينما تحتفل إسرائيل بذكراها الستين، وتعود الأمور إلى نقطة الصفر. فما وقع في لبنان يعكس القضية الأكبر التي تسيطر على تفكير القياديين في «حزب الله» وسورية وإيران: آفاق حرب جديدة في المنطقة بين إسرائيل و«حزب الله» وسورية وآفاق مواجهة أميركية إيرانية. وتعيش القيادات في هذه البلدان مع توقيت هذه الحرب في هذا الصيف. مقتل عماد مغنية، الذي تشير حادثة الاغتيال إلى دور إسرائيلي في اغتياله، ربما كان البداية الهادئة لهذه الحرب الجديدة. فمغنية كان مسؤولاً عن تحضير «حزب الله» في الجنوب وفي البقاع وفي لبنان للحرب المقبلة مع إسرائيل. هل يمكن أن نقول إن الحرب قد بدأت بتحرك من «حزب الله» على أزمة الكابلات وشبكة الاتصالات التي يقوم «حزب الله» ببنائها بمعزل عن الدولة؟ ولكن «حزب الله» كان يبني ما يبني في إطار الاستعداد للحرب المتوقعة هذا الصيف(بمعزل عن الدولة) وبمعزل أن أي قرار عربي، فاعتبر أن ما تقوم به الدولة إضعاف له في معركة يستعد لها؟ بطبيعة الحال سيقول الكثيرون من اللبنانيين: وما دخلنا في حرب إقليمية؟ هذا التساؤل في مكانه، ولكن من جهة أخرى، ان ضعف لبنان وانقسام مجتمعه بهذه الحدة واكتشاف كل من سورية وإيران لحلفاء في لبنان في المواجهة مع إسرائيل ومع القوى اللبنانية السيادية يجعل لبنان متورطاً بما يحصل.  متابعة قراءة انفجار لبنان والوضع الإقليمي