سامي النصف

أمير البيان شكيب أرسلان

ولد أمير البيان شكيب أرسلان في لبنان في ديسمبر 1869 وتوفي في نفس الشهر عام 1946 عن عمر قارب الـ 80 وقد تلقى تعليمه في المدرسة الاميركية في قريته ثم دخل هو وشقيقه عادل مدرسة الحكمة المارونية في بيروت الشهيرة بإجادة تعليم اللغة العربية، كما أحضر والده الأمير حمود شيخا لتعليمه تلاوة القرآن وحفظه.

وقد بدأت وطنية الأمير شكيب في وقت مبكر عندما انتفض داعما ثورة عرابي في مصر رغم صغر سنه وارتحل إليها، حيث التقى وتتلمذ وصادق الشيوخ محمد عبده وجمال الدين الأفغاني ومحمد رشيد رضا وتطوع من هناك في الحرب ضد الطليان في ليبيا ثم أصبح مسؤولا عن بعثات الهلال الأحمر المصرية في طرابلس الغرب ثم ارتحل إلى المدينة المنورة حيث استقر وأنشأ مدرسة دينية فيها.

وكان الأمير شكيب عثماني النزعة، مدافعا شرسا عن الدولة العثمانية، حاول جاهدا ان يزيل اسباب الخلاف بين الترك والعرب وفي ذلك يقول الشيخ عزالدين التنوخي «لقد كان الأمير شكيب من أشرف من كان حول جمال باشا (السفاح) من رجال العرب وقد دفع به الله كثيرا من الأذى والشر عن أبناء العروبة» وقد ارتحل الامير شكيب الى اميركا وروسيا وجمع من الدول الأوروبية مدافعا بالمقال الصحافي واللقاءات عن استقلال بلاد العرب وعن القضية الفلسطينية كما حج عام 29 والتقى الملك عبدالعزيز كما رأس عام 1934 لجنة اسلامية للصلح بين السعودية واليمن.

وقد أتقن الأمير شكيب الى جوار العربية، التركية والانجليزية والفرنسية والألمانية وتقول زوجته انه كان متدينا محافظا على الصلاة حتى ابان نفيه وعيشه في جنيڤ ولم يمنعه تدينه من الدفاع الشرس عن العروبة وقد كانت له نظرات ومقولات اثبتت الايام صحتها، فقد شعر بأن الحلفاء لن يوفوا بعهودهم بعد الحرب العالمية الأولى للعرب وهو ما حدث، كما كان أول من طالب بإنشاء جامعة تضم العرب جميعا وكان يرى كذلك ان يتدرج العرب في وحدتهم كأن يصبحون دولة فيدرالية أو كونفيدرالية.

وفي شتاء عام 1946 عاد الأمير شكيب الى قريته في الشويفات بعد اغتراب ونفي زاد على الثلاثين عاما، وجهاد في سبيل العروبة والاسلام جاوز الستين، حيث توفي هناك مخلفا عشرات الكتب والمخطوطات، منها كتابه الشهير «لماذا تخلف المسلمون وتقدم غيرهم؟» و«الاقتصاد السياسي» وكتاب آخر أثبت فيه بالبحث والتدقيق ان العالم الأوروبي الشهير أبازيت الذي اعترف بفضله نيوتن وفولتير وجاك روسو هو من اصول عربية هاجرت من الأندلس واقترح في ذلك الكتاب على الشباب العرب ان يتتبعوا سير بعض عظماء أوروبا وسيكتشفون كما اكتشف ان اصول بعضهم عربية واسلامية.

وقد اعتبره الشيخ علي الطنطاوي في رثاء نشره في مجلة الرسالة عام 1947 اعظم رجال العرب قاطبة في ذلك القرن وفي عام 1960 زار الشاعر المهجري فؤاد الخشن قبر الأمير شكيب في الشويفات وأحزنه ما رآه من اهمال لثراه فكتب قصيدة حزينة نشرها في جريدة «العلم العربي» التي تصدر في بوينس ايرس اتى في البعض منها: هنا يرقد الثائر الأمير، يسير في العراء، تحرسه السماء، فراشه الرمال، لحافه الجليد وهمه الوحيد، ان يُنصر العرب وان يبلغوا الارب، أههنا قبره في تربة يغمرها الاهمال والنسيان؟ لغيبة الوفاء في زمان الفكر فيه ضائع مهان، والشوك البري على القبر بدل من الزهور، في بلاد تمجد البغاث وتنكر النسور.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *