للتحول لكويت الاستثمار والمركز المالي استحقاقات عدة منها ضرورة انشاء «محاكم اقتصادية» كالتي اقرها البرلمان المصري قبل ايام وصدر على اثرها كتاب للدكتور شمس مرغني مختص بها كونه اول من تقدم بهذا المقترح المهم الذي لا غنى لنا عنه في الكويت خاصة بعد ما جرى في العام الماضي من فسخ عقود وتحييد اسهم.. الخ.
وإنشاء تلك المحاكم الاقتصادية يجب ان يكون ضمن برنامج عمل الحكومة وانجازات المجلس الحالي لجذب الاستثمارات المحلية والاجنبية.
الدستور الكويتي والدستور المصري الحالي مستمدان من نبع واحد هو الدستور المصري لعام 1923 وقد صدر قبل مدة كتاب «المكلمة البرلمانية» للدكتور زين فراج (دكتوراه في القانون من فرنسا) حول ضوابط الكلام تحت قبة البرلمان عبر دراسة معمقة في 400 صفحة وكنا نود ان يكون ذلك الكتاب ومؤلفه ضمن المحاضرين لدورات «التعرفة البرلمانية» للنواب والوزراء الجدد في الكويت.
عمل النواب الذي يستحقون عليه المناصب والمكافآت هو الكلام في المواضيع التي تطرح تحت قبة البرلمان فهل هناك عقوبة للنائب الذي تمضي 4 سنوات دون ان يتحدث قط كما يحدث مع بعض نوابنا؟!
ويشير د.زين فراج في كتابه الى عدة ضوابط للكلام نجدها غير مطبقة لدينا حيث لا يجوز للنائب ان يرد على نائب آخر او يعقب على ما يأتي في الصحف او حتى يشير لأسماء الموظفين الحكوميين، ويرى المؤلف ان يكون كلام النائب ارتجالا لا تلاوة من ورقة كما لا يجوز التكرار او الحديث اكثر من مرة في الموضوع الواحد كما لا يجوز الحديث فيما هو خارج اختصاص عمل المجلس (راجع ضوابط مجالسنا) ولا تسمح الاعراف للنائب بالحديث ثم ترك الجلسة مباشرة، حيث يجب ان يستمع لزملائه كما استمعوا له.
ويفرد المؤلف فصلا كاملا لعقوبات الاعضاء ولبنود واجراءات لجنة القيم في البرلمان المصري وان أخطأ المؤلف بالقول بعدم وجود لجنة قيم في الكونغرس الاميركي والبرلمان البريطاني (ص 289) فالحقيقة ان هناك لجنة قيم في مجلس العموم البريطاني صدر بها تشريع عام 1994 تسمى «لجنة نولان للقيم» كما توجد لجنة قيم فاعلة في الكونغرس الاميركي حسب المادة 338 المعدلة لعام 63.
وفي هذا السياق يحدثني العم المرحوم جاسم الصقر عن تجربته الاولى لدى زيارته مجلس النواب العراقي في الثلاثينيات ومشاهدته لوزير الدفاع جعفر العسكري وهو لا يتحدث بل «يعفط» بصوت عال كلما تحدث نائب من المعارضة، وقد رويت في مقال سابق حقيقة ان العسكري كان يتحدث 8 لغات حية وتعتبره مس بيل في مذكراتها اكثر العراقيين ثقافة وعلما وقد قتله بكر صدقي ما جعل نسيبه نوري السعيد لا يكتفي بقتل صدقي انتقاما بل يستهدف الملك غازي بالقتل كما يروى.
آخر محطة:
صدر عام 92 كتاب ذكريات الوزير ورئيس الحزب الناصري ضياء الدين داود وضمنه يروي تجربته كعضو مجلس الشعب منتصف الستينيات، حيث يقول انه لاحظ ان وكيل المجلس لا يعطيه الدور بالكلام، ما احرجه امام ابناء قريته وقد اكتشف بعد ذلك ان الوكيل يجتمع في الصباح مع بعض الاعضاء للاتفاق معهم عما سيقولونه في الجلسة عند رفع ايديهم ثم توزع الادوار «المسرحية» بينهم، وقد استطاع باعترافه ان يصبح في النهاية ضمن هؤلاء الممثلين على الشعب، وخوش ديموقراطية يا استاذ ضياء.. يا ناصري!