سامي النصف

الكويت وعامل الاحتراق

«يحتفل» لبنان هذه الايام بمرور 33 عاما على بدء الحرب الاهلية المدمرة فيه التي اشعلها صدام حسين عبر ارسال عملائه من منضوي منظمة التحرير العربية التابعة له لقتل رجال الكتائب اثناء احتفالهم بتدشين احدى كنائس منطقة «عين الرمانة» صباح يوم 13/4/1975 وما تلاها من ذعر ادى الى اطلاق الرصاص على «باص» للفلسطينيين ثم انتشار الفوضى والعصيان في لبنان ورفض رئيس الوزراء انزال الجيش لحفظ الأمن.

وفي 23/5/75 اصدر رئيس الجمهورية اللبنانية مرسوما بتأليف حكومة عسكرية برئاسة العميد نورالدين الرفاعي، وفي 24/5/75 عقدت قمة اسلامية لبنانية في دارالمفتي الشهيد حسن خالد ضمت الشهيد كمال جنبلاط والشهيد رشيد كرامي تم خلالها رفض الانصياع لأوامر تلك الحكومة الهادفة الى فرض هيبة السلطة ونزع الاسلحة بحجة «عدم دستوريتها» مما عجل بسقوطها واستمرار الحرب الاهلية لـ 15 عاما اخرى احرقت الاخضر واليابس وتسببت في استشهاد الزعامات الثلاث، ولو علم اللبنانيون آنذاك ما تخفيه الايام لرفعوا العميد الرفاعي وحكومته على الاكتاف ولوفروا الفواجع والمآسي ولكانت لبنان اليوم، وبحق، سويسرا الشرق، ولاستُبدل شعار «نياله من له مطرح عنزة» في لبنان بـ «نياله من له مطرح نملة».

وفي هذا السياق يذكر الباحث د.شفيق الريس في كتابه «التحدي اللبناني 1975 – 1976»، الفصل السادس ص 316 المسمى «احداث الكويت»: ان العديد من العقلاء والاصدقاء اللبنانيين ابرقوا لأمير الكويت آنذاك قائلين له ان كرة النار والحرب التي ابتدأت في الاردن سبتمبر 70 ومرت على قبرص يوليو 74 ولبنان ابريل 75، ستمتد للكويت التي وصلت حالتها – حسب قوله – الى مفترق خطير، لذا اتخذ امير الكويت – كما اتى في الكتاب – قرارات حازمة واجراءات صارمة عام 76 للحفاظ على أمن بلده وشعبه، مما اطفأ الفتنة وادخل خفافيش الظلام الى جحورهم وكهوفهم.
 
ان البعض لدينا لا يمانع بسفه وحمق او لمصالحه المالية مع الآخرين من اشعال الفتنة لحرق الكويت في سبيل ارضاء نرجسيته وانانيته وقصر نظره متناسيا – كما حدث مع الزعامات اللبنانية الثلاث – انه سيكون اول ضحايا الفلتان فقدان هيبة السلطة في البلد.

ومادمنا في الاحتراق، وهو احد مصادر الطاقة، فهل لنا ان نذكّر الوزارة المعنية بان احد التقارير الدولية اظهر ان مصادر المياه لن تكفي حتى نصف السكان خلال سنوات قليلة، ومن ذلك نرى ان حملة الترشيد القائمة لن تؤتي ثمارها ما لم تصاحبها خطوات عملية للحد من الاسراف الشديد في استخدام الماء والكهرباء وحتى وقود السيارات في بلدنا الحبيب.

ومما يمكن للوزارة عمله: فرض استخدام انظمة «FLUSH» في الحمامات الجديدة حيث توفر اكثر من نصف المياه، كما يجب فرض استخدام انظمة اضاءة متقدمة توفر الطاقة وكذلك فرض استخدام زجاج عازل للبيوت والعمارات، ويمكن ان يعطى من يغير نظام منزله بتلك الانظمة الحديثة والجديدة حوافز كاعفائه من دفع الفواتير لـ 6 اشهر، ومن الاهمية بمكان: وقف اهدار المياه الذي تتسبب فيه شبكة المياه القديمة، وتركيب عدادات للبيوت والشقق كي يرشّد المواطن والمقيم من استهلاكهما للكهرباء والماء، وضرورة اصدار تشريع حازم لاستخدام المياه كحال التشريع البريطاني المسمى «قانون الجفاف» الذي يفرض عقوبات مشددة وصارمة على من يسرف في استخدام المياه ابان موسم الجفاف ونحن في الكويت لدينا 363 يوم جفاف في السنة «عدا يومين!».

احمد الصراف

شوارع الكويت والديكان

ما ان القمت الجهاز بأسطوانة الـ «سي دي» حتى جاءني صوت عبدالله الفضالة (السليطي) يتهادى:
«ألا يا هل الهوى وأعز دالي(!!)
عديل الروح ما كان بصوابه
عشيري بالمحبة سم حالي
وأنا يا حسرتي قلبي غدا به»
فأعادني السامري لنصف قرن إلى الوراء، لبيوت الكويت القديمة، لشوارعها العتيقة و«سككها» المتربة وسيارة «البلدية» ترش ماء البحر عليها لترتفع أنفاس الارض العطشى في شكل أبخرة لا تزال الذاكرة تحتفظ بعبقها الغريب. وينتهي الحلم مع بدء النقر على مفاتيح البيانو مخرجة لحناً منسجما مع أغنية الفضالة ولكن بقالب غربي يحملك هذه المرة لشوارع فيينا وأزقة سالسبورغ المغطاة بأحجار الكوبلنك الصغيرة. ثم يتوقف الحلم تارة أخرى لتنتقل مع أغنية «عبداللطيف (العبيد) الكويتي، إلى حلم آخر وأنت تسمعه يغني «ما بلغ مقصوده، ليتبعها عزف موسيقي منفرد على البيانو للحن نفسه ولكن بنفس غربي واضح، وتنتهي الأحلام، أو الرحلة الخيالية مع شدو «محمود (النقي) الكويتي» وهو يغني:
«قلت أوقفي لي وارفعي البوشيه
خليني أروي ضامري العطشان»
وهنا أيضاً يعود بي الزمن مرة أخرى لدهاليز بيتنا القديم وزوايا الفريج ولحظات الانتظار الطويلة في السكة بانتظار نظرة من عيون صبية الحي وهي تتمايل مختالة ببوشيتها الجديدة وسحر غريب يصدر منها وكأنها الشوق والرغبة يسيران على قدمين.. ثم أعود وأصحو من سباتي على صوت «جليب نخم» الأجش، وهو يتمايل في مشيته وزميله الكفيف واضعاً يده على كتفه خشية الضياع.
آه كم كانت أيامه غريبة، وكم تغير الزمن والكثير الكثير منا وفينا وحولنا على الرغم من قصر الفترة، ولكن مع كل ذلك لا يزال طعم «حلو النارجيل» من بائعه «وردي»، بشفاهه الغليظة وشكله المتعب، لا يزال طعمها تحت لساني حتى اليوم.
يعيدنا سليمان الديكان مرة ثالثة ورابعة مع عزفه الرائع على البيانو للكويت القديمة تارة، وللخليج تارة أخرى لنعود إلى أجواء أوروبا ونسمع هناك أغنية لأحمد الزنجباري وأخرى لعبدالله الفرج وثالثة لعوض دوخي وبعدها لسعود الراشد وهكذا في جو يمتلئ بالنوستالجيا والحنين للماضي الجميل.
شكراً للفنان البروفيسور سليمان غنام الديكان على إبداعاته من خلال عمله الرائع «تراثنا الوطني» الذي يحتوي على مقطوعات مميزة من أغان كويتية قديمة مصحوبة بعزف يماشي ألحانها بشكل جميل على البيانو.
سي دي «تراثنا الوطني» عمل فني يستحق الاقتناء والاستماع له بين الفترة والأخرى.

• ملاحظة: لمعرفة كيف تعمل القوى الإسلامية بأسلوب مافياوي ما عليكم سوى مراقبة الوضع في القطاع النفطي، وهو شريان الحياة الوحيد للكويت، فقد استولى عليه «الإخوان» في غير غفلة من الزمن، وقاموا بتحويل جميع شركات القطاع لمزرعة خاصة بهم، وأجبروا أصحاب الكفاءات والخبراتالطويلة من المعارضين لاتجاهاتهم «السياسية» إما للتقاعد أو الانزواء أو في أحسن الأحوال، للعمل كمستشارين!!
أين أنت يا سمو رئيس الوزراء، ويا حكومة، من هذه الجريمة؟
أحمد الصراف
[email protected]

سامي النصف

بل نحن حقل تجارب يا بوقتيبة

يتساءل الزميل العزيز فيصل الزامل في مقاله الرائع بالامس:

هل اصبح شعبنا الكويتي الطيب فئران تجارب «guinea pigs» في قضية الدوائر بيد المخادعين من دعاة احتكار الحقيقة والمغررين بالناس والمتهمين مخالفيهم – ممن هم اكثر حكمة وصدقا منهم – بالخيانة الوطنية دون ان تصبغ وجناتهم حمرة الخجل الداكنة بسبب خياراتهم الخاطئة المتكررة.

لقد قلنا قبل اقل من عامين ان تغيير الدوائر سيسيء الى الاوضاع ويعزز الامور السالبة من فرعيات وشراء اصوات، وهو ما حدث، وان الحل الحقيقي المسكوت عنه آنذاك يكمن في الجدية بتطبيق القانون الذي ان تم ستختفي تلك الظواهر، ايا كان عدد الدوائر، وان ابقينا على خيار تجاهله ستبقى السلبيات مع اختفاء مزايا الـ 25 دائرة واولاها حسن تمثيل الشرائح الصغيرة في المجتمع.

ومن اكاذيب الامس التي تتكرر اليوم القول ان الـ 25 دائرة هي التي تتسبب في الطائفية والقبلية والعائلية وشراء الاصوات (!)، وان الكويت كانت تفتقد تلك الظواهر ابان الدوائر العشر (حقبة الستينيات)، متناسين ان العالم بأجمعه – الذي لم تتغير دوائره – قد تغير منذ ذلك الوقت، فاشتعلت على سبيل المثال بالامس في لبنان الحرب الطائفية كما تشتعل هذه الايام وللمرة الاولى في تاريخها الحروب الطائفية والقبلية في العراق والسودان والصومال.. الخ، فما دخل خيار الـ 25 دائرة بذلك؟!

ان اسباب معارضتنا وبشدة خيار الدائرة الواحدة الذي سيدمر بالقطع البلد ويقسمه تكمن في الآتي:
 
1 – انه قفزة اخرى للمجهول ووصفة خاطئة اخرى من قبل نفس الاطباء، حيث لا توجد دراسات او دلالات على النتائج المحتملة لذلك الخيار وتأثيره على سبيل المثال على الاقليات في مجتمع اقصائي غير متسامح لا يستمع فيه من يحصد 51% من الاصوات لمن يحصل على 49% الاخرى.
 
2 – عدم دستورية ذلك الخيار الذي يقدم – يا للعجب – ممن اوصلوا نصوص الدستور الى مكانة الكتب المنزلة.

3 – ان ذلك الخيار سيضع 50 كرسيا اخضر كجائزة وغنيمة مما سيزيد من حدة الفرعيات وظاهرة شراء الاصوات.
 
4 – ان العالم اجمع، اي 99.5% من بلدانه – عدا اسرائيل – يزيدون من عدد دوائرهم تباعا، ونحن نقوم بشكل هزلي واستخفاف شديد بإنقاصها، فهل جماعتنا المحتقنة والمتأزمة دوما اكثر حكمة وعقلا واتزانا من الآخرين؟! لا تعليق.
 
5 – من سيكسب من النظام الشاذ الفريد (الدائرة الواحدة) لن يرجع قط لأي نظام آخر مهما كانت فداحة الخطأ.

6 – سيتسبب تكبير الدائرة الانتخابية الى حدها الاقصى في وصول فقط الكتل الكبرى المنظمة ذات المرجعية والقدرة على التحالف، وهي في الاغلب تتبنى اجندات لا تتماشى مع العصر وقامعة للحريات ولا تدعم خيار كويت المركز المالي الاستراتيجي ولا تنظر بود لحلفائنا التقليديين.
 
7 – سيقسم خيار الدائرة الواحدة المقسم وستتكتل وتتخندق وإلى الابد كل طائفة وشريحة اجتماعية على نفسها لحصد كراسي تتماشى مع عددها وستصبح بعد ذلك مصطلحات الوطنية وحب الكويت شعارات دون مضمون.

8 – ان من يروج لذلك الخيار هم اطراف لم يعرف عنهم الذكاء او الحكمة ولم يدعوا الى أمر إلا واثبتت الايام خطأه الفادح.

وبودي ان نجعل كناخبين الاقتراع المقبل اقتراعا على الحكمة مقابل التأزم، والعقل مقابل الدغدغة، والتنمية مقابل التخلف، والذكاء مقابل الغباء، وان نسقط ونبعد حفاظا على مستقبل بلدنا واولادنا كل من يدعو بغفلة او بخبث شديد لخيار الدائرة الواحدة المدمر.

آخر محطة:
بديهية، الفارق بين الخيار الشمولي (الشيوعي، الديكتاتوري.. الخ) والخيار الديموقراطي، هو ان الاخير يؤمن بالرأي والرأي الآخر، لذا لا يجوز لمن يؤمن بالديموقراطية اقامة الندوات للمخدوعين للاستماع لمن يدعون فقط لخيار الدائرة الواحدة الا اذا كان هذا مشروع غسيل عقول – من تاني – او بالمقابل اعترافا صريحا بضعف حجة الداعين اليه امام خصومهم من أصحاب الرأي الآخر.

احمد الصراف

من عجائب الإنترنت

اذا كان لديك جهاز كمبيوتر واتصال مع الانترنت ماعليك غير كتابة العنوان التالي وستشاهد ما باستطاعة الانترنت تقديمه لك وانت جالس في غرفة نومك:
http://www.qlobalincidentmap.com/hom.php
عندما تفتح الموقع اعلاه ستظهر لك خريطة العالم وعليها علامات ورموز مختصرة، تبرق مشيرة الى مناطق وقوع الاضطرابات والاحداث الخطيرة والغريبة التي تحدث، او التي حدثت في العالم اجمع قبل فترة قصيرة جدا او قبل دقائق اولا باول في كل قرية ومدينة.
تقوم جهة ما، لم استطع معرفتها من الموقع، بتحديث بياناته كل خمس دقائق ويعمل على مدار الساعة لسبعة ايام في الاسبوع.
وعندما تقوم بتحريك السهم لموقع الحدث على الخريطة يظهر لك شريط قصير يبين طبيعة الحدث، وان ضغطت عليه مرتين ستظهر امامك خريطة واضحة وملونة مرسلة لجهازك عبر ستلايت «قمر هايبيرد»، تبين الخريطة بدقة شديدة منطقة الحدث، كما تظهر على الشاشة معلومات تفصيلية عنه وعن ساعة وقوعه، الذي ربما يكون قد حصل في المدينة التي تسكنها من دون ان تعرف عنه شيئا، كما تظهر على الشاشة معلومات عن موقع المدينة من ناحية خطوط الطول والعرض والارتفاع عن سطح البحر وتضاريس المنطقة بالالوان الطبيعية، وكم كبير آخر من المعلومات التي يمكن لاي منا وخاصة طلبة المدارس، الاستفادة منها بشكل كبير.
ولو تمعنت اكثر واكثر لتبين لك ايضا ان غالبية الاضطرابات وحوادث الارهاب والقتل السياسي تقع في…. منطقتنا.
كما يوجد على الانترنت موقع مفيد آخر وهو:
http://home.tiscali.nl/annejan/swf/timeline.swf
ويختص ببيان الوقت على كامل حجم شاشة الكمبيوتر، ويعتبر الاكثر دقة في العالم وبالضغط مرتين على الساعة نفسها ستظهر سبع طرق اخرى لمعرفة الوقت بوسائل مبتكرة يمكن وضع اي منها على شاشة جهازك Screen Saver للرجوع لاي منها في اي لحظة لمعرفة التاريخ والوقت.

أحمد الصراف
[email protected]

سامي النصف

وماذا عن الدواوين؟

يحتار المراقب لما يجري في بلدنا، حيث نلحظ أن هناك من يطلب أمورا لو حصلت لكان هو أول المتضررين منها، كحال طلاب الدوائر الخمس قبل الأمس والفرعيات كما أوضحنا في مقال أمس والاعتراض على إزالة الدواوين كما سنوضح في مقال اليوم، والمؤسف في جميع تلك القضايا الاعتماد على الإشاعات والدغدغة والأقوال غير الصائبة – ولا نقول الكاذبة – لتمرير الخيارات الخاطئة بحق الوطن وبحق من يدعو إليها.

– ياللعجب –

هل كانت هناك تفرقة في إزالة الدواوين كما ادعى بعض معارضي الإزالة؟ الجواب هو «لا» كبيرة، فقد ازيلت الدواوين المخالفة في «جميع» مناطق الكويت وقد بدأت بالكبير من شيخ ووزير ونائب وعضو بلدي قبل الآخرين بعكس ما أشيع، أما الطلب بترخيصها ووضع رسوم عليها كحال الاسطبلات والجواخير والشاليهات والمزارع والمناحل والهجن والمناطق الصناعية والأسواق والمشاريع المختلفة المقامة على الأراضي العامة للدولة فهناك فارق كبير وواضح.

ففي جميع الأمثلة السابقة قامت السلطة التنفيذية وبموافقة السلطة التشريعية التي تمثل الشعب باختيار «مناطق محددة» لخلق أنشطة إنتاجية وترفيهية، فحددت للمزارع منطقتي الوفرة والعبدلي، وللجواخير منطقة كبد، وللشاليهات الساحل الجنوبي، وللمناطق الصناعية الشويخ وصبحان والصليبية..إلخ، وجميع المستفيدين هم مواطنون كويتيون، أما الدواوين فغير محددة بمناطق معينة ولا توجد تراخيص بها من قبل الدولة كحال الأمثلة الأخرى.

إن هناك مبدأ منطقيا وبديهيا هو أن على الدولة في نهاية المطاف إما أن تطالب بإزالة التعديات كما تم ويزعل «البعض» أو أن ترخص وتقنن تلك التجاوزات وما سينتج من اغضاب «جميع» المواطنين، حيث لن تبقى قطعة أرض فاضية وخالية دون أن تقام علىها مباني كيربي ستؤجر للعزاب وكمخازن بحجة أنها «دواوين» ولن يأمن مواطن بعد ذلك – ومن ضمنهم أصحاب الدواوين المخالفة – على أهله أو يجد مكانا لإيقاف سيارته، وسيخسر المواطن المعني على الأرجح 4/3 سعر منزله.

وفي سياق الفرعيات هناك حادثتان تستحقان الإشارة إليهما لإظهار بُعد نظر من قاموا بتجريم تلك الممارسة المضرة بالجميع، الأولى حدثت قبل عامين عندما كنت أحاضر إبان الانتخابات الماضية ضد ظاهرة شراء الأصوات، وحال انتهاء الندوة اقترب مني رجل قال انه يسكن في احدى المناطق الجنوبية وكان يعيش في أحسن حال حتى ابتدأت الفرعيات التي يقوم بها طرفان ثم يتحالفان لإغلاق الدائرة عليهما، حيث اصبحنا – حسب قوله – بالتبعية مواطنين درجة ثانية لا يسأل عنا أحد قبل ولا بعد الانتخابات، فنوابنا مهتمون فقط بمن انتخبهم في الفرعيات، لذا اعطينا صوتنا، وبرحابة صدر، لطرف ثالث قدم ليشتري الأصوات لا حبا في المال، بل لكوننا وجدنا أخيرا من يسأل عنا!

الحادثة الثانية حدثت قبل يومين في ليلة أحداث الصباحية العاصفة سياسيا وأمنيا ومناخيا، حيث كنت اتحدث مع رجل أمن مثقف ومخلص ينتمي لنفس القبيلة الكريمة التي دارت حولها أحداث تلك الليلة وقلت له الحكاية السالفة الذكر فقال انه يعيشها بشكل يومي، حيث يقطن واسرته في منطقة مغلقة ومنذ سنوات على قبيلة أخرى ومن ثم لا أمل لديه أو حتى لأبنائه في الفوز بأي انتخابات نيابية أو بلدية أو تعاونية بتلك المنطقة، وكان تعقيبي: لهذا علينا جميعا ان نلتزم بتطبيق القوانين التي ما وضعت الا لخدمتنا كمواطنين.

آخر محطة:
أخبرني صديق إعلامي بارز من سكان الجهراء أن الفرعيات والتحالفات إن تمت بشكل معين في الدائرة فقد تنتهي بفشل وصول أحد من الجهراء للمرة الأولى لمجلس الامة.

احمد الصراف

النائب المملوح

كان شخصا محبا للحياة مقبلا عليها وكأن الدنيا ستفنى بعد ايام، ولكن حياة الصخب والمجون والسهر التي اعتاد عليها كادت تقضي عليه، فانبهاره بكل ما رآه في الخارج، من ملذات لم يعتد عليها في بيئته السابقة الشديدة الصرامة والمحافظة، دفعه الى التطرف في كل شيء، توقف عن كل ذلك بعد ان اصبح قاب قوسين او ادنىمن الادمان والمرض وقرر «صاحبنا» ان يترك كل ذلك وراءه وان يتجه الى حياة اخرى، وهكذا نبتت لحيته وقصرت دشداشته وغير مسار حياته مجاورا المسجد ليل نهار، بعد ان اصبح مركز عمله ونقطة انطلاقه.
فصاحته وملاحته، وقوة حنجرته اهلته، خلال فترة قصيرة، لان يصبح خطيب منطقته، ومنها انطلق في مساره القصير نسبيا لتحقيق احلامه في الثراء وبناء النفس، وخصوصاً بعد ان عرف كيف يركب الموجة ويستفيد من الوضع والاتجاه نحو التدين، مع الاستمرار في التمتع بالحياة ولكن من غير ثمالة، وبأسلوب اكثر ذكاء.
انتماؤه لقبيلة كبيرة دفعه لان يدخل انتخاباتها الفرعية، هنا ايضا تدخلت فصاحته وملاحته وقوة حنجرته لتحمله على الاكتاف ليفوز بانتخاباتها الفرعية التي مهدت الطريق له ليصبح نائبا يشار اليه بالبنان فقط، بل بكل اصابع اليدين والقدمين!!
نجح في دورات ثلاث، كان في الاولى عالي الصوت، طبطبائي الطرح والاسلوب، مناديا بحق جماعته بثروات البلاد مدافعا شرسا عن حقوق «جزء من الشعب» المحروم. اما في الدورة الثانية فقد تغير اسلوبه او تكتيكه واصبح اكثر هدوءا واقل مشاركة في المناقشات بعد ان عرف اهمية كرسيه وثمن صوته، وما يمكن ان يجلبه ذلك من مال وجاه.. ومتع!
وهكذا بدأ بعرض نفسه «وخدماته الاستشارية» على عدة شركات ومؤسسات محلية عالمية وعالمية عالمية، وتكن خلال فترة قصيرة من تسويق نفسه لدى عدد منها واصبح اسمه يرد على جداول رواتبها السرية، فنمت ثروته باطراد مع تحسن خبرته في استغلاله صوته وموقعه في اكثر من استجواب حيوي وخطير.
ارتباطاته المالية الجديدة وسعيه السريع للثراء وانشغاله بالدفاع عن مصالح الشركات الكبيرة التي تطوع، قولا وكتابة، بالدفاع عن مصالحها داخل الكويت وخارجها، انعكس سلبا على ادائه «التشريعي» في الدورة الثالثة، حيث اختفى صوته، او كاد من المناقشات والمشاركات البرلمانية، واصبح غيابه عن اللجان امرا عاديا، كما اصبح اكثر ميلا للسكوت واقتناص الفرص، وخصوصا خلال فترات الاستجوابات الشهيرة، كما انشغل باستخدام قرطاسية المجلس في توجيه رسائل شهيرة لخارج الكويت.
وفجأة تم حل المجلس.. وفجأة ايضا جرت انتخابات فرعية.. وفجأة ايضا وايضا سقط بدوي عال!!
وهكذا انتهت واحدة من اشهر قصص استغلال كرسي المجلس للاثراء، لتبدأ بعدها عشرات القصص الاخرى.

أحمد الصراف
[email protected]

د. شفيق ناظم الغبرا

لماذا يجب أن نسمح بالفرعيات؟

إن سعي القبائل نحو الانتخابات الفرعية فيه الكثير من التصميم، وهناك في المقابل تصميم على منع هذه الانتخابات الفرعية بالقوة من قبل الحكومة. إن ما يقع فيه إشكالات كثيرة. فكيف يتم منع تجمع هدفه التنسيق بين الناس على كيفية التصويت وكيفية الإدلاء بالأصوات؟ كنت أتوقع بطبيعة الحال منع تجمع هدفه تخريب صناديق الاقتراع أو منع تجمع هدفه منع التصويت ووصول الناخبين لصناديق الاقتراع. لهذا فإن منع تجمع، لأبناء القبائل، هدفه السعي للانتخابات والاتفاق على أصوات وليس لبناء متاريس، يمهد للكثير من الغضب في الكويت. إن نفي رابطة القبيلة لا يعني اختفاءها، وأخذ قرار المنع بالقوة لا يكفي لتحجيمها، كما أن القبائل تعتبر ذلك تعديا عليها مما يزيد من تمسكها بالقبيلة والفرعيات. في هذا يجب البحث عن طرق وأراء جديدة في التعاطي مع القبيلة والسياسة والانتخابات في الكويت. أين المطبخ السياسي للدولة الذي يفكر في الاستراتيجية وفي كيفية التعامل مع الظواهر الاجتماعية والانتخابية؟ من الواضح أن هناك غيابا في الاستراتيجية وتعاملاً آنيا مع ردات فعل سريعة. لكن هذه وصفة لمزيد من التخريب في العلاقات بين مكونات المجتمع الكويتي. تحت كل الظروف يجب عدم تحويل أبناء القبائل إلى القضاء بسبب الفرعيات. إن منع الفرعيات بالقوة قد ساهم في تقوية القبلية في الكويت، فما يقع مع القبائل هذه الأيام يساهم في الاستفزاز والغضب والضيق وردة الفعل القريبة والبعيدة الأمد. سوف يؤثر كل هذا في صناديق الاقتراع ويأتي إلينا بنواب أكثر سخطا على الحكومة؟ متابعة قراءة لماذا يجب أن نسمح بالفرعيات؟

سامي النصف

صباح يوم حزين في الصباحية

صباح اليوم التالي للمواجهات في منطقة الصباحية العزيزة لابد ان يكون يوما حزينا لكل محبي وطننا المعطاء – وسعيدا لأعدائه – فأبناء العوازم الاكارم هم ابناؤنا وما يصيبهم يصيبنا، وابناء الداخلية كذلك هم ابناء الوطن المخلصون الساهرون على امنه ممن إن أضعناهم أضعنا وطننا ومستقبل ابنائنا واصبح حالنا كحال جيراننا في الشمال او الصومال او غيرهما من بلدان تتنازعها الحروب وتطاح فيها الرؤوس عن الاعناق.

ولنبعد في البدء دخان الاشاعات والاقاويل الانتخابية المدغدغة التي اثارت غضب وحنق الشباب كالقول ان منع الفرعيات او تطبيق القانون موصى به من هذا الطرف او ذاك التكتل لغرض في نفس يعقوب وهو اكذوبة كبرى، حيث انه يوحي كأن القوانين اصبحت لا تطبق في بلدنا إلا بإيحاء او بأوامر من الآخرين، ومثل ذلك اشاعة ان الفرعيات تقام حتى في اميركا ودول العالم الاخرى كما انها تمت في مناطق الداخل لدى الحركة الدستورية (حدس) والتحالف الوطني، والحقيقة هي كالعادة ابعد ما تكون عن تلك الاقاويل المدغدغة التي يقصد منها الكسب الانتخابي الذاتي ولو على حساب حرق الوطن.

فلا يوجد في اميركا ولا غيرها فرعيات تقام على الفئة او العنصر فيجتمع البيض ضد السود او العكس، كما لم تقم فرعيات لدى «حدس» او التحالف او غيرهما وإلا لعلم بها القاصي قبل الداني، وقد اختارت الامانة العامة في كلا التكتلين السياسيين اسماء مرشحيهما التي ضمت كل الوان الطيف الاجتماعي الكويتي فتساوى لدى «حدس» الافاضل د.جمعان الحربش وخضير العنزي مع د.ناصر الصانع وم.عبدالعزيز الشايجي، كما تساوى لدى التحالف د.عبدالمحسن المدعج والنائب السابق محمد الصقر.

ان علينا ألا نختلف على مبدأ تطبيق القانون وتفعيله على الجميع كما يجب علينا ان ننظر الى العلة والسبب والمبرر الذي اجتمع عليه نواب الامة من بدو وحضر لتحريم تلك الفرعيات التي كادت ان تعصف بأمن الوطن في الايام الماضية، وهي اسباب حقيقية وهامة، فمن ناحية على الداعين للفرعيات ان يشعروا بأحاسيس ومشاعر شركائهم في الوطن والدائرة الانتخابية من أفخاذ وقبائل صغيرة وحضر وشيعة وكنادرة الخ.

كون هؤلاء لا يرون في الفرعيات اقصاء لهم، حيث لا شركاء آخرين في الدائرة غيرهم.

ان التحول بالتشريع من المنع الى السماح او حتى السكوت عن الفرعيات ينذر بأكبر المخاطر على الوطن، بل على القبائل الكبرى، حيث قد تقام فرعيات مضادة في الدائرتين 4 و5 من الشرائح الاخرى لإبعاد التوجه السائد (كما حدث سابقا في الصباحية والرقة)، او اكثر من ذلك حيث قد يحرض من ابعدتهم واستقصدتهم فرعيات الدائرتين السابقتين، على اقامة فرعيات مضادة في الدوائر الثلاث الاخرى تبعد من ابعدهم فتقام فرعيات تغلق الدائرة الاولى على تحالفات (شيعة – سنة – كنادرة – وعوضية) لحصد 10 كراس والدائرة الثانية على فرعيات وتحالفات (اسلامية – تحالف وطني – رجال اعمال) لحصد 10 كراس والثالثة على تحالفات (مستقلين – اسلاميين – تحالف وطني – شيعي) لحصد جميع الكراسي، مبعدين شركاءهم في الدوائر والوطن من ابناء القبائل المخلصين فهل ننتظر حدوث تلك السيناريوهات المدمرة للوطن حتى نؤمن بأضرار ومخاطر تلك الفرعيات، الماسة بالوحدة الوطنية، على الجميع؟!

ان التوقف عن الفرعيات بكل مسمياتها (من انكر فرعيات الامس قدم اليوم اسماء الناجحين فيها) سيعني فوز عدد اكبر من ابناء القبائل الافاضل كونهم في البدء سينزلون احسن ما لديهم لحصد اصوات ابناء الدائرة الآخرين (امثلة وليد الجري، مسلم البراك، محمد الخليفة، مقارنة بمخرجات فرعيات هذه الايام)، كذلك أبناء القبائل هم الاكثرية في مناطقهم وهم من يعرفون الافضل من مرشحيهم لينتخبوه حتى لو نزلوا بالعشرات وهم بفعلهم هذا اي التخلي عن الفرعيات سيحصدون المكاسب التالية:

1 – سينجحون بأصوات الجميع ودون ان يثيروا مشاعر الآخرين وعداءهم الذي قد ينتهي بفرعيات مضادة تقصيهم.

2 – سيظهرون التزامهم بالقوانين المرعية وامن الوطن.

3 – لن يعادوا اخوانهم وابناءهم رجال الداخلية.

4 – لن يكتفوا بالنجاح في دوائرهم، بل ان عدم تنحيتهم للآخرين سينجحهم في الدوائر الاخرى.

آخر محطة:
حقيقة جلية، الجدية في تطبيق القانون ستنهي الفرعيات الضارة بالجميع للأبد.

احمد الصراف

التطعيم وجريدة الخروف

واخيرا، وبعد انتظار دام عشرات السنين، تحركت جرافات النظام، لتزيل واحداً من اكثر التعديات شيوعا، واصعبها على الازالة، وهو الديوانيات المخالفة. وفي اليوم نفسه، تحركت فرق الازالة التابعة لهيئة الزراعة لتزيل عددا كبيرا آخر من تجاوزات الزرائب والمزارع في كبد والصليبية وغيرهما.
وسبق ان ورد في الصحف ان هيئة الزراعة احالت الى النيابة العامة 4 موظفين يعملون لديها اثر اكتشاف حالات تزوير في شهادات تحصين الاغنام! لو ورد مثل هذا الخبر في اية وسيلة اعلام غير كويتية لاعتقد القارئ ان الاحالة الى النيابة جاءت على خلفية الاهتمام بصحة مواطني الدولة وضيوفها وزائريها، الا ان الخبر في الكويت يعني شيئا آخر تماما!
فهؤلاء الموظفون قاموا باستخراج شهادات رسمية تثبت تطعيم عدد من الاغنام تطعيماً وقائياً ضد امراض وبائية تصيب الحيوان، وقد تنتقل امراضه للانسان، وحيث ان شهادات التطعيم المزورة تتعلق باغنام غير موجودة، فلم الاحالة إلى النيابة اذاً؟
القصة ببساطة تتعلق بعملية اثراء غير مشروع برع فيها الكثيرون وساعدتهم الحكومة علنا وجهرا في ذلك وتحت سمع وبصر جميع اعضاء مجلس الامة منذ منتصف الثمانينات وحتى الامس القريب من دون ان يحاول احد منهم وقف هذه السرقات العلنية، لا بل استمروا جميعا اثناءها في اداء كل واجباتهم الدينية من دون تردد او تأنيب ضمير، وكأن المال العام مال خاص بكافر!
شهادات التحصين هذه سمحت لفئة من المواطنين «الشرفاء» تجديد عقود استئجار، او حقيقةً تملك، زرائبهم من الدولة، وبالتالي اصبح في امكانهم الحصول على كميات كبيرة من الاعلاف المدعومة وبيعها بربح جزيل في السوق السوداء. كما ان الشهادات «التافهة القيمة» هذه ساعدتهم على تأجير زرائبهم للغير بمبالغ تزيد على 12 الف دينار سنويا للالف متر، مقابل دفع مائة دينار للحكومة، علما بأن مساحة غالبية الزرائب لا تقل عن 5 آلاف متر!!
كما سهلت شهادات التطعيم هذه لحامليها جلب ما لا يقل عن عشرة «بنغلادشيين» ورميهم في الشارع من دون عمل، ليعيثوا في الكويت فسادا، مقابل مبالغ تتراوح بين 600 والف دينار للرأس الواحد!! هذا غيض من فيض مما يمكن لمثل هذه الشهادات المزورة دره على اصحابها، فهل ستنتهي هذه القصة على خير؟ اشك في ذلك!

ملاحظة(1): وبمناسبة الحديث عن الخراف، وعلى ذمة الزميلة ليلى العثمان، انها استمعت إلى فتوى رجل دين حرم فيها لحم خروف شاهده صاحبه يأكل جريدة تحمل كلمات دينية!!
ونقول ان الشرهة (الحق) ليس على المفتي ولا طالب الفتوى ولا حتى على الخروف المسكين، بل على نظامنا التعليمي.

• ملاحظة(2): سنتغيب عن الرطوبة السياسية والغبار النفسي عشرة أيام خارج الكويت، بعد ان قمنا بتزويد الزاوية بما يكفي من مؤونة.

أحمد الصراف
[email protected]

سعيد محمد سعيد

الرجال الذين تحتاج البلد إليهم

 

ها قد دخلت البلد في دوامة جديدة أشد تعقيدا! ووجه التعقيد الظاهر هو ذلك التغييب القسري للقنوات الحكومية والشعبية، التشريعية والقضائية، التنفيذية والإدارية، حتى أصبح الأمر الواضح بجلاء للناس، هو أن الحال المضطربة في البلاد، لن تنتهي على خير… وليتشاءم من يريد أن يتشاءم، وليتفاءل من يريد أن يتفاءل… هل البلد على حافة جرف سحيق مظلم لمستقبل أكثر إظلاما؟

لا، أبدا…

لكن ذلك لا يعني أبدا ألا يصبح ما نخاف منه حقيقة تتشبع رسوخا يوما بعد يوم، وتزداد حال المواجهة بين أطراف لا يمكن تحديدها من كثرتها وكثرة أجندتها… أولها وأشدها تلك المؤامرات الطائفية التي لا أدري – شخصيا – لماذا لا تبادر الدولة بتشديد قبضتها عليها وعلى أصحابها ورؤوسها أيا كانت مناصبهم، وأيا كانت مخططاتهم، وأيا كانت انتماءاتهم المذهبية! والأصعب من ذلك، أن المشكلة لم تعد مقتصرة على التحذير من مخاطر الطائفية، بل تعدت ذلك، إلى التحذير من صدام حقيقي مشهود بصورة يومية من تخريب وعنف وقتل، من جانب تلك الجماعات المختلطة التي حذرنا منها مرارا لأنها لا تريد بالبلد خيرا، ولا علاقة لها بحركة مطلبية مشروعة ولا يحزنون… قلنا مرارا إن ذلك الخليط من المخربين، يختلطون في خلطة بشعة، كل همها النيل من هذا البلد، ولكن بصورة أكثر صدقا… تريد تأليب الدولة ضد الشعب، والشعب ضد الدولة، ولأن التغييب القسري الذي أشرت اليه في البداية هو السائد، حتى مع وجود المجلس الوطني، فإن الدولة، وعلى رأسها عاهل البلاد وسمو رئيس الوزراء، قادرة اليوم على حماية البلد من كل المخربين… ولا نقصد بهم أصحاب الإطارات و «السلندرات»، معروفين أم مجهولين، الذين يخرجون إلى الشارع عبثا بلا مطلب، ولكن نقصد أيضا أصحاب النفوذ والمسئولين والخطباء والوعاظ والنواب والعاملين في جنح الظلام للإضرار بالبلد وبأهل البلد.

من هم الرجال الذين تحتاج البلد إليهم؟

في بلادنا، يبدو أن الرجال الذين نحتاج إليهم قد قضوا نحبهم! وماذا عن الباقين على قيد الحياة، أطال الله في عمرهم؟ لا أدري بصراحة، لكن أعلم جيدا أن في إمكان الكثير منهم أن تكون لهم كلمة فيما يجري من تهتك في المجتمع.

مناسبة هذا الكلام، هو استذكار المغفور له بإذن الله الشيخ عبدالأمير الجمري، رحمه الله، في مثل هذه الظروف على لسان الكثيرين، ومنهم من ليسوا على خط الشيخ الجمري أصلا، لكنهم احترموا ولايزالون يحترمون منهجه…

تحضرني كلمة المفكر البحريني على محمد فخرو في مجلس تأبين الفقيد علي بن يوسف فخرو، التي أقيمت مساء يوم الثلثاء 8 أبريل/ نيسان الجاري، بحضور سمو رئيس الوزراء، فقد ساق في كلمته عبارة غاية في الروعة، أتمنى أن يفهمها من يريد أن يفهم، حين استخلص من سيرة المرحوم (بوشوقي) جوانب مضيئة أنقلها نصا: «فلم يعرف قط التفرقة بين الناس بسبب الدين أو المذهب أو العرق أو الأصل أو العائلة والمكانة أو الغنى والفقر… مجلسه كان مفتوحا لكل الناس، وقلبه كان محبا لكل الناس، وميزان عدله كان في خدمة كل الناس، ولذلك، وفي هذا الجو الذي يعيشه مجتمعنا… جو الصراعات الطائفية، كم كان سيكون وجوده بلسم توحيد وتقريب ودفع بلاء ومساعدة في تضميد الجروح… وعلى مستوى الأوطان كم كان توجعه لتخلف هذه الأمة… كم كان ملتزما بثوابت وحدتها ونهضتها وخروجها من المحن التي عاشتها وتعيشها… كم كان وطنيا غيورا محبا للبحرين… مثل هذا الإنسان لا يستحق دمعة تذرف، بل يستحق أن نعيش الكثير من صفاته ومحاسنه لتغنى الحياة، ولنملأها خيرا ومحبة وتراحما من دون منة كما كان المرحوم يفعل».