سامي النصف

الألعاب النارية والقنابل النووية والأسطح الزجاجية

ابتدأ القرن الماضي بحروب «عالمية» أدهشت الخلق كونها تحدث للمرة الأولى في التاريخ وقد تساقطت وانشطرت على اثرها الامبراطوريات والممالك وسادت الفوضى الأرض مما مهد الطريق للحرب الكونية الثانية التي انتهت بإسقاط قنبلتين نوويتين أصبحتا أقرب هذه الأيام لألعاب نارية محدودة الضرر مقارنة بما هو متوافر ومخزن من أسلحة دمار شامل تمتلكها أو في الطريق لامتلاكها أنظمة غير عاقلة من دول العالم الثالث.

واحدى طرائق الإبهار المعروفة للألعاب النارية هي زرعها في عشرات الأماكن المتفرقة وغير المتوقعة لذا ما ان يشتعل فتيل المتفجرة الأولي حتى ينبهر المشاهدون بكمّ وتنوع أشكال تلك المتفجرات حتى ينتهي العرض والناس منبهرة ومذهولة بما تسمع وترى.

وفي وقت أصبح احتمال قيام حروب في أوروبا وأميركا الشمالية يقارب الصفر بسبب الرقي والتقدم والتسامح الديني والسياسي والاجتماعي، بدأت الحروب الانشطارية تشتعل في أفريقيا والشرق الأوسط وسيلحقها قريبا انفجارات مروعة وغير متوقعة في أماكن عدة من آسيا التي لم يواكب انتعاشها الاقتصادي استقرار سياسي في الداخل أو مع الجيران وبقيت الأرض رخوة تحت كثير من دول آسيا القديمة اضافة الى استمرار التخلف العام وبقاء التعصب الديني والعرقي والسياسي يسود القارات الثلاث.

ففي وقت خرجت الصين (ربع العالم) دون رجعة من الشيوعية واطمأنت لوضعها الجديد كمصنع للعالم، تواجه هذه الأيام إغلاق تايوان واليابان وكوريا الجنوبية لعشرات الآلاف من المصانع التي أقاموها على أرضها مما سينتج عنه وجود مئات ملايين الصينيين دون عمل، مصاحبا لارتفاع غير مسبوق في أسعار النفط والذهب والمواد الغذائية وسنتذكر كلمة نابليون حول ضرورة إبقاء المارد الأصفر نائما حيث ان إيقاظه سيهز العالم.

ولا يختلف وضع ربع العالم الآخر (الهند) ومشاكله المعيشية والسياسية والأمنية الحادة عن جارته الصين، وإذا ما اتجهنا غربا من الدولتين نحو منطقتنا نجد ان الدول الإقليمية الكبرى كباكستان وبنغلاديش وأفغانستان وإيران وتركيا والعراق والسودان وسورية وغيرها من قوى إقليمية فاعلة تعاني من تخندقات داخلية ومشاكل خارجية تجعلها تقف فوق رمال متحركة لا تعلم متى تبتلعها.

إن وضع دول آسيا ومنطقة الشرق الأوسط أقرب لوضع الألواح الزجاجية التي ما ان يطرق طرفها حتى يمتد الشرخ الناتج عن ذلك الطرق سريعا لبقية الأجزاء، والملاحظ ان هناك طرقا مزدوجا لألواح تلك الدول بعضه من فوق (خارجي) والبعض الآخر من تحت (داخلي) وسيمر تفتت زجاج الدول عبر حروب رهيبة واستخدام لأسلحة الدمار الشامل التي أصبحت متوافرة عند كثير من الدول مما سيجعل القرن الحادي والعشرين يتفوق على سلفه في عدد الضحايا وضراوة استخدام تلك الأسلحة، وقانا الله شر الحروب القادمة.

آخر محطة:
نذكّر مرة أخرى بضرورة انتخاب الدماء الشابة والنساء ولن يكون أداؤهم أسوأ، بالقطع، مما رأينا.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *