سامي النصف

أخطاء فرق الدوري السياسي الكويتي

يحتاج الحكم القمعي الشمولي إلى قلوب قاسية وأجهزة أمنية قاهرة وأقبية سجون لا يعلم بها أحد، في المقابل من المستلزمات الضرورية للحكم الديموقراطي وجود مستودعات عقول – لا عقل واحد – ومفكرين ومنظّرين لدى الحكومات والكتل السياسية المختلفة، ومن يفتقد تلك الأساسيات يصبح اقرب لمن يدخل مونديال كأس العالم دون مدربين أو لاعبين ماهرين أو أحذية أو ملابس رياضية ويحلم مع ذلك بالفوز على الفرق الأخرى.

وبنظرة سريعة نجد أن هناك نقصا شديدا لدى الفرق أو الكتل المتبارية على الساحة المحلية في المدربين والمخططين واللاعبين الجيدين، مما تسبب في النهاية، وكما هو متوقع، في لعب سياسي دون المستوى ادى لوقف الدوري مرتين قبل انتهائه (صيف 2006 وربيع 2008) بعد أن تفرغ اللاعبون لضرب بعضهم البعض وهو ما جعل الجمهور يزهد فيما يجري أمامه ويطالب بوقف الدوري بشكل مؤقت أو دائم.

وإذا ما اتينا لفريق الحكومة وجدنا عدم تناسب بين الإمكانيات الضخمة التي يحوزها الفريق والنتائج المحققة، فأداؤه في لعبة الدوائر عام 2006 لم يكن مقنعا بالمرة وافقده عطف الجمهور مما جعل خصومه، بل حتى بعض مؤيديه، يتفرغون لضرب لاعبيه، مما ادى إلى خروج ما يقارب نصف الفريق خلال العامين الماضيين، وواضح ان استمرار الفريق في اللعب بنفس الأداء سيؤدي مستقبلا للمزيد من الخسائر.

وقد ادى التنظير والتفكير واللعب الخاطئ لدى كتلة «المستقلين»، متصدرة الدوري السياسي حتى صيف 2006، إلى التراجع السريع في مستوى الفريق حتى كاد يفلّ ويذهب كل لاعب منهم لحال سبيله أو يحاول البعض منهم الانضمام للفرق الأخرى، وأساء التطبيق السيئ لفكرة جميلة هي وجود تكتل يضم جميع البعيدين عن التكتلات «المؤدلجة» الأخرى.

وتسبب غياب التخطيط السليم في انقسام «الكتلة الإسلامية» وتلا ذلك تقهقرها المروع في نتائج التشاوريات التي كان يفترض الا تشارك فيها بعد تجريمها وأن تستبدلها، كما اقترح الزميل جاسم الشمري، بقائمة تضم مختلف القبائل والشرائح الاجتماعية في المناطق الخارجية كي تظهر إيمانها بالمبادئ والقوانين القائمة، وكانت ستصبح الفائزة أيا كانت النتائج.

وقد تسببت سلسلة من الأخطاء الاستراتيجية لفريق «التكتل الشعبي» في تقهقر مكانته ولربما تحوله من المنتصر الأكبر عام 2006 إلى الخاسر الأكبر عام 2008 فلم يستغل فوزه الكبير قبل عامين لضم المزيد من اللاعبين (النواب) حتى يمكن له تعويض من يسقط من لاعبيه (سقط اثنان) كما لم يخلق الآلية المناسبة التي تضمن العمل كفريق واحد.

ثم قام بعض لاعبيه بحركات استفزت جزءا من الجمهور، وبذا أصبح الفريق بين نارين: إن أبقى اللاعبين المعنيين خسر دعم الجمهور، وإن أبعدهم (وهو ما تم) أصبح بنصف قوته، يتبقى أن الدوري القادم قد يظهر نتائج غير مشجعة لذلك الفريق، خاصة أن الجمهور بشكل عام بات توّاقا للعب الهادئ الجميل المتواصل وكارها للعب المتأزم الذي يتسبب عادة في ايقاف الدوري!

وعانى «التحالف الوطنــي» كذلك من غياب الخطط المناسبــة للكسب والانفراد بالصــدارة فتم انتقاد اختيــار بعض لاعبيه وكان بإمكانه على سبيل المثال أن يشــكل في الدائرة الأولى فريقــا وطنيــا من الدرجة الأولى يضــم لاعبين محترفين أمثال د.عبدالمحسن المدعج ود.حسن جوهر ود.فاطمة العبدلي والأستاذ عبدالله الـرومـي وهو الرابـح بذلك العمل الرائع الذي يظهره وقـد قفز على التخندقات القبـلية والطائفية والعـائـلية وحتى الذكورية المعتادة وقدم للناخبين الواعين – وما أكثرهم – في تلك الدائرة تشكيـلة مستقبـليه تمثـل التوجـه الوطني الكويـتي بحق.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *