سعيد محمد سعيد

«التخريب»… المسمار حين ينغرس في العين!

 

كان صيف العام 1994 صيفا خطيرا! بل كان من أشد القيظ تأثيرا في التحولات التي ستشهدها البلاد فيما بعد، مع الدعوة التي قادها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عبدالأمير الجمري لتوقيع العريضة الشعبية التي كانت امتدادا للعريضة النخبوية في العام 1992، وما تلاها من حوادث شديدة وموجعة تسمى الآن بـ «حوادث منتصف التسعينيات».

لقد شكلت العريضة النخبوية منطلقا مهما للمطالبة بعودة الحياة البرلمانية، تفرعت منها مطالب أخرى مهمة كترسيخ العدالة الاجتماعية وتحسين الأحوال المعيشية وتوظيف العاطلين والسماح بعودة المبعدين ومكافحة الفساد المالي والإداري وتعزيز الممارسة الديمقراطية واطلاق الحريات العامة وأولها حرية التعبير والرأي… وهذه كلها مطالب مشروعة لم يغفلها المشروع الإصلاحي فيما بعد، فشهدت البلاد مع بداية العهد الإصلاحي لعاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة تأسيسا لقاعدة التحول نحو الشراكة السياسية في صنع القرار، من خلال إعادة الحياة النيابية والبدء في خطوات الإصلاح، نجح بعضها وتعثر بعضها الآخر، لكن بقيت خيارات وقنوات التصحيح مفتوحة، وهي باقية حتى اليوم إن أحسنت مؤسسة الحكم والسلطة التشريعية في تحقيق التوافق فيما بينها.

لكن عودة إلى فترة حوادث منتصف التسعينيات، فإن صورة المواجهات العنيفة هي الصورة التي كانت ولاتزال ماثلة في الأذهان، وتغير الوضع بعد المشروع الإصلاحي، ودفعت بعض الإخفاقات إلى عودة صور متعددة من الاحتقان والشدة، وبعيدا عن تفاصيل كثيرة، تعود اليوم جزئية محدودة من حوادث منتصف التسعينيات في صورة أعمال عنف وتخريب وحرق، محدودة لكنها مؤثرة بشكل واضح في استقرار البلد.

ومهما يكن من أمر، فإن الوضع اليوم يختلف كثيرا عن حقبة «أمن الدولة» المقبورة!

آنذاك، لم تكن إدانة أعمال التخريب المنافية للقانون بقوة إدانة اليوم من مختلف الاتجاهات والأطياف… وكانت القوى السياسية تتحذر كثيرا من الإدانة! أما اليوم، فالإدانة معلنة وواضحة، لكن ثمة نقطة مهمة، أود إثارتها هنا بالنسبة إلى أعمال العنف والتخريب التي تشهدها بعض القرى اليوم، تنطوي تحت هذا السؤال: مَنْ الذي يقوم بأعمال التخريب والحرق والدفع في اتجاه تقويض الأمن والاستقرار الاجتماعي؟

من اللازم التنويه إلى أن استخدام كلمة «إدانة» وتخريب وحرق، تضع قائلها في أحسن الحالات في خانة الخيانة والموالاة للسلطة والوقوف في وجه الشعب ومطالب الشعب والتسبب في إيلام الشعب؟ لكن أعمال الحرق والتخريب اليوم، هي مسمار ينغرس في العين!… كيف؟

بودي أن يجيب أحد على هذا السؤال، لكن بعد النظر في سؤال آخر بتعمن، وهو: هل يستطيع أحد أن يحدد بالضبط، مَنْ هم أولئك الملثمون الذين يقومون بأعمال العنف والتخريب؟ وهل يعلم من يعتقد أنه «يتحرك في هذا الاتجاه العنيف والمرفوض ليواصل المطالب المشروعة»، أنه يقدم فرصة ذهبية لجماعات أخرى مجهولة ترى من مصلحتها تقويض المشروع الإصلاحي واستمرار حال الفوضى والاستفادة من جو العنف لتحقيق مكاسبها هي؟!

لم يكن لقاء وزير الداخلية مع أهالي المحافظة الشمالية هو الأول ولن يكون الأخير، لكنه الأبرز في إدانة العنف والتخريب، والتحذير من التداخل المخيف بين مجموعات العنف المعرفة وغير المعرفة!

إن الممارسين لأعمال العنف والمدافعين عن هذا الخط والداعين إليه، يقعون في خطأ استراتيجي رهيب، لأنهم يفتحون الباب على مصراعيه لتشاركهم بخفاء عناصر ومجموعات مجهولة لا صلة لها بالمطالب المشروعة، فيختلطون مع بعضهم بعضا بلا مقياس للفرز! فيحقق المجهولون جزءا من مآربهم، ويوجه الآخرون ضربة قاسية لدعاة الإصلاح والنشاط المطلبي السلمي، ولعل هذا ما بدا واضحا من خلال بيان الإدانة الذي أصدرته جمعية «الوفاق الوطني الإسلامية» وحذرت فيه من جهات «مشبوهة ومغرضة، وقد تكون من تبعات الخلايا السرية، تريد للمشروع الإصلاحي الفشل وجر الشارع للمواجهات العنيفة على حساب الحوار الوطني والحراك للقوى الوطنية الشريفة داخل وخارج البرلمان»، ولم تستبعد وجود احتمالات ضئيلة أن يكون وراء هذه الحوادث أشخاص باجتهادات مختلفة غير سوية.

السؤال المحير جدا لمن يواصلون أعمال العنف والتخريب تحت عنوان «المطالب»: مع مَنْ أنتم؟ وهنا تصبح الإجابة صعبة والفرز أصعب! لكن الأسهل والأوضح، هو أن استمرار هذه الأعمال المنافية للقانون والمدانة قطعا في القرى المستهدفة، يقدم على طبق من ذهب فرصة لكل مشبوه ومغرض لأن يبارك ويتمنى أن يستمر هذا الوضع المقلق والمدمر للوطن… فهل هناك مجال للتفكير بدقة، وقطع الطريق أمام أعداء الوطن؟

د. شفيق ناظم الغبرا

عندما تموت الرموز… نسمع صوتها من جديد

فقدان أحمد الربعي بعد صراع طويل مع المرض شكل خسارة لرموز الإصلاح في الكويت والعالم العربي. لقد كافح الربعي طوال الأعوام من أجل فكر يربط بين مستقبل أفضل وبناء دولة مدنية، وحقوق لكل مواطن ومواطنة، وحريات وانتخابات وديموقراطية متطورة. هكذا يوم التقيته قبل أكثر من عشرين عاماً كانت الكويت بلا مجلس أمة، وكانت الرقابة تدق عنق الصحافة، وكانت الحريات في البلاد بحدود الإعلام المحدود والخطاب السياسي الأحادي. ولكن المعادلة الكويتية تغيّرت على مدى عشرين عاماً من التراكمات، فهناك الآن حريات، ومجلس أمة، وإعلام مفتوح، وصحف بلا رقابة، ومدونات يصعب التحكم بسقفها، وعالم أكثر حرية، وجيل صاعد أكثر تساؤلاً وإصراراً على حرية التعبير رغم وجود معوقات. هكذا يودعنا الربعي، الذي ساهم بطريقته وأسلوبه المتجدد ببناء هذا الوضع الجديد في الكويت، في ظل ظروف حققت من خلالها الكويت جانباً من أحلامه، فالطريق أصبح اليوم أكثر وضوحاً، والسياسة أكثر تعدداً وانفتاحاً، وما لم يتحقق بالأمس أصبح ممكناً اليوم وأكثر إمكانية غداً. متابعة قراءة عندما تموت الرموز… نسمع صوتها من جديد

سامي النصف

مبارك آخر الفراعنة والأهرامات الجديدة

أعتقد ان الرئيس محمد حسني مبارك هو آخر فراعنة مصر العظام وان ما ينجزه على ارضها هذه الايام هو بمنزلة اهرامات جديدة ستظل باقية بقاء الدهر، وفي هذا السياق هناك مفهوم خاطئ يقرن مسمى فرعون او الفراعنة بالطغاة بسبب جور وتعسف فرعون واحد عاصر نبي الله موسى ( عليه السلام ) وأتى ذكره في الكتب السماوية.

ان فراعنة مصر هم حكام عباقرة منجزون مازالت اعمالهم الراقية وعلومهم المتقدمة تحيّر الخلق حتى اعتقد البعض في الغرب ان تلك المنجزات والمعجزات لا يمكن ان يقوم بها بشر وانها لابد ان تكون قادمة من امم متطورة تعيش على كواكب اخرى، وبالطبع لا يمكن لتلك النهضة العلمية والابداع الفني والفلكي والصناعي والهندسي والزراعي الفرعوني ان تتم تحت حكم الطغاة، فذلك امر لا يتماشى اطلاقا مع سنن الخلق.

وعودة لمصر هذه الايام وما شهدته خلال زيارتي لكثير من المشاريع الجديدة من نهضة عمرانية افقية تفوق في مجملها ما يتم بناؤه في منطقتنا الخليجية او عالمنا العربي، ومعروف ان مصر كانت حتى النصف الاول من القرن الماضي مستقرا دائما لكثير من الاوروبيين والاميركان والاتراك والشوام والأرمن والشركس وغيرهم لما تمتاز به من اعتدال في المناخ طوال العام وموقعها الوسطي الفريد في العالم الذي يسهل التنقل منها واليها، وقد عادت مصر مهيأة مرة اخرى هذه الايام لاستقبال الملايين من مختلف اقطار العالم للاستقرار في تلك المشاريع الجميلة الجديدة التي تشتمل عادة على ملاعب غولف وفنادق وڤلل وشقق وسط حدائق غناء ونوافير وحمامات سباحة.

هذا بالطبع اضافة الى المئات من القرى السياحية الواقعة على شواطئ البحر الابيض وخليجي سيناء والبحر الاحمر وجميع تلك المنشآت مستعدة لاستقبال الخليجيين والعرب والاجانب، كما انها مستقر طيب لرجال الاعمال والمتقاعدين وتبقى الحاجة – كالحال في جميع اقطار الدنيا – للحذر قبل الشراء فبعض تلك المشاريع يتعمد اصحابها بناء جنات في جزء صغير منها لزوم التصوير ولاطلاع الزائرين عليها الا انهم يتباطأون كثيرا في انجاز بقية المشروع بعد ان يتورط الناس في الشراء.

آخر محطة:
في عام 1937بني في القاهرة عمارة الايموبيليا التي سميت في حينها بالهرم الرابع والتي اشترك في بنائها 9 مليونيرات مصريين واجانب على رأسهم أحمد عبود باشا، وكانت تشتمل على 370 شقة و27 اسانسيرا وكان بها نظام تدفئة مركزي بالاضافة الى نظام فريد لحرق القمامة وقد كان يسكنها المشاهير من رؤساء الوزارات وقادة الاحزاب وكبار الفنانين حتى تم تأميمها عام 61 من قبل النظام «الستاليني» آنذاك، وقد زرتها قبل الامس وصعدت للطابق 11 لزيارة نادي الطيران المصري الشهير، واقول ان العمارة لم تعد بعد ذلك التأميم تصلح للسكن الآدمي، والخوف ان تقرر الانتحار فتسقط على من فيها!

احمد الصراف

من وحي محاضرة جون

أحمد الصراف
«جون كونكغوي» اسم يعرفه الفلبينيون جيدا فهو واحد من كبار أثريائهم. يقول «جون» انه ولد في «سيبو» في الفلبين، ومنها بنى امبراطورية واسعة الانتشار في مجال الطيران واتصالات الهواتف المتنقلة والمرطبات والاطعمة. وقال في محاضرة ألقيت في أميركا قبل بضعة أشهر، انه عرف الفقر مبكرا بعد وفاة والده الثري فجأة، لتكتشف العائلة الكبيرة التي تركها وراءه ان ديونه تزيد على ما تركه من ثروة، وانه بالتالي بدأ من الصفر في سن 13 يعمل ويدرس ليلا، ونجح بتأمين لقمة شريفة لوالدته واخوته الذين أرسلوا للصين للعيش هناك.
نهاية الحرب العالمية الثانية كانت سعيدة بالنسبة اليه، وكان وقتها يبلغ العشرين، حيث تاجر بمخلفات الجيش الأميركي، واستورد البصل والطحين والملابس المستعملة وورق الصحف والمجلات المستعملة من أميركا، ومن تجارتها انطلق ليصبح أحد اثرياء العالم في قصة نجاح مثيرة بكل تفاصيلها.
يقول «جون» ان قصص النجاح الباهرة تصلح للأفراد وللشركات ايضاً وهي بالتالي لاشك تصلح للأمم. وهذا ما كان مصدر تساؤله الدائم عن سبب عجز الفلبين عن بلوغ ما تصبو اليه. ففي الفلبين قصص نجاح عدديدة سواء في الرياضة أو الغناء أو في تصاميم الملابس، وهذه جميعها اشتهرت بسبب الاعلام، فلا شك ان هناك حتما قصص نجاح عديدة اخرى ولكن غير معروفة. ولكن الفلبين تفتقر لعلامة تجارية عالمية معروفة، وهذه بامكانها خلق فرص عمل كثيرة وسترفع من مستوى معيشة الجميع، وهذا ليس بالأمر الصعب، فقد نجح في ذلك جيران الفلبين. ففي 54 سنة الماضية نجحت كوريا الجنويبة، بالعمل الدائب والجاد، في بناء نفسها بعد كل ما أصابها من دمار نتيجة الحرب العالمية الثانية، وما تبعها بعد سنوات من حرب أهلية طاحنة نتج عنها تقسيم البلاد الى دولتين!! ،نجحت كوريا خلال هذه الفترة من التحول من دولة زراعية في 1945 الى دولة متعددة المنتجات الخفيفة في ثمانينات القرن 20، ولتصبح مع بداية القرن الحالي من اوائل الدول في صناعة شبه الموصلات واجهزة الروبوت وتقنية البيولوجي، هذا بخلاف مئات المنتجات العالية الجودة الاخرى. وقد نجحت علامتها التجارية المعروفة «سامسونغ» في ان تصبح واحدة في قائمة العلامات المائة الاهم في العالم، كما تبعتها «ال جي» لتصبح الثانية.
وماذا عن الصين التي اصبحت خلال الثلاثين عاما الاخيرة رابع اكبر اقتصاد في العالم! اما قصة سنغافورة بأعراقها المتعددة فقد حولها «لي كوان يو» خلال اقل من 40 عاما الى واحدة من اغنى اقتصاديات آسيا وليصبح شعبها الأكبر دخلا في شرق آسيا!!
ويستطرد «جون» في القول اننا وبعد 50 عاما من الاستقلال لا نزال نسعى الى خلق علامة تجارية عالمية نفتخر بها، وهنا لا نستطيع التحجج بقلة عددنا فنحن شعب يتجاوز عدده 86 مليونا، علمابأن سويسرا التي يبلغ تعدادها 9 ملايين لديها «نستله». والسويد بسكانها الـ 9 ملايين ايضا لديهم «اريكسون» وفنلندا بخمسة ملايينها لديها «نوكيا» وجميعها ماركات عالمية معروفة. نعم نستطيع القول ان شعبنا مصدر كبير للعمالة الماهرة، ونأتي بعد الهند عالميا في مجال توفير الخبرات والتقنيات الادارية للشركات الكبرى، ولكننا لا نزال نفتقر لعلامة تجارية عالمية، ويجب الا نهتم ان ضحك الآخرون من احلامنا، فقد كانت السيارات اليابانية مصدر ضحك الكثيرين قبل فترة سنوات قليلة، وهي الان الافضل عالميا.
نعم لدينا منتجات فلبينية واطعمة ومجوهرات وحقائب يد تخترق الكثير من اسواق اوروبا وأميركا، وبالذات آسيا، وعليكم التفكير بعدم الاكتفاء بسوق لا يتعدى عدده 86 مليونا والتفكير بسوق آسيا الذي يبلغ اربعة مليارات نسمة، وان بامكانكم خلق شيء ما تفتخر به الفلبين. أنا على يقين ان بامكان الكثيرين منكم القيام بذلك، فقد بدأت امبراطوريتي ببيع حبات الفول امام منزلنا المتواضع ووصلت لما انا عليه من ثراء.

فكرت كثيرا في قصة نجاح «جون» وقلت في نفسي ان منتجا فلبينيا ما سيصل يوما الى قائمة المائة الاكثر شهرة في العالم. ولكن اشك في ان بامكان منتج عربي او خليجي الوصول لشيء ما دامت المقابر هي المتحكمة بنا. ولنتوقف، ولو ليوم واحد عن القاء اللوم على الاستعمار والصهيونية، فقد عانت سنغافورة والفلبين وكوريا، وحتى الصين من مختلف انواع الغزو والاحتلال الذي لم يختلف كثيرا عما أصابنا، ان لم يكن اكثر قسوة وبطشا!!

محمد الوشيحي

دولةٌ… فرن

الكويت تتسرب من بين أصابعنا. حيثما فتحت عينيك لهب… عن ماذا تكتب؟ قضية مغنية تشتعل، قضية الخمسين ديناراً تلتهب، قضية إزالة الدواوين تحترق، قضية الرياضة تتفحم، صندوق المعسرين، غلاء الأسعار، وغيرها من القضايا التي تتربع بغرور على «الفرن الكويتي» ذي العشر عيون… في البلد هذا كل القضايا ساخنة. حتى الثلج يفوح ويلسع.
في البلد هذا، تحجّبت القوانين وتابت واعتزلت الناس، فصعدت الفوضى العارية على المسرح. كل مسؤول الآن يتصرف بما يمليه عليه جيبه، إلا ما ندر… في وزارة الإعلام، وفي قطاع التلفزيون تحديدا، وهو قطاع يمتلكه مناصفة شخصان برازيليان يجيدان تبادل الكرات، هات وخذ: الوكيل المساعد خالد النصر الله والمدير المخرج المصور اللاعب الفنان علي الريس. في هذا القطاع، وبموافقة البرازيلي الأكبر خالد النصر الله، قام علي الريس بتعيين أحد أتباعه مديرا رغم عدم حصوله على شهادة الثانوية، مخالفا بذلك شروط القارات الست. وبالطبع احتج المتضررون من هذا الظلم فتقدم أحدهم بشكوى للمحكمة، على اعتبار أننا في دولة قانون، فحكمت المحكمة باسم صاحب السمو أمير البلاد ببطلان قرار تعيين المدير، فتعالت ضحكات البرازيليين هاهاها. ولم ينفذا حكم المحكمة إلى يومنا هذا… هاهاها. متابعة قراءة دولةٌ… فرن

سامي النصف

الدواوين وتغيير الثقافات السائدة

قانون إزالة الدواوين المخالفة يجب ألا يقارن أو يرتبط بالشاليهات أو القسائم الصناعية في الشويخ وخارجها التي هي شبيهة بتأجير الأراضي العامة لإقامة المزارع والجواخير والاسطبلات ومناحل النحل… الخ، وجميعها قائمة بعقود قانونية مع الدولة، ومعروف ان مستخدمي الشاليهات يدفعون خمسة اضعاف ما يدفعه الآخرون للكهرباء، كما تؤجر لهم الاراضي العامة للدولة بأسعار تعادل عشرات اضعاف ما يدفعه الباقون رغم ان جميع تلك الاراضي تستغل للترفيه في العطل ولا قيمة استراتيجية لها، وجميع المستخدمين هم كويتيون في النهاية.

ومع ذلك أرى انه لا مانع على الإطلاق من فسخ عقود الشاليهات والمزارع والاسطبلات والجواخير والمناحل سواء بسواء وأن يتم توزيع جميع تلك الأراضي على الشركات العامة لخلق منتجعات تؤجر للجميع، ولا علاقة لذلك القرار، إن تم، بقرار إزالة الدواوين الصائب، يتبقى حقيقة ان الشويخ الصناعية تقدم لنا كمواطنين خدمات لا غنى عنها بأسعار معقولة، وأي رفع لإيجاراتها سينعكس في النهاية سلبا على المستخدمين ويزيد من فداحة موجة الغلاء القائمة.

وهل لنا أن نتصور للحظة ما الذي سيحدث فيها لو تم إقرار قانون تأجير الأراضي العامة للدولة لإقامة المزيد من الدواوين عليها؟ في اليوم التالي لذلك القرار لن تبقى قطعة ارض في الكويت لن تقام عليها مبان كيربي لتأجيرها، ومن سيثبت ان تلك المباني هي لدواوين او لغير ذلك؟!

وفي تطبيق قانون إزالة الدواوين فوائد عدة اولها اعادة هيبة القانون بعد طول انتظار، وسنلحظ بعد ذلك جرعة موجبة لثقافة حب العمل والارتقاء بالمهني الكويتي، كما ستقل تبعا لتقليل الدواوين عمليات التأزم السياسي والتخندقات العائلية والطائفية والقبلية التي تعتبر الدواوين احد مراكز تأجيجها.

وقد خُلقت الدواوين تاريخيّا لأزمان غابرة غير ازماننا التي يفترض ان تستغل فيها الثواني والدقائق لتطوير الذات وزيادة الدخل وتنشئة الاولاد، لقد كانت هناك اوقات فراغ طويلة لدى رجال البحر والبر في الكويت القديمة في ظل وجود منازل صغيرة تستغل خلالها الزوجات خروج الازواج للدواوين لتنظيف البيوت والطبخ وتربية الابناء، ان في ازالة الدواوين فوائد جمة للكويت والكويتيين، كما ان السماح بزراعة الارتدادات خير الف مرة من انشاء المباني التي يساء استغلالها.

آخر محطة:
من المؤسف ان زيارة الدواوين قد شغلت الراحل الكبير د.أحمد الربعي عن كتابة عدة مؤلفات تروي سيرة حياته وآراءه ومواقفه تجاه القضايا العامة، ونأمل من ام قتيبة ومن الأبناء والأصدقاء الحرص على ان نرى في القريب العاجل اصدارات وكتبا تبقي ذكرى الربعي العطرة حية في الأذهان بعد ان توقفت مقالاته.

احمد الصراف

لربات البيوت فقط

أحمد الصراف
تقدمت شركة مايكروسوفت بعرض لشراء «ياهو» بمبلغ 45 مليار دولار، وهو مبلغ يزيد على اجمالي الدخل السنوي من البترول لقطر والبحرين مجتمعتين، ويقترب كثيرا من دخل الكويت!!
ولكن، وبالرغم من اعتقاد الكثيرين ان العرض اكثر من مغر فان «ياهو» رفضته ولم تتقدم حتى بطلب مبلغ اكبر، فاذا كانت القيمة الفعلية لياهو بحدود 50 مليارا، فهذا يعني ان قيمة منافستها الاكبر «غوغل»، تزيد على 150 مليار دولار، ويعني ايضا ان قيمة مايكروسوفت ربما تكون بحدود 500 مليار (!!).
الغريب في الامر ان «ياهو وغوغل»، وعددا آخر من الشركات الاصغر حجما في مجالهما، لا تمتلك عقارات او مصانع او اسهم وسندات ولا تتاجر بسلع ملموسة بالمعنى الحقيقي وليس لها اي انشطة زراعية او نقل او ما شابه ذلك، فكل ما تمتلكه هو عقول مؤسسيها والعاملين فيها وقدرتهم على الاستفادة من الاعلان على الانترنت وتوفير وسائل اتصال وبحث سهلة عن مئات مليارات المواد العلمية والطبية والتجارية وغيرها الكثير الكثير، من خلال الضغط على بضعة ارقام على لوحة كمبيوتر، وهذا جعلها اليوم اكبر مصدر للمعلومات، واسرع وسيلة اتصال وتواصل عرفتها البشرية في تاريخها، من حيث اتساع ما هو متوافر في ذاكرتها الافتراضية وفي فضائها العنكبوتي من مواد، والكم الهائل من الرسائل الالكترونية التي تمر عبر انظمتها في كل ثانية حول العالم اجمع، فعصر المعلومات الذي نعيش فيه اصبح طوع بنان من يستخدم طرق البحث والاتصال السريعة التي تقوم هذه الشركات بتوفيرها!!.
الحديث عن هاتين الشركتين طويل، وسنتناوله في مقالات قادمة بتفصيل اكثر. ولكن اليوم سنتطرق للكيفية التي يحاول فيها البعض من جماعتنا اساءة استخدام الانترنت، بوعي او دون وعي، لتحقيق غير المجزي من الربح.
فقد قامت جهة غير معروفة، وربما غير مسجلة رسميا، بنشر اعلان موجه لـ «ربات البيوت فقط»، طلبت فيه الاتصال بها ان كان لديهن طبخات او اصناف حلويات مميزة يرغبن في بيعها عن طريق الانترنت!! وورد في الاعلان ان تلك الجهة على استعداد لتصوير المنتج مجانا، وعرضه على شبكة الانترنت ومن ثم تلقي طلبات الزبائن والاتصال بصاحبة الاكلة المختارة لتحضيرها ومن ثم استلام الطلب وايصاله للزبون وتحويل قيمة الطبق للحساب المصرفي الخاص بربة البيت!!
من الواضح ان محدودية السوق وما تتطلبه العملية من خدمة لوجستية معقدة ومرهقة فان ما سيتحقق منها من فائدة مادية في نهاية الامر لاصحاب الفكرة لن يكون كبيرا او مجديا، هذا مع الافتراض ان المشروع سليم، وهو ليس كذلك، فقد قمت بالاتصال بالشخص المسؤول وبينت له ان شراء وبيع مواد غذائية يحتاج الى ترخيص تجاري وصحي وعمالة خالية من الامراض، وهذا ما لا يمكن التأكد منه في بيت كل ربة بيت تشارك في المشروع، كما ان العملية قد ينتج عنها تسمم طرف ما نتيجة سوء التحضير او التخزين فمن الذي سيتحمل مسؤولية ذلك، ومن الذي يتحمل مسؤولية عدم موافقة المشتري على الطبخة، وكيف تعالج المرتجعات؟ الى آخر ذلك من الاسئلة التي لم يستطع المسؤول الاجابة عنها وقال انه سيخبر اصحاب المشروع ليتم الاتصال بي.
بعد انتظار طال لايام قررت كتابة هذا المقال ووضع الامر بتصرف الجهات المختصة في وزارتي الصحة والتجارة، ولنطلب من الجميع توخي الحذر في التعامل مع مثل هذه الاعلانات الغريبة!

 

سامي النصف

يأتون بالحلول أو يفقدون العقول

في البدء التهنئة القلبية للشيخ وليد الإبراهيم وللصديق عبدالرحمن الراشد والزميل ناصر الصدامي ولجميع العاملين في قناة العربية التي وفرت لنا المعلومات الصادقة والبرامج الإخبارية والحوارية الهادفة واعطتنا في النهاية حق الاختيار، والعذر في هذا السياق لعدم استطاعتنا حضور احتفال العيد الخامس للمحطة لسفرنا و«عقبال ألف عام».

التحالف الوطني والشيخ أحمد الفهد أقطاب فاعلة على الساحة السياسية الكويتية لذا علينا جميعا ان نفرح بأي انفراج يتم في العلاقة بينهم كما حدث في ندوة التحالف الأخيرة ونقول ان حب الكويت يوجب مثل تلك المبادرات التي يجب ان تُدعم ويثنى عليها لا ان تنتقد.

القوانين والدساتير والتشريعات تسنّ وبها الكثير من افتراض حسن النوايا وحسن المقاصد وتوجه عادة لأصحاب العقول النيّرة والضمائر الحية ولولا ذلك لاحتاج المشرّع لملايين البنود والصفحات لتغطية كل الاحتمالات ولأصبح الدستور أو القانون لا قيمة له حيث لن يستطيع أحد قراءته، وفي ذلك نرد على من اتصل وسأل عما يمنع كويتيا من تأبين صدام و«شهيديه» قصي وعدي، ونقول ان النفوس قبل النصوص تمنع ذلك، كما ان الفزعة المجتمعية لا ترضى به، واذا لم تمنعنا وطنيتنا وولاؤنا لبلد معطاء كالكويت من ارتكاب مثل تلك الجريمة فليكن الله في عون بلدنا علينا!

«قد» نتفهم ان يعتقد «مسحوق» في وطن ما أن الحياة الرغيدة مرتبطة بولائه لدولة خارجية ستأتي له بالمن والسلوى كما حدث مع «بعض» الشيوعيين ممن والوا «موسكو» على حساب أوطانهم واكتشفوا فيما بعد كذب ذلك السراب، لكن كيف لنا أن نفهم ونستوعب ولاء من يعيش حياة حرة رغيدة، كالحال في الكويت، لدول قمعية رجعية تسوم أفراد شعبها صنوف القهر والظلم والتجويع؟! حقيقة لعن الله أموال مخابرات تلك الدول كما لعن الله قبلها أموال مخابرات صدام! ولن نزيد.

آخر محطة:
نستطيع ان نستقطب في الكويت، وبشدة، سياحة «علماء السياسة والاجتماع» في العالم بعد ان أخفقنا بسبب انغلاقنا الشديد في استقطاب السياح والمستثمرين الآخرين، واكتفينا بتصديرهم، سينظر علماء السياسة والاجتماع، ولربما علماء النفس القادمون في مطالبات وتصرفات لا مثيل لها في تاريخ الأمم كإسقاط القروض والسماح بالتعديات على أراضي الدولة وجذور الولاء البديل ووفرة الأزمات السياسية وقد يأتون لنا بالحلول أو بالمقابل يفقدون العقول!

احمد الصراف

الحضارة الغربية وتحرير الكويت

أحمد الصراف
يعتقد الكثيرون ان المجتمع الأميركي، والغربيون بشكل عام، مجتمعات منحلة، وأن المشاكل العنصرية تفتك بها، وأن الإجرام وحوادث السلب والقتل قد بلغت معدلات غير مسبوقة فيها، وأن عصابات المافيا تسيطر على كل ركن ونشاط هناك، وأن المخدرات لم تترك بيتاً دون أن تحطم أعمدته، وأن الفساد الإداري والسياسي لا حل له وأن عمليات النصب فاقت كل توقع، وأن ما يقع في أميركا يومياً من حوادث دمار وحريق وصراع شوارع بازدياد، وأن كل هذا سيعجل بانحلالها وانهيارها والدول الغربية الأخرى، كما انهارت قبلها امبراطوريات كثيرة. هذا على الأقل ما تصوره بعض شاشات شبكات التلفزيون الأميركية، وما تنتشي نفوس الكثيرين منا لسماعه أو تصور حدوثه!
قد يكون الكثير من ذلك صحيحاً، بالمطلق، ولكن الأمور دائماً نسبية! فإن كانت صحيحة فلم زعل البعض وغضبه من أميركا وهي التي ستنتهي وتنهار في نهاية المطاف؟ أليس من الأفضل والأسهل لكارهي أميركا ومنتقديها من الزملاء الجلوس على جانب الطريق وانتظار تحلل أميركا وشقيقاتها الغربيات؟ هل يعتقد هؤلاء بأن الساذج من كتاباتهم الحاقدة سيعجل بانهيار تلك الدول مثلاً؟ لا شك ان بعضهم يعتقد ذلك!!
سنجاري كل هؤلاء في أحلامهم ونفترض ان المجتمع الأميركي مجتمع فاسد حقاً، ومنحل ومخدر ولا أخلاق لديه وأن نهايته باتت قريبة، ولكن لنفترض أيضاً ان حكومة الولايات المتحدة أعلنت فجأة عن فتح باب التجنيس لفترة محدودة ولمواطني دول مجلس التعاون بالذات، فكم من كارهي أميركا ومن الحاقدين عليها سيطلب قربها ورضاها على الرغم من فسادها ولا أخلاقيتها؟ وهنا نتكلم عن مواطني دول مجلس التعاون، فما بالك بمواطني بقية الدول العربية، التي إن فتح باب الهجرة أمامها، فلن يتخلف غير المضطر، ولو كان في تلك الهجرة بئس المصير.
لا نقول ذلك من باب الشماتة ولا في معرض الدفاع عن أميركا التي لا تعرف أصلاً عنا أو عن أراضينا شيئاً، ولكننا نود أن نبين هذه الدولة التي يصفها هؤلاء بكل هذه الصفات البائسة والمنحطة والدونية، هي الأحسن في العالم بكل المقاييس. فلا تزال جامعات أميركا الأكثر رقياً وتقدماً بين جميع جامعات العالم. ولا تزال معاهدها العلمية ومراكزها البحثية الأكثر إنتاجاً وتطوراً. ولا تزال مخرجات مطابعها من روايات ودراسات وسير الأكثر رواجاً، ولا تزال صناعتها السينمائية الأكثر مشاهدة ولا تزال صناعاتها الطبية وأدويتها وأمصالها الأكثر طلباً. كما انها الأحسن والأقوى في الطيران والزراعة والاكتشافات البترولية والمعدنية الأخرى. وهي بين جميع دول العالم الأكثر تطوراً في وسائل المواصلات، وهي الأم والأب لعالم الإنترنت والكمبيوتر، وهي الأقوى على الإطلاق في عالم وعصر المعلومات الذي نعيشه، ولا توجد جهة أو دولة تمتلك عشر ما تمتلكه المؤسسات الأميركية من معلومات!!
فكيف يمكن أن نصدق انها على مشارف الانحلال والانهيار، وانها مجتمع الفساد والمخدرات والعصابات والقتل والحرائق إذا كانت لا تزال مصدر إلهام وأمل حتى لدول أوروبا الغربية واستراليا واليابان وكندا وغيرها؟!
لو كنا، أو كانت أي أمة، في مكانها، أما كنا سنتصرف، كقوة عظمى، بمثل ما تتصرف به حكومتها الآن؟ ألا تأتي مصالح ورفاه وعزة شعب الولايات المتحدة، بنظر إدارتها، فوق أي اعتبار آخر؟ ألا يبرر ذلك كل تصرفات أميركا العسكرية داخلياً وخارجياً، إن كانت ستصبح نتائجها في نهاية الأمر في مصلحة شعبها؟ وهل فكر أي كويتي مثلاً أثناء حرب تحرير الكويت فيما سيصيب الشعب العراقي من قتل، أو ما سيصيب العراق من دمار وانهيار في سبيل تحرير الكويت؟ ألم نكن جميعاً نريد عودة وطننا لنا «بأي ثمن»؟
فلم نرفض للغير ما نقبله لأنفسنا؟ ولماذا نعارض ذهاب أميركا وأوروبا للحرب في العراق وأفغانستان إذا كانت تعتقد حقاً ان في ذلك حماية لوجودها ورفاهية وحرية شعوبها من شرور تخلفنا؟
بأي مقياس يمكن النظر لزيارة الرئيس الإيراني للعراق، وهي الأولى في تاريخ البلدين، والعراق واقع تحت الاحتلال الأميركي، وخروجه سالماً معافى؟ ألا يحسب ذلك لمصلحة الحضارة الأميركية، والغربية عموماً، التي لولا إيمان نجاد بها لما قبل بوضع رأسه بين فكي الأسد!!

محمد الوشيحي

كفاني الله… «الريوق»

معركة أصحاب الدواوين ليست مع الحكومة، بل مع أصحاب الشاليهات والقسائم الصناعية. الحكومة ما هي إلا «الواد برعي» صبي المعلّم، الذي ينتظر صرخة معلّمه: «مفتاح عشرة يا واد يا برعي»، فيهرول الواد برعي ليجلب «مفتاح عشرة»… هذه مهمته، لا أكثر.
بالعقل كده، على رأي المصريين، هل يستطيع شخص أن يبني أو يزرع أو يحفر أمام منزل شخص آخر؟ الجواب هو «لا» كبيرة. لماذا؟ لأن المساحة الواقعة أمام المنزل هي لصاحب المنزل، بالعقل كده… بصورة أخرى، جرب أن تجلس أمام منزل أحدهم، في «الارتداد» كما يسمونه، وهو المساحة ما بين المنزل والشارع، وستجد بأن صاحب المنزل أتاك ليستفسر منك عن سبب جلوسك في «حرمة منزله». جيرانه لا يحق لهم التدخل. فقط سيقومون بإبلاغه عن جلوس رجل غريب أمام منزله. صح؟ وبصورة ثالثة، هل يستطيع «الواد برعي» أو الحكومة بناء مجسم، مثلا، أمام منزل أحد؟ بالطبع لا، لأن هذه المساحة، بالعرف والعقل، ملك لصاحب المنزل. متابعة قراءة كفاني الله… «الريوق»